الحقوق محفوظة لأصحابها

راغب السرجانيصلاح سلطان
نعيش في هذه الحلقة مع أصحاب الفضيلة الدكتور راغب السرجاني والدكتور صلاح سلطان مع بعض النماذج المشرقة من سير العلماء الربانيين، الذين نصحوا للحكام وقالوا كلمة الحق ولو كانت تحمل معاني المحن والأزمات، فنتناول سيرة نبي الله يوسف عليه السلام مع حاكم مصر، وصور من حياة سلطان العلماء العز بن عبد السلام، مع نماذج معاصرة عاشت محن الحكام الظالمين أمثال ابن تيمية وسيد قطب

   أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

   بسم الله الرحمن الرّحيم  إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من  سيئات  أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و  أشهد أنّ محمّداً عبده و رسوله  

أمّا بعد :  

    فأهلاً و مرحباً بكم في هذا اللّقاء المبارك و أسأل الله عزّ و جل أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين

د. راغب : حلقة جديدة من برنامجنا صناعة العلماء في الحلقات الماضية تعرفنا على بعض الجوانب المضيئة في حياة علمائنا من السلف الصالح في حياة الصحابة رضي الله عنهم و أرضاهم و في حياة التابعين و المجددين من أبناء هذه الأمة الإسلامية و تعرفنا على طرف من الواقع الّّذي تعيشه الأمة الآن .

ذكرنا بعض المشاكل التي يعاني منها العلماء و إذا عانى فإن الأمة بكاملها تعاني و ذكرنا في الحلقة الماضية تحديداً المشاكل التي تنشأ عن سوء العلاقة بين العالم و الحاكم و أنا أرى أن أهم مظاهر هذا السوء هو ألا يتقدم العالم بنصحه إلى الحاكم لأن الحاكم أحوج ما يكون لرأي العالم و الحاكم كالسائر في صحراء لا علامات فيها و لا أدلة و إذا بالعالم يهديه إلى الطريق الصواب و الطريق المستقيم لذلك ذكرنا في الحلقة الماضية هذا الدور المهم و أشعرنا أن هذا الدور يحتاج منا إلى تفصيلات أكبر و أكثر و لذلك قررنا أن نستكمل المسيرة في هذه القضة قضية دور العلماء في نصح الحكام ، مع الدكتور صلاح سلطان حضرتكم طبعاً فقهياًو علمياً و شرعياًو تاريخياً لك فيها إسهامات كثيرةو نسأل الله عز و جل أن يمن عليك دائماً .

تكلمنا في الحلقة الفائتة على العز بن عبد السلام في أحد المواقف و تكلمنا عن استجابة الحاكم لرؤيته و كان فيها الصلاح للحاكم نفسه نجم الدين أيوب و صلاح للعالم الّذي قال كلمة الحق و الصلاح للأمة التي عوفيت من الخمر بعد أن كانت منتشرة بها

د. صلاح : بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و بعد الحقيقة ، جوهر الأمر هو شعور العالم بالمسؤولية عن الكلمة التي يحملها و هي كلمة الله و شعور العالم بالمسؤولية عن الأمة و اﻷمة فيها النخبة و فيها عموم الأمة فإن أحسن أنه يحمل كلمة الله ،هذه الكلمة الله سبحانه يقول في سورة يوسف :

(( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))

( يوسف / 108 )

إذاً كل من اتبع النبي صلى الله عليه و سلم لا بد ن يكون حامالاً للرسالة و مبلغاً للأمانةو في نهاية قصة سيدنا يوسف عليه السلام و هو رجل تعرض للسجن طلماً و عدواناً ثم يرى بلده يتعرض للخراب رأى رؤية لا بد للكل أن يتكلم فيها و أن تتحول إلى قضية أمة . . . المهم لما جاءه الرجل الذي كان معه في السجن و أخبره هنا مروؤة العالم ؛ لم يتكون او يتمحور حول ذاته “ ظلموني فليذهبوا “

بلادي و إن جارت علي عزيزة

و أهلي و إن ضنوا علي كرام

د. راغب :هذا الشعر في شخص يتكلم عن بلاده و أهله هذا يوسف عليه السلام بيع في هذه البلاد هذه البلاد اشترته بالمال و لم ترجعه إلى أهله و كان الظلم وقع عليه في هذه البلاد .

