الحقوق محفوظة لأصحابها

راغب السرجاني
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره إنه من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً عبده و رسوله أما بعد فأهلاً و مرحباً بكم في هذا اللقاء المبارك و أسأل الله عز و جل أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين ،

أما بعد :

مع الحلقة 8 من خط الزمن و مازلنا مع قصة فلسطين :

تكلمنا عن سيطرة الرومان على ارض فلسطين و شفنا ظهور عيسى عليه السلام و ما فعله اليهود مع عيسى عليه السلام ثم ما فعله اليهود مع أتباع عيسى عليه السلام و القهر المستمرة لقتل عيسى عليه السلام بل أوعزوا إليهم لقتل عيسى عليه السلام لكن رفعه ربنا سبعانه و تعالى :

(( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ))

( النساء / 157 )

رأينا المجزرتين التي عملها الرومان مع اليهود مجزرة تيتوس سنة 70 م و مجزرة هيدريان أو إيليا هيدريان سنة 130 م و قضى بها على الوجود اليهودي تماماً في أرض فلسطين و أصبح الّذي يعيش في أرض فلسطين إما من الرومان الوثنيين و إما من النصارى المختفين نظراً للبطش الشديد للرومان بالنصارى طوال فترة وجود النصارى .

طبعاً تقدم النصرانية كان في غاية البطأ في الدنيا كلها هذه الفترة و كان ديناً غير معروف عند الكثير من الناس و كانت القضية كلها قضية رسائل ترسل من شخص لآخر و لم يكن هناك كتاب مجمع اسمه الإنجيل و لم يكتب الإنجيل إلا بعد حوالي 200 سنة من رفع عيسى عليه السلام و بقي الوضع كما ترون كذلك مدّة طويلة جدا من الزمن إلى سنة 324 م عندما حدث حدثٌ غيّر أحداث الدنيا بكاملها و غير طبيعة الدنيا في ذلك الوقت و هو تنصّر الامبراطور الروماني قسطنطين .

قسطنطين أحد أشهر القياصرة الرومانيين مطلقاً و كان يعيش في روما و يحكم الدولة الرومانية الواسعة اﻷملاك التي كانت تملك كل الدول التي حول البحر اﻷبيض المتوسط لدرجة أن البحر اﻷبيض المتوسط عبارة عن بحيرة داخل الدولة الرومانية و لذلك عرف ببحر الروم كما هو مشهور في كل الكتابات القديمة بحر الروم كانت السيطرة على منطقة إيطاليا و فرنسا و المانيا و كل شرق أورببا بكاملها و سيطر على ساحل الشام بكامله سوريا و اﻷردن و فلسطين و لبنان سيطر على مصر و ليبيا و على تونس و المغرب و الجزائر يعني سبحان الله دولة واسعة اﻷرجاء بشكل رهيب في ذلك الوقت تنصّر قسطنطين سنة 324 م بعد تنصّر والدته يعني والدته تنصّرت في البداية ثم تنصّر هو بعد ذلك و من ثمّ جعل الديانة النصرانية هي الدين الرسمي للدولة الرومانية و هذا بداية الانتشار السريع للنصرانية في الدنيا سنة 324 م و طبعاً هذا أيضاً بداية دخول الكثير من اﻷشياء الكثيرة جداً من الوثنية الرومانية داخل الديانة النصرانية ﻷن قسطنطين أسلم كل ميراث الدولة الرومانية بكل الخرافات التي كانت موجودة في الدولة الرومانية باﻵلهة المتعددة في الدولة الرومانية و بتجسيم الآلهة في الدولة الرومانية و بكون الآلهة يتوالدون و يتزاوجون في الدولة الرومانية هذه معتقدات الوثنية التي عاشوا عليها قرونا طو يلة فنقل أجزاء كثيرة جداً من هذه اﻷشياء إلى الديانة النصرانية انتشرت في أوربا و منها إلى لعالم بكانمله كانت بهذه الصورة المحرفة التي تعلمون الامبراطور قسطنطين لما تنصر و جعل ديانته ديانة الدولة بكاملها و بدأت تنتشر النصرانية في أملاك الدولة الرومانية و منها فلسطين و في هذه الآونة تنصر أهل فلسطين بكاملهم في سنة 324 م كما قلنا و سيستمر معنا أكثر من 300 سنة إلى أن يبعث نبينا و حبيبنا محد صلى الله عليه و سلم.

