الحقوق محفوظة لأصحابها

راغب السرجانيصلاح سلطان
يعرض أصحاب الفضيلة الدكتور راغب السرجاني والدكتور صلاح سلطان في الحلقة الأخيرة من صناعة العلماء أهم المحطات التي تم تناولها خلال البرنامج والتي تهدف إلى بناء خير أمة من خلال علمائها، من خلال عرض مظاهر الأمل والألم في حياة العلماء للوصول إلى العالم الرباني، الذي يرفع راية الإسلام

د. صلاح :بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد الأولين و الآخرين ، سيدنا محمد اللهم صلّي و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين ثم أمّا بعد :

الحمد لله يصطفي للعلم و العمل و الدعوة من يشاء حتى يرفع مقامهم كما قال ربنا سبحانه :

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ))

( المجادلة / 11 )

والصلاة و السلام على سيد العلماء سيدنا محمد خاتم الأنبياء و المرسلين اللهم صلي و سلم و بارك عليه و على اﻵل و اﻷصحاب و التابعين و من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ما بعد إخواني و أخواتي في كل مكان من أرض الله تبارك و تعالى نقول لكم من أعماق قلوبنا و الله نحبكم في الله تبارك و تعالى و نتمنى أن يخرج من هذه البيوت الكريمة التي تتابع هذا البرنامج صناعة العلماء أن يخرج منها بإذن الله من الأطفال و الشباب و من الأبناء و من البنات علماء ربانيين يصدق فيهم قول الله تبارك و تعالى (( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ))

( آل عمران / 79 )

أخواني و أخواتي هذه هي الحلقة الثلاثون في هذا البرنامج و هي الحلقة الأخيرة إلى أن نبدأ برنامجاً نكمله معكم فيما بعد بإذن الله تبارك و تعالى و هذه الحلقة التي نريد أن نعيش معاً في خلاصات ما تمّ تقديمه خلال الحلقات الماضية و يشهد الله أنني كنت أكثر استمتاعاً و أكثر شعوراً بالسعادة و شعوراً بالإفادة مع أخي و حِبّي في الله فضيلة الدكتور راغب السرجاني و أشعر أن هذا الرجل ، الله سبحانه و تعالى اصطفاه ليكون من علماء هذه الأمة الّذين يقدمون النموذج الذي نرجوا بإذن الله أن يكون قدوة لغيره من الشباب و الفتيات الرجال و النساء بإذن الله تبارك و تعالى .

نحن طرحنا العديد من المحاور و بدأنا بأزمة العلم الشرعي في واقعنا الشرعي المعاصر بمنهجية من أول حلقة إلى اﻵن ، الألم في الواقع المعاصر و ربما في التاريخ أيضاً ثم نعطي صوراً من الأمل لأنه هناك الكثير من الصور المضيئة و ربما كنا حريصين على أن نضع قضيّة الأمل و أمثلة كثيرة بشكلٍ واضح حتى لا ييأس أحدٌ أبداً من المستمعين و المستمعات و في نفس الوقت كنا و نحن نختم حلقتنا كنا نقدم رؤية للعمل حتى لا يقال الآن لدي رؤية لللعمل فماذا يمكنني أن أعمل .

في إطار أزمة العلم الشرعي في واقعنا المعاصر طرحنا عدد من النقاط لو تذكرنا بعدد من النقاط حتى يستحضر أخواننا هذه الخلاصات

د. راغب : :بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، بدايةً قبل أن أتكلم في الخلاصة أنا أذكر عادة أنه في آخر حلقة تسجيل لأي برنامج أكون سعيداً أنني أديت المهمة مهمة تسجيل 30 أو 40 أو 50 حلقة فآخر حلقة يكون فيها سعادة خاصة أنه الحمد لله رب العالمين أنه يسر لك هذه النعمة و أن تتتم هذه المهمة ، حقيقة أنا مع هذه السعادة أشعر بحزنٍ دفين حقيقةً لأنني سأغيب عن صحبة سيادتكم طبعاً مشاغل الحياة كما تعلمون و السفريات . . . و عدم التواجد بهذا الشكل المكثّف سيحرمني من الخير الكثير فأسأل الله أن يجمعني بك في أعلى عليين مع حبيبنا صلى الله عليه و سلم .

