الحقوق محفوظة لأصحابها

عائض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أخوة الإيمان عبد الله بن عمر ابن العاص صحابي ابن صحابي رضي الله عنه وعن أبيه , كان عابداً هو من اعبد الصحابة على الإطلاق في شبابه , حتى زوجه أبوه زوجة فأعتزل هذه الزوجة وأقبل على العبادة فسأل أبوه زوجته عنه قالت : أنعم بهذا الرجل لم يكشف لنا غطاء ونحو ذلك .

يعني اعتزل ولم يقربها وإنما هو في صلاةً وفي عبادةً وفي صيامً وفي بكاء , فدعاه صلى الله عليه وسلم , شكاه أبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه صلى الله عليه وسلم , قال فسأل عما يفعل يعني طريقته في العبادة .

قلا : أصوم النهار وأقوم الليل , يصوم كل الأيام على الإطلاق ويقوم كل الليل من صلاة العشاء إلى الفجر , فنهاه صلى الله عليه وسلم , وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم هو الإمام القدوة المعلم يصوم ويفطر ويقوم وينام ويأكل اللحم ويتزوج النساء قال : فمن رغب عن سنتي فليس مني .

فقال لابن عمر : أختم القرأن في شهر , لاحظ كان يختمه كل يوم كل ليلة يختمه ختمه , أختمه في الشهر .

قال : أستطيع أكثر من ذلك يا رسول الله .

قال : أختمه قيل في خمس وعشرين .

قال : أستطيع أكثر من ذلك .

قال : في عشرين إلى مازاده إلى عشر إلى سبع .

قال : أستطيع أكثر من ذلك .

قال : لا أحسن من ذلك ولا أفضل من ذلك , وقف معه إلى السبع .

وقال : صوم وأفطر وأخبره , قال : صوم في الشهر ثلاثاً .

قال : أستطيع أكثر من ذلك .

قال : صم يوماً وأفطر يوم فاته صيام داؤود عليه السلام , وأخبره صلى الله عليه وسلم أن داوؤد كان لا يفر إذا لاقا , يعني أنه يبقى بقوته بسبب أنه يستعين بالفطر على الصحة وعلى أن يعود له جسمه , فمن الصحة هذه أنه يقاتل ولا يفر لأنه ليس هزيلاً ولا ضعيفاً .

فبين له صلى الله عليه وسلم أن لله حق ,وللأهل حق , وللنفس حق , وللعين حق , وأن الإسلام يبنى على التوازن , ليس للإنسان في الإسلام أن ينقطع في بابً واحد ويشق على نفسه ويصعب على نفسه العبادة .

دين الله يسر , كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه " .

وأيضاً قوله سبحانه وتعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } .

وقوله : {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا }.

فمن حديث عبد الله بن عمر بن العاص هذا في تسهيل للإسلام على الناس وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بالحنيفية السمحة وعلى أن الإنسان يأخذ بقدر حاجته .

يا أخي عليك بحد أدنى لا تتجاوزه وإذا استطعت أنه نشطت في بعض الأوقات زد على هذا , لكن لك حق في العبادة ورد حزب لا تنزل عنه , كجزء في اليوم من القرأن مع الأذكار وتصوم في الشهر ثلاثة أيام وتذكر قبل أن تنام وتحفظ لسانك وتحفظ جوارحك من الحرام , فانه والله هو هذا مسلك النبوة وهو طريق الشريعة السمحة التي لا صعوبة فيها .

لأن بعض الشباب الأن لا يفهم الشريعة كما هي فتجده يشق على نفسه إلى درجة أنه حتى يكره نفسه بالعبادة , ويعطل حقوق الوالدين , وحقوق الأسرة , وحقوق الزوجة , وحقوق الناس في النفع العام .

ينبغي علينا أن نسلك طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الاقتصاد في العبادة , والمواصلة , وطلب ماعند الله سبحانه وتعالى , وعدم الإثقال على النفس حتى تأتي النفس إلى العبادة بحب .

لأنك إذا أكثرت على نفسك أصبحت تقرأ مكرهاً وتتلو مكرهاً , وتصلي مكرهاً , بينما مقصود العبادة أن تأتي وأنت مقبل على الله عز وجل ومحب لهذه العبادة , تشعر بلذة ' تشعر بمتعة , تشعر براحة أما إذا أكثرت على نفسك وشققت على نفسك فأنت تؤديها مكرهاً أصلاً .

حتى أن بعضهم الأن يقرأ كثيراً كثيراً في القرأن تتحول قرأته إلى هدراً لا يدري ماذا يقول , بينما لو أقتصد وأخذ جزء أو جزئين أو حولهما وتدبر ووقف عند المعاني , كان أفضل ممن يتلو بلا فهم , ولا فقه , ولا تدبر .

لأن المقصود من نزل القرأن وتلاوته التدبر , {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً } .

وقوله سبحانه وتعالى : {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }.

أيها المسلمون عليكم بالاقتصاد في العبادة وبلزوم سنة الرسول عليه الصلاة والسلام , ليس من الإسلام ترك الزواج بنية العبودية لله فان الزواج في نفسه عبودية أصلاً إذا قصدت به يعني إقلاع النفس وردها عن المحرمات .

كما قال سبحانه وتعالى : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً } .

تناول الطعام مباح استعانة على طاعة الله من العبادة تحمد الله عز وجل على الطعام يرضى عنك , تشرب الشربة تحمده عليها يرضى عنك , يعني حتى اللبس الذي تستعين به عبادة .

فالنية تحول العادات إلى عبادات فآنت تحتسب كل شيء على الله عز وجل حتى النوم الذي تنامه تتقوى به على صلاة الليل والقيام بصلاة الفجر عبادة .

وطلب من الإنسان أن يريح نفسه في بعض الأوقات ساعة وساعة ليقبل كما قلت لكم على عبادة الله عز وجل بنفسً راضية وبروح مطمئنة , وهو فرح بهذه الرسالة وبهذا النور الذي بعث به سيد الخلق عليه الصلاة والسلام .

أسأل الله أن يفقهنا في الدين وأن يزيدنا فهماً لرسالة سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام والى اللقاء بارك الله فيكم .

http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4250