طول هذه الفترة أصبحت فترة نصرانية فلسطين و ليست فترة ميلاد عيسى عليه السلام و ال300 سنة التي تبعتها كل تلك الفترة لم يتنصر من أهل فلسطين إلا القليل القليل لكن دخول فلسطين حقيقة في النصرانية كان بعد تنصّر الإمبراطور المشهور قسطنطين طبعاً قسطنطين هو من بنى مدينة القسطنطينية التي هي أصبحت عاصمة الدولة البيزنطية المشهورة التي هي الآن اسطنبول في تركيا نسأل الله أن يعزّها بالإسلام هو من بنى مدينة القسطنطينية و أمه زارت فلسطين و هي التي بنت كنائس كثيرة في أرض فلسطين ﻷنها كانت يعني دخلت في النصرانية حديثاً و تريد أن تقدم كل ما تستطيع لخدمة هذا الدين الجديد فبنت كنيسة القيامة و كنيسة القيامة مشهورة في القدس و هي التي يدّعون أن بعد يعني قتل عيسى عليه السلام و حاشاه من هذه التهمة برأه ربنا سبحانه و تعالى و قال :

(( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ))

( النساء / 157 )

ادّعوا عليه أنه قتل و أنه مات ثلاثة أيام ثم قام من مكانه في مكان معين محدد في أرض فلسطين و عند هذا المكان الّذي قام فيه عيسى عليه السلام بنوا كنيسة القيامة أي قيام عيسى بعد مقتله بثلاثة أيام و نحن نتساءل حال الدنيا كيف كان إن كان الإله غاب عنها ثلاثة أيام !!!

حتى في المعتقدات البيزنطية الرومانية يقولون أن لديهم الزلازل تحصل لما الإله عندهم في معتقداتهم تأخذه سنة من النوم . . . لكن تخيل أن يغيب تماماً عن الدنيا يموت عن الدنيا كلها يعني هذه الثلاثة أيام !!!!هذا شيء لم يأتي به اﻷولون و لا الآخرون للأسف الشديد .

فيقولون أن هذا المكان أنشأت فيه أم قسطنطين كان اسمها هيلاما أنشأت فيه كنيسة القيامة و أنشأت أيضاً كنيسة المهد في بيت لحم و أنشأت كنيسة البشارة في الناصرة حيث ترعرع و نشأ عيسى عليه السلام يعني أصبح الجو العام في داخل فلسطين نصراناياً و سبحان الله لم يقربوا من المسجد اﻷقصى المسجد اﻷقصى المكان الّذي عبد فيه ربنا سبحاه و تعالى كل هذه السنوات الطويلة و القرون الطويلةا لسابقة و عبد عيسى عليه السلام ربنا سبحانه و تعلى فيه و عبد موسى عليه السلام و عبد يوشع عليه السلام الّّذي هو أول أنبياء بني إسرائيل الّّذين دخلوا أرض فلسطين عبد ربنا فيه و كذلك داوود و سليمان عليهما السلام عبدا الله فيه لم يقتربوا منه و نحمد الله أنهم لم يقتربوا و إلا كان تحول إلى كنيسة و كان يصعب بعد ذلك على المسلمين أن يحولوه إلى مسجد لكن هذا تقدير رب العالمين سبحانه و تعالى.