د. صلاح : سنظل نردد

لا لا تقولوا وداعا بل قولوا الى اللقاء

إن لم يكن فوق الثرى فبجنة رب السماء

و أقول هذا للأخوة و الأخوات المشاهدين و المشاهدات

د. راغب : لمست تواضع فضيلتكم و علمكم و تربيتك و فقهك و أمور كثيرة جداً على المستوى العلمي العام و الخاص و استفدت كثيراً فنسأل الله عز و جل أن يجمعنا على الخير دائماً وأن يجعل هذه اللقاءات في ميزان حسناتنا .

أزمة العلم الشرعي التي تكلمنا عنها في أول الحلقات أذكر أننا قمنا بأكثر من حلقة و شملت هذه الحلقات ثلاثة محاور رئيسية و تفرعت عنها محاور أخرى :

كان المحور الأول هو مشكلة انفصال العلماء عن واقعهم : و ذكرنا أباب هذه الظاهرة و طرق علاجها .

و كانت الأزمة الثانية هي الصراع بين العلماء :و لعل مرجعها كان إلى الحسد أو إلى التنافس على الدنيا كما ذكرنا في الحلقات .

و كانت الأزمة الثالثة هي أزمة التجارة بالعلم بغية تحصيل المال على حساب العلم المحصّل : و هذه الأزمات الثلاثة إن وجدت في عالم فهي تنفيه كليّةً عن المهمّة التي من أجلها أصبح عالماً و بالتالي يؤثّر هذا الوضع عليه و على الأمة بكاملها .

و انتقلنا بعد ذلك إلى أزمة العلم الحياتي و حضرتكم ممكن أن تذكرنا بببعضٍ مما تكلمنا فيه في هذه الأزمة

د. صلاح : نعم ، الحقيقة بالنسبة للعلوم الحياتية القضيّة الأصليّة أنّ الناس تتصوّر أنّ العلوم الشرعيّة هي المبتغى الوحيد في الفكر الإسلامي ، فنحن أمطنا اللثام تماماً عن هذه المسألة و قلنا أنه يجب إعداد الأمة أنها تبتغي العلوم الشرعية لا يجوز أبداً أن يصرفها عن العلوم الحياتية و تكلمنا عن فرض العين و الكفاية و أن الأمة لا بدّ أن يكون فيها ذاك المستوى المتميز من العلوم الحياتيّة من الطب و الفلك و الهندسة و الكيمياء و ما إلى ذلك من العلوم ، و أيضاً تكلمنا عن العلماء الّذين في التخصصات العلميّة الّذين يدورون حول أنفسهم و لايتبنّى مفهوماً حضارياً كانت نقطة بارعة جداً استفدت منها الكثير و على فكرة ذكرتها الأمس في إحدى محاضراتي و نسبتها لكم كالعادة ، فالهرم الثلاثي هذا القاعدة التحتيّة هي الجانب الحضاري المادّي ثم الجانب الثاني الأعلى الجانب الإنساني ثم الجانب الثالث الجانب الإيماني و هذه خاصية فريدة في العلوم الإسلامية لصناعة حضارة إسلامية فالعلوم الحياتية لا يجوز أن تنصرف للجانب المادي كما فعلت الحضارة المادية الغربية و لا أن تأخذ بالجوانب الإنسانية داخل البلد دون خارج البلد فنحن نربي الإنسان الصالح و ليس المواطن الصالح من ثم الجانب الإيمان و جانب التوحيد هو الجانب الأساسي في هذه المسألة .

تكلمنا عن قضية الابتكار و الاختراع قدمت إحصاءات مهمة جداً على الفوارق الهائلة جداً بين بلادنا العربية و الإسلامية و الكيان الصهيوني المزروع داخل الأمة و أمريكا و اليابان و أن الفارق هائل جداً و الميزانيات التي تصرف نحن بحاجة إلى أن نتحوّل بالفعل يأتي علينا الوقت أن من يقوم بالمنح الدراسية لطلاب العلم الشرعي بالتوازي لا بد ان يكون هناك منح دراسية لطلاب العلم الحياتي و كما نبني المساجد نبني المعامل .

