الحقوق محفوظة لأصحابها

عائض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .

كان ربيع بن مالك الأسلمي أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخدم الرسول صلى الله عليه وسلم , وكان قريباً منه وربما رعى له الغنم .

فكان يمر به صلى الله عليه وسلم ويقول له : ألك حاجة ؟ .

يقول لهذا الرجل من بره صلى الله عليه وسلم ومن تواضعه ومن كرمه فمايقرب منه أحد أو يخدمه أحد إلا قام صلى الله عليه وسلم فأدخل عليه السرور أو نفعه بنفع أو قام له بموقف يذكره هذا الرجل ولا ينساه .

يقول : ألك حاجة ؟ ,هل تريد شيئ مطلب ؟ .

قال ربيعة يروي الحادثة , قال : كنت أفكر في نفسي ماذا أطلب ولذلك أنظر الى همم الصحابة كيف أنهم كانوا يطلبون ماعند الله عز وجل , خلا في نفسه قال مثلاً : لو طلبت المال ينتهي المال , لو طلبت بيت أو طلبت جاهاً أو منصباً هذه تنتهي , لكن أعظم مطلب الجنة.

فيمر به صلى الله عليه وسلم في الليل قال : ألك حاجة ؟ .

قال : نعم يا رسول الله .

قال : ما هي ؟ .

قال : مرافقتك في الجنة .

قال صلى الله عليه وسلم : أوغير ذلك , أنت مصمم يعني يريد صلى الله عليه وسلم أن يتثبت منه في هذا الأمر ليكون عازماً جازماً .

قال : ذاك يا رسول الله .

قال : أوغير ذلك .

قال : ذاك يا رسول الله , أريد مرافقتك في الجنة .

قال صلى الله عليه وسلم : فأعني على نفسك بكثرة السجود , فأعني على نفسك بكثرة السجود , ويوجد حديث " فانك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة " .

فأخذ ربيعة هذا الحديث , فكان كثير الصلاة , كثير النوافل , كلما سافر أوقف راحلته وصلى مافتح الله عليه , يصلي الضحى يصلي قبل الصلاة وبعدها , في الأوقات المشروعة والمستحبة فيها الصلاة , وعرف بالمصلي كثير السجود لله الواحد الأحد يتذكر دائماً " أعني على نفسك بكثرة السجود " .

لأنه طلب طلب عظيماً ومقصداً هاماً وهو مرافة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة أعظم المطالب أن تدخل الجنة .

ترى أيها المسلمون والله لراحة والله لأمن حتى ندخل جنات النعيم بفضله وكرمه , سوف تبقى في هذه الحياة في عناء في مشقة في خوف ,في عدم استقرار , مهما حاولت أنك تفضي على نفسك أمور السعادة , يعني عندك زرية عندك مال , عندك بيت , عندك وظيفة , لديك صحة , لكن ليست مضمونة تستمر فترة تنقص عليك الصحة يأتيك مرض , يموت أحد الأبناء , يعني تخسر خسارة مالية تأتيك اذمة , اشياء كثيرة .

لا أمن ولا استقرار الا في الجنة , حتى أنه ابن الأمام أحمد عبد الله يقول للأمام أحمد غفر الله لهم : يا أبتاه متى الراحة , يعني هل عندنا راحة في الدنيا .

قال : لا راحة الا حتى تضع رجلك اليمنى في الجنة .

وهذا هو الصحيح مادام أنك في هذه الحياة فأنت منغص , ولذلك قال : أريد مرافقتك في الجنة .

قال : " فأعني على نفسك بكثرة السجود .

وفيه على أن النوافل والسجود بعد الفرائض من أعظم الأعمال , كما في الحديث القدسي , يقول سبحانه وتعالى : ما تقرب الي عبدي بأحب مما افترضت عليه , ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه " , هذا حديث .

فدل على أن التزود بالنافلة كلما سجدت سجدة رفعك الله درجة .

هنئياً لمن يكثر من النوافل غير بعض الفرائض , نحن نتكلم الأن عن النوافل , أما الفرائض محسوماً امرها .

فقلي في الله من يصلي ثم ينقص الفريضة ولا يتزود بالنافلة , كثير لا يؤدون الوتر , كثير لايصلون النافلة البعدية والقبلية , وأدهى من ذلك وأمر من يترك صلاة الجماعة , أما من يترك الصلاة فقد تودع منه , أنه من يترك الصلاة أصلاً محروم , من يترك الصلاة مخزول , رفعت عنه الرعاية والحفظ والولاء من الله سبحانه وتعالى .

فطريق الجنة يطلب في طاعة الواحد الأحد والله لا يطلب بمنصب , ولا بنسب ولا بجاه , ولا بمال , يطلب بطاعته سبحانه وتعالى , { وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .

من الذكر قراءة القرأن والصلاة وفعل الخير , وبر الوالدين , وصلة الرحم , والتواضع للمؤمنين , وسلامة الصدر , والوقوف مع المنكوب , وإعطاء الفقير والمسكين , وكفالة الأيتام , هذه هي الطرق , هذه الوسائل لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر .

وأقول إن الصحابة رضوان الله عليهم يختلفون عن غيرهم , و لذلك أختارهم الله لصحبة النبي عليه الصلاة والسلام فهذا ربيعة كان يرعى الغنم مع الرسول عليه الصلاة والسلام .

ويكون في تلك الفترة ليس عنده زوجة وليس عنده بيت ولا عنده مال وفقير ومجاهد ومهمته يرعى الغنم , ولكن يصلي ويعبد الله ويتقرب الى مولاه وصاحب قران .

ومع ذلك لم يطلب مهراً ليتزوج ولا مال ليبني بيتاً , ولم يطلب ولاية وإنما طلب مرافقة الرسول عليه الصلاة والسلام في الجنة .

ولو أنه طلب مالاً كان أنتهى المال الأن , أو بيتأ أو قصراً , لكن انظر إلى طلبه الأن أصبح حديثاً للأمة , أصبح يدرسه العلماء في المساجد , أصبح هداية للناس , هذا إذا كانت هذه طموحات راعي الغنم مع الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بالله كبار الصحابة كأبي بكر , وعمر وعثمان وعلي .

قل لي كيف أنهم كانوا بهذه الأرواح العظيمة وبهذه الهمة العالية استحقوا هذه المنزلة الرفيعة الشريفة , وهي مرافقة صحبة سيد الخلق عليه الصلاة و السلام .

ولهذا حصل على أيديهم من نصرة الاسلام ومن نصر الدين ومن قمع المشركين والمرتدين بالله بهم عليم وما علمه الخاص والعام .

ولهذا من تنقص من قدر أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام أو نالهم فهذا رجل مخزول متودع منه في قلبه مرض , يجب أن يوقف عند حده وأن ينكر عليه بل يجب أن يترضى عنه رضوان الله عليهم .

ونحن نعتقد أنهم أفضل منا جمعنا الله بهم في الجنة وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .

http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4228