الحقوق محفوظة لأصحابها

عائض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى اله وصحبه ومن والاه.

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .

أجمل شيء في العالم, وأحسن شيء في المعمورة, وأغلى, وأثمن, وأنفث, هو أن تحب الله, وان يحبك الله عز وجل, فلا أعظم من هذه المنزلة, ولا أكبر من هذه الريادة, ولا أفضل من هذا العمل.

نسأل الله أن يجعلنا من أحبابه, ونسأل الله أن يجعلنا ممن يحبهم جل في علاه, كما قال: { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} .

قصة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب, بطاقة حب الله ورسوله, ويحبه الله ورسوله.

في خيبر ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ,بالصحابة والجيش ليفتح خيبر ,لان اليهود عصوا ,وعقوا ,وغدروا ,وخانوا ,فطوق خيبر ,واتى ليفتح الحصون .

فأرسل في اليوم الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه , فلم يفتح له في الجيش ,حكمة من الله عزوجل .

أرسل عمر بالجيش فلم يفتح .

فأهتم الصحابة ,ووجوههم غامضة لأنه لم تفتح الحصون ,مغلقة في الجيش اليهودي .

فلما صلى, صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء .

قال للناس :لأعطين الراية غدا ,(يعني في الصباح ,في الفجر ),لأعطين الراية غدا لرجل يحب الله ورسوله ,ويحبه الله ,ورسوله ,يفتح الله على يده .

يعني معنى الكلام ( يقول أبشروا , إن شاء الله غدا في الصباح ,سوف أعطي العلم ,البيرق, الراية ,رجل من أصحابي ,لم يسمي الرجل ,لكن من صفات الرجل ,أنه يحب الله ورسوله ,ويحبه الله ورسوله ,يفتح الله على يديه ,وغدا تسمعون الخبر إن شاء الله تعالى ) .

وهذا يحبه الله ورسوله أجمل شيء فلذلك يأخي لا تظن أن هناك أهداف يسمونها سامية, وكذا...

من العشق والوله ,والهيام ,والغرام ,وتضييع الأوقات في القصائد والدواوين ,والأشياء التي ضعيت .....

بأخي يقول حسام الدين الخطيب الأندلسي ,الشاعر الكبير ,وكان من أهل الخير ,والفضل ,يقول :( جزا الله عني واعظ الشيب خيرا ما ,جزا ناصح فاضطت يداه بخيره ,سلكت طريق الحب حتى إذا انتهى تعودت حب الله عن حب غيره ) .

مهما أحببت مالا ,امراءة ,منصبا ,شهرة لها نهاية وتنتهي إلا حب الواحد الأحد النهاية في الفردوس الأعلى .

فأتى في الصباح مايدري الصحابة من هو هذا الرجل الذي يحب الله ورسوله ,ويحبه الله ورسوله ,والذي سوف يعطيه صلى الله عليه وسلم الراية ,مايدرون لم يعلمهم صلى الله عليه وسلم بالاسم .

فباتوا وكلهم يتحدث للأخر ,يعني كانوا يحبون المنزلة عند الواحد الأحد, كانوا يسعون الى أن يكونوا يتنافسون في الخير ,إلى أن يكونوا أقرب ,وأكثر عبادة لله ,فلم يناموا الواحد يدخل في خيمة الثاني ,قال أتدري من تتوقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يعطيه الراية ,من هو هذا الرجل ,قال أنا أظن فلان .

قال عمر : ماأحببت الامارة إلا تلك الليلة ,بودي أنا يعني ماأحببت المنصب إلا تلك الليلة لأن من صفاته أنه يحب الله ورسوله ,ويحبه الله ورسوله .

وصلى الصبح في الناس صلى بهم صلى الله عليه وسلم ,وانتظروا يعلن الاسم الآن ,بعد طول انتظار سوف يعلن اسم القائد الذي يفتح خيبر ,ويأخذ الراية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ,وهو يحب الله ورسوله ,ويحبه الله ورسوله .

فلما صلى صلى الله عليه وسلم الصبح ,نطق الآن بالاسم .

أين علي بن أبي طالب .

قالوا:يا رسول الله انه في خيمته, ما يرى مد يده من الرمد.(أصابه مرض الرمد, رضي الله عنه,وهو مرض يصيب في العيون ,يجعل الإنسان ليرى حتى إذا مددت يدك هكذا لم تكد تراها ) .

قالوا :علي يريده فتعال .

فذهبوا يقودونه قود ,وهو شاب رضي الله عنه ,وقوي ,وشجاع ,وقائد .

فأتوا به ووقف أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأخبره أنه في عيونه رمد ,فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ,فأبصر بإذن الله في أول وهلة .

حتى يقول الشاعر: يا أبا السبطين ,*يعني علي بن أبي طالب والد السبطين وهما الحسن والحسين *( يا أبا السبطين أحسنت فزد... فعلكم يا شيخنا فعل الأسد

رمد تفعل هذا بالعدى.... كيف لو عوفيت من ذاك الرمد..)



يقول أنه فيك الرمد ,وما تهون ,وفتحت خيبر ,وتدست جيش العدو دوسا ,فكيف لو لم يكن عندك رمد .

فأعطاه صلى الله عليه وسلم الراية, العلم.

قال :اذهب .

فعلي هو صحابي من أشجع الناس على الاطلاق ,يعني هو جاهز أن يبارزهم .