و تطرقنا الحقيقة في هذه المسألة إلى هجرة العلماء أو الأدمغة و استنزاف العلماء في الخارج : بما يعرض الأمة الإسلامية في الداخل إلى التدمير لأن العقول الأساسية للتعمير غير موجودة بل يقومون بالتعميرفي الغرب و مخاطر هذه المسالة و كيف نتوقى هذا الاستنزاف للعقول بتهيئة مناخ و دعوت حضرتك مشكوراً بإيجاد مؤسسات في الدولة إن لم تكن من الدولة تكون من الاقتصاديين هذه تقوم على استعادة هذه الكنوز الكبرى في استعادة البناء الحضاري للأمة الإسلامية إذاً نحن لا نتكلّم عن شيوخ نربّيهم في المساجد و الكليات الشرعية نحن نتكلم عن صناعة علماء بالتوازي يقومون بعمل نهضة كبيرة للأمة الإسلامية بشكلٍ عام

د. راغب : طرحنا مشكلة الأمية و خطورة مشكلة الأمية أننا نهدر طاقات الأمّة في عددٍ كبير جداً لا يقرأ و لا يكتب و لا يظهر منه الإبداع و بالتالي تفقد الأمة ثلث إمكانياتها فكما قلنا ثلث العالم العربي و الإسلامي و هذه كارثة بكل المقاييس و طرحنا بعض الحلول لقضية معالجة الأمية ليست فقط عن طريق الدولة و لا عن طريق التيارات الإسلامية لكن انا أتكلم عن الشعب بكامله فلو أن الجمهور المشاهد و المشاهدين و المشاهدات الّذين يتابعونا أخذوا هذه القضية فانطلقوا الرجال يعلمون الرجال و النساء تعلمن النساء في مهمة من أسمى المهام تتغير بإذن الله حال الأمة الإسلامية إن خرجنا من هذا الوضع و تذكرون مثال كوبا أنها فرغت نفسها سنة و في هذه السنة استطاعت أن تلغي الأمية تماماً من بلادها و أمة الإسلام أولى بذلك .

د. صلاح : الحقيقة هذا الوضع في أزمة العلم الشرعي و العلوم الحياتية انتهى بنا برؤية و كنا حريصين على أن نقدم رؤية على نموذج العالم الرباني ما صفاته و كان أكبر نقطة ثراء بفضل الله سبحانه و تعالى هو الجمع بين أمثلة نحن نعطي التأصيل الشرعي ثم التنزيل على الواقع التاريخي و المعاصر و هذا أفادني كثيراً من حيث الثراء الموجود عند الدكتور راغب يجعل الإنسان في لحظة واحدة ينتقل بين قصص تاريخية عميقة جداً ربما تغيب عني و عن الكثير و حركته في الواقع الأوربي و الغربي و معايشته هذا الواقع .

د. راغب : والله الفائدة لي حقيقة بالمشاركة مع حضرتكم

د. صلاح : أكرمكم الله ، فالمعايير الأصلية التي اخترناها للعالم الرباني

1- قلنا أنه يجب أن يكون شديد الإخلاص لله : أي أن تكون قضية الإخلاص لديه ، و أعطينا العديد من الوسائل العملية التي تعين هذا العالم على أن يكون مخلصاً إن هذا العالم عنده قضيّة الصلة بالله سبحانه و تعالى ، فالخواء الروحي في الصراع بين العلماء و تسبب بانفصاله عن الواقع لأنه غير موفق

(( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ))

( التغابن / 11 )

التي جعلته يحسد غيره من العلماء و يتاجر بهذا العلم و لا يبتغي به الدار الآخرة بشكلٍ أساسي فنقطة الربانية الجانب الإيماني و هناك جوانب أخرى .

د. راغب : أعتقد أنه في هذه النقطة نذكر الأخوة أننا ذكرنا أن قضية الإخلاص هذه تزرع بدوام القيام قيام الليل و قراءة القرآن و الذكر لله سبحانه و تعالى و دوام التفكر في خلق الله عز و جل فلو جمعنا هذه الأشياء يزرع الإخلاص في قلب الإنسان إن شاء الله عز و جل .