استمر العهد النصراني في فلسطين حوالي 312 سنة إلى دخول الفتح الإسلام إلى ﻷرض فلسطين لكن أريد أن أقف قليلاً هي تعتبر استطراداً لكن شيء مهم في قصة النصرانية أن بعد قسطنطين ما تنصر في 324 م و و جد أنه يوجد 50 أو أكثر من اﻷناجيل و ما لا يحصى من الرسائل التي ذكرت فيها آيات يقال أنها من الآيات التي أوحي بها إلى عيسى عليه السلام أو قالها عيسى عليه السلام ، أمر قسطنطين بعمل مؤتمر يجمع فيه النصارى من كل العالم و يخرج منه بإنجيل يستطيعون أن يعبدوا الله به و عملوا فعلاً مؤتمر ميقية هذه مدينة موجودة في تركيا الآن و جمعوا فيه أكثر من 300 أو 400 على اختلاف الروايات بعضهم يصل إلى 500 من أساقفة و قساوسة العالم و بدؤوا يقولوا من هو الإنجيل الّذي يجب أن يتبع و كل منهم أخرج ما معه أكثر من 50 إنجيل و رسائل كثيرة من هذه اﻷناجيل انتخبوا اربعة أناجيل إنجيل متى و إنجيل مرقص و إنجيل لوقا و إنجيل يوحنا و طبعاً يوجد الكثيرمن اﻷناجيل اﻷخرى المعروفة لم تختر في مجمع هذا و بالتالي قالوا هذه هي اﻷناجيل التي ستتبع و طبعاً هناك تضارب كيبر جدا بعضها البعض بل هناك تضارب كبير داخل الإنجيل الواحد المعلومات في أول الإنجيل هذه كتابة بشرية سجلت بعد عيسى عليه السلام كما قلنا بعشرات السنين و بل بمئات السنوات و كنا قلنا قبل ذلك أن التوراة سجلت بعد وفاة موسى عليه السلام الّذي أنزلت عليه السلام سجلت بعد وفاته ب700 سنة أو أكثر و أخذوا يكتبوا بها 400 سنة فانظر إلى مدى التحريف الشديد الّذي تعرض له العهد القديم الّذي هو التوراة و الّذي تعرض له العهد الجديد الّذي هو الإنجيل .

المهم هذا الوضع استمر كما قلنا فترة طويلة من الزمن المهم في 395 م أن نعرف أن الدولة الرومانية انقسمت إلى شرقيةو غربية طول قصتنا نتكلم عن الدولة الرومانية ككيان واحد يحيط بالبحر اﻷبيض المتوسط كيان دولة واحدة في سنة 395 م انقسمت الدولة الرومانة إلى شرقية و غربية أصبحت الشرقية عاصمتها القسطنطينية و الغربية عاصمتا روما الدولة الرومانية الغربية و الدولة الرومانية الشرقية و حصل في سنة 476 م تقريباً قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه و سلم بمائة سنة تقريباً حصل سقوط الدولة الرومانية الغربية تماماً و بذلك آلت أملاكها بكاملها إلى الدولة الرومانية الشرقية التي عاصمتها القسطنطينية هي التي تشرف إشرافاً مباشراً على فلسطين و ما حولها من أراضي الشام .

يبقى حكم الدولة البيزنطية الشرقية لفلسطين بدأ من سنة سنة 476 و بقي موجود معها فترة من الزمن قبل البعثة النبوية تقريباً بحوالي 160 سنة طبعاً الرسول عليه الصلاةو السلام ولد بعد ذلك بمائة سنة و بعث بعد ميلاده بأربعين سنة كما تعرفون بقيت أرض فلسطين مع كونها تحت السيطرة الرومانية محل صراع بين الفرس و الرومان و من هذا الصراع ما حدث في 614 م يعني في زمن البعثة النبوية و و انتصر فيه الفرس و أخذوا أرض فلسطين من الرومان و هو ما ذكره ربنا سبحانه و تعالى في كتابه الكريم عندما قال :

((غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ))

( الروم 2-3-4 )

غلبت الروم و هذه الهزيمة التي تعرض لها الروم كان لها وقع على مكة و على المؤمنين و على المشركين ترى ماذا حدث في هذا اﻷمر هذا ما سنعرفه بإذن الله بعد الفاصل فابقوا معنا

* * *

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله نعود ثانية كنا نقول قبل الفاصل أن فلسطين تنصّرت و أنه بقي الوضع فيها حوالي 312 قبل الإسلام أرض فلسطين و مر بنا السيطرة الرومانية الكاملة على أرض فلسطين سواء كانت السيطرة الرومانية للدولة اﻷم قبل أن تنقسم ثم السيطرة للدولةالرومانية الغربية ثم السيطرة للدولة الرومانية الشرقية منذ 476 م قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه و سلم بمائة سنة تقريباً و قلنا أنه حصل انتصار للفرس على الرومان الّذي ذكره ربنا سبحانه و تعالى على الروم انتصار سنةة 614 م تريباً في فترة مكة المكرمة و حصل بعده بسبع إلى تسع سنوات على اختلاف الروايات نصر مرة أخرى للرومان و كما ذكر ربنا سبحانه و تعالى :

((غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ))

( الروم 2-3-4 )

