الحقوق محفوظة لأصحابها

عمر عبد الكافيمحمد راتب النابلسيالعربي كشاطسعد الدين الهلالي
ندوات تلفزيونية - قناة الشارقة - منظومة القيم - الدرس (2-2) : ج2 من الشارقة

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-02-15

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة :

الدكتور عمر :

أشهد أن لا إله إلا اله ولي الصالحين وأن سيدنا محمد عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه ، يا سيدي يا رسول الله ، صلاة وسلاماً متلازمين إلى يوم الدين ، أما بعد : أحبتي في الله أحييكم جميعاً أينما كنتم في الأرض بتحية الإسلام والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، مرحباً بكم في هذه الحلقة الثانية التي يشرفني شخصياً فيها كوكبة من علمائنا ومفكرينا و رموز من أرصدتنا الثقافية الإسلامية الكبيرة ، بالنيابة عنكم جميعاً أرحب بهم في أستوديو قناة الشارقة .

ترحيب حارٌ من الدكتور عمر بالأساتذة الكرام :

مرحباً بأخي الكريم الحبيب الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين في دمشق ، وأرحب أيضاً بأخي الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر ، أيضاً أرحب بأخي الدكتور عربي الكشاط ومعه دكتوراه في علم الاجتماع من جامعة السوربون وعميد الدعوة في باريس ، والمفكر الإسلامي الذي يملأ أوربا خيراً للمسلمين ولغير المسلمين ، لأننا أيضاً لا نحجب معرفتنا عن أحد ولا نمنع هداية الله عز وجل على أحد ، شكر الله لكم .

الدكتور راتب النابلسي ، نحن نتحدث عن منظومة القيم كما قلنا في الحلقة السابقة وأكرمتمونا بأن نستمد منكم في هذه الحلقة مدداً آخر .

الدكتور راتب :

هذا تواضع منك أنت أستاذنا .

الدكتور عمر :

العلاقة بين الأمر والنهي في كتاب الله عز وجل وعلاقتها بقضية منظومة القيم التي يستشعر أي ناظر أو مشاهد لحركة المسلمين في الحياة بأنه كما كان شيخنا الغزالي رحمه الله نحن كحي سكني انقطع عنه التيار الكهربائي وكأن منظومة القيم نحن ابتعدنا عنها وهي موجودة كما هي ولكن علاقة الأمر والنهي في الكتاب والسنة بمنظومة القيم .

علاقة الأمر و النهي في الكتاب و السنة بمنظومة القيم :

الدكتور راتب :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين ، دكتور عمر جزاك الله خيراً على هذا اللقاء الطيب .

بادئ ذي بدء على الأرض ستة آلاف مليون إنسان ، أنا أعتقد اعتقاداً جازماً أنه ما منهم واحد إلا وهو مجبول على حب وجوده وعلى حب سلامة وجوده وعلى حب كمال وجوده وعلى حب استمرار وجوده ، وهو في الأصل الإنسان أعقد آلة في الكون ، تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة صانع حكيم ولهذا الصانع الحكيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حب الإنسان لوجوده ، ولسلامة وجوده ، ولكمال وجوده ، ولاستمرار وجوده ، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع هذا أصل الانضباط الأخلاقي .

الآن لأن هذا الكلام كلام الله ولأن الأمر والنهي من عند الله ، من عند الحكيم العليم ، فلا بد من أن تكون العلاقة بين الأمر ونتائجه والنهي ونتائجه علاقة علمية ؛ بمعنى أنها علاقة سبب بنتيجة كيف ؟ قد يقول أب لأولاده وفي البيت بابان استخدموا هذا الباب فجاء أحد أبنائه وعصى أمره فخرج من الباب الآخر فضربه ، ليس هناك علاقة علمية بين خروج إنسان من باب صُنع للحركة وبين الضرب الذي تلقاه من أبيه ، نقول هذه علاقة وضعية الأب وضعها ، أما حينما يضع الابن يده على المدفئة تحترق يده بأمر أو بلا أمر علاقة سبب بنتيجة ، أنا حينما أفهم الأمر الإلهي من عند الخبير ، قال تعالى :

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

( سورة فاطر )

الناس رجلان :

الله سبحانه وتعالى وحده يعلم أسباب سلامتنا وسعادتنا فإذا أعطانا منهج تفصيلي افعل ولا تفعل معنى ذلك أن افعل تعني السلامة والسعادة وأن لا تفعل تعني الشقاء والبعد ، من هنا أنطلق من أن البشر على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وأعراقهم ، وأنسابهم ، وطوائفهم ، ومذاهبهم لا يزيدون عن الله عن رجلين أو عن نموذجين ، نموذج عرف الله كما قلت في الحلقة السابقة فانضبط بمنهجه وأحسن إلى خلقه فسلم وسعد في الدنيا والآخرة ، ونموذج آخر غفل عن الله وتفلت من منهجه وأساء على خلقه فشقي وهلك في الدنيا والآخرة .

الدكتور عمر :

وأشقى غيره كما أن الآخر أسعد غيره .