2- ذكرنا مع قضية الإخلاص قضية الأخلاق ، التي يجب أن يتصف بها العلماء و من أخلاق العلماء قضية الاستعانة و الأمانة :و الأمانة لها مظاهر كثيرة جداً و خاصة بالنسبة للعالم و خاصة مصطلح الأمانة العلمية و هو معروف لدى العلماء أنه إذا نقل عن أحد العلماء فلا بد أن يثبت هذا النقل و لا بد أن يذكر محاسن العلماء الآخرين و من الأمانة أن يذكر الرأي الآخر الذي قد يضاد رأيه أو يعارضه و من اﻷمانة أن يوصل الكلمة إلى أهلها و أن يقول كلمة الحق و لو كان لدى سلطان جائر و لو تعرض للأذى كل هذه من الصفات الرئيسية للعلماء

د. صلاح : حقيقةً في موضوع أخلاق العلماء تناولنا :

3- أخلاق الصبر و المصابرة و نحن أخذناه من باب الصبر عن المحرمات و الصبر عن المباح و الصبر على فتنة الإيذاء و الإغواء الّذي يدفع بالعالم أنه فعلاً يقلل جداً من نومه و طعامه و يقلل من ملذاته في الحياة و الوقت الّذي يصفه في غير طلب العلم فموضوع الصبر الحقيقة كان من الموضوعات كالصبر على الأستاذ الصبر على الرحلة الطويلة في طلب العلم الصبر على البعد عن أهله لسنوات أحياناً و لشهور كما كان يفعل بعض العلماء و الصبر عن الرغبات الداخلية الإنسان يريد أن يستمتع بطيبات الحياة لكنه يفرغ نفسه لطلب العلم ابتغاء وجه الله سبحانه و تعالى فهذا الخلق المتميز كان . . .

د. راغب : أيضاً من اﻷمور التي كانت أثناء الحلقات حرصنا على إبرازها في هذه الحلقات هي :

3-قضية اﻷمل : التي يجب أن يتصف بها العالم لأن العالم المحبط او اليائس لا يكون عالما ً و هو محبط فالإنسان المحبط لا يستطيع ان يغير أو يحرك أو ينهض و لا أن يجدد لا بدّ أن يحرص على زرع اﻷمل في نفسه و نفوس الناس فلو كان فاقداً الأمل فكيف يزرعه في نفوس الناس ، فلا بد ان أن يزرعه في نفوس الناس فلا بد ان يتميز بالأمل و قلنا أن هذه الصفة يجب أن يتصف بها كل المؤمنين و أن اليائس يتصف بهذه الصفة التي هي من صفات الكافرين و ليس المؤمنين

((يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ))

( يوسف / 87 )

ليس من صفات المؤمنين المشاكل و العوائق متعددة لكن لا بد للعالم مع كل هذه العوائق أن يكون مستصحباً لأمل دائم و يقين أن الله سيعز الدين و هذه اﻷمة و يجعلها من اﻷمم الرائدة السابقة و إن لم ير ذلك بعينيه سيراه أبناؤه و أحفاده لكنه سيتحقق حتماً و سيعود الفضل له بإذن الله عندما يرى ثواب هذا العمل الكبير نتيجة الجهد الّذي بذله في حياته .

د. صلاح : حلقات في دور العلم مع الحاكم و ان هذه العلاقة المتوترة سواء في الإهمال أو في الإيذاء أو الهجوم على الحكام أو في التزلف و النفاق هذه المسالة لا بدّ أن يعاد بناء هذه العلاقة على النصح و أن يشعر الحاكم أن هذا العالم هو رصيد له في الدنيا قبل الآخرة و ان العالم فعلاً يترفق بالحاكم و يقدم له النصح و يُظهر الحق و لا يخشى في الله لومة لائم و لو أغدق الحاكم عليه في المال أو في المسؤوليات فاﻷصل أن يتعزز و يتعفف ليبقى قوياً في كلمة الحق لا يخشى فيها لومة لائم و ضربنا أمثلة من تاريخ العلماء خاصة العز بن عبد السلام و ماذا فعل معه الملك الصالح نجم الدين أيوب و مع ذلك وقف أمام الجامع لينصحه بغلق الخمارات و البارات و قضية بيع الأمراء التي سنتناولها في حلقات قادمة ، الحقيقة حاولنا أن نبني جسراً بين العلماء و الأمراء بين العالم و الحاكم