انتصر الرومان مرة ثانية و استعادوا السيطرة على أرض فلسطين أرى أن تفصيلات هذا الموضوع نتركها أفضل بعد أن نتكلم على رسولنا صلى الله عليه و سلم و مبعث رسولنا صلى الله عليه و سلم و علاقة رسولنا صلى الله عليه و سلم بأرض فلسطين

نقول أن رسولنا صلى الله عليه و سلم ولد تقريباً في 575 م و أرض فلسطين كانت تحت الحكم الروماني و بعث رسولنا صلى الله عليه و سلم سنة 609م تقريباً و طبعاًَ بعث بدعوة التوحيد و هذا كان شيء مستغرب جداً في اﻷرض بكاملها حتى مستغرب في ارض فلسطين و مستغرب عند النصارى و اليهود و عند عامة الدنيا بكاملها إلا عند قليل جداً جداً من علماء بني إسرائيل و من علماء النصرانيين الّذي كان بأن ربّنا سبحانه و تعالى واحد و يجب أن نتوجه إليه بالعبودية كاملة و يعترف أنه هناك نبي سيبعث في هذا الزمن و كانوا يعرفونه بصفاته و آياته صلى الله عليه و سلم الوضع كان شديد التدهور في العالم بكامله و صور رسولنا صلى الله عليه و سلم ذلك بكلمات قليلة رائعة و أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه و سلم فقال :

(( إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ))

الراوي: عياض بن حمار المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 18/292

خلاصة حكم المحدث: صحيح



إلا عدد قليل جداً الكلمة بقايا تحفة أثرية أي لا يوجد مجتمعات يوجد فرد اثنين ثلاثة أو عشرة مبعثرين في الدنيا يعبدون الله عز و جل أما بقية العالم فوصلوا إلى درجة من الوثنية و الكفر و الإلحاد و البعد عن الجادة إلى الدرجة التي مقتهم فيها ربنا سبحانه و تعالى مقتهم أي كرههم بشدة المقت هو شدة الكراهية .

هذا كان الوضع في الدنيا كلها و لعل قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه و أرضاه و تنقله في أرض فارس بحثاً عن الحقيقة في أكثر من مدينة كان ينتقل من مدينة إلى مدينة فيجد رجلاً واحداً على الحق رجل موجود في الشام رجل في عمورية رجل موجود في نصيبين إلى أن أخبر بأن هذا الزمن سيظهر فيه نبي آخر الزمان فسعى إلى الانتقال إلى مكانه جاء إلى المدينة المنورة كما نعلم من القصة الشاهد من هذه القصة أن الّذي كان يعبد ربنا سبحانه و تعالى حق العبادة في الدنيا بكاملها كانوا أفراداً معدودين نستطيع أن نذكرهم بأسمائهم في أماكن معينة من الدنيا .

بعث رسولنا صلى الله عليه و سلم بدعوة التوحيد كما بعث قبل ذلك اﻷنبياء بنفس الدعوة و منهج اﻷنبياء جميعاً واحد منذ آدم عليه السلام و إلى نبينا محمد صلى الله عليه و سلم و ذاق العنت الشديد في أرض مكة المكرمة كما نعلم جميعاً اضطهد اضطهاداً شديداً جداً داخل مكة على مدار 13 سنة متتالية إلى أن جاءت البعثة النبوية لكن في وقفة طبعاً نحن في هذه الحلقات بصدد شرح قصة رسولنا صلى الله عليه و سلم أو حياته أو أي نوع من القصص هارج أرض فلسطين إلا أننا نذكر فقط ماله علاقة بأرض فلسطين حتى لو كان تم في خارج أرض فلسطين المباركة لكن له علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالقصة و طبعاً حتى ما نذكره مما له علاقة بفلسطين فنذكر فقط نوع من الفتح للصفحات لكن التفصيلات تحتاج إلى حلقات كثيرة جداً و نسأل الله عز وز جل أن يوفقنا للخير كله .