د. صلاح : لكنه نوع من الوفاء إذ قيل

(( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ))

( يوسف / 21 )

هو أكرم من الإدارة و ظلم من بعضها

د. راغب : فهو وضع داخل البيت ثم وضع في السجن ظلماً و كانوا يعلمون أنه ظلم و انتهت القضية و مع ذلك لديه حبٌ لخير للبشر و الأرض .

د. صلاح : أول ما دخل

(( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ))

( يوسف / 36 )

لأن المسلم العالم الرباني لا يتمحور حول ذاته يحول الأزمة إلى فرصة فلو

سيدنا يوسف يعيش شعور الضحية ظلموني و ظلموني و ظلموني . . . تجاوز الأزمة فالظلم حصل تعلم أكثر فابن تيمية دخل السجن و كتب المؤلفات حول هذه الأزمة إلى فرصة

د. راغب : الشهيد سيد قطب كتب ظلال القرآن في السجن

د. صلاح : و أصبح أول كتاب يطبع و يوزع و يوزع

د. راغب : و أصبح أول كتاب يترجم لكل لغات الدنيا و لعل السجن ألقى إليه بهذه الظلال في القرآن الكريم

د. صلاح : في البداية قبل أن يعرض عليه الملك عاش فعلاً لرسالته

(( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ))

( يوسف / 39 )

الان بالإمكان التكلم عبر الفضائيات . . . انت الآن في وضع مختلف لا هنا لا بد أن ينكر العالم ذاته فلما تكلم مع اثنين أحدهم كان سلماً إلى أعلى سلطة

د. راغب : و لم يقصد يوسف عليه السلام فهو كان ترتيب رب العالمين سبحانه و تعالى

د. صلاح : فهو يتصرف بشكل تلقائي لأداء الرسالة و لحمل الأمانة فقال أرسلوني لدي خبير في تفسير الحلام . . . فيذهب إليه القصة طويلة و في النهاية يتولى مسؤولية إدارة أزمة لا يقول الخزينة مليئة صلح في البلد و في

ظروفي لا بل يدخل في إدارة أزمة و يدير الأزمة بما يرضي الله سبحانه و تعالى و لا ينتصر لنفسه مع أخوته الّذين جاؤوا يقولولن له :

((فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ))

( يوسف / 88 )

في نهايته يقول :

(( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))

( يوسف / 108 )

هذه الطريقة التي نريد أن يتقدم بها العالم إلى الحاكم لا لينفع نفسه بل لينفع بلده و أمته و لينفع الحاكم في آخرته و في دنياه لكن هو يتجرد لله سبحانه و تعالى هذا النموذج الّذي كنا نقرأه و نحن أطفال عيوننا تدمع و قلوبنا تخشع و أبداننا تقشعر فهو أول سورة فعلاً من قصص القرآن أحسن القصص عششت في قلوبنا و نحن أطفال سورة الأعراف و القصص و الشعراء نجد الصعوبة في حفظها إنما سورة يوسف تنساب إلى أعماق النفس و تحفظها بسرعة لكن الحفظ للمعنى و للروح أصبح بعدها هو الملك المطاع هذا النموذج هو ما نحتاج ان نكرره في واقعنا المعاصر ، أما مسألة أن يكون العلماء بعيدين و يلعنون الحكام هذه حالة سلبية ، و مسألة أن يقول الحكام يتوجسون خيفة من العلماء إما أن تسوغوا ما أقول و تلبسوا عمم على الرمم فنفعل ما نريد و عليكم أن تسببوا بأن تقولوا هذا الشيء حلال. . . و الحالة الوسط فعلاً هي أن الحاكم الّذي يحتاج لنصح العالم و العالم الّذي يرى وجوب نصح الحاكم لعل الله أن يصلح بها الأمة كلها

