الحقوق محفوظة لأصحابها

راغب السرجانيصلاح سلطان
من أخطر المحاذير الخاصة بتربية العالم الرباني، والتي لها عواقب وخيمة على العلماء والأمة، قضية انغماس العلماء في الدنيا ومتاجرتهم بالعلم، وتهافتهم على الدنيا، وبالتالي تزلفهم إلى الحكام، وتكسبهم بالعلم، وفي هذه الحلقة نعيش مع أصحاب الفضيلة الدكتور راغب السرجاني والدكتور صلاحسلطان حول أسباب انغماس العلماء في الدنيا وسبل العلاج والخروج.

تستكمل هذه الحلقة ظاهرة العلماء والتجارة بالعلم، وتوضيح مدى خطورتها على أخلاقيات العالم الرباني، وإن أخطر ما في الظاهرة أنها أصبحت شائعة حتى في الرموز الدعوية على شاشات التلفاز والمؤتمرات الدولية، كما تتناول الحلقة خطورة قتل طموحات العلماء، وضرورة أن يكون للعالم الرباني أهداف واضحة يسعى إليها

د. صلاح :بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد الأولين و الآخرين ، سيدنا محمد اللهم صلّي و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين ثم أمّا بعد :

أخواني و أخواتي في الله تبارك و تعالى استمراراً لهذه الحلقات التي نرجو بإذن الله تعالى ان تساهم في صناعة العلماء هذه الصناعة الفريدة هذه الصناعة التي تصنع بإذن الله المستقبل بإذن الله تعالى وفق إرادة الله تعالى في تمكين للإسلام و المسلمين

و في الحقيقة أن يكون في هذه الحلقات شريكاً أساسياً و أخاً حبيباً كريماً فضيلة الأستاذ الدكتور راغب السرجاني مرحباً بك في هذا اللقاء و أشعر أنّ محبّيك من بين الملايين الآن كأنهم يرسلون تحيات عاطرة .

د. راغب : من خلال حضرتكم

د. صلاح : أكرمكم الله و بارك الله فيك ، دكتورنا الكريم نحن في الحقيقة و الأخوة و الأخوات المستمعين و المستمعات :

1- كنا نتكلم عن الأزمة داخل العلماء و انفصالهم عن واقعهم و قلنا :

في هذه النقطة الأولى أنه هناك أزمة بسبب الخواء الروحي فيحرم الإنسان التوفيق في أن يجد حلاً لمشكلات الواقع و قد يساهم في مزيد من تبئيس الناس و الحل هو ان ينشط و ينهض بالشعائر التعبدية التي تحيي قلبه بحب الله تبارك و تعالى و تعظيم مقام الله عز و جل في قلبه

و تكلمنا أيضاً عن هذا الانفصام عن الواقع بسبب الدراسات النظرية التي لا تعرف أبداً أي نوع من التطبيق حتى يتخرج هذا الطالب من الجامعة

2- و انتقلنا بعد ذلك إلى أزمة العلماء مع الحكام فالعالم و الحاكم هناك أزمة في العلاقة بينهما إما حالة نفاق أو حالة تسويغ لما يفعله الحكام أو حالة اضطهاد من الحكام للعلماء أو حالة انعزال كل واحد في مكانه لا يؤدي أحد دوره نحو الآخر و قلنا أن الحالة المثالية التي تفيد الحكام قبل العلماء و تفيد الأمة كلها بإذن الله تعالى هي النصح الدائم و الإصرار على هذا النصح ابتغاء وجه الله تبارك و تعالى

3- تكلمنا عن محور الحقيقة مؤلم و هو الصراع بين العلماء و سببه الرئيسي الحسد الّذي يجري بين العلماء و الحقيقة المسألة تحتاج إلى نقاء صدر و إلى إخلاص و تجرد لله تبارك و تعالى و أن يصل الإنسان إلى درجة عالية من الإيمان بحيث أنه فعلاً يعيش منهجية

(( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ))

( يوسف / 101 )

