هنا كانت النهاية .. نهاية مشهدٍ من مشاهد قصة عيسى المسيح .. لينتهي بذلك الدور الأول من أدوار رسالة المسيح ..
حنا بنت فاقود زوجة عمران صاحب صلاة بنى اسرائيل في زمانه من سلالة داود
"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ...." )37( آل عمران ، القبول هو الأخذ بالرضا وكان فيه زيادة على مجرد القبول فقد كان قبولا حسنا وفي هذا دليل على أن الناس ستلمح في تربية مريم شيئا فوق الرضا ، إنه ليس قبولا عاديا إنه قبول حسن.
كان نبي الله زكريا كلما دخل على السيدة مريم موضع عبادتها وجد عندها رزقا وتقديم الرزق لمريم من الله تعالى تهيئة لها لقبول أن يكون لها ولد دون زواج ومن دون أب فقد جاءها رزق كثير دون زراعة لشجرة ظاهرة ولا إنبات نبتة ولا جني ثمرة فالطعام خُلق لها مباشرة إكراما لها وآية.
"وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴿٤٢﴾ آل عمران.
لقد فصّل المولى –سبحانه وتعالى- في مراحل ولادة المسيح عيسى تفصيلاً دقيقاً دون سائر الخلقِ من عباده وحتى آدم ؛ لأن آدم لم يولد وإنما خلقَه الله خلقاً وتسوية , أما عيسى فخُلِق بالأمر الذي تلقّته مريم من قِبل الله تعالى
ملائكه الرحمن تنزلت على السيدة العذراء بشرتها بكلمه من الله
ما زلنا مع السيدة مريم
ها هي مريم العذراء البتول وقد ملأتها الدهشة يقف أمامها رجل غريب وهي وحيدة بعيدة عن أهلها وأقاربها أصابتها هزة شديدة وخوفٌ كبير ..
{ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا } [مريم /22] ، فالنشهد مريم العذراء تنتبذ مكانا قصياً عن أهلها في موقف أشد هولا من موقفها الذي أسلفنا فلئن كانت في الموقف الأول تواجه الحصانة والتربية والأخلاق بينها وبين نفسها فهي هنا وشيكة أن تواجه المجتمع بما يراه فضيحة ..
{ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ .. } [مريم /23] ، التجأت مريم العذراء إلى جذع النخلة في ذلك المكان القصي وإذا كنا رجحنا أن المكان القصي هو بيت لحم فإن الآية القرآنية تشير إلى أنه كان في بيت لحم نخلة حية نامية في ذلك الوقت ..
وصل اليقين عند السيدة مريم الى المنتهاه
لما قامت السيدة مريم من نفاسها استعدَّت لمواجهة قومها فقامت وتوجهت
لقد رَحَلَ كليمُ الله موسى الرسول المُنقِذُ لبني إسرآئيل بعد أن أدَّى رسالتهُ كما أمرهُ الله
إنّ النبوّة والرسالة اصطِفاءٌ من الله –عز وجل- قال تعالى :]إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ[ فلا تُنال النبوّة والرسالة بكثرة عبادةٍ أو اجتهاد , أو رِفعَة مكانةٍ أو عظيم جاه , إنما هي اختيارٌ من الله وحده .
تحدثنا في الحلقة الماضية عن صفات المسيح الخَلْقِيّة , ولنُفسِح المجال الآن للحديث عن صفاته الخُلُقيّة والتي نال المسيح أحسنها وأفضلها وأكملها , لِنتعرف على المسيح أكثر وأكثر من خلال نصوص الوحيَين : القرآن الكريم , وكلام خاتم المرسلين محمد .
لو ان الله تعالى اوكل البشرية الى عقولها لظلت وما اهتدت !
أن يؤمن الإنسان بالله تعالى وملائكته وكتُبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه هذا هو الإيمان كما بيّنه رسول الله , وهذه هي أركانه الستة .
توجّه المسيح مرةً إلى اليهود الذين ءامنوا به وقال لهم واعظاً وناصحاً : (إنكم إن ثبتُّم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق , والحق يحرّركم)
إن القلوب لا تلين إلا للمواقف الصادقة , والآذان لا تستمع إلا للكلمة الصافية , والأرواح لا تنقاد إلا بالحسنة والحكمة , فللدعوة إلى الله فنون وآداب : من أتقن فن الكلمة و روعة الخطاب , وأجاد فن الالتزام والمقام , وتعلم السحر الحلال في الكلمات والجدال , استطاع أن يحول الناس من حال إلى حال .
قديماً كان العالم مفككاً مفرَّقَ الجماعات ضعيف الإتصالات مقطَّعَ المواصلات تعيشُ كل
إنَّ رسالة المسيح التي من أجلها بُعِثْ لها غاياتٌ ومضامين ، منها الدعوةُ إلى توحيد
إن الله اصطفى الأنبياء وجعلهم رسلا إلى أقوامهم مبشرين ومنذرين وخص كل واحدٍ منهم بآيات بينات وبراهين ساطعات تدل على صدقهم وتوجب إتباعهم يطلق عليها المعجزات والمعجزة هي أمرٌ خارقٌ للعادة يجري على أيدي الأنبياء والرسل للدلالة على صدقهم مع سلامة المعارضة ..
مضى المسيح في دعوته ولم يتوقف لأن اليهود لم يعجبهم بل حسم أمر العقيدة وأعلنها صريحة { إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ.. } ، ووضع أمامهم المنهج فقال { ..هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [آل عمران : 51] فماذا حصل بعد التكذيب ..
الراوي
مضت السنوات تلو السنوات بعد أن رفع الله عيسى ابن مريم إلى السماء و مازال الناس ينتظرون بشارة المسيح حينما بشر اتباعه بقدوم نبيهم آخر الزمان
فتنة " الدهيما " لا تدع أحد من هذه الأمة إلا لطمته لطمة فإذا قيل أنقظت تمادت يصبح فيها الرجل مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فصتقين - فصتاتُ إيماناً لا نفاق فيه ، وفصتاتُ نفاق لا يماناً فيه ، فإذا كان ذاكم فنتظرو الدجال من يومه أو قده " صدق رسول الله " أن أمرات الساعة بدأت منذ حيناً بالزوغ وهاهيه أيام الدنيا أوشكت على الأفول ، لكنه ما زالت تسير حتي تظهر الفتنة الكبرى ليفتن الله بها من يشاء من عبادة ، أنها فتنة ظهور الدجال شراً غايب يُنتظر ، وبعده الساعة ، والساعة أدها وأمر .
بين لنا الحق – جل وعلا – أنه رفع المسيح أبن مريم في السماء إلي اليوم الوقت المعلوم ، الذي سينزله مرة آخري في الأرض ليكون علامة كبير على قيام الساعة ، وقد بينة السنة الصحيحة المتواترة ، نُزول عيسى إلى الأرض ببدنه وروحة كما ارتفع إلى السماء ببدنه وروحة .
بعد أن أبحرنا في قصة العذراء والمسيح عبر الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، والأثار المروية ، ها نحن نصل إلى المحطة الأخيرة ضمن فصول هذه الحوادث المثيرة ، لتمضي بنا هذه القصة إلى القضية الأساسية ، قضية الألوهية والربوبية ، وهية القضية الواضحة في الدرس كله ..