الحقوق محفوظة لأصحابها

راغب السرجاني
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نعوذ بالله و من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده ﻻ شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله

أما بعد :

فأهلاً و مرحباً بكم في هذا اللقاء المبارك و نسأل الله عز و جل أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين .

مع الحلقة السابعة و مازلنا مع قصة فلسطين :

في الحلقة الفائتة و التي قبلها رأينا هجوم القوى العظمى في العالم على فلسطين طمع معظم القوى الموجودة على الساحة في هذه اﻷرض المباركة و جاؤوها من أقصى اﻷماكن رأينا قصة دخول الفرس إلى أرض فلسطين و شفنا دخول الإغريق إلى أرض فلسطين بقيادة الإسكندر المقدوني القائد المشهور ، و طبعاً كلّ فترة لها نهاية انتهت فترة حكم الإغريق سنة 63 ق.م بدخول الدولة الرومانية العظمى .

طبعاً الدولة الرومانية كانت اكبر دولة في العالم في ذلك الوقت و كانت تتنافس مع مملكة فارس السيطرة على العالم آنذاك و طبعاً هذا الكلام أو الصدام الّذي كان بين الفرس و الروم و التقاتل على اماكن الصراع المختلفة كان هذا عدة قرون متوالية وراء بعضها فأصبحت ساحة الصراع في ذلك الوقت أرض فلسطين و جاء أحد القادة الرومان الكبار و كان اسمه بومبي و دخل أرض فلسطين سنة 53ق.م و استطاع السيطرة على أرض فلسطين و استطاع إخراج الإغريق و لما دخل القائد بومبي قضى على الحكم الذاتي الّذي كان اليهود حاصلين عليه من أيام قورش الفارسي و الّذي قلنا من قبل أنه أعطى لليهود حكم ذاتي على مساحة صغيرة جداً من اﻷرض جانب القدس و هذه اﻷرض استمرت معهم فترة نم الزمن حتى بعد دخول الاسكندر المقدوني لم يمس اليهود فبقوا في هذه المساحة الصغيرة لكن عند دخول بومبي أو الدولة الرومانية الوثنية لم تقبل بهذا الوضع و لغت هذا الحكم الذاتي و بالتالي عاش اليهود في فلسطين بدون أي نوع من الحكم الذاتي لهم .

في سنة 37ق.م دخل في اليهودية أحد الزعماء الرومان الّذي اسمه هيرودس و هذا الزعيم كان ظالماً و فاسداً و شديد البطش بسكان فلسطين بما فيهم اليهود مع أنه تهود و أصبح يهودياً لكنه كان مكروهاً من الجميع حتى من اليهود أنفسهم و كان فاسداً كثيراً لكن من ضمن اﻷعمال المشهورة التي قام بها أنه جدد الهيكل أو بناء المسجد اﻷقصى و كبر الحجم و زاد فيه بعض اﻷعمدة و ما إلى ذلك من إعدادات و تجهيزات و اشتهرت هذه التجهيزات باسمه و هذا الرجل الّذي هو هيرودس عاصره يحيى عليه السلام و عاصره كذلك زكريا عليه السلام و عاصرته السيدة مريم عليها السلام و ولد في آخر عهده السيد المسيح عليه السلام .

هيرودس كما قلنا كان ظالماً جداً في أواخر حياته أراد ان يتزوج من ابنة اخته كما نعرف أنه تحول إلى اليهودية و هذا حرام زواج المحارم في الدين اليهودي فاعترض على زواجه يحيى عليه السلام فقام هيرودس بقتله و اعترض عليه زكريا عليه السلام فقام بنشره كما تقول الروايات اليهودية هذا طبعاً شيء متكرر في تاريخ اليهود طبعاً لم يكن أصله يهودي لكن معظم اليهود لم يكن أصلهم يهودي و ما رأيناه منهم هو هذا الظلم و هذا القهر و هذا القتل لﻷنبياء و يذكر ربنا سبحانه و تعالى ذلك في كتابه الكريم و يقول :

(( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ))

( آل عمران / 21 )

هذه كانت قصة هيرودس و في آخر عهد هيرودس ولد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام طبعاً كان ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام مفاجأة كبيرة جداً لعامة سكان فلسطين و شعرت سيدتنا مريم أنه في خطورة كبيرة على ابنها عيسى بن مريم فهربت به يقال إلى مصر و يقال إلى بلاد اخرى ثم عادت بعد ذلك كما يتبين من القصة .