قال صلى الله عليه وسلم يخبرنا بسر الرسالة :اذهب وأدعهم إلى لا اله إلا الله واني رسول الله (فو الذي نفسي بيده لن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم )

يقول نحن ماعندنا قتلة ياأخوان ,ترى نحن ليست مهمتنا أن نقتل العالم ,

مهمتنا أن نصلح العالم .

في معنى الكلام يقول صلى الله عليه وسلم : تراك أنت إذا هديت اليهود بأسلوبك ,ودخلوا في الدين ,أحسن من أن تقتلهم ,يقول : لو تهدي يهودي إلى الله ,ترده إلى الله أحسن مثل الجبال من الإبل الحمراء ,وهي أغلى البل عند العرب .

أغلى حتى من أفواج من الإبل ,هذا أفضل لك ,يقول يعني :حاول ققبل أن تقاتلهم ,أن تدعوهم ,ان تصحح لهم الرسالة ,عسى الله عزوجل أن يهديه على يديك اليهود ,عسى أن يهدي النصارى .

نحن بعثنا دعاة حب, دعاة إسلام, دعاة سلام, لعل الله يهدي بنا البشر, لم يبعثنا تعجلهم إلى النار, فلنقدمهم إلى جنات النعيم.

خرج علي بالعلم يهرول ,رضي الله عنه معه السيف ,والتقهم ودعاهم إلى لا اله إلا الله ,وان محمد رسول الله ,لكن أبوا .

خرج منهم رجل مجرم ,فاجر ,شجاع ,مدجج بالسلاح ,لابس لأمة ,وعليه درع ويبارز بالسيف ,اسمه مرحب ,وكان من أشرس الناس .

قال : من يبارز .( وعادة العرب طبعا واليهود ,في تعارف العرب أن قبل المعركة يتبارز اثنين ,ثم الثالث ,ثم ,ثم, ثم تبدأ المعركة ).

فأرسلو له من أحد المسلمين فقتله اليهودي ,قالوا : فأرسلو الثاني فقتله .

فأرسلوا الثالث فقتله .

فأخذ اليهودي بعد مقتل الثلاث يقول: أنا الذي سمتني أمي مرحب, شاك السلاح ( يعني قوي السلاح ), بطل مجرب, إذا الحروب أقبلت تلهبوا.

فلما رأى علي رضي الله عنه مثلا يقدم له كل واحد فيقتله ,خرج علي بنفسه ,وحسبك بابي الحسن ,الله أكبر ماأشجعه ,الأبطال ينتفضون تصيبهم حمة ,ينتهون ,يرتعد الإنسان أمامه .

حتى عمر يقول لعمر ابن عبد كلب الزبيري لما ارتد : والله عمر ,والله عمر ,والله عمر ,لو واترجع للاسلام لأرسلن إليك رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ,ينزل رأسك بين رجليك .

قال عمر ابن معز:قال تهددني بعلي ابن أبي طالب, فرجع إلى الإسلام, وهو أشجع الناس ذاك.

فعلي خرج, لما شاهد المسالة, وذاك ينشد أنا الذي سمتني أمي مرحب شاك السلاح بطل مجرب, إذا الحروب أقبلت تلهبوا.

قال علي وكان شاعر :أنا الذي سمتني أمي حيدر ,(كان اسمه حيدر وهو صغير يعني الأسد ,من أسماء الأسد حيدر ,وأسامة ,والليث ,والغضنفر ,كان وهو طفل يقع رأسه على البلاط ويخرج الدم ولا يبكي أبدا ,يغرس يشد بأضراسه على أسنانه ,علي رضي الله عنه مايبكي أبدا ,قالت أمه فاطمة ,أنت حيدر ,أنت أسد ,لم تكن طفل ,لم تكن مثل البشر ,أنت أسد .

فخرج بالسيف فقال :أنا الذي سمتني أمي حيدر ,كليث الغابات كريه المنظرة ,أكيلكم بالسيف كيل سندرة ) .

فاقترب من اليهودي وضرب رأسه, طن رأسه, فإذا برأسه بجهة وجسمه بجهة أخرى, ثم صعد على رأسه فكبر المسلمون.

ثم هز علي باب خيبر ,وكان لا يحمله إلا سبعة ,فكسره ففتح للناس الحصن فدخلوا .

حتى محمد إقبال الشاعر العالمي المسلم الكبير ,يحي هذا الموقف : ( ومن الذي هزوا بعزم أنفسهم ,باب المدينة يوم غزوة خيبر .أم من رمى نار المجوس فأطفئت ,وأبان وجه الحق أبلج نيرا ,ومن الذي بذل الحياة رخيصة ,ورأى ررضالك اعز شيء )

انه علي بن أبي طالب ,وانه يحب الله ورسوله ,ومن علامة حبه لله ورسوله أن علي كان أول المصلين من الشباب ,كان علي في الصف الأول ,كان علي يقوم الليل ,كان علي يبكي عند سماع القران ,كان علي خائف من الله ,كان متكئا ,فستأهل بطاقة أعظم وسام في العالم ,يحب الله ورسوله ,ويحبه الله ورسوله .

فلا تحدثني عن التيجان والأوسمة بعدها .

يقول أبو الطيب :( خذ ماتراه ودع شيء سمعت به في طلعت البدر مايغنيك عن زحل ).

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .

http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4095