يتمنى هذا الإلحاق بالعلماء و إخوانه الصالحين ، و ذكرنا أيضاً في هذا الإطار غياب الرؤية التي الإنسان بها الآخر فهناك في القضية الفلسطينية كما ذكر الدكتور راغب في كتابه عن (( واجبنا نحو فلسطين )) هناك 18 شريحة كل شريحة لها خطاب يختلف و واجبات تختلف عن الشريحة الأخرى فما يقوله العالم هنا قد يكون صحيحاً لهذه الشريحة و هذا الموقف و هذا الحدث و هذا الزمان و هذا المكان و الأقليات و الأكثرية المسلمة لا بد أن الحوار سيختلف تجاه النساء و الفتيان و الفتيات و الشيوخ هذه شرائح مختلفة لو أننا فعلاً أعذر بعضنا بعضا و اتفقنا على أولوياة لانتهى هذا الصراع الذي نتمنى أن يساهم العلماء أن في إنهاء هذا الصراع إن وجد في فئات غيرهم لا أن يكونوا هم سبب هذا الصراع .

اليوم دكتور نحن ننكأ جرحاً جديداً لكننا أطباء إن شاء الله للقلوب وأنت طبيب للقلب إن شاء الله فنقول كيف و ما هو حجم هذا الجرح و هو ان يتاجر العلماء بعلمهم يستخدمون العلم في التجارة التجارة ليس مع الله بل التجارة مع عباد الله و إن العلم يتحول إلى سلعة يتكسّب بها هو فقط و يدور حول التكسب و ليس أداء الرسالة .

د. راغب : بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، أعبر كل مرة عن سعادتي بصحبة فضيلتكم و ربنا سبحانه و تعالى يجمعنا على الخير دائماً جزاكم الله خيراً كثيرا ربنا ينفع بكم الأمة

نحن نقول للأخوة الّذين يشاهدوننا و للأخوات أننا نتكلم الآن في قضايا و جروح و آلام و مشاكل لكن بفضل الله نضع أيدينا على حل المشكلة ، ففي كل قضية نقول هذه مشكل الخواء الوحي حلها قيام الليل و ذكر الرحمن كثيراً و قراءة القرآن و الارتباط بالله عز و جل . . . لما أنشئ عالماً ربانياً و أكوّن هذا النبت الّذي ينتج بعد ذلك قائدأ و محركاً لنهضتها لا بد أن يتصف بهذه الصفات و يحذر الصفات الأخرى السلبية التي نذكرها لأن حديثنا مع الأخوة و الأخوات الذين يتابعوننا و ممكن يجد صورة تصيبه بشيء من الإحباط أو اليأس أو القلق على مستوى الأمة عندما يجد أن العلماء يتصارعون و أن العلماء يطلبون الدنيا و أن العلماء يتزلفون للحكام وأن العلماء ينفصلون عن واقعهم و أن العلماء كذا و كذا و كذا ذكرنا أكثر من مرة قبل ذلك

1- أن الأمة لا يمكن بحال و من الأحوال أن تخلو من عالم صالح في فترة من فترات زمنها و يبعث الله عز و جل من يجدد لها أمر دينها و ان هذا أمر لازم لهذه الأمة و مستمر معها

2- و ذكرنا الأمر الثاني أنني أقول هذا الكلام لأعالجه و أصلحه و ليس لأبكي عليه

3- و الأمر الثالث المهم جداً أنني لما أربي أحدهم في منزلي أو في المدرسة أو في المسجد أو في مجال الدعوة ليكون عالماً يغير الأوضاع لا بد أن نحذر من هذه المحاذير و أن نحرص على زرع الصفات الإيجابية التي ذكرناها ، و كثيرة بفضل الله علمائنا في السلف الصالح و كثيرة بفضل الله في علماء معاصرين لنا و نسأل الله عز و جل أن يكثر من أمثالهم و أن يعلي شأن الأمة بهم .