الشاهد من ولادة سيدنا عيسى عليه السلام أنّ اﻷمر كان في منتهى البساطة و الوضوح لمن آمن بالله عز و جل و قدرته و حكمته لن السيدة مريم كما نعلم ولدت سيدنا عيسى بدون أب و استغرب ذلك الناس و اتهموها بالزنا :

((فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا *قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ))

( مريم / 29-30 )

نطق سيدنا عيسى عليه السلام و هو في المهد حدث أمام الجميع و هذه المعجزة ظاهرة تثبت ان الكلام الّذي قالته السيدة مريم هي صادقة فيه لكن اليهود في ذلك الوقت لم يصدقوا اﻷمر و اتهموا السيدة مريم عليه السلام بالزنا و اتهموها طبعاً مع واحد في التاريخ لديهم بيوسف النجار و هذا الشيوع لهذه الفكرة الفاحشة للأسف الشديد انتشرت في اليهود و انتشرت بعد ذلك في النصارى انفسهم حتى أنني سمعت بأذني في إذاعة البي بي سي استبيان قامت به الإذاعة في لندن من 3أو 4 سنوات مع قساوسة في انكلترا و القساوسة كلهم نصارى طبعاً على : هل تؤيد أو لا تؤيد ان السيدة مريم زنت أو لم تزني ؟ فقال أكثر من 60% ممن دخل في هذا الاستبيان أنهم يعتقدون أنها زنت -و حاشاها عليها السلام- ربنا سبحانه و تعالى يعظم من قدر مريم ابنة عران في كتابنا الكريم القرآن الكريم و يقول :

(( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ))

( التحريم / 12 )

و جعلها ربنا سبحانه و تعالى في كتابنا الكريم مضرباً للمثل لكل المؤمنين مع أنها نصرانية لكن أصبحت مضرباً للمثل لكل المؤمنين و قبلها ضرب المثل بآسية امرأة فرعون و هي يهودية على ملة موسى عليه السلام و مع ذلك جعلها ربنا سبحانه و تعالى مضرباً للمثل لكل المؤمنين و المؤمنات و هذه هي سماحة الإسلام و سعة اﻷفق عند المسلمين .

فحصل طبعاً هذا الاتهام الشنيع للسيدة مريم عليه السلام و طبعاً هربت بابنها خوفاً من بطش هيرودس لكن ما لبث هيرودس ان مات و عادت السيدة مريم عليها السلام بابنها الرضيع إلى أرض فلسطين و عاشت في منطقة الناصرة و لذلك يعرف سيدنا عيسى عليه السلام بعيسى الناصري أو يسوع الناصري في الروايات النصرانية و يعرف أصحابه بالنصارى و أغلب الظن أن النصارى نسبة إلى مدينة الناصرة التي عاش فيها و ترعرع سيدنا عيسى عليه السلام .

ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام كان في سنة 4ق.م نحن نقول أن الميلاد هو ميلاد سيدنا عيسى لكن اختلفوا في تحديد السنة و أصح اﻷوقال أنه ولد قبل الميعاد الّذي ذكروه في كتبهم و حتى اليوم الّذي ولد فيه عيسى عليه السلام فيه اخلاف كبير بين النصارى في تحديده و ترى نصارى الشرق يجعلون هذا اليوم في 7 يناير و الغرب في 32 ديسمبر حتى في هذا اﻷمر هم مختلفين عليه .