الدكتور راتب :

لا يشد الإنسان إلى الله إلا معاملة الله له بعد أن اصطلح معه :

يؤكد هذا المعنى قوله تعالى :

﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾

( سورة الليل )

صدق أنه مخلوق للجنة بناء على هذا التصديق اتقى أن يعصي الله ، و بنى حياته على العطاء ، الرد الإلهي الكريم :

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾

( سورة الليل )

الذي يشد الناس إلى الله أنا أقول وأرجو أن أكون على صواب ليس أن الدين أفكاره صحيحة هي صحيحة مئة بالمئة ، الدين قدّم تفسيراً عميقاً متناسقاً رائعاً دقيقاً للكون والحياة والإنسان ، ولكن الذي يشد الإنسان إلى الله معاملة الله له بعد أن اصطلح معه .

(( إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنؤوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))

[ ورد في الأثر ]

العلاقة العلمية بين الأمر ونتائجه علاقة علمية محضة فلذلك مستحيل أن نعصيه ونربح أو أن نطيعه ونخسر ، لو أنها علاقة وضعية إذا كان في قانون أرضي وضعي الإنسان يتهرب منه لكن ما في نتائج ، ما دام واضع القانون ما ضبطه لا يوجد عليه شيء .

الدكتور عمر :

دكتور راتب معذرة أنت بذلك تشير إلى قضية خطيرة أن كلامنا لأنفسنا أولاً ثم لغيرنا من أخواننا وزملائنا في مجال الدعوة وتلاميذنا أن لو ركزوا مثلاً في الخطة العشرية كما تصنع الدول خطة خمسية على إصلاح الخلل السلوكي ومنظومة القيم وركزوا على هذا تركيزاً قوياً أظن أكيد أكيد سوف تؤتي ثمارها .

المنهج الإسلامي منهج موضوعي :

الدكتور راتب :

أبداً ، أنا اعتقادي أن إيجابيات الغرب وأحد أسباب قوته إسلامية ، لا لأنهم يعبدون الله أبداً ؛ لكن هداهم ذكاءهم إلى أن الإنسان إذا فعلت معه كذا أعطاك كذا ، في قضايا علمية ، بل لو أن إنساناً أدار معملاً أو مؤسسة أو مستشفى أو جامعة وراقبناه خلال شهر ، إنسان يحمل أعلى شهادة في إدارة الأعمال وإنسان مؤمن بأعلى درجة من الإيمان نفاجأ النتائج متشابهة والبواعث مختلفة ، المؤمن أطاع الله بمنهجه القويم (عبادة) فربح الدنيا والآخرة بينما الذكي يطيع هذه المبادئ الموضوعية فيربح الدنيا وماله في الآخرة من خلاق ، لذلك أقول المنهج الإسلامي منهج موضوعي بمعنى لو جاء إنسان ملحد وطبقه لقطف ثماره في الدنيا ، أنا حينما أوقن أن كل أمر أمرني الله به لمصلحتي ولسلامتي وضمان لمستقبلي ، الله عز وجل قال :

﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾

( سورة الإسراء )

﴿ سُبُلَ السَّلاَمِ ﴾

( سورة المائدة الآية : 16 )

يهديهم سبل السلام مع أهليهم مع أنفسهم في عملهم مع من فوقهم مع من تحتهم ، أنا حينما أوقن أن هذا لصالحي ، جاء أعرابي النبي عليه الصلاة والسلام ، قال : يا رسول الله عظني ولا تطل ، فتلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم الآية الكريمة :

﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾

( سورة الزلزلة )

قال : كُفيت ، قال : فقُه الرجل ، وفقُه في اللغة لا تعني أنه عرف الحكم ، أما فقُه أصبح فقيهاً .

من خاطب الناس بمبادئ العقل نجح في دعوته :

أنا أقول عوامل أن نستعيد هذه المنظومة الأخلاقية أن نعلم علم اليقين أن هذه الأوامر ضماناً لسلامتنا .

إنسان يمشي في الطريق وجد لوحة كتب عليها حقل ألغام ، العاقل يحترم من وضعها بل يثني على من وضعها لا يراها حداً لحريته بل يراها ضماناً لسلامته ، هنا المشكلة الإنسان يتحرك أما حينما تصح رؤيته تصح حركته ، شخص جاء إلى باريس وسأل إلى أين أذهب ؟ نسأله نحن لماذا أتيت إلى هنا ؟ إن جئت تاجراً اذهب إلى المعامل والمؤسسات ، إن جئت سائحاً إلى المقاصف والمتنزهات ، إن جئت طالباً إلى المعاهد والجامعات ، تصح حركتي حينما أعرف سر وجودي ، أنا انطلاقاً من محبتي لذاتي ، من محبتي لسلامتي ، من محبتي لكمال وجودي ، لاستمرار وجودي ، أطبق تعليمات الصانع ، هذا أكبر دافع منطقي وعقلاني ، والعقل الآن له دور كبير في الحياة ، العصر عصر علم ، أنا حينما أخاطب الناس بمبادئ العقل أنجح في خطابي .