د. راغب : لقطة في قصة سيدنا يوسف عليه السلام تجمع هذا الأمر و هذا التوسط الرائع ربنا سبحانه و تعالى يضرب لنا الأمثال يعلمنا فهو قدم النصح و زهد فيما يديه و قال بعزة العالم

(( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ))

( يوسف / 50 )

لم يخرج للحاكم يطلب وده و إخراجه من السجن و هو مظلوم و لم يتقدم بطلب لكن قدم النصيحة متجرداً لله عز و جل و لم يطلب مافي يد الحاكم حتى طلبه و قدمه الحاكم و خيره حتى ما تختار ما تحكم فقال :

(( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ))

( يوسف / 55 )

د. صلاح : و فيها ذكاء إيماني لم يرد ان يخرج لإدارة شؤون البلاد و لديه ذيل مصنوع من التهمة فتقول إن أنت كنت على مزاجنا نغض الطرف عن هذا الذيل فإن أنت لعبت نحن لدينا تهمة ضدك إنما قبل أن يتولى قال :

(( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ))

( يوسف / 50 )

أحرج نظيفاً لمصلحة القضية فهذه العزة و الكرامة هذا ملمح طيب .

د. راغب : تكلمنا عن العالم سيدنا يوسف عليه السلام في هذه القصة و أنه نصح الحاكم و كانت النتيجة أن وصل يوسف عليه السلام للتمكين في الأرض

(( وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ))

( يوسف / 56 )

د. صلاح : كان مستشاراً ثم صار أميراً

د. راغب : فأصبحت كلمة الحق رفعت من قدر يوسف عليه السلام في الدولة و مكنت له و رأينا موقف العز بن عبد السلام و هو ينصح نجم الدين أيوب

الذ كان صالحاً فنصحه فاستمع لنصحه نجم الدين أيوب و عوفي حال العز بن عبد السلام و رفع قدره في البلاد لكن ليس الحال دائماً على هذه الصورة فالأصل في الأمور أنه إذا تقدم العالم للحاكم بنصح تكون العاقبة نكالاً و عقاب و أزمة كبيرة جداً تحدث للعالم و قد يكون لأسرته و للعالم أجمع فكيف نطمئن العلماء أنهم إذا قالوا كلمة الحق و كان الثمن بيوتهم و وظائفهم و أرواحهم فإن هذا الثمن بسيط جداً .

د. صلاح :

عرفنا الليالي قبلما نزلت بنا

فلما دهتنا لم تزدنا بها علماً

أنا لما أقرا القرآن و اجد ان ربنا سبحانه و تعالى في

القرآن يقول

(( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ))

( غافر / 5 )

يعتقلوه هذه في سورة غافر في سورة الفرقان

((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ))

( الفرقان / 31)

لكن انظر إلى نهاية الآية

((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ))

( الفرقان / 31)

لما نقرأ في سورة الأنفال

(( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ))

( الأنفال / 30 )

الحقيقة هناك الكثير من الآيات في سورة النحل و التوبة و في الكثير من سور القرآن تقول للعالم أنت انشغل بدعوة الله و ربنا :

(( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ))

( الحج / 38 )

لا تشغل نفسك بنفسك أنت تدور مع الرسالة :ألا دوروا مع القرآن حيث دار و لا مع الدولار أو الحاكم حيث دار ، بل تدور مع الرسالة مع القرآن و تدع أمرك كله للرحمن يدبره لك إذا علمت أنه هذا حق إذاً أنت أمامك آية :

((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ))

( الأحزاب / 39 )

انظر إلى ابن تيمية حسم الموضوع و ترك لنا المنهجية الواضحة التي تجعل كل عالم رباني نريد صناعته مرتاح لا ضغط لديه على عقله أن يقول أقول هذه أم لا يقول :

