الحقوق محفوظة لأصحابها

عائض القرني
الحمد لله ......و الصلاة و السلام ........على رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه , سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .

هي بنت من ؟.... هي أم من ؟...... هي زوج من ؟......من ذا يساوي في الأنام علاها ؟.....

أما أبوها فهو أشرف مرسل ,جبريل في التوحيد قد رباها .

من هي ؟ ...من تتوقعون أنها هي ؟... من هي هذه الأنثى الكريمة الشريفة التي أكرم النساء ,وأفضل الإناث ؟.

إنها فاطمة بنت محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم ,نقف وقفات مع زواجها من علي .

علي ابن أبي طالب أمير المؤمنين , أبي الحسن رضي الله عنه ,وأرضاه ,يأتي وهو شاب إلى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ليخطب ابنته ,ليتزوج أفضل النساء ,وأكرم النساء ,ويقف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ,ويستحي علي ,لأنه إمام النعمة المهداة ,وأمام الرحمة المسداة ,سيد الخلق صلى الله عليه وسلم , فيعلم صلى الله عليه وسلم ,ويعرف .

قال : ياعلي , جئت تخطب فاطمة ؟.

قال : قلت نعم يا رسول الله .

قال :أعندك شيء ؟ ,وهو يعرف صلى الله عليه وسلم ,أنه ليس عنده ,لكن في الإسلام ,لابد من مهر ولو كان قليل ,والرسول صلى الله عليه وسلم يعلم بحال علي من الفقر ,والرسول صلى الله عليه وسلم ليس بطالب المال ,ولا مهر , فهو الذي أهدى الدنيا ,لأهل الدنيا ,وترك الدنيا كل الدنيا , بل عرضت له جبال الدنيا صلى الله عليه وسلم لتتحول إلى ذهب ,وفضة , فأبى ,و رفض . وقال : أشبع يوماً ,وأجوع يوماً حتى ألقى الله .

قال صلى الله عليه وسلم يذكر علي : أين درعك الحُطمية ( والدرع التي تكون في المعركة يقاتل بها ) أين هي ؟ .

قال : معلقة في البيت ,(درعٌ لا تساوي درهمين ) .

قال : أتيني لها .( هذا المهر ) .

فأتى بها علي ,وسلّمها , درع من خشب وجلد ,فأعطاها للرسول صلى الله عليه وسلم .

فقبل صلى الله عليه وسلم ,وبدأ العقد ,وبدأ الزواج ,وحصل الآلفة , وحصل إقامة البيت , بيت علي وفاطمة أجمل ,وأكمل بيت بعد بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي هذا الزواج يروي علي ,وفاطمة روايات عن علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم ببيت أبنته ,وكيف كان يزور صهره ,ونسيبه ,علي ابن أبي طالب ,أبا الحسن .

ليلة من الليالي قام صلى الله عليه وسلم من الليل , فصلى صلى الله عليه وسلم نافلة قيام الليل , ثم تذّكر ابنته , وتذّكر نسيبه ,صهره , فقال أن يمر عليهم ,وأراد صلى الله عليه وسلم أن ينبّههم إلى أن يقوموا ,ويصلوا في الليل .

يقول علي : فأتى , فدخل صلى الله عليه وسلم ,واقترب منا , حتى وجدت برد أقدامه صلى الله عليه وسلم .

وقال : ألا تصليان ( يقول ألا تقومان ,وتطلبان الخير ,تصلّوا ركعتين في الليل ,أو أكثر , يعني هذا معنى الحديث ) .

قال علي ابن أبي طالب ,وهو جالس , جالس يفرك النوم من عينيه , وقال : يا رسول الله إن أرواحنا بيد الله ,متى ماشاء أمسكها ,ومتى ما شاء أرسلها .

فولى صلى الله عليه وسلم , يضرب بفخذه ,وقال : وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً .

ذهب صلى الله عليه وسلم إلى بيته ,وفي يوم من الأيام ترسل له فاطمة ابنته .

وتقول : يا رسول الله ,أريد خادم , يعني خادمة , شغّالة , تعمل عندنا في البيت , لأن هي تتولى بنفسها الطحين ,و غسل البيت ,و غسل الملابس ,وإعداد الطعام , فتعبت رضي الله عنها .