القضية التي نتكلم بها اليوم قضية حرجة للغاية هي قضيّة أيضاً ليست جديدة هي قضية لازمة للأمة إذا انفتحت عليها الدنيا و حذرنا منها حبيبنا و قدوتنا صلى الله عليه و سلم و هي أحد أكبر الأسباب لحدوث صراع بين العلماء و لحدوث تزلف من العلماء للحكام و لحدوث انهيار لهيبة العلماء و حدوث انهيار للمسألة الروحية و التعبدية التي عند العالم عندما ينغمس في هذه الأمور ينسى قضية الآخرة و بالتالي ينسى قضية العبادة و التوكل يعني نلاحظ أن معظم الآفات التي ذكرناها لعل منشأها حالة اليوم التي نتكلم فيها لعل أصلها هو المشكلة التي نتكلم فيها اليوم التي هي مشكلة انغماس العالم أو شهوة الجمع في قضية الدنيا و شهوة الجمع و الكنز و التكاثر في المال التي هي موجودة في كل إنسان في كل بني الإنسان و كل البشر لكن لو جدت في العالِم تألمت الأمة بكاملها

نقول أن الرسول صلى الله عليه و سلم ذكر هذ الأمر و خاف على أمته منه و ذكر انها تكون سبباً في الصراع بين المسلمين قال صلى الله عليه و سلم :

((( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي ، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين ، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما صلى بهم الفجر انصرف ، فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ، وقال : ( أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء ) . قالوا : أجل يا رسول الله ، قال : ( فأبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله لا الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا ، كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم ) . ))

الراوي: عمرو بن عوف المزني المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3158

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

د. صلاح : هذا قانون واضح و هذا يدل أنه هناك سنة لله عز و جل أنّه فعلاً عندما تنبسط الأرزاق بين العلماء و بين عموم الناس تبدأ الأرزاق لما تنبسط كل منا أخذ حقه و ارتاح لكن الطمع و النفس لا تشبع إلا من التراب و لا يملئ عين ابن آدم إلا التراب الصراع على الوفرة في وفرة

د. راغب : في زمن الفقر لا يحدث هذالصراع

د. صلاح : بالعكس تجد أخلاق مروءة . . .

د. راغب : مع أن من يحللها بعقله ممكن يقول لا الفقراء ممكن يكون التنازع و التصارع بينهم كبير لأنه يبحث عن لقمة يأكلها نفسه صالحة نفس الفقير المتكبرة هذه قليلة و لذلك لا ينظر الله عز و جل إلى عائل متكبر إلى فقير متكبر لأنه غريب كيف أنت متكبر و أنت فقير لكن ما يحصل متى يحدث الكبر و الصراع و الأنا و كذا

(( وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا ))

( الكهف / 34 )

تكثر الموال تكونا لفتنة كبيرة و يغرق فيهذه الفتنة أقول جلّ البشر و القليل هو من ينجو ليس هذا كلامي و لا تشاؤماً إنما هو كلام رب العالمي سبحاه و تعالى و كلام الحبيب صلى الله عليه و سلم في القرآن الكريم

(( قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ))

( ص / 24 )

كما أن الرسول صلى الله عليه و سلم يقول :

((ويل للمكثرين إلا من قال بالمال هكذا ، و هكذا ، و هكذا ، و هكذا ؛ أربع : عن يمينه ، وعن شماله ، و من قدماه و من ورائه ))

الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2412

خلاصة حكم المحدث: حسن لشواهده

الذي يعطي لكن أضاف آخر هذا الكلام و قليل ما هم و في البخاري و مسلم و قليل ما هم

قليل هذا الّذي إذا أوتي المال أنفقه في سبيل الله و سخره في خدمة الدين و أغدق به على افقراء و المساكين و لم يتكبر به على الناس أما عامة الناس و العلماء شريحة من شرائح الناس وإن كانت هي أعلى الشرائح كما ذكرنا و هي قائدة الأمة و ورثة الأنبياء لكن للأسف الشديد قضية الدنيا لا تترك أحداً أريد أن أقول أن أفضل و أعظم الأجيال خاطبهم ربنا عز و جل في يوم أو بعد يم أحد بعد المصيبة كما سماها ربنا

