الحقوق محفوظة لأصحابها

مصطفى حسني
يوم جديد وعمل جديد من أحب الأعمال إلى الله. اليوم سنتحدث عن عمل هو سر تكريم الإنسان. عمل يُساعدنا في الوصول إلى كنز كثير مننا يُقصر في إكتشافه، وهذا الكنز هو الذي يُعرفك على عيوبك وصفاتك، هذا الكنزهوالعقل، سنتعرف على هذا الكنز من خلال عبادة التفكُر والتأمل والتدبُر.

ما المقصود بالتفكُر والتدبُر والتأمل؟

التفكُرهو تجميع معلومات نعرفها لنُخرج بنتائج منها، والتأمل هو أن تقف مع الإبتلاء أو النعمة أو الكلمة لتأخذ العبرة، والتدبُر هو أن تنظر فيما وراء الحدث والمعنى.

لماذا يُحب الله التفكر؟

التفكُر هو سبب الإرتقاء كلما تُفكر كلما تقترب من سر وجودك. وسر تكريمك كإنسان هو التفكُر، تقول السيدة عائشة: "حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلاء، عندما كان النبي يتعبد في غار حراء، عندها حدث الإرتقاء وأرسل الله سيدنا جبريل ليصطفي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. يقول الله تبارك وتعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ {آل عمران: 190-191}. إذا فكرت في عيوبك سترتقي لإكتشافُها، إذا فكرت في ربنا سترتقي إلى معرفته سبحانه وتعالى. يقول ابن عطاء الله: "ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة"، فلتدخل ميدان الفكرة في كل موقف تمر به فالله لم يضعك في ذلك الموقف عبثاً، يقول تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِين )الدخان 38). أتقرب إليك ربي بعبادة التفكُر.

كيف أُفكر وفيما أُفكر؟

1- ما يُبنى عليه عمل، تفكر فيما هو مفيد فلا تُشغل عقلك بما هو تافه ولا يُبنى عليه شيء، فكر قبل أن تفعل هل يرضى الله عن ذلك الفعل؟. فكر في مُستقبلك في الدنيا والدين، كيف تُطور نفسك، وتُشرف أمة النبي صلى الله عليه وسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله" رواه شداد بن أوس. فكر في عيوبك، فكر في حالك مع الله، هل أنت راضي عن طاعتك. فكر أن لله والعباد حقوق في رقبتك. فكر في النعم من حولك، فالإنسان غريق النعم. فكر وأعلم أن تلك عبادة يُحبها الله. يقول عبد الله بن مسعود التفكر نور الإيمان". ما يُساعدك على التفكر والبعد عن الشواغل هو كثرة الذكر. وقد كانت أغلب عبادة عمر بن عبد العزيز التفكُر.

2- تفكر قبل أن تتصرف، لأن مصيرك يتحدد من ردود أفعالك. فعدم التفكُر ينحط بك عن بشريتك كأن تضرب زوجتك أو تشتم، فكر قبل تعبيرك عن فرحتك عندما ينعم الله عليك، حتى لا تعصي الله بنعمته، فكر فيما ستُنفق أموالك، فكر عندما يُصيبك إبتلاء، يقول رجل: " بكيت عندما فقدت حذائي وضحكت عندما رأيت من فقد قدميه".أحبك ربي بالتفكُر قبل التصرف.

3- فكر واجعل لك أهل ثقة ترجع إليهم بعد أن تصل لأفكارك، يقول الله عز وجل: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿النحل 43﴾.

واجعل لك في صحابة الرسول رضوان الله عليهم القدوة، فكانوا يرجعون إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من أمورهم. تحكي إحدى الزوجات أن بيتها كان يوشك على الدمار فاستشارت

صديقة لها نصحتها أن تثير غيرة زوجها بأن ترسل باقة زهور على المنزل بدون بطاقة كي تُشعره أن من أرسله رجل، وقد أدى ذلك إلى اشتعال البيت ودماره، فلا تستشير أي أحد. يُحبنا الله أن نفعل ذلك لأن من لم يحترس من عقله هلك بعقله، فمنا من يفكر بسلبية أو بعاطفية أو بتشاؤم.

وأخيراً أقم الليل بتفكر وخشوع واحضر ورقة واكتب عيوبك وفكر فيها واكتب مميزاتك وفكر كيف يمكن أن تستغلها. وقول أحبك ربي بالتفكر.