فنقول علاقة رسولنا صلى الله عليه و سلم بأرض فلسطين تخيلوا من أوائل البعثة النبوية و رسولنا صلى الله عليه و سلم مربوط بقضية فلسطين أمر غريب جداً من أول أيام الدعوة الإسلامية و المسلمون يصلون تجاه بيت المقدس تجاه المسجد اﻷقصى هذا أمر غريب جداً يعني الصلاة من أوائل اﻷشياء التي فرضت على المسلمين قبل أن يجهر رسولنا صلى الله عليه و سلم بالدعوة في مكة المكرمة و هم يصلون و في بعض الروايات تذكر أن بعض المشركين كانوا يشاهدونهم صلاة عجيبة ليست كالتي يصليها أهل الشرك فكانوا يسألون فقالوا يزعم انه يأتيه الرؤيا أو الوحي من السماء لكن لم يجهر بعد رسولنا صلى الله عليه و سلم بالرسالة و هم يصلون إلى أين يصلون يصلون و هم في مكة المكرمةو هم في بلد الكعبة يصلون إلى المسجد اﻷقصى في أرض فلسطين و هذا فعلاً عجيب من عدة وجوه :

- أولاً : عجيب ﻷن الكعبة أعلى قدراً يعني أنا بجانبي الكعبة بذاتها لماذا يأذن أو يأمر ربنا سبحانهو تعالى بالتوجه إلى المسجد اﻷقصى و كلنا يعلم أنه أقل في المنزلة على عظم قدره من الكعبة لكن يامر بنا سبحانه و تعالى أن نتوجه إلى المسجد اﻷصى هذا ما يجعلنا نستغرب .

- ثانياً : و اﻷمر الآخر أن عامّة الناس لا تعرف المسجد اﻷقصى داخل مكة المكرمة و الجزيرة العربية لما يأتي أحدهم يسألهم عن هذا الدين يقولون له نحن نصلي صلاة إلى أي مكان نتجه في الصلاة نتجه للمسجد الأقصى لماذا المسجد اﻷقصى و هذا السؤال يمكن أن يأتي على أذهان ناس كثر لو قلنا الكعبة لن يسأل أحد ﻷن الكعبة معظومةو مشرفة داخل مكة و الجزيرة العربية بكاملها لكن لما نقول المسجد اﻷقصى هذا يكون مثار سؤال و بالتالي مكان استغراب عند الناس و خاصة أن المسجد اﻷقصى في ذلك الوقت كان أنقاضاً نعم كان موجوداً و لما أسري رسولنا صلى الله عليه و سلم إلى المسجد اﻷقصى رأى بناء معين و كان يستطيع أن يصف هذا البناء لكن كان خراب كان متروك من أيام طويلة لم يعمر و لما جاء الدين النصراني لم يهتموا بالمسجد اﻷقى لكن اهتموا بالكنائس الموجودة في القدس و ما حولها من مدن .

- ثالثاً : أيضاً من اﻷمور الغريبة أن ربنا سبحانه و تعالى يعلم أن القبلة اﻷخيرة للمسلمين ستكون الكعبة الحرام في مكة المكرمة فلماذا هذه الفترة الإنتقالية لماذا يتوجه المسلمون فترة من الزمن إلى أرض فلسطين أو إلى المسجد اﻷقصى ثمّ بعد ذلك ينتقلون إلى القبلة اﻷبدية التي ستكون معهم بقية حياة رسولنا صلى الله عليه و سلم و بقية حياة الدنيا بكاملها إلى يوم القيامة هي الكعبة هي القبلة الوحيدة للمسلمين فلماذا هذه الفترة الانتقالية يا أخوانا هذا توجيه من رب العالمي سبحانه و تعالى بالصلاة تجاه المسجد اﻷقصى كان يحمل معاني كبيرة جداً أختر لكم معنيين في غاية اﻷهمية :

- المعنى اﻷول :

أن دعوة هذا النبي الخاتم صلى الله عليه و سلم هي استكمال لدعوة من سبقه من اﻷنبياء نفس التوجه نفس العبادة نفس الرب الّذي نتوجه إليه بالعبادة نفس التوحيد لرب العالمين سبحانه و تعالى و مهبط الوحي بالنسبة لعامة اﻷنبياء قبل رسولنا صلى الله عليه و سلم كانت أرض فلسطين فبهذا التوجه إلى أرض فلسطين ينقل ربنا سبحانه و تعالى العالم بكامله نقلة هائلة إلى تصوّر واحد جميع اﻷنبياء يتوجهون إلى مكان واحد و يعبدون ربا واحداً و بشريعة تأتي حسب اختلاف الزمان لكن كلها تتوجه إلى عبادة الإله الواحد رب العالمين سبحانه و تعلى رب سليمان و رب داوود و رب موسى و يوشع عليهم السلام رب عيسى عليه السلام و رب كل من عاش في هذه اﻷرض و بعث في هذه اﻷرض المباركة أرض فلسطين و ما أكثر اﻷنبياء الّذين عاشوا فيها هذا المعنى اﻷول و هو معنى في غاية اﻷهمية و فيه من التبجيل و التوقير و التعظيم لعامة أنبياء الله توجه لذات المكان و لا نقول أن ديننا قد نقض اﻷديان اﻷخرى أو نقلل من شأن هؤلاء بالعكس نرفع من قدرهم و نجعل ركناً رئيسياً من أركان إيماننا أن نؤمن بهؤلاء اﻷأنبياء الكرام .