بدأ سيدنا عيسى يدعو في أرض فلسطين أرض فلسطين شهدت هذه المعجزة الكبرى شهدت ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام بدون أب و ربنا سبحانه و تعالى اجاب على هذه المعجزة بكلمات في منتهى الوضوح و البرهان اﻷكيد و الواضح في كتابه الكريم عندما قال :

(( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ))

( آل عمران / 59 )

الّذي يؤمن يقدرة رب العالمين سبحانه و تعالى يؤمن ببساطة أن الله سبحانه و تعالى قادر على أن يخلق سيدنا عيسى عليه السلام بدونن أب و التوراة و الإنجيل و الّذي يقرأ و يؤمن بالتوراة و الإنجيل يجد أن التوراة و الإنجيل تعترف أن الله عز و جل خلق آدم بدون أب أو ام أصلاً فكيف ينكرون أو يستصعبون أن يكون خلق عيسى عليه السلام بدون اب المهم أن سيدنا عيسى عليه السلام عاش يدعوا في أرض فلسطين و دعوته كانت موجهة لليهود في اﻷساس فهو نبي من أنبياء بني إسرائيل و كما ذكر ربنا سبحانه و تعالى أنه جاء لتخفيف اﻷعباء عن بني إسرائيل :

(( وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ))

( ( آل عمران / 50 )

مع ذلك و مع أنه جاء إليهم عليه السلام بالرحمةو بالتخفيف و برفع الكثير من التكاليف التي وضعها ربنا سبحانه و تعالى ﻷنهم شقوا على أنفسهم و خالفوا و عصوا فربنا سبحانه و تعالى عاقبهم في أكثر من مرة في تاريخهم فربنا يرفع هذه اﻷعباء إﻻ أنهم كرهوا سيدنا عيسى عليه السلام كرهاً شديداً أصبح سيدنا عيسى عليه السلام فتنة للعالمين يا أخواني و أخواتي ، لا يعتقد به الاعتقاد الصحيح إلا المسلمين فقط يعتقدون أنه رسول كريم من أولي العزم من الرسل لكن للأسف الشديد هناك من غالى في كرهه إلى درجة أن كفروه و سعوا إلى قتله و إلى صلبه :

(( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ))

( النساء / 157 )

و منهم من غالى جداً في حبه فرفعه فوق درجة العبودية و درجة النبوة و أعطاه صفة الإلاهية و أعطاه صفة أن يكون ابن إله أو ما إلى ذلك من أقوال تعلمونها .

سيدنا عيسى عليه السلام عاش فترة في أرض فلسطين يدعو إلى الله عز و جل عاش حوالي 33 سنة و في سنة 4 ق.م أو 3ق.م الميلاد أو نحو ذلك إلى سنة 30 م و في هذه اﻷثناء طبعاً كما نعلم جميعاً بشر بأنه سيأتي بعده نبي يكون آخر أنبياء الدنيا و خاتم اﻷنبياء و هو نبينا محمد صلى الله عليه و سلم :

(( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ))

( الصف / 6 )

صلى الله عليه و سلم

طبعاً اليهود طول القصة يكرهون سيدنا عيسى كراهية شديدة جداً و وشوا به إلى الحاكم الروماني طبعاً فلسطين لا تنسوا أنها تحت الحكم الروماني في ذلك الوقت و الحكم الروماني سيستمر تقريباً 700 سنة متصلة الحكم الرومان لفلسطين المباركة سيستمر 700سنة متصلة فوشوا به إلى الحاكم الروماني و طبعاً الحكام الروماني وثني و أحضروه و حاكموه و تخيلوا في المحاكمة وجد الحاكم الروماني أن اﻷقوال التي يدعيها اليهود على سيدنا عيسى عليه السلام ليست صحيحة و تحرج الحاكم الروماني في ذلك الوقت ان يقتل عيسى عليه السلام ، انظر هذا الوثني كان أرحم به من أولئك اليهود و لكن اجتمع اليهود و قاموا بشبه ثورة على مركز الحكم و قالوا للحاكم بصوت واحد اصلبه و دمه علينا و على أولادنا ماذا فعل الحاكم الروماني مع عيسى عليه السلام هذا ما سنعرفه بإذن الله بعد الفاصل فابقوا معنا .