من اعتمد في دعوته على محبة الإنسان لذاته و سلامته تنجح دعوته مع الآخرين :

إن بعض العلماء الكبار له كلام رائع جداً قال : من دعا إلى الله بأسلوب ومضمون سطحي غير متماسك ، أو دعا إلى الله بأسلوب غير علمي وغير تربوي لا يكون عند الله مُبلّغاً ، لأن الإنسان في فطرته يؤمن أن هذا الدين عظيم يجب أن يتناسب مع عظمة الله عز وجل .

فأنا حينما أقنع الناس أن هذه الطاعة لكم قال تعالى :

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)﴾

[ سورة الأحزاب]

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا (46)﴾

( سورة فصلت)

لأنني أعتمد على محبة الإنسان لذاته ولسلامته ولكمال وجوده أنا أعتمد على هذا ، فتنجح دعوتي مع الآخرين في هذا الموضوع .

معيار الحلال و الحرام :

الدكتور عمر :

هذا كلام جميل ويسوقنا سوقاً إلى طريق الدكتور سعد ومسألة العلم بمسألة الحلال والحرام ، أنا استطعت أن ألخص كلام أستاذنا الدكتور راتب الله يبارك فيه ، الدكتور سعد تأتي هيئة مثل هيئة الإيزو تضع معايير و مقاييس معينة للمؤسسات التي تعطيها تسعين بالمئة وتسعة وتسعين بالمئة وكل شيء له مقياس ، رختر ، والمقاييس والموازين ، منظومة القيم أو معيار الحلال والحرام ألستم أنتم فقهاء الأمة تستطيعون أن تبسطوا لنا معياراً ، أولاً الحلال والحرام يدركه كل إنسان ولكن أحياناً يتعامى ، ويتغابى ، وعلى كل لسنا مع الذين يتعامون ولا الذين يدعون الغباء ، لكن نحن معكم أنتم أيها الفقهاء عندما تضعون لنا معياراً نستطيع أن نبينه للناس هذا حلال وهذا حرام .

معيار الحلال و الحرام معيار قديم وضعه رسول الله صلى الله عليه و سلم :

الدكتور سعد :

جزاك الله خيراً وشكر لكم ، تعلمنا منكم الكثير وما زلنا نتعلم ، أما المعيار فلم أضعه وإنما وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عندنا في الحلال والحرام قسمان كبيران قسم يتعلق بالعبادات وقسم يتعلق بالمعاملات .

الدكتور عمر :

كما قلنا في الحلقة السابقة .

الدكتور سعد :

أما الأحكام العبادية فإن المعيار فيها يتعلق بالعابد وهو يعرف منزلة نفسه وقدره عند الله عز وجل ، استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك ، لما جاء وابصة يسأل النبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله ما البر وما الإثم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس . استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك ، يعني هو يعلم الإثم الناس يسيؤون فهم هذا الحديث ويحاولون أخذ هذا الحديث على منفعتهم ومصلحتهم وكل منهم يفتي نفسه ويقول عن رسول الله يقول استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك .

الدكتور عمر :

يعني كلهم وابصة .

الدكتور سعد :

لكن الحديث جاء لبيان الإثم .

القلب هو المعيار في العبادات :

كل إنسان في قلبه استشعار بما حرّم الله وبما أحلّ الله ، فكل منا إذا كان يعلم الحكم من أهل العلم واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، يستطيع أن يمارس حياته التشريعية على ضوء تلك المعرفة وأما المسألة التي لم يتعلمها أو لم يسمعها فهل هو غير مكلف بها ؟ إن قلبه يشير إليها ففي هذه الحال نقول إن القلب هو المعيار الذي يعرف الإنسان أي الحلال وأي الحرام في الأمور العبادية ، إذاً هذا معيار في العبادات ، في قصة تعلمناها بيديكم ومن لسانكم الكريم في كثير من اللقاءات الكريمة ، قصة عمر رضي الله عنه مع الأعرابي الذي أساء صلاته ، ثم سأله فأراد عمر أن يطيب خاطره فقال له أي الصلاتين أفضل ؟ فقال الأعرابي واندهش عمر من الإجابة ، قال صلاتي الأولى ، التي فيها خلل ؟ قال نعم صليت فيها خوفاً من الله وصليت الثانية خوفاً منك يا أمير المؤمنين ، هنا بكى عمر رضي الله عنه لأنه يعلم بأن الصلاة علاقة بين العبد وربه ، حتى إذا كانت فيها أخطاء إلا أن الإخلاص كان يجبها ، كان يكفيه أن يعلمه وهذا التعليم إن استطاع أن يتعامل مع هذا التعليم وهذا فضل من الله وإذا لم يتعلم .