د. راغب : ذكرنا تفسير

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ))

( النساء / 59 )

أن أولي العلم العلماء و اﻷمراء مجتمعين و لا داعي للحزم ان أولي اﻷمر هم اعلماء و الأمراء بل هما الاثنين يمكن ان يقودوا سفينة الأمة أحد العلماء يقول : (( لو كان لدي دعوة واحدة لادخرتها لحاكم )) فبصلاح الحاكم تنصلح أمور الأمة كلهاو العلماء هم ورثة الأنبياء فبصلاح العلماء أيضاً تنصلح أمور اﻷمة ، فالعلاقة لا بد ان تعود للطبيعة التي أرادها الإسلام ألا و هي طبيعة التناصح و التكاتف و التكمل و ليس التصارع و التصادم بين الحكام و العلماء .

د. صلاح : الحقيقة أن خطابنا كان موجهاً لكل أبناء الأمة الأم و الأب المعلم و المعلمة و الإداريين و الاقتصاديين و الحكام و الوزراء ، كما ذكرنا نظام الملك الطوسي الّذي كان سبباً في نهضة عملية حضارية متميزة جداً في حياته و بعد وفاته ، فهذا البرنامج لكل مخلصٍ فيه نصيب لا يقولنّ أحداً المفروض الأساتذة في الجامعات أن يتولوا صناعة العلماء أو الشيوخ أو الإداريين أو الوزراء كلٌّ له سهم و كلّ على ثغر و يستطيع فعلاً أن يساهم في بناء العلماء و ذوي النبوغ العلمي و العلماء الربانيين فكل بيت يمكن أن ينشأ من رحم المعاناة و لو كان يعاني عالماً شرعياً متميزً و يكتشف في ابنه الطاقات و يوجه إن كان من أهل و محبي العلوم الشرعية يوجهه و يسدده و إذا كان موجهاً إلى العلوم الحياتية لا يقول هذه علوم دنيوية لا قيمة لها بل يساعده و يدعمه على أن ينبغ في هذه العلوم .

د. راغب : أحياناً يساعده على اختياره أحياناً فقد يأتي أحدهم بمجموع كبير و أهله يستخسرون إلا أن يدخل الطب أو الهندسة لكن هواه في العلوم أو الآداب أو الإعلام فنراعي الموهبة التي الله عز و جل حباه بها و كثير من العلماء بدؤوا باتجاه و من ثم غيروا عندما وجد ميولهم في اتجاه آخر و لو كان في اول كان من العلماء العاديين الّذين لا ينتجون و لا يحركون ، ففطرة الإنسان ربنا سبحانه و تعالى وزع المواهب على الناس و الإمكانيات و الطاقات أنا أميز الطالب أو الولد الّذي لدي أوجهه بأمانة و أترك له حرية الاختيار أعلمه بمزايا هذا و مضاره و أترك له حرية الخيار و إذا تحمل المسؤولية من صغره يكون في كبره

د. صلاح : اتفقنا منذ البداية على أن البداية تبدأ من عموم اﻷمة نحن لا ننتظر أبداً أن الحكام و الأمراء و الوزراء هم من يبدؤون و إن كنا لا نعفيهم من المسؤولية و الدور أمام الله سبحانه و تعالى لكن كما يقول الصينيون (( لا تلعن الظلام بل أضئ شمعة )) و الشمعة التي نريدها بناء أو اكتشاف عالم اكتشاف إنسان لديه موهبة متميزة في أي تخصص و رعايته و كفالته و تزويجه و تأمين الكتب و تهيأته إذا سافر للخارج أن يكون له انتماء للأمة التي سافر منها و أن يعود ﻷمته التي سافر منها و ان يكون نفعه أكبر في ريعان شبابه لأمته الإسلامية ، طبعاً نحن أخذنا وقتاً مع قضية هجرة العلماء و كيف نوجد المناخ الّذي يستعيد هؤلاء .