(( سجني خلوة و نفيي سياحة و قتلي شهادة فماذا عساهم أن يفعلوا بنا ))

د. راغب : في كل الأحوال نحن منتصرون محققون أحلامنا بالضبط الإنجاز في الدنيا و الآخرة

د. صلاح : أتعرف يادكتور راغب أنا لدي كعقلية باحث لدي حالة استقراء أرى ان كل الناس الّّتي هي تمشي في ركاب الاجتهاد التسويغي يلبس عمم للرمم و أرى أولادهم و زوجاتهم و احترامهم أرى من غير أن أتحسس استقراء لما ظهر من أمورهم و حياتهم و أرى هؤلا الصادقون الّذين يبلغون رسالات الله و لا يخشون أحداً إلا الله مالياً وضعهم أحسن لأن الله سبحانه و تعالى قال :

((وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ))

( الحج / 58 )

اللّذين هاجروا و أوذوا ليرزقن باللام المؤكدة و النون المؤكدة

(( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ))

( الحج / 58 )

ليجتث أي نوع من القلق على هذه المسألة أدبياً لهم في مكان الناس أكبر بكثير يكون كلامه مؤثرأ أكبر من هيئات العلماء و المجامع الفقهية و المجالس كما يقولون بعمم كبيرة و لا تجد لهم من أثر أو لا تعثر على أحد يقرأ لهم ، بينما رسالة من عالم سجن لله عز و جل كما ذكرتنا بالشهيد سيد قطب انا قابلت في هولندا من شهرين الأستاذ عادل صلاح و هو يترجم الظلال يقول بعد أن قتل الشهيد سيد قطب بأسبوع جاءني سيد قطب في المنام و قال لي إن الباكستانيين و الأوربيون يحتاجون إلى هذا الكتاب فقمت من نومي في 18 مجلد إلى لغة إنجليزية راقية الأستاذ عادل صلاحي أديب في اللغة العربية و أديب في اللغة الإنجليزية فربنا يسخر رجل كهذا يحفظ القرآن هو ختم القرآن يوم ضربة 1967 من رحم الأزمة يخرج الأئمة و تأتي الفرصة ، يقول حتى جاءت الأوامر و الضربة ان الكل يجب أن يختبئ فالشيخ أصر و كنا وصلن لنصف جزء عم أصر أن نختم و لو متنا و قلت له انا معك فختمنا القرآن مع ضربات الرصاص على رؤوس الناس .

كلمات سيد قطب فعلاً صارت مشاعل و ألهبت مشاعر . .

د. راغب : أتعرف أن أكثرر ما جعل كلمات سيد قطب أنه مات من أجلها و هو قال هذه الكلمات قرأت له هذه الكلمات في كتيب صغير :

(( تظل كلماتنا عرائس ليست فيها حياة إلا أن نموت في سبيلها فتدب فيها الحياة ))

هذا هو المعنى الذي نفسنا

أن يصل لذهن العالم الّي يريد أن يكون عالماً ربانياً .

ذكرتم أن قضية العلماء يرزقهم الله رزقاً حسناً و يدافع الله عن الّذين آمنوا لكن في نفس الوقت نرى بعض النماذج من تاريخ علمائنا يمر بالأزمة و لا يخرج منها و يموت مضطهداً و معذباً و مسجوناً و يموت مقهوراً و كذا و كذا في هذه الظروف أعتقد أن الّذي يثبته على هذا الأمر أن ينظر إلى ما هو أعظم من أن الله عز و جل سيفرج عنه في الدنيا و لكن سيفرج عنه هو أعظم و أجل في الاخرة ، أن هذا العالم إن نظر إلى مافي يد الله عز و جل و علم أن هذه الدنيا مهما طالت فهي قصيرة و أن هذا المال مهما كثر فهو قليل و أن هذه الدنيا مهما كان فيها بهرج فهي تافهة ﻻ وزن لها إن عظمت الآخرة في عيني و قلت الدنيا في عيني و إن أخذوها و حتى و إن ضاعت منه لن تعود إليه و لن يمكن كما مكن يوسف عليه السلام و لن يخرج من الأزمة كما خرج العز بن عبد السلام لكن سيعيش معذباً مطارداً و كذا و كذا و مالضير في ذلك و مالألم في ذلك إن قورن بنعيم الجنة و بغمسة واحدة في الجنة