((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))

( آل عمران / 156 )

سمى هذا الجيل و هذه المجموعة التي اشتركت في غزوة أحد إلى صنفين لا ثالث لهما قال :

(( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ))

( آل عمران / 152 )

عبد الله بن مسعود يقول : و الله ما كانت أظن أنه من بيننا من يريد الدنيا

هذا الأمر متدرج يدخل في النفس دون أن تنتبه العالم يبدأ الطريق في منتهى الروعة و الإخلاص و الإقبال هذا الدين فإذا كثرت أمام عينه الأموال و الفتن و الكنوز و الثروات و اتسع السلطان و بدأ يكون لديه إمكانيات للأخذ أكثر و أكثر عندها يسقط و عندها يتنافس و يتصارع مع أخوانه الآخرين و تحدث مصيبة التجارة بالعلم و خاصة العلم الشرعي و هو أشرف العلوم قاطبة علماء الشريعة

د. صلاح : إن الإنسان عندما كما قال سبحانه

(( كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ ))

( القيامة / 20 – 21 )

((بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ))

( الأعلى / 16 – 17 )

د. راغب : إما هذه أو هذه

طبعاً البعض يتصور أن العالم يجب أن يعيس زاهد لا يأكل و لا يشرب و لا ينام و لا يلبس و لا بيت له يعني هذا الكلام غير صحيح ، فمن حق العالم أن يجد الكفاية حد الكفاف و الكفاية و لا مانع أن يصل إلى حد الرغد لكن أن يصل إلى حد الترف و أن يستكثر من المال بهذا العلم و أن يتخذ وسيلة لتكسب بحيث الفقراء و يطوف به على الأغنياء

د. راغب : و يغير و يبدل في فتاواه و كلامه من أجل هذا المال و يغير في ما يجب ان يقال إن قيل هذا قد يحرمك المال و ذاك قد يعطيك فيتكلم بما يعطيه المال و يترك ما يجب ان يتكلم به و هذا نراه في مواقف كثيرة

د. صلاح : هذا الأمر يجعل العالم حقيقة ينزل من التاجر مع الله

(( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ))

( البقرة / 207 )

يعني يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله و الله رؤوف بالعباد هذا النوع من الناس يختلف تماماً عن من

(( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))

( البقرة / 174 )

بحيث هو نظره دائماً ليس كم هدى الله على يديه من الناس في حلقته و برنامجه في درسه في مؤتمره إنما نظره في الترجيح بين الأماكن التي يذهب إليها كم سيأخذ من هنا و كم سيحصل من هنا بحيث أنها لم تعد مسالة هل هؤلاء الناس أحوج أم هؤلاء الناس أحرص على طلب العلم هل هؤلاء الناس أكثر استجابة فيستجيب لهم حتى و لو دفع من جيبه أحياناً ليذهب إلى هؤلاء الناس ، الحقيقة أنا أعتذر إلى الله سبحانه و تعالى من علماء إذا جازت التسمية هم أصحاب علم ضخم و كبير جداً لكن استجابتهم تتعلق بحجم العطاء المادي الّذي يُمنح لهم في قضية البث العلمي أو التعليم مع أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :

(( من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر ))

الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2682

خلاصة حكم المحدث: صحيح

لو العالم تخيل أن الكون كله يشغل به مشغول به أن يستغفر له فيحفه كانها حفاوة ملائكية حفاوة من الطيور حفاوة من ذرات هذا الكون يستغر الأسماك تعمل له حفلة و تدعو له النمل

د. راغب : النملة في جحرها و

(( ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع ))

الراوي: صفوان بن عسال المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 85

خلاصة حكم المحدث: صحيح

د. صلاح :

((والله لأن يهدى بهداك رجل واحد خير لك من حمر النعم ))

الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3661

خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]

من الدنيا وما فيها الإنسان يشعر بحالة رضى و غنى و سعادة عندما يجد أن علمه هذا قد حمله التلاميذ و قد اهتدوا به و قد تغيروا و تأثروا و اهتدوا بسب هذا العمل فيكون ذا هو الأسايس الإسلام هذه المألة حتى لا نبالغ الأصل ان يوجد وقفٌ إسلاميٌّ في كل مكان و انا الحقيقة من معيشتي في الغرب قلت هناك يجب أن يحرر العلماء أنفسهم قبل كل شيء من قضية الإدارات الموجودة في المساجد كل إدارة انتخابات جديدة يعني يغيروا الإمام إذا كان الإمام يعني وفقهم أم على وفق الإدارة القديمة و حصل إيذاء كبير جداً لعلماء و انتهى تعلم هذا

لكن في المقابل إذا مجلس الإدارة تغير و كان متشددا و المجلس القديم كان متساهلاً يتحول العالم فواإلى الفتاوى المتشددة و كأن المسألة من أجل أن يبقى هناك للأسف الشديد سيطرة الدول على الأوقاف و أن الدول هي التي تصرف الأوقاف يجب ان ترفع الحكومات عن الأوقاف كلها و يجب أن يديرها ناظروا الأوقاف كلها هذه الأوقاف يجب أن يديرها ناظروا الوقف و هؤلاء وكلاء عمن ماتوا و تركوا هذا الوقف أو من عاشوا و قدموا هذا الوقف و الإنفاق على العلم و العلماء

د. راغب : من يدير ناظري الوقف من يتابع ناظي الوقف

د. صلاح : الأصل الناس الواقفين أو أولادهم

د. راغب : ممكن اعتقد ان يوجد ما يسمى ديوان الوقف كان في تاريخ الأمة الإسلامية كان يسمى ديوان الأوقاف هو شيء أحدهم يتابع ناظري الوقف لكن يتابع أن يصرف الوقف في ما أراده الوقف

د. صلاح : شرط الواقف كنص الشارع

د. راغب : لأنه لدي مشكلة أن الأوقاف يتم مصادرة الأوقاف على مدار السواتأو أحياناً نهب الأوقاف على مدار السنوات دمشق على سبيل المثال كانت قائمة بكاملها كانت من المن الرئيسية في العالم الإسلامي التي معظم أراضي دمشق و حوانيت دمشق و متاجرها و مصانعها كل شيء فيها كان وقف كانت مدينة عجيبة جداً و اختفت أوقاف كثيرة هذا المثال في مدن كثيرة في العالم الإسلامي تعرضت لمثل هذا الموضوع هذه الأوقاف الواقف الّذي كان عنده هذه المزرعة أو هذا المصنع أو المبنى قال في وقفيته أنا أوقف هذا للإنفاق على طلبة العلم إذاً لا يجوز تغيير هذا الأمر إلا إذا لم يجد العلماء أو المتابعين مصرفاً لهذا الذي ابتكره

د. صلاح : يبحثون عن أقرب شيء له

د. راغب : مثلاً ابتكر وقف معين و طبعاً الأوقاف قصة رائعة في الحضارة الإسلامية حقيقة و قصة ثرية جدا و إصابة الأوقاف بمشكلة لعلها لها مشاكل و آلام هذه أحد النتائج التي نتكلم فيها يعني متابعة هذه الأوقاف ممكن الأخوة و الأخوات الّذين يشاهدوننا ممكن يكون لديه استفار أو الحرج لو ماذا لو رفعت الحكومات يدها تماماً عن الأوقاف من يديرها عامة الناس أم العلماء من الذي يديرها فأعتقد أنها ستعود في النهاية إلى الحكومة لكن يكون في نوع من الانضباط على وقفية الوقف و إلا سيكون هناك نوع من . .