فالنقطة المحورية هنا بداية تبدأ من المجتمع لكن كما قلنا و نؤكد هذا لا يعفي أصحاب النفوذ و السلطة لأنه بقرارٍ واحد يستطيع أن يغير المسار تماماً ضربنا مثل ماليزيا و تركيا التي فيها نهضة حكومية تنظر إلى العلم كقيمة رئيسية غيرت كل البلد و أصبحت البلاد تتوجه توجها علمياً و أثر على شكل البلد و طبيعتهاو مكانتها في العالم و هذا يستفيد منه في النهاية الحاكم و المحكوم و العالم و طالب العلم و الرجل و المرأة و الكبير و الصغير الدنيا كلها تستفيد بتقدم هذه البلاد في العلم .

و ذكرنا أن العلم يبني كل الأمم حتى الأمم غير الإسلامية تقدمت بالعلم و ذكرنا عدة أمثلة من كوبا و غيرها الّذين وصلوا درجة كبيرة من العلم و هم أقل من المسلمين في الهدف الأخروي أوفي الهدف النهائي في البحث عن العلم .

د. صلاح : دكتور راغب بعد هذه الجملة الطيبة في محاور هذا البرنامج هل ترى اننا وفينا الموضوع حقه

د. راغب : أعتقد أننا قطعنا 2 أو 3 % من الطريق . . . و إن شاء الله . . . نطمع أن ربنا سبحانه و تعالى يبارك لنا في الوقت و العمرلنكمل ما بقي و العالم الرباني هذا موسوعة و مؤسسة هذا الرجل قد يكون أمة كاملة فمن المستحيل أن تصنع في 30 حلقة كل حلقة نصف ساعة ان تصنع عالماً كاملاً متكاملاً لكن نحتاج لجهود متتالية و متواصلة و صفات العلماء الربانيين ذكرنا أطراف و هناك أطراف كثيرة لم تذكر و لا شكّ أنه هناك الكثير من الاستدراكات المشاهدين و العلماء الّذين سيتابعون البرنامج و لذلك إن شاء الله نطمع أن يكون لدينا الكثير من هذه اللقاءات في مثل هذه الموضوعات .

د. صلاح : الحقيقة أحببنا أن يكون لأخواننا الماهدين و المشاهدات أن يكون لهم تقييم لهذه الحلقات الماضية و مالأسئلة التي في ذهنكم لنجيبكم عليها لأننا فعلاً كما قال الدكتور راغب أننا قطعنا من مشوار الألف ميل خطوات فقط و نحن أمامنا مشواراً طويلاً و نحن نساعدكم خطوة خطوة كيف تصنع من بيتك عالماً ربانياً أريد من كل أم أنت تحلم أن يكون ابنها عالماً ربانياً في تخصص شرعي أو في تخصص من علوم الحياة و كلهم إن شاء الله عند الله من اهل العلم و الفضل و ممن وعد الله برفعهم يقولون مالمشكلة التي لديهم ، فالأب يريد ابنه أن يكون عالماً ربناياً فمن من الممكن ان يترك ثلاث أمور :

- صدقة جارية لأنه يدفع لبناء ابنه علمياً

- و علمٌ ينتفع به لأن ابنه عالم رباني

- و في نفس الوقت ولدٌ صالح يدعو له إن علمته جيداً يرجى إن شاء الله أن يكون فيه الدعاء مستفيضاً له أدعو الله سبحانه و تعالى أن أكون قدمت شيئاً مثلاً اتصل بي الأخوة في قناة الناس و قالوا نحن نريد أن تأتي إلى برنامج لدينا فسمعنا أنك جئت مصر و لم يعرفوا أنا لدي وفاة والدي فالبقاء لله لكن ما رأيك أن تأتي غداً و كان رمضان في العشر الأواخر و ندعو للوالد على الهواء مباشرةً و الحقيقة ثلاث مرات في أول برنامج في منتصف البرنامج و آخره هذه فعلاً فعلاً أزاحت عني ألم فراق والدي فيمكن أن تتاح لأولادك .