د. صلاح :

(( يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار فيقال اغمسوه في النار غمسة فيغمس فيها ثم يقال له أي فلان هل أصابك نعيم قط فيقول لا ما أصابني نعيم قط ويؤتى بأشد المؤمنين ضرا وبلاء فيقال اغمسوه غمسة في الجنة فيغمس فيها غمسة فيقال له أي فلان هل أصابك ضر قط أو بلاء فيقول ما أصابني قط ضر ولا بلاء ))

الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3506

خلاصة حكم المحدث: صحيح

د. راغب : و الصحيح هو العكس

د. صلاح :

(( يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار فيقال اغمسوه في النار غمسة فيغمس فيها ثم يقال له أي فلان هل أصابك نعيم قط فيقول لا ما أصابني نعيم قط ويؤتى بأشد المؤمنين ضرا وبلاء فيقال اغمسوه غمسة في الجنة فيغمس فيها غمسة فيقال له أي فلان هل أصابك ضر قط أو بلاء فيقول ما أصابني قط ضر ولا بلاء ))

الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3506

خلاصة حكم المحدث: صحيح

د. راغب : ينسى كل هذا الشيء نحن في لحظات المرض مرّ مثلاً بلحظات كثيرة جداً من اسعادة و أكل و شرب و سافر و التهى و لعب ثم ياتيه مرض و يتألم في هذا المرض ينسى كلّ شيء لا يتذكر إلا ألم الضرس و لو كان ضرساً أو ألم الكسر إن كسرت رجله و هذه آلام لا تقارن بآلام الآخرة لا من قريب و ﻻ من بعيد ثم اسعادةأنت في لحظة واحدة بعد تعب طويل من الإعداد أنت تذاكر 5 سنوات و 7 و 8 و سنوات لتأخذ الدكتوراه في لحظة إعلان النتيجة بأخذك الدكتوراه تنسى القضية و كل التعب و أنت في قمة السعادة و ضاعت كل الآلام ما يالك إذا نودي هذا العيديدخل الجنة ما شعورنا في هذه اللحظة و يدخل الجنة مع الرسول صلى الله عليه و سلم و يشرب من يده و يأكل انتهت القضية أغلقت ملفات الحكام و الظلمة و كذا إذا كبرت هذه في عين العالم صغرت في عينه مقاليد الحكام و السلاطين و الظلمة والطواغيت و الفراعين و أحصي في

كل مراحل التاريخ .

إذاً يكون بيت القصيد في القضية أن نعلي في عين العالم قدر الله عز و جل و ما سيعطيه الله ربنا عز و جل في الآخرة عندها تهون هذه المحن ، لما أرى العز بن عبد السلام و هو اسمه لا بد ان نكرره كثيراً و لا بد ان نعطيه حقه هذا العالم لما يقف في دمشق و يجد ان الصالح اسماعيل و كان أخو نحجم الدين أيوب لكن شتان بينالشرق و الغرب و أين الثرى من الثريا فكان فاسق و فاجر و كان يبيع السلاح للصليبيين في زمن الحرب مع المسلمين يعلم ان هذا السلاح سيستخدم ضد المسلمين فقام العز بن عبد السلام و كان قاضياً و خطيباً في دمشق و في المسجد الأموي و قام يخطب في الناس و يقول أن هذا البيع حرام و أن أياً من الشعب يبيع السلام للصليبيين يصدر قانون يخالف به قانون الدولة و يخالف به القانون الوضعي الّذي يخالف قانون رب العالمين سبحانه و تعالى ما تردد في هذا الأمر و ساوموه و عزله عن منصبه و سجنه في دمش قبل أن يذهب إلى القدس ثم بعد ذلك رسائله القيمة التي يرسلها للشعب من داخل السجن أن هذه الرسائل تفعل مفعولاً أكبر بكثير ممن تقلد المناصب و

