الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد العريفيحسن الحسيني


الراوي

*************

لم يكن اليهود بعيدين عن أخبار معجزات المسيح التي تؤيده و تعلي قدره و التي كانت تظهر علماء السوء للناس علي حقيقتهم و تُعريهم و كأن البساط يسحب من تحتهم و بدأ يهدد كراسيهم و مناصبهم

الشيخ العريفي

*******************

و ها هنا سيدنا عيسي عليه السلام ثابت الجناح ، قوي الإيمان معه الحجة و البرهان ، يفضح أسرارهم ، ينشر بين الناس مخازيهم ، فأجمعوا أمرهم بينهم علي محاربته حيثما حل و علي تكذيبه أينما ذهب ، فأخذوا يعلنون الحرب عليه و يدبرون له المكائد للقضاء عليه يسعون للتخلص منه بكل و سيلة حرصا علي مصالحهم الشخصية و علي مغانمهم الذاتية ... ماذا يفعلون ؟

قد قام ثلاثة من الوعاظ في وقت واحد زكريا و منه يحيي و عيسي بن مريم عليه السلام ، فصار بين الناس صلاح كبير .. فماذا فعل اولئك بهؤلاء ؟؟

الشيخ حسن الحسيني

****************************

لقد ذكر الله تعالي أن اليهود قتلوا كثيرا من الأنبياء و الرسل و ذلك لأنهم يأتون بالأمور المخالفة لأهوائهم و أراءهم فلم يجدوا بدا من قتلهم أو رد رسالاتهم حتي روي أن بني إسرائيل مرة قتلوا أكثر من أربعين نبيا في ساعة واحدة ، و لما بعث الله تعالي المسيح عليه السلام بالبينات و الهدي و المعجزات حسده اليهود علي ما أتاه الله تعالي من نبوة و رسالة التي أكرمه الله تعالي بها و كذبوه و سعوا في ايذاءه بكل ما أوتوا من قوة .

الراوي

**********************

:بقي عيسي يدعو بني إسرائيل الي الاخرة ، يريد ان يخرجهم من ذل الرومان الوثنيين و يعيد لهم الشريعة و الدين ليعيشوا في ظل العزة و التمكين يجاهر بدعوته و يجادل المنحرفين من كهنة و كتبة و فريسيين و صدوقين و يبين فساد طريقتهم .

الشيخ العريفي

*****************************

فما كان من اليهود الا أن صاحوا بعيسي عليه السلام ، جعلوا يتبعونه من قرية الي قرية يضيقون عليه ينفرون الناس عنه لا يريدون أن يتبعه أحد ، يريدون الحاقة بمن قيلوه سابقا من الأنبياء السابقين ، فجعل عيسي عليه السلام لا يساكنهم في بلدة بل يكثر السياحة من موضع الي موضع هو و أمه ، لم يقنع ذلك اليهود فاجتمع عظماء اليهود و أحبارهم ..... قالوا : إنا نخاف من عيسي أن يفسد علينا ديننا ، أن يتبعه الناس ، أن يقصدون بدينهم ذلك اليه ، و يقصد اليهود بدينهم الذي يخافون من عيسي عليه هو التزييف الذي أدخلوه علي شريعة الله من عند أنفسهم.

فقال لهم رئيس كهنتهم يومئذ و اسمه (قيافا ) قال :أنتم لستم تعرفون شيئا ، إنه خير لنا أن يموت انسان واحد من الشعب و أن لا تهلك الامة كلها.

و كانت هذه الفتوي من اليهود ، بل من رئيس كهنة اليهود هي التي استبيح بها قتل نبي الله تعالي عيسي عليه السلام ، فأجمع عظماء اليهود و أحبارهم علي أن يقصدوه بالقتل، و لكن ربنا جل و علا لم يمكنهم من ذلك .

بقصر الوالي

*****************************

رجل من رجال الوالي : يا جلاله الوالي لا يخفي عليكم أن عيسي يفسد الناس في بيت المقدس و يفتنهم في دينهم.