د. راغب : أذكر عند وفاة والدي كان الشيخ محمود المصري على الهواء هنا في قناة الناس أيضاً و دعا للوالد على الهواء عندما تصل و عرف بالموضوع ففعلاً

د. صلاح : و نحن ندعو الله سبحانه و تعالى و لوالد الدكتور راغب و لوالدي :

اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا لنا و لكل المستمين و المستمعات

لكن ما اريد أن أقوله أنه من الممكن أن تحلم لكن ردائي أنه لا نريد أن نحلم فقط ليدعو لي ابني و يأتي بحنات لكن نريد ها للأمة و للعالم أول ما بدأنا

(( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ))

( آل عمران / 110 )

كل معلم و معلمة و كل إداري و كل حاكم أن يحلم أن أنا ربما ارتكبت الذنوب لكن أنا نويت أن أكفر عن هذه الذنوب و الله سبحانه و تعالى يقول :

(( وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ))

( هود / 114 )

ربما أحد أبناءك أوطلابك أحد من رعيته أيها الحاكم أو الوزير أو رئيس الجامعة تبنيت نابغة و يكون هذا هو سبب محو كل الذنوب التي فعلتها فلو بلغ الماء لم يحمل الخبث صار بحراً فياضاً .

كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لسيدنا عثمان رضي الله عنه :

(( جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار قال الحسن بن واقع وفي موضع آخر من كتابي في كمه حين جهز جيش العسرة فينثرها في حجره قال عبد الرحمن فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين ))

الراوي: عبدالرحمن بن سمرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3701

خلاصة حكم المحدث: حسن

فنحن لدينا الكثير من الأمور وعناوين كثيرة نتكلم فيها بإذن الله سبحانه و تعالى . . .ففي بعض المحاور و العناوين

د. راغب : أتوجه لأواننا و أخواتنا أن يساعدونا في تحضير البرنامج القادم و نحن ذكرنا في هذا البرنامج انه لدينا مواقع على النت الدكتور صلاح سلطان له موقع و موقعي قصة الإسلام و نحن نتمنى مشاركتكم معنا أعطونا رأيكم فيما فات و أعطونا رؤيتكم العملية لتحقيق الأحلام و أعطونا ما تريدونه في الحلقات القادمة و لم تشعروا أنه لم يوف حقه في الحلقات الماضية و أعطونا الطموحات الّّتي لديكم و لو كان لديكم نوع من الأمثلة سواء كانت إيجابية أو سلبية أفيدونا بهذه المعلومات هذا تراث الإنسانية في غاية الإفادة يمكن أن ننقله لعامة الناس و لو يوجد لأحد قدرة على المساهمة الفعلية في المشاريع التي طرحناها مشاريع معالجة الأمية مشاريع الاستجلاب و الاستعانة بالعقول مشروعات الوقف و رعاية النوابغ و ما إلى ذلك من المشاريع التي تقدمنا و المؤسسات التي طرحناها كالوصول إلى الحكام و إلى الوزراء . . . بشأن هذا الموضوع ، و لكم إن شاء الله في هذه المساهمة أجرٌ كبير

((الدال على الخير كفاعله ))

الراوي: أبو مسعود عقبة بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 116

خلاصة حكم المحدث: صحيح

د. صلاح : الحقيقة فعلاً هذه اللحطة لحطة صعبة على النفس مع إخواني و أخواتي المستمعين و المستمعات أريد أن أقول يشهد الله سبحانه و تعالى نحن معاً نحبكم في الله حباً جماً و كما قال الشاعر

لغة الكلام كما رأيت على فمي

خجلى و لولا الحب لم أتكلم

فنحن نحب الله و نشهده على ذلك و نحنب رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحب كتابه و صالحين و الصالحا من عباده سبحانه و تعالى و املنا كبير و لا يخالجنا شك أن الغد للإسلام لكننا نريد أن ننتقل من ميدان القول إلى ميدان العمل و من ميدان العمل إلى ميدان الجهاد لصناعة العلماء و الجهاد الحق بإذن الله تبارك و تعالى :

(( وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ))

( الأنفال / 44 )

حتى يمكن الله لدينه جزاكم الله خيراً كثيراً و تحية من أعماق القلب إلى أخي فضيلة الدكتور راغب السرجاني تقبل الله منا و منكم اجمعين

جزاكم الله خيراً و شكر الله لكم و تقبل الله منا و منكم

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

* * *