* * *

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله تكلمنا قبل الفاصل عن ما فعله اليهود مع الحاكم الروماني بالضغط عليه ليقتل سيدنا عيسى عليه السلام و الحاكم الروماني كان اسمه حينها بيلاطس و نتيجة الثورة و كثرة عدد اليهود نسبياً إلى عدد النصارى الّذين آمنوا بسيدنا عيسى حال حياته الّذي كان عدداً قليلاً جداً فاضطر الحاكم أن يقوم بمحاولة قتل عيسى عليه السلام و جهز اﻷمر و المحكمة و جهز ما يصلب عليه عيسى عليه السلام لكن ربنا سبحانه و تعالى أدرك عيسى عليه السلام برحمته فرفعه ربنا سبحانه و تعالى و ألقى شبهه على أحد أتباعه أو حوارييه و بالتالي نجا عيسى عليه السلام من هذه المحاولة و هذه عقيدتنا يقول ربنا سبحانه و تعالى :

(( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ))

( النساء / 157 )

قتلوا هذا الشبيه و ظنوا أنهم قتلوا عيسى عليه السلام لكن الشاهد من الرواية أن بعض أصحاب سيدنا عيسى عليه السلام كانوا يرون و يعرفون و يدركون أن سيدنا عيسى عليه السلام رفع و لم يقتل أو يصلب و كيف يعتقدون بعد ذلك أنه سبحان الله هو إله و قد فتل و كيف كان حال اﻷرض بعد مقتل الإله هذا طبعاً لا نتخيله و لا نصدقه لكن هذا ما كانوا يعتقدونه للأسف الشديد بعد أن رفع سيدنا عيسى بدأت دعوة النصارى تسري في أرض فلسطين رويداً عن طريق أصحاب سيدنا عيسى عليه السلام و تعرضوا لاضطهاد شديد جداً من اليهود قبل أن يتعرضوا له من الرومان أو بالضغط و إقناع الرومان بتعذيب أصحاب سيدنا عيسى عليه السلام و تعرض للتعذيب أكبر أصحاب سيدنا عيسى عليه السلام بطرس و بولس و وجدوا معاناة شديدة و تعرضوا للجلد أكثر من مرة و اضطروا للخروج من أرض فلسطين و السعي في اﻷرض و منهم من وصل إلى أوربا أو إلى روما الّذي هو بولس و بدأ ينشر المسيحية في أوربا .

الكلام هذا يرينا طبيعة العلاقة بين اليهود و بين النصارى و لا بد أن ننتبه إلى بدايات قصة نشأة الدين النصراني و بدايات بعث عيسى عليه السلام و هناك حرب شديدة بين اليهود و النصرى و أكثر من يكره اليهود هم النصارى و أكثر من يكره النصارى هم اليهود :

(( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ))

(البقرة / 113 )

نحن ممكن نستغرب لنوع التوحد و العلاقة التي نراها الآن بين اليهود و النصارى لكن أنت لما تأخذ أحدا من النصارى إلى جانب أو أحد اليهود إلى الجانب و تتكلموا على الطائفة الثانية سيقول لك كلاماً كثيراً لا يقوله على وسائل الإعلام لكن الكراهية بينهم شديدة