رجل أخر : إنه يفسد الناس يا جلالة الوالي و يهيج الشعب.

الوالي : لقد قدمتم الي هذا الانسان كمن يفسد الشعب ، و بعد السؤال و الاستجواب لم أري فيه شيئا مما تشتكون به عليه .. فأنا أري ان اكتفي بتأديبه ثم اطلاق سراحه.

الرجل الأول : إنا وجدناه يفسد الامة و يمنع أن تعطي الجزية لقيصر ، قائلا أنا مسيح ملك ، فيجب قتله و صلبه.

الوالي : في أي شر عمل ؟؟ إني لا أجد فيه علة للموت ، فأنا أؤدبه ثم أطلقه .

رجال الوالي : فليقتل و يصلب.

الوالي : انني برئ من دم هذا البار ،أبصروا أنتم .

الرجل الأول : فليقتل و يصلب دمه علينا و علي أولادنا

الشيخ حسن الحسيني

****************************

لقد تمالئ اليهود علي المسيح عليه السلام ،و وشوا به الي الحاكم الروماني ( بيلاتس ) و كان ملك دمشق في ذلك الزمان و كان رجلا و ثنيا ، و أنهوا اليه أن ببيت المقدس رجلا يضل الناس و يصدهم عن طاعة الملك و يفسد الرعايا و إلي غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ، و رموه به من الكذب و الإفك و أنه ولد زنية حاشاه حتي استثاروا غضب الملك و لكنه بقي مترددا، فسألهم عم فعله المسيح و ماذا يريدون ان يفعلوا به ، فقال له الجميع : يصلب فسألهم عن الشر الذي عمله المسيح و لكنهم ازدادوا صراخا قائلين ليصلب ليصلب، و قالوا دمه علينا و لي أولادنا .

قال الله تعالي مبينا مكر هؤلاء اليهود{ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }.

إن المكر الذي مكره اليهود بالمسيح مكر طويل عنيف ، طعنوا في أصله قذفوا أمه الطاهرة ، اتهموه بالكذب , و رموه بالسحر ، وشوا به للحاكم و ادّعوا أنه مهيج ، يحشد الشعب للإنقضاض علي الحكم ، قالوا عنه مشعوذ ، قالوا عنه يفسد عقيدة الجماهير حتي سلم لهم الحاكم الروماني بأن يتولوا هم عقابه بأيديهم لأنه لم يجرؤ و هو وثني علي احتمال تبعة هذا الاثم مع رجل لم يجد عليه ريبة وهذا قليل من كثير ، لكن اليهود تجرأوا .

الراوي

*********************

أراد اليهود صلب المسيح و أراد الله رفع المسيح ، أراد اليهود إذلال المسيح و أراد الله تطهير المسيح

{ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ( 54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )

الشيخ العريفي

****************************

قضي الله جل و علا ان يتوفي المسيح عليه السلام وفاة نوم ثم يرفعه إليه ، و يطهره من مخالطة الذين كفروا

، ليطهره من البقاء بينهم و هم رجز و دنس ، أما هو فمطهر و المراد بالوفاة في هذه الآية هو النوم أي أن الله جل و علا رفعه اليه و هو نائم ، فان النوم يصدق عليه أنه وفاة أي شبيه بها ، كما قال الله تعالي (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا) أي يتوفي الأحياء في المنام بحيث تفارق أرواحهم أجسادهم بحيث تفارقها فراقا خاصا ، يفقدون فيه الإحساس و الصوت و الحركة الاختيارية ثم تعود اليهم أرواحهم عند اليقظة و هكذا ... أكرم الله تعالي عبده و رسوله عيسي عليه السلام و وعد بأن يجعل الذين اتبعوه و أمنوا بكل ما جاء به و لم يحرفوا رسالته وعد الله بأن يجعلهم فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.