د. صلاح : الأصل أن تكون هيئة مستقلة عن الحكومة الحكومة التي تدير هذا الأمر الحكومة تتأكد فقط أن الأمور تسير في إطارها الصحيح نوع من التأكد و التحكم هذا الأمر يضعف الغرض الأصلي من الأوقاف بل هذا هو السبب الرئيسي الآن أن الناس لم تعد توقف أقول أنا أضع الوقف تحت دائرة حكومية تنهب هذا المال أو تسيء إدارته أو تهمله فالحد الأدنى ان تهمل إدارته إن كان بيت مسكون مثلاً بالإيجار فيهمل هذا البيت حتى لا يسكن فيه احد و يباع بثمن بخس أو يؤجر بثمن بخس أو لا يستأجر شقق كثيرة منه و بالتالي لا يدر العائد لأنه ليس مالكه شخص يشعر بأهميته له هو .

فقضية الأوقاف أحد الحلول التي يجب أن نعود إليها إلى أخواننا في الغرب بالذات الذي ﻻ يوجد لديهم السيطرة على قضية الوقف كما يوجد في العالم الإسلامي مباشرة أي مسجديبنى يكون له وقف بجواره ينفق على الإمام و ينفق على أهم الأنشطة التي تجري في المسجد يكون هناك استقلال لدى العلماء فلا يضطر العالم في هذه الحالة أن يتسول حتى يعيش ، و أنا أعتذر إلى الله أن تكون رواتب العلماء في بلادنا الإسلامي أقل من رواتب الخبازين و رواتب السباكين مع كل التقدير لكل هذه الفئات لأنها تقوم بدور حيوي للمجتمع ، لكن هذا عالم يفتح بيته للناس و يستقبل الناس في الليل و النهار و يهادي الناس لا يمكن أن نحوله إلى شخص يتسول الناس حتى الناس تحتقر كلمة الله إذا وجدت العالم يمد يده هنا و هناك

د. راغب : أصبحت ظاهرة موضوع مستوى نتكلم على مشكلتين

حقيقة :

مشكلة أنه هناك علماء زادت اموالهم حتى فتنوا بهذا المال و حتى جورا وراء هذه الأموال و نسوا العلم الشريف الذي يحملونه

و بين عالم آخر مسكين لا يجد ما يأكله و ما يشربه فيضطر أن يمد يده هنا و هناك و أن يمر بظروف رأيت أوضاع و الحال و حضرتكم رأيتم أضعاف ما رأيته في هذا المجال و الظروف صعبة جداً و يغير جداً من مجال عمله و أحياناً من مبادئه ليجد ما يكفي قوت أسرته فقط .

د. صلاح : هذا لا يشفع له ان يغير من مبادئه

د. راغب : طبعاً هي فتنة

د. صلاح : لو صبر صبراً جميلاً و آثر الآخرة على الدنيا و لو بدأ عمل في أعمال أخرى غير التكسب من علمه الشرعي بطريقة مهينة ربما يفتح عليه أرزاق كثيرة جداً

د. راغب : و من المؤكد ن القضية قضية يقين سواء الأول أو الثاني الذي فتن بكثرة المال أو الّذي فتن بقلة المال

د. راغب : لو كن لديه يقين يعلم أن الله عز و جل هو الّذي رزق و هو الذي سيمتحن و يختبر في هذا المجال لكن لو لم تنفقه في ما يرضي الله عز و جل ستحاسب عليه و العلماء هم الّذين يدرسن هذا الكلام و الآخر الذي إن ظن أن ضياع أو غياب أو قلة المال مبررٌ له لأن يبيع دينه أو يترك قضيته أو يغير من مبادئه في النهاية هذه فتن و هذا فُتن و الأولى التواصل بين الأمرين و هو ان الأمة تكفل هؤلاء العلماء و تسعى إلى الوصول إلى حد الكفاية و حد لا أقول الكفاف لكن أوقل الكفاية حد يعيش عيشة سوية و أولاده يعيشون عيشة سوية و هكذا كان العلماء في تاريخ الأمة الإسلامية و طبعاً في قضية الأوقاف و ما ذكرت تكفل لهم هذا الأمر و في نفس الوقت يحذر العالم و يراجع قلبه كل يوم يا ترى انا لم اعمل لماذا أجمع هذه الأموال حتى أعيش أم حتى أكثر من ثروتي و أنافس غيري .