لماذا هذا الاتحاد في المبادئ و الفكر و هذا التوحد بين اليهود و النصارى ؟ هو يكون ﻷسباب كثيرة جداً لعل من اهمها و أشهرها اتفاق المصالح في قضايا مختلفة كثيرة سواء كانت هذه المصالح سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو حتى مصالح دينية النصارى يعتقدون ان عيسى عليه السلام لن ينزل إلى اﻷرض إلا بعد أن تقام دولة لليود في أرض فلسطين هكذا في الإنجيل هم يساعدون اليهود على إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين تسريعاً لنزول عيسى عليه السلام هذه عقيدتهم مع أنهم يكرهون اليهود كما معلوم و معروف و اقرؤوا ما قاله المفكرون المسيحيون و رجال الدين و القساوسة و ما إلى ذلك على اليهود في خلال قرون متتالية لا أقول فقط في عهد عيسى عليه السلام أو بعد عيسى عليه السلام أو في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام لا بل في كل عهود أوربا حتى إلى 50 أو 60 سنة سابقة كانوا يكتبون كلاماً شديداً جداً على اليهود في بل حتى في مدنهم و حدائقهم و شوارعهم و يكتبون ممنوع عليه لأنه يهودي و طبعاً يطعنون في أصله و جنسه و ما إلى ذلك في أمور تعلمونها .

كما قلنا تعرض أصحاب عيسى عليه السلام إلى الإيذاء الشديد و هرب إلى أماكن مختلفة في العالم و بدؤوا ينشرون المسيحية هنا و هناك لكن مع اﻷسف الشديد و مع مرور الوقت تعرضت المسيحية لتحريفات كثيرة و ممن حرف المسيحية أولئك الّذين حملوا الرسالة من أولها فأول من ادعى أن عيسى إله و ليس رسول من رب العالمين كان بولاس الّذي نشر المسيحية بهذه الصورة و استخدم بعض المصطلحات الفلسفية الإغريقية فحصل نوع من التداخل بين هذه المصطلحات و الديانة النصرانية الحقة التي جاء بها عيسى عليه السلام نقية بيضاء في أول إتيانه بها .

في 64م قتل الإمبراطور الروماني المشهور نيرون قتل بولس و بطرس في روما و بذلك أنهى هذا الجيل اﻷول و بدات تظهر أجيال أخرى و بدؤوا يعلوما بعض النصرانية عن طريق رسائل إلى هذه اللحظة لم يكن هناك كتاب موجود اسمه الإنجيل لدى النصارى لكن كانت رسائل ترسل من قسيس إلى آخر أو من قسيس إلى أتباعه في بلد معين و هذه الرسائل بعد 200 سنة و أكثر من رفع عيسى عليه السلام بعد هذه السنوات الطويلة بدؤوا يكتبون الإنجيل و لم يكتب إنجيل واحد بل كتب 1و2و3و4و أكثر من 50 إنجيل كتبوا و طبعاً أسماء اﻷناجيل كثيرة جداً و معروفة كل هذا بقي موجوداً في الدنيا فترة طويلة من الزمن و سنتكلم عن آخر المطاف لما وصلوا إليه .

في سنة 70 م اليهود من كثر ضغطهم على الإمبراطور و على القائد الروماني ظنوا أنهم أصبح لهم مكانة معينة و بالتالي أن الإمبراطور أو القائد الروماني الموجود في فلسطين يسمع كلامهم في تعذيب النصارى و محاولة قتل عيسى علي السلام فطمع اليهود في ذلك و وحالوا أن يقوموا بثورة ليصلحوا من أوضاعهم و ليأخذوا الحكم الّذاتي الّذي كان لهم قبل دخول الرومان إلى أرض فلسطين فرد عليه الرومان رداً غليظاً شديداً عنيفاً من أعنف الردود في التاريخ عندما جاء القائد الروماني المشهور تيتوس سنة 70 م و حاصر القدس و قام بضرب اليهود بضربة تعد من أكبر الضربات التي وجهت إلى اليهود في التاريخ و لعلها أكبر هزيمة مذلة في التاريخ حيث حاصر تيتوس المدينة ثم أمر اليهود ان يقتل بعضهم بعضاً ، و سمع اليهود إلى هذه الكلمتا طمعاً في قليل حياة :

(( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ))

(البقرة / 96 )

و حصلت مجزرة شنيعة في أرض فلسطين و لم ينج منها إلا الشريد أي الناس التي كانت خارج القدس هي التي نجت من هذه المجزرة و قضي على عدد ضخم جداً من اليهود لكن بقى بقية اليهود داخل أرض فلسطين هنا و هناك بعد ان حدثت هذه المذبحة و قام تيتوس بتدمير المسجد اﻷقصى كما تقول الرواية اليهودية حتى لم يبقى فيه حجر على حجر

معظم اليهود بيعوا كعبيد و منهم من عاش في أرض فلسطين كعبد و منهم من نقل إلى أوربا و منهم من ألقي إلى الوحوش يتصارع مع الوحوش امام الزعماء الرومانيين ليتسلوا بهذه المشاهد طبعاً كانت وحشية بربرية شديدة شنيعة لدى الدولة الرومانية كان معها طول عهدها .

بعد هذه المجزرة بستين سنة في 130 م دخل أحد القواد الرومانيين و اشتم رائحة مؤامرة من اليهود أو بوادر ثورة من ناحية اليهود فقام بمجزرة ضخمة جداًو مسح في هذه المجزرة أورشليم القدس و أنشأ على أنقاضها مدينة اسمها على نسق اسمه اﻷول كان اسمه إلياهدريان و سميت المدينة بعد ذلك بإيلياء و لذلك كانت تعرف باسم إلياء عند الفتح اﻹسلامي و هو الاسم الّذي كتب في العهدة العمرية كما سيتبين لنا إن شاء الله .

فإيلياهدريان قضى تماماً على الوجود اليهودي و لم يستطع يعةدي واحد بعد هذه الحادثة أن يبقى في أرض فلسطين فغادر الجميع أرض فلسطين منهم من غادر إلى مصر و منهم إل الشمال و منهم من اتجه إلى الشرق في مناطق روسيا و تفرق اليهود بعد ذلك تماماً بعد هذه المجزرة و انتهى الوجود اليهودي من فلسطين و لسنوات طويلة جداً جداً ما استطاع اليهود أن يعيشوا في أرض فلسطين إلى أن جاء زماننا هذا الّذي نعيش فيه الآن .

نستطيع أن نقف و نحلل فترة اليهود نقول أن اليهود تواجدوا في فلسطين تقريباً 1350 سنة فإجمالي فترة معيشةاليهود داخل أرض فلسطين 1350 سنة كان منهم 418 سنة حكم و بقية السنوات يعيشون في أوضاع مذلة مهينة تحت الحكم الفارسي مرة و تحت الحكم الروماني مرة و تحت الحكم الإغريقي مرة أخرى لكن الفترة الوحيدة التي حكموا فيها أرض فلسطين انت 418 منها 80 سنة إيمانية تحت حكم داوود عليه السلامو سليمان عليه السلامو منها 380 سنة التي هي فترة حكم مملكة إسرائيل ةو يهوذا و كلها كانت فترة فساد و ظلم و إباحية و عبادة و إباحية و تقريب لآلهة غير رب العالمين سبحانه و تعالى طبعاً تاريخ أسود طويل من الظلم و الربا و قتل اﻷنبياء و الفواحش و التعدي على حرمات الآخرين و يعني توجوه في آخر حياتهم كما رأينا بمحاولة قتل عيسى عليه السلام نبي عظيم من أولي العزم من الرسل يا ترى ما هو الوضع بعد خروج اليهود تماماً من أرض فلسطين و مالوضع تحت حكم الدولة الروماني و هل ستستمر الدولة الرومانية وثنية دائماً و بدايات ظهور الإسلام .

هذا ما سنعرفه بإذن الله في الحلقة القادمة أسأل اللله عز و جل أن يفقهنا في سننه و ان يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا إنه و لي ذلك و القادر عليه .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

* * *