الشيخ حسن الحسيني

*******************************

روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بسند صحيح انه قال : لما أراد الله تعالي بأن يرفع عيسي عليه السلام الي السماء خرج علي أصحابه و في البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين و رأسه يقطر ماء و كان ذلك يوم الجمعة بعد العصر فقال : ان منكم من يكفر بي اثنتي عشر مرة بعد ان امن بي ثم قال : أيكم يلقي عليه شبهي فيقتل مكاني و يكون معي في درجتي و هو رفيقي في الجنة ، فقام شاب من أحدثهم سنا قال : أنا

فقال له المسيح : اجلس ، فكأنه استثار ذلك الشاب عن ذلك ، ثم أعاد عليهم المسيح قوله ،

فقام ذلك الشاب فقال: أنا

فقال له المسيح : اجلس

ثم أعاد عليهم الثالثة ، فقام الشاب فقال : أنا

و كل ذلك لا ينتدب الا ذلك الشاب

فقال المسيح : أنت هو ذاك

فماذا إذن ، يريد الحواري لنفسه أكثر من الجنة و قد قدم عيسي عليه السلام الجائزة الكبرى لأي مؤمن و قد قبل واحد من الحواريين هذه المهمة ، و يقال له ( سرخس) ، فالقي عليه شبه عيسي و فتحت هناك روزنة من سقف البيت و اخذت عيسي سنة من النوم فرفع إلي السماء و هو كذلك .

الشيخ العريفي

*********************

في المقابل تحرك اليهود للقبض علي المسيح عليه السلام تأمروا علي قتله توجهوا الي داره وصلوا و قد اظلمت الدنيا ، أحاطوا بداره فلما طال بهم الانتظار اقتحموا عليه البيت فوجدوا الحواريين ، أخذ اليهود يقلبون ابصارهم في الحواريين يسألون عن عيسي عليه السلام ، يبحثون عنه أين هو ، حتي وقعت أعينهم عن الشبيه الذي القي الله تعالي عليه شبه عيسي عليه السلام ، ذلك الشاب الذي صار يشبه عيسي ، ظنوا أنه المسيح عيسي أخذوه كبلوه ، ظنوا أنهم قد ظفروا بالمسيح عيسي عليه السلام و ما علموا أن الله جل و علا قد أنجى نبيه عيسي من كيدهم و مكرهم و لم يشأ اليهود أن يكون قتل المسيح بين جدران أربعة كلا بل أرادوا ان يقضوا عليه أمام مرأى من الناس و مسامع كل بني إسرائيل بل و غيرهم ، أرادوا أن يقتلوه بأبشع صورة، قرروا ان يصلبوا المسيح عليه السلام ، حددوا موعدا لصلبه ، جمعوا الناس ، ساقوا الشبيه في موكب من الذل و الهوان .. ضربوه أهانوه ، ربطوه بالحبال بصقوا علي وجهه صاروا يدفعونه يقولون له : أنت الذي تحيي الموتى ؟ ، أنت الذي تبرئ الأكم ؟’انت الذي تقهر الشيطان ؟ أنت الذي تبرئ المجنون ؟ أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل ؟

جعل الدم يسيل من بدنه و هم يضعون الشوك علي رأسه ، صاروا به مسيرا طويلا و الناس ينظرون اليه و هم يظنونه المسيح بن مريم عليه السلام ....

مر الوقت عصيبا و في المشهد الأخير هناك صلبوه.

***************************************

{ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) }

الشيخ حسن الحسيني

**************************

لقد افتري اليهود علي مريم الطاهرة، ذلك المنكر الذي لا يقوله الا اليهود فرموها بالزنا مع يوسف النجار ثم تبجحوا بأنهم قتلوا المسيح و صلبوه و حين يصل السياق القرآنى الي هذه الدعوي منهم يقف للرد عليها و تقرير الحق فيها فيقول ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ ) إن قضية قتل عيسي عليه السلام و صلبه قضية اختلف فيها اهل الكتاب فاليهود قالوا : لقد قتلناه و صلبناه و النصاري قالوا انه صلب و دفن و لكنه قام بعد ثلاثة أيام و كتب التاريخ تسكت عن مولد المسيح و عن نهايته ، كأنه لم يكن بالحسبان و ما من أحد من هؤلاء أو هؤلاء يقول ما يقول عن يقين .

الشيخ العريفي

************************

ها هو سوق بني إسرائيل و ها هم يتحدثون عن قتل المسيح عليه السلام و صلبه، و قد رأينا دماء و رأينا ألامه...موقف مؤلم يبكي كل من ينتصر للعدل و الحق ، لكن السؤال هل الذي صلب هو سيدنا عيسي عليه السلام ؟ هل الذي سالت دماءه ووقع له ما وقع من دفع و بصق ، هل هو سيدنا عيسي عليه السلام ؟ الناس هنا يتحدثون بذلك ، و الكل يري أن الذي وقع عليه ذلك هو المسيح عيسي بن مريم عليه السلام ، لقد تضاربت الروايات في تلك الفترة بحيث يصعب الاهتداء فيها الي يقين ، الأناجيل الأربعة التي تروي قصة القبض علي سيدنا المسيح عليه السلام ، التي تروي قصة صلبه ، التي تروي قصة موته و دفنه و قيامته كلها كتبت بعد فترة طويلة من عهد سيدنا المسيح عليه السلام .. سنوات و قرون كانت كلها اضطهاد للنصاري يتعذر معها أن تحقق الاحداث ، كانوا يعيشون في جو من السرية و الخوف التشريد ، و هكذا لا يستطيع الباحث أن يجد خبرا يقينا عن تلك الواقعة ، أما ربنا جل في علاه الذي بعث سيدنا المسيح و خلقه في بطن أمه من غير أب و الذي أمره بأن يأمر الناس بعبادته وحده لا شريك له ربنا الذي رأي المسيح صغيرا و كبيرا ربنا الذي أنزل عليه الانجيل و قد ذكر ربنا جل و علا في القرآن فقال (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ ) اضافة الي أن فكرة الصلب تنقض فكرة الوهية المسيح ، المصلوب لو كان الها لكان لديه القدرة التي يتغلب بها علي من يصلبونه ، كيف يعقل أن ينقلب الاله مقدورا عليه من مخلوقين و ربنا جل و علا عندما يذكر لنا في القرآن هذه الحقيقة و هي أن المسيح لم يصلب فو الله إن القرآن بذلك يكرم المسيح إن القرآن بذلك يعز المسيح ، يضعه في المرتبة التي يستحقها مرتبة الأنبياء المقربين ، اليهود عندما أرادوا صلب المسيح في المقابل الله حفظه ، الله حماه ، الله حال بينهم و بين ذلك و الله ما صلبوه ، فاليهود أرادوا إهانة المسيح و في المقابل الله طهره و أعزه ، و الله إن الاسلام جاء ليصفي العقائد كلها من عيوب التحريف التي قام بها المتبعون لتلك الأديان

الشيخ حسن الحسيني

********************************

قد مر بنا سابقا بأن عملية ميلاد المسيح بدون أب قد استقبلها بنو إسرائيل بضجة و كذلك كانت لمسألة الوفاة ضجة ، و كما صدقنا أن عيسي عليه السلام ولد بعجيبة خرقت نواميس الكون لأنه ولد من دون أب فما المانع أن الله تعالي رفعه في النهاية و أخذه بعجيبة ، و إن فهمنا العجيبة الاولي في الميلاد فنحن نعتبرها تمهيدا للعجيبة الثانية في مسألة الارتفاع ، فإن اتفقنا أن المسيح دخل الحياة بأمر عجيب ، فلا عجب أن يخرج منها بأمر عجيب

الراوي

*******************************

لقد رفع السيد المسيح ، رفعه القوي العزيز الذي لا يغلبه أحد حينما أرادوا قتله ، فالله غالب علي أمره فهو العزيز بحكمه و سينزل في أخر الزمان لنشهد مشهدا أخيرا من حكايته العجيبة فتكتمل فصول القصة كما أرادها الله سبحانه و قبل هذا بقي أن تتحقق بشارة عيسي ببعثة نبي جديد ...... محمد

مع الشكر لفريق تفريغ منتدى العريفي : http://www.3refe.com/vb/showthread.php?t=254179&page=2