فتريد من الرسول صلى الله عليه وسلم , إذا أتاه من الخدم شيء أن يأتيه ,أن يرسل لها خادمة في البيت ,فلم يرسل صلى الله عليه وسلم لها .

وفي ليلة أتى إليها ,وهي وعلي في الفراش , وقال : ألا أدلكما على خير لكم من خادم , ( يقول أحسن لكم من الخادمة تعمل في البيت) .

قالوا : بلا , يارسول الله نريد هذا .

قال :إذا أتيتما مضجعكما , وهذه وصية إلى كل مسلم ومسلمة ,أحفظوها مني من الأن ,وطبقوها من كان يقوم بها , فهنيئاً له قرة عين ,ومن لم يعلمها ,أو يغفل عنها , فمن الأن يعملها ,وهي لاتستغرق منه ثلاث دقائق ,أو أربع .

قال صلى الله عليه وسلم : ألا أدلكما على خير لكما من خادم .

قالوا : بلا يارسول الله .

قال : إذا أخذتما مضجعكما ,( الفراش يعني) ,قبل النوم , فسبحا الله ثلاثً وثلاثين ,واحمدا الله ثلاثً وثلاثين ,وكبرا أربعاُ وثلاثين , فهذه أفضل لكما من خادم .

يقول العلماء في هذه الكلمات سر ,في تسبيح الله ثلاثً وثلاثين عند النوم ,وتحميد ثلاثً وثلاثين ,وتكبير أربعاً وثلاثين , فيها سر , السر ماهو ؟ .

أن فيها قوة , لأنه ذكر أكثر من الخادم ,والخادم فيه مساعدة ,وفيه إظهار القوة ,وهي تنوب عن الخادم إذاً فيها قوة بإذن الله .

وقد جربّها الكثير من الصالحين ,يقول : ننام بنشاط ,ونقوم بقوة ,وبنشاط ,ونرى مردودها علينا في قلوبنا ,وفي أجسامنا .

وهذه هديته صلى الله عليه وسلم شيء سهل ميسر , عمل ,لكن الكثير من الناس الأن ينام ,ولا يقول هذا ,وقد سألت بعض الناس الذي يتوسم فيهم الخير , وقد يكون لهم أعمال فاضلة ,قالوا : نغفل عنها .

تسبيح ثلاثً وثلاثين عند النوم ,و تحميد ثلاثً وثلاثين ,وتكبير أربعاً وثلاثين .

أما الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت فاطمة تزوره في بيته كل يوم .

تقول عائشة:إما تزوره, أو يزورها صلى الله عليه وسلم,إذا لم تأتي ,أتى إليها ,والبيوت متقاربة ,وإذا لم يأتي ويزورها ,أتت تزوره .

قالت عائشة : فكانت تقبل فاطمة ,والله ماتغادر مشيتها ,مشية أبيها , مثل مشية الرسول صلى الله عليه وسلم ,ابنته , هي قطعة من قلبه صلى الله عليه وسلم .

يقول : فاطمة بضعةٌ مني , يعني قطعة من الرسول عليه الصلاة والسلام .

قالت عائشة : والله ما تغادر مشيتها , مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم , مثل مشيته , فتقبل فيقول صلى الله عليه وسلم : ولو كان في كل يوم , فيقبّل جبينها .

هذا هو البار , هذا هو صاحب الخلق العظيم , ويأخذها بيدها ,فيجلسها مكانه ,مكانه صلى الله عليه وسلم ,ويجلس بجانبها ,ويقبل عليها يضّحكها ,ويمازحها ,ويحدّثها .

فإذا لم تزر هي صلى الله عليه وسلم ,قام فذهب إليها في بيتها ,فتقوم ,فتستقبله ,وتقبّل جبينه ,وتأخذ بيده ,وتجلسه مكانها رضي الله عنها .

هذه صورة من الأبوّة الحانية , الربانية لمعلم الخير صلى الله عليه وسلم ,وهذه صورة من صور بيته ,وأسرته صلى الله عليه وسلم ,فهل من مقتداً ,ومعتبر .

وفق الله الجميع ,والى اللقاء .

http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4143