حقيقة ما يلفت نظري الآية متكررة جداً مع كل الأنبياء

(( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ))

( الشعراء / 109 )

هذه بارزة عندما يأتي النبي إلى قومه بداية الكلام

(( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ))

( الشعراء / 109 )

(( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ))

( هود / 29 )

لأن الناس تتوجس أنت بهذه الدعوة ماذا تريد ؟

حتى أبو الوليد عتبة بن ربيعة لما خطب الرسول صلى الله عليه و سلم الرسول صلى الله عليه و سلم ما تكلم عن قضية المال و ما طلب الأموال منهم تكلم عن قضية التوحيد و البعث يوم القيامة و الإيمان بالله عز و جل و نبذ الشرك لكنه الثاني قال يا ترى أنت ماذا تريد إن كنت تريد مالاً جمعنا لك من اموالنا حتى صرت أكثرنا مالاً هو ينظر الناس هكذا الناس تنظر إلى العالم أو إلى الخطيب او إلى الداعية ياترى انت لم تقول ذلك هل تريد منا أموال أم أنك فعلاً لديك قضية و متجرد لهذه القضية

عدم وضوح هذه الرؤية لدى العلماء يهز الصورة و يضيع الهيبة و يسقط قيمة الكلام الّذي يقال و إن كان منمقاً و إن كان جميلاً .

د. صلاح : الحقيقة أتمنى في صناعة العلماء الذي يبدأ أن يعد ابنه أن يكون عالماً و بالذات من العلماء الشرعيين أن يجد له وقفاً خاصاً ممكن دكان أو مشروع ابنه سيتفرغ للقراءة و البحث و الحصول على الدرجات العليى المتميزة فعلاً سيستغني في ظروف قضية الأوقاف قضية قد يطول حلها سنوات ربما تفنى فيها أعمار .

د. راغب : هل لدينا وقت لنتكلم عن تجربة نجاح الوقف

د. صلاح : الحلقة اقتربت أن تنتهي

د. راغب : نتكلم فيها الحقلة القادمة قضية مشرقة من قضايا الوقف بإذن الله تعالى

د. صلاح : الوقت انتهى نحن ندعو إخواننا العلماء رقم واحد إلى أن يتعففوا و أن يكونوا أصحاب عزة و كرامة و أن يتمسكوا ، يقول تعالى :

(( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ))

( الشعراء / 109 )

(( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ))

( هود / 29 )

يكون هذا الاعتزاز في تبليغ الرسالة و حمل الأمانة هو الأساس الّذي يجب أن يتحرك به العالم منتهى العزة و الكرامة .

في المقابل يجب على الدولة و على اهل المسجد و يجب على الأسر أن تساعد في إعزاز هؤلاء العلماء بأن يوفر لهم ما يعيشون به المعيشة الكريمة فلا يكون راتبه أقل من رواتب من أقل فئات المجتمع فلا يعيش هذه المعيشة الكريمة و يفقد أولاده القدرة على التعايش مع بقية أبناء المسلمين و يعيش مهزوزاً في حياته فهذا في الأصل يجب أن يكون من مسؤولية المجتمع أما مسؤولية العالم فهي أن يتعفف و هذا التعفف سيورثه العزة و الكرامة و سيحافظ على هيبة العلم و العلماء

و اسأل الله تبارك و تعالى أن يرزقنا الحب له و الرغبة في ما عنده و أن يصغر كل شيء من أمور الدنيا ، إضافة إلى ما عند الله تبارك و تعالى جزاكم الله خيراً و أشكر بالنيابة عنكم أخي فضيلة الأستاذ الدكتور راغب السرجاني .

جزاكم الله خيراً و شكر الله لكم و تقبل الله منا و منكم

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

* * *