- المعنى الثاني :

المهم جداً إعلاء قيمة فلسطين و إعلاء قيمة المسجد اﻷقصى و القدس في عيون كل المسلمين لما فترة من الزمن عدد من توجه إلى المسجد اﻷقصى بالصلاة بقينا 15 سنة متتالية يالله هذا رقم ضخم جداً من سنة البعثة اﻷولى لما بعث رسولنا صلى الله عليه و سلم طول فترة مكة المكرمة 13 سنة و نحن نصلي تجاه المسجد اﻷقصى حتى رسولنا صلى الله عليه و سلم كانت تتوق نفسه إلى الصلاة للكعبة و هي أكثر عظمة و أعلى قدراً فكان يتمنى أن يصلي للكعبة فكان يقف و يجعل الكعبة بينه و بين فلسطين أنتم تعرفون أن فلسطين في شمال مكة المكرمة فإن وقف رسولنا صلى الله عليه و سلم و جعل الكعبة باتجاه الشمال سيكون متوجه للكعبة و أيضاً إلى فلسطين للمسجد اﻷقصى فكان يقوم بذلك دون أن يخالف وجهة الضصلاة إلى المسجد اﻷقصى طول فترة مكة المكرمة و حتى بعد أن هاجر إلى المدينة المنورة بقي 17 شهر كاملاً يصلي تجاه المسجد اﻷقصى إلى أن حدث تغيير القبلة في 15 شعبان سنة 2 هجرية طبعاً لما ذهب للمدينة المنورة أصبحت مكة جنوب المدينة المنورة و القدس في الشمال فبقي 17 شهر متصلاً يصلي للمسجد اﻷقصى و الكعبة في ظهره كل هذا تركيز كبير جداً ﻷذهان المسلمين أنّ المسجد اﻷقصى و أرض فلسطين في غاية اﻷهمية بالنسبة للمسلمين و حتى بعد ما حولت القبلة إلى الكعبة من المسجد اﻷقصى لم يقلّ اهتمام رسولنا صلى الله عليه و سلم بالمسجد اﻷقصى بل كان دائم الربط بيه و بين الكعبة الحرام و كلنا نعرف الحديث المشهور :

(( لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، ومسجد الحرام ومسجد الأقصى ))

الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1397

خلاصة حكم المحدث: صحيح

فبجملة واحدة قصيرة أوتي جوامع الكلم رسولنا صلى الله عليه و سلم ربط بين الثلاثة المساجد الكبرى و أريدكم الآن ان تتخيل أن أحدهم احت المسجد النبوي ماذا سيكون شعورك المفروض أن يكون ذات الشعور إذا احتل المسجد اﻷقصى رسولنا صلى الله عليه و سلم ربط بين الثلاثة و قال في حديثٍ آخر :

(( صلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة، و صلاة في مسجدي ألف صلاة، و في بيت المقدس خمسمائة صلاة ))

الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 5109

خلاصة حكم المحدث: حسن

يعني أنه ليست الصلاة 27 أو 25 صلاة كأي مسجد في الدنيا بل هو مسجد له خصوصية خاصة جداً هذه الخصوصية يا أخواني ليست للمسجد اﻷقصى و لكن لعامة أرض فلسطين و لعامة شعب فلسطين و لعامة من أحاط بفلسطين من اﻷراضي التي حولها من الشام من اﻷردن و سوريا و فلسطين و لهذا أدلة كثيرة لكن أشعر أن الوقت قد طال بنا فأؤجله للحقة القادمة بإذن الله

نسأل الله عز و جل ان يعزّ الإسلام و المسلمين

و نسأل الله أن يفقهنا بسننه و أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك و القادر عليه

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

* * *