الأوضاع الحكومية الكبيرة ضج منه الصالح اسماعيل فأرسله إلى القدس نفياً و حبسه في القدس و مرت الأيام و ذهب الصالح اسماعيل للقدس و كان إلى جانب خيمة المحبوس الّذي يظن أنه في أزمة فكان يقوم الليل و يقرا القرآن بصوتٍ عالٍ سمعه ملك الفرنجة قال من هذا قال هذا عالم سجنته قال لو كان عندنا لغسلنا قدميه و شربنا ماءها انظر إلى هذا الذل الذي كتبه الله على الصالح اسماعيل و هو يسمع هذه الكلمات من ملك الفرنجة من هذا الخشوع و لا يفهم العربية لكن استمع قال :

(( لو كان عندنا لغسلنا قدميه و شربنا ماءها ))

ثم ذهب رجل من طرف المالك الصالح اسماعيل إلى العز بن عبد السلام فقال : إنه على استعداد في نظير ان تقبل يده .

قال : يا غلام انتم في واد و نحن في واد و الله ما أقبل أن يقبل يدي . . . !

انظر إلى العز بن عبد السلام ينظر بهذا الشموخ و هو في السجن مكانته كعالم و حامل للواء الإسلام و خليفة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و كوارث للأنبياء العلماء العلماء ورثة الأنبياء فهذا الوضع

د. صلاح : ها موقف الحقيقة أقول انظر الآن في القرن 21 نتكلم عن العز بن عد السلام و أن كتبت عنه في كتابك عن غزو التتار و فصلت في هذه القصة أخونا علي الصلابي في فقهاء النهوض تكلم عنه كلاماً رائعاً و الأستاذ الطباع لما حقق كتاب شجرة المعارف و الأحوال و صالح الأقوال و الأعمال للعز بن عبد السلام أينما تذهب تجد العز بن عبد السلام أي حسنات يأخذها !! و هل كل أم و كل أب يحلم ان يحمل هذا الاسم سلطان العلماء و أن يقول كلمة الحق و يبتلى و يخرج من السجن على يد المالك الصالح النجم الدين و يبدأ يمارس بيع الخمر و يربي علماء مثل القرافي و غيره ألا يحلم كل واحد فينا أن يكون كسلطان العلماء العز بن عبد السلام هذا النموذج ، إنما كم قرء و كتب علماء و أخذوا شهادات و مضوا لا يذكرهم أحد على الإطلاق .

لما نذكر هذا الابتلاء و انظر إلى سيدنا خبيب لما قالوا له سنقطع جسدك و . . . يقول هذه الكملة أتمنى لو يتربى عليها كل عالم :

و لست أبالي حينما أقتل مسلماً

على أي جنب كان في الله مصرعي

و ذلك في ذات الإله و إن

يشأ يبارك على أشلائي شلو ممزع

كلمات شيخنا العلامة القرضاوي في سجون عبد الناصر :

ضع في يدي القيد ألهب أضلعي

ضع عنقي على السكين

لن تستطيع حصار فكري ساعة

أو نزع إيماني و نور يفيني

فالنور بقلبي و قلبي بين يدي ربي

و ربي ناصري و معيني



د. راغب : أعتقد أن هذا أفضل ختام لحلقتنا و حضرتك إن خضت في بحور الشعر فأنت الفارس الّذي لا يبارى أسأل الله أن يجعلك من العلماء الربانيين و أن يفتح على يدك قلوب العالمين و إلى لقاء جديد مع صفة جديدة من صفات العلماء الربانيين .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

* * *