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا (132)﴾

( سورة طه )

علاقة الإنسان بربه مبناها الخشوع و الإخلاص :

لا بد من الهدوء في الأمور العبادية ، علاقة الإنسان بربه مبناها الخشوع مبناها العلاقة الروحانية الإخلاص كما ورد في الأخبار ، الإخلاص سر من أسراري لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا جان فيفسده أقذفه في قلب من أُحب من عبادي ، هنا نريد أن نرفع من شأن الإخلاص والعلاقة السرية بين العبد وربه وننميها ونحاول أن نحمل الإنسان مسؤوليته مع الله بقلبه يتعلم من أهل الذكر فإذا لم يجد فرصة للتعليم عليه أن يتحول .

معيار الإنسان في المعاملات هو أن كل ما يتمناه الإنسان لنفسه لا بد أن يتمناه لغيره :

هذا في جانب العبادات أما في جانب المعاملات ، فالمعيار وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال :

(( لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه ))

[ أخرجه البخاري ومسلم عن أنس ]

فكل ما يتمناه الإنسان لنفسه إذ لا بد أن يتمناه لغيره هذا هو المعيار إذا أراد أن يقيس قيمه الدينية وعلاقته مع الله في المعاملات أن ينظر إلى هذا ، والعكس مفهوم المخالفة فوراً صار بعيداً عن الإيمان وأضرب مثالاً لفقيه وعالم وأضرب مثالاً آخر من عامة الناس ، بالنسبة لأهل الاجتهاد ، كما أن المجتهد يتمنى أن يكون اجتهاده الذي بناه بعلمه و مجهوده وتعبه وفكره يتمنى من غيره أن يحترم هذا الاجتهاد ، عليه أيضاً أن يحترم اجتهاد غيره ، لابد أن يحترم اجتهاد غيره وأن يحب لغيره الاجتهاد ولا يكون أنانياً ، وإذا كان أنانياً يريد فقط أن يكون هو المجتهد وغيره لا يجتهد فقط رأيه الذي يسود وغيره رأيه لا يسود ، هنا خرج من الحديث : لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه .

على كل مجتهد أن يظهر ميزة اجتهاده وأن يتبارى ويفخر بما أعطاه الله من منحة فقه ، ولكن لا يحق له أن يغبط الناس حقهم ولا يظلم الناس ، هذا مثال بين أهل العلم .

على كل مجتهد أن يظهر ميزة اجتهاده و ميزة اجتهاد الآخرين :

مثال آخر في حياة الناس كما أن الإنسان يتمنى لنفسه أن تجارته تسود وأن عمله يروج وأن رزقه يزيد ويزيد وأن بيته يتسع وأن يمتلك سيارة لنفسه يمتلك سيارة لأولاده وأن يرى أولاده في نعمة ورخاء وعيش كريم وعلم يتمنى للآخرين كذلك فإذا لم يتمنَ هذه الأمنية للآخرين خرج عن الحديث لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه .

في التجارة وأنا أتمنى أن آخذ السلعة بأرخص ما يكون ، أيضاً أتمنى أن البائع لا يخسر ، وأن تكون صفقتي معه لا يندم بعدها ، ولا أغشه في مساومتي معه حتى أنقص من قدر السلعة بما يضر البائع ، والبائع كذلك إذا كان يأخذ السعر الأعلى ويتمنى أن يربح عليه أن ينظر إلى المشتري ويتخيل نفسه مشتري مرة ويتمنى أن تكون السلعة بالعدالة ، هنا نحقق المعيار لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه .

الدكتور عمر :

دكتور سعد الآن أنت أوقعتنا في حرج كبير ، نحن بعيدون كل البعد عن معيار الحلال والحرام كما بينه الشارع الحكيم ، هذا واقع مرير ، أنت الآن كجراح يقول والله هذا عضو يجب أن ُيستأصل .

الدكتور سعد :

نحن وظيفتنا فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ .

الدكتور عمر :

أنا أقول هذا الكلام لكي أستنهض همم المشاهدين والمشاهدات لكي يضعوا معيار الحلال والحرام أمامهم الذي وضعه رب العباد سبحانه ، وما قصر علماؤنا في توضيحه . الدكتور عري الكشاط واقعنا الاجتماعي وأنت تعيش بين أخواننا في الإنسانية في الغرب وترى واقع المسلمين وفي فرنسا حيث تعيش أو في غيرها ، لماذا لا تأثير لنا عند الآخر ؟ لماذا احترم الآخر أجدادنا وعندما ذهب إليهم أحفادهم استقلوا بهم واستقلوا بما يحملون من بقايا الرسالة ؟ هل لأن منظومة القيم غير واضحة ، أم هي عير مطبقة ، ونحن بعيدين كل البعد عن حقيقة المفاهيم ؟

القرآن الكريم منظومة قيمية تربط الإنسان بربه :

الدكتور عربي :

نحن تعلمنا منكم ومن غيركم ومن أساتذتنا أن الحياة متقابلة إذا كان جسم هنا وجسم هنا نحن لا نؤمن بقضية الصراع ، نؤمن بقضية التدافع وهذا تعبير جميل ويعبر عن قيمنا ، إما أن أتأثر وإما أن أؤثر ، ولكي أنتقل إلى درجة التأثير يجب أن تكون طاقاتي متفاعلة ، أما إذا خمدت هذه الطاقات فإنها تصبح طاقة ميتة ، هذا الماء نعمة من نعم الله إذا جرى وتحرك أروى وسقى ، إذا تجمد ، وجعلنا من الماء كل شيء حي يصبح عاملاً من عوامل الموت ، فيزيائياً نعرفه لكن معنوياً أخطر ؛ أي أن الموت الأبدي هو الموت المعنوي ، مثلاً لو درسنا أستاذ بالفيزياء هذا الفضاء مملوء بالأمواج ، هذه الأمور تكتشف من خلال التجربة إذا كان عندي جهاز راديو وفتحته فإن العديد من الإذاعات ألتقطها هذا يدلني إلى أن أجسد منظومة القيم الإسلامية في القرآن الكريم ، القرآن الكريم يساوي منظومة قيمية تربط الإنسان بربه ، وتربط الإنسان بالكون كله إنساناً وغير إنسان .

على المسلمين أن ينشروا الثقافة الإسلامية لأن هذا واجب من واجبات دينهم :

المسلمون الأولون كيف فجروا كوامن طاقاتهم ؟ فجروها بأمرين بالتخلق بخلق القبول ، قبول ما يأتي من عند الله عز وجل ، وبالتخلق الإقبال على خلق الله ، قبل وأقبل فقبل الآخر ، قبلت أقبلت قبل الآخر ، هذه علاقة ، ويقول احد أسلافنا كنا نستعين على حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمل بها ، الآن يعني انفسخت وانمحت الحدود بين الشرق والغرب والذين يطبلون لفكرة الصراع بين الشرق والغرب كذبة ، ولا نحكم على الغرب بتصريحات بعض الساسة ، لا الغرب مجتمع ناس بشر يريدون أن يعيشوا مطمئنين سالمين مسالمين وهذه الثقافة يجب أن ننشرها وهذا من واجبات ديننا .

إذاً الغرب في الشرق والشرق في الغرب وهذه فرصة ، فرصة قد يحسن الغرب استثمارها فيستفيد ويفيد وقد يسيء استثمارها فيضر ويلحق الضرر .

الدكتور عمر :

أنت دائماً تحدثنا عن ثقافة الرجل الأبيض وأنه يريد أن يمليها على الغير سواء بالعولمة أو بغير ذلك ، وثقافة الرجل الأبيض وأنا سمعتك مرة في أحد المؤتمرات تتحدث عن حتى قلت أنا ليست المركزية وإنما هي المركزانية ، حتى أنت بحثت عن الكلمة وقلت أنا لا أريد أن أترجمها بالمركزية وإنما هي المركزانية ، هل مركز لا أقول الصراع الفكر الغربي ونحن نريد أن نعطيه منظومتنا .

واجب المسلم اليوم أن يُبلّغ الغرب منظومة قيمه ليهديهم إلى الإسلام :

الدكتور عربي :

الرجل الغربي يعاني من عقدة هذه المركزانية التي تفضلتم بها ، يعني كما يقول المثل الفرنسي الرجل الذي شَكلته الحضارة هذه يظن نفسه هو صرة العالم ، والذي يستمر على هذا الوضع هو لم يفقد القدرة على أن يرفع رأسه ليرى الآخرين فلا يرى إلا نفسه وبمرور الأيام الرأس يصبح تحت ، فهذا الواقع ، ناكثون والآن وضعنا نحن مثل الذي يريد أن يتعلم السباحة وهو جالس نظري ، نحن الآن حينما نتحدث عن منظومة قيمنا ، لو نبلغها للغرب حقيقة ينبهرون يقول كيف عندكم هذا الشيء وأنتم في هذا المستوى ؟ إما أنتم صادقون وإما أنتم غير جادين ، والغرب اليوم الذي عجن قيمه من طين الأرض من فلسفته من فكره غارق ، ماذا نقول له ؟ نقول له مثلنا العربي يداك أوكتا وفوك نفخ ، ونقول لبعضنا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه .

واحد ذي رونا الذي تجادل مع الإمام محمد عبدو ورد عنه جمال الدين الأفغاني يقول من آخر ما قال : ما دخلت مرة مسجداً من المساجد إلا وتمنيت لو أنني كنت مسلماً . هذا الرجل رغم عداوته الشديدة وأباطيله الذي بثها حول الإسلام تمنى الإيمان .

كما يقول احد أخواننا الذين هداهم الله للإسلام هو فيلسوف كبير قال : المسجد حجارته تشاركني الصلاة .

لغة الإحسان لغة مشتركة بين الناس جميعاً تشد الآخرين إلى الإسلام :

فقدنا الحس الجمالي ، الآن الغرب ما هي اللغة التي نتحدث بها ؟ ليست اللغات المعروفة ، لغة مشتركة بين الناس جميعاً لغة الإحسان ، لماذا قال صاحب يوسف ليوسف إنا نراك من المحسنين ؟ رؤية عملية ما قال إنا سمعناك تخطب إنك محسن ، ما قال إنا سمعناك ألفت آلاف الكتب إنك محسن ، يوسف أحسن إلى هذا السجين الذي لم يكن يشاركه عقيدته ، الغرب أيضاً من ثقافته لا أقول النفعية ، النفعانوية ، ما نفعته يؤمن في جهة من الجهات أخواننا اشتروا مكاناً وأرادوا تحويله إلى مسجد فاحتج أهل الحجج ومعهم حق وأنا نصحتهم بأن لا يعملوا ذلك يذهبوا أرض الله واسعة ، وكانت سيدة هي التي تولت أكبر معارضة هناك ، في يوم من الأيام أحد أخواننا لقيها في الطريق فكانت حزينة فرنسية وكان صاحب لحية ، قالت هذا صاحب لحية مخيفة شعثاء غبراء ، قال لها صباح الخير يا فلانة مالك حزينة ؟ قالت كلبي مريض ، قال لها بسيطة أنا بيطري ، فعالجه وكتب الله له الشفاء ، فراحت تقول يا ناس تعالوا اتركوهم يبنون المسجد ، هذا الرجل ليس مسلماً ولكنه بيطري والدليل أنه عالج كلبي فشفاه .

من أحسن إلى الآخرين كسب ودّهم :

إذاً ، إذا شعر الناس بأننا نحسن إليهم ، أولاً نحسن إليهم لوجه الله نحبهم ، وباختصار القرآن الكريم يفتتح بالبسملة تليها صفتا الرحمة وينتهي بالناس آخر سورة بالقرآن الكريم عنوانها الناس وتردد كلمات الناس كثيراً ، ما معنى ذلك ؟ القرآن مسلك طريق نسلكه ودليل القبول ، قبول الله عز وجل لما نأتيه من أعمال وما ننجزه من صالحات يتمثل في إعادة ، تعجبني هذه العبارة للشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله قال : إن الإنسان فقد إنسانيته. المسلم فقد فعاليته الاجتماعية والغربي فقد إنسانيته ، لكي يساعد المسلم الغرب في استعادة إنسانيته علينا أن نستعيد البعد الغائب بعد الفعالية ، قيم الإسلامية لا أحد يناقش بصحتها و بصوابها لكن المشكلة الآن فكرة خاطئة إذا وجدت رجالاً فعالين تتغلب على الفكرة الصائبة ، الفكرة الصائبة إذا لم تتجسد في سلوكيات مؤثرة مُنَورة لا تصنع شيئاً وهذا حالنا .

الإسلام بضاعة ثمينةيُروج لها مروج فاشل :

الدكتور عمر :

بارك الله بك دكتور عربي ، ذكرتني بما قاله شيخنا الغزالي وأنا أعلم كم كنت تحبه وكم كنت قريباً منه رحمه الله يقول : الإسلام بضاعة ثمينة يُروج لها مروج فاشل ، والغرب عندهم بضاعة مزجاة ولكن يروج لها تاجر شاطر أو مندوب مبيعات .

الدكتور عربي :

مرة كنا في ذكر الشيخ الغزالي رحمه الله في باريس فذهبت إليه في الفندق كي نتمشى في الصباح فرأينا صورة لم تعجبني .....

الذي ينقذ الناس من هذا التناقض ومن هذا التطرف ذات اليمين وذات الشمال أين الوسطية التي تتمثل في أناس يجمعون بين عاطفة القلب وتألق الفكر ، بين صوابية النظرة وفعالية العمل .

الدكتور عمر :

بارك الله بك دكتور عربي مع هذه الكلمات الجميلة وذكر شيخنا الغزالي ، نلتقط أنفاسنا ونحن نشحن الهمم خلف الدكتور عربي وهو يحدثنا عن فعالية منظومة القيم عند المسلمين وعند الغير ، ونواصل بعد الفاصل هذا الحديث الذي أود ألا ينتهي .

مرحباً بكم أحبتي ونحن بين هذه الكوكبة ننتقي معهم أطايب الكلام وأطايب الفكر وكل واحد منهم عبارة عن هرم معرفي جزاهم الله عنا خيراً ، ونفع بهم الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، دكتور راتب ونحن نتحدث عن منظومة القيم لا بد من أن نتحدث عن مصدر القيم .

القيم الأخلاقية الأصيلة التي لا تتأثر ولا تتبدل هي قيم مستمدة من الله عز وجل :

الدكتور راتب :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد .

دكتور عمر جزاك الله خيراً على هذه الندوة الثانية ، بادئ ذي بدء قد نجد إنساناً غير ملتزم بالعبادات إطلاقاً لكنه يلفت نظرنا بصدقه وأمانته ودقته في المعاملة نقع في حيرة وقد نقع في اضطراب ، إن كان الدين هو الذي يدفع الإنسان إلى القيم هذا كيف تمسك بهذه القيم ؟ هذه النقطة دقيقة جداً ومن السهل توضيح ملابساتها ، الإنسان بذكائه يهتدي إذا كان صادقاً عاش بين الناس عالي النفس ، إذا أتقن عمله ربح ربحاً كثيراً ، أحياناً انطلاقاً من مصالحه المادية الأرضية في الدنيا يصدق ويتقن عمله ويأتي بالشيء على وضعه الصحيح ، لكن المفاجأة التي نفاجأ بها أن هذا الإنسان الذي شدهنا بأخلاقه ودقته وصدقه وأمانته وإتقان عمله إذا هُددت مصالحه ينقلب إلى وحش كاسر ، وهذا ما عايناه من الغرب كان حضارة فأصبح قوة غاشمة ، أنا أرى أن القيم الأخلاقية الأصيلة التي لا تتأثر ولا تتبدل لا بإقبال الدنيا ولا بإدبارها ، لا بالصحة ولا بالمرض ، لا بالفقر ولا بالغنى ، هي قيم مستمدة من الله عز وجل كيف ؟

مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى :

ورد في بعض الآثار ، مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى ، فإذا أحب الله عبداً منحه خلقاً حسناً ، لكن الآية الكريمة أقوى في التعبير عن هذه الفكرة ، قال تعالى :

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (45)﴾

( سورة العنكبوت )

قال بعض العلماء ذكر الله أكبر ما فيها ، لكن عالماً آخر قال معنىً آخر قال : ذكر الله لعبده في الصلاة أكبر من ذكر العبد لربه ، العبد إذا ذكر ربه أدى واجب العبودية ، أما إذا ذكر الله عبده منحه الحلم ، منحه الحكمة ، منحه الصبر ، منحه الإنصاف ، لذلك حينما قال الله عز وجل :

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180)﴾

( سورة الأعراف)

أنت حينما تتعرف إلى أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى تتقرب إليه بخلق مستمد من كماله .

الخُلق الحسن دليل محبة الله عز وجل للعبد :

إذاً أنا لا أرى أن للأخلاق مصدراً أرضياً ، المصدر الأرضي يستمر مادامت المصالح متوافرة فإذا هددت يصبح الإنسان وحشاً كاسراً وهذا يتبدى أحياناً في علاقة الإنسان بأهله ، خارج البيت ناعم لطيف يبتسم أنيق ينحني نصفين فإذا دخل إلى البيت فهو كالوحش ، النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( خَيرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))

[ ابن ماجه عن ابن عباس]

في البيت ما في رقابة ولا في سلطة أنت السيد ، فلذلك أنا أبحث عن خلق أصيل ، أبحث عن خلق ثابت ، أبحث عن قيم لا تتأثر ولا تتبدل بالظروف ، شيء ثابت جداً أن الله عز وجل يمنح الأمن ، الإنسان إذا شعر بالأمن من الله عز وجل اطمأن ، هناك من يوهم صاحبه أنه من المال ، المال يعطي بعض الأمن ، القوة تعطي بعض الأمن ، أما إذا :

(( من أصبح منكم آمنا في سربه ))

[ أخرجه البخاري ، والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن محصن ]

الإنسان حينما يتصل بالله يذوق طعم القرب :

أمن الإيمان إذا كنت مع الله كان الله معك ، ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك من معك ؟

فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لــــــغيرنا

ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خـلعت عنك ثياب الــــعجب وجئتنا

ولو ذقت من طعم المـحبة ذرة عذرت الــــذي أضحى قتيلاً بحبنا

ولـــــو نسمت من قربنا لك نسمة لـــمت غريباً واشتياقاً لقربنا

***

الإنسان حينما يتصل بالله يذوق طعم القرب ، يتجلى الله على قلبه ، يلقي في قلبه الحلم ، يلقي في قلبه الإنصاف ، يلقي في قلبه الرحمة ، أنا أرى أن الرحمة من الله ، والحلم من الله ، والإنصاف من الله ، فحينما بحثنا عن مصدر أرضي للقيم هذا المصدر أعطانا إياها لحين ، مادامت مصالحنا محققة فإذا هددت انكشف الإنسان على حقيقته .

﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ (179)﴾

( سورة آل عمران)

الاتصال بالله هو سبب الرحمة والإنصاف والتواضع :

إذاً الله يلقي الحلم ، الرحمة ، يعطيك السكينة ، السكينة دكتور عمر يسعد بها الإنسان ولو فقد كل شيء ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء ، إن الله يعطي الصحة ، والذكاء ، والمال ، والجمال للكثيرين من خلقه ، لكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين .

أنا أرى أن الله عز وجل حينما يصلي الإنسان صلاة صحيحة ، صلاة كما أرادها الله عز وجل لا يعقل ولا يقبل أن تؤدى الصلاة أداءً شكلياً ، سقط الوجوب كما تفضل الأستاذ الجليل وإن لم يحصل المطلوب ، إذا اتصل بالله صلاة صحيحة أساسها الاستقامة على أمره ما في حجاب إطلاقاً .

سمع شاب من شيخه أن لكل معصية عقاباً ، يبدو أن قدمه زلت ، فارتكب معصية صغيرة وبحسب كلام شيخه هو ينتظر العقاب من الله ، مضى أسبوع ، صحته ، بيته ، في أثناء المناجاة قال : يا رب ، لقد عصيتك ولم تعاقبني ، قال : وقع في قلب هذا الشاب : أن يا عبدي قد عاقبتك ، ولم تدر ، ألم أحرمك لذة مناجاتي ؟

فهذا الاتصال بالله هو سبب الرحمة والإنصاف والتواضع ، فإذا كان الأصل من عند الله فشيء ثابت لا يتبدل .

الدكتور عمر :

بارك الله فيك وشكر الله لك ، ألا تلاحظون معي نسمات الشام تهب علينا في هذه الرقة والعذوبة سبحان الله كأننا اقتربنا من غوطة دمشق ، بارك الله بك .

الدكتور راتب :

هذا من حسن ظنكم .

الدكتور عمر :

دكتور سعد أظن الدكتور راتب وضعنا على الطريق في هذه القضية ، أيضاً تكملةً لمصدر القيم نواصل هذا الفتح الرباني .

الدكتور سعد :

هو فتح روحاني ، وأنا أتحدث من جانب مادي .

الدكتور عمر :

لا ليس مادياً ، لا لا .

الدكتور سعد :

الفقهاء دائماً يتحدثون بماديات ويتحدثون عن الأركان والشروط .

الدكتور عمر :

لا هم أهل الواقع الذي يصحح لنا ، ما يصح هذا إلا بهذا .

الدكتور راتب :

الهيكل العظمي لكل شيء .

مصدر القيم:

1 ـ المصدر يجب أن يكون أولاً لله :

الدكتور سعد :

بداية نقول المصدر يجب أن يكون لله لقوله تعالى :

﴿إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ (40)﴾

( سورة يوسف)

وهذه الحاكمية من منطلق أن ما دون الله مخلوق ونحن عبيد لله ، فإذا كنا عبيداً فلا بد من الاعتراف وترجمة تلك العبودية بجعل الحاكمية لله ، ولهذه الحاكمية قمة في الرحمة والاتساع وتمكين العقل من العمل لا كما يظن البعض أن الحاكمية لله أنه نزل في كتاب الله وسنة رسوله ، بل بيان دقيق وشامل لجميع الأحكام حلال وحرام نص نقوم بتنفيذه أبداً ، إنما هذه الحاكمية فيها سعة كبيرة ومتعة عقلية للإنسان لا توجد في أي نظام آخر .

2 ـ سنة الرسول الكريم :

يرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن فأراد أن يختبره وهذا اختبار الوالي والحاكم لمن يعينه ويطمئن على سلامة قيادته ، يقول بما تحكم يا معاذ ؟ قال أحكم بكتاب الله ، قال فإن لم تجد ؛ ورسول الله يعلم أن في كتاب الله كل شيء ما فرطنا في الكتاب من شيء ، ولكن فإن لم تجد أنت بعقلك ، أنت بحكمك ، لم تجده لم يتسع فكرك لاستيعاب النص حتى تسقط الآية القرآنية على الواقع ، فقال أحكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

3 ـ الاجتهاد :

......قال فإن لم تجد وهو يعلم أيضاً بأن حديث النبي عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع الكلم ، يشمل كل شيء فقال أجتهد برأيي ، ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب على صدره ، وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبّ الله ورسوله .

على المسلم أن يلتزم في الترتيب الإيماني العقدي العقل و الفكر النير :

في هذا الحديث الشريف بيان للتدرج ، لا للتدرج المادي وإنما للتدرج الاعتقادي أن الحكم يجب أن يكون خالصاً لله ، ورسول الله عبد من عباد الله :

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾

( سورة الإسراء الآية : 1 )

فهو أيضاً يطيع الله عز وجل في كتابه إلا أن الله أوحى إلى رسوله بالبيان :

﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (44)﴾

( سورة النحل )

وقضى الله عز وجل أن يقول كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم صادقاً :

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4)﴾

( سورة النجم )

فكان كلامه في حكم وهو وحي من الله عز وجل في حكم الوحي المنصوص إن كان وحياً بالمعنى ولفظه من عند النبي عليه الصلاة والسلام إلا أنه في حكم الوحي المنصوص ، فعلى المسلم أن يلتزم في هذا الترتيب الإيماني العقدي وهو يعلم أن كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتاجان إلى عقل وإلى فكر نير ، يقرأ هذا العقل وهذا الفكر ما ورد في كتاب الله ويطبقه بنية خالصة وباستفتاء قلب صادق وليس بمكر ولا خبث ، أخوف ما أخاف على أمتي رجل طليق اللسان يجادل أمتي بالقرآن يأخذ من كتاب الله ليهدم كتاب الله ، يأخذ من سنة رسول الله ليهدم سنة رسول الله ، هذا الإنسان الشرير ليس لنا حلاً أمامه إلا الترك :

﴿ خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ(199)﴾

( سورة الأعراف )

ضوابط الكتاب والسنة ضوابط عامة بين كل البشر :

لكن حديثنا هنا عن عامة المسلمين نقول : يجب أن يكون الحكم لله في كتابه ثم في سنة رسوله وإذا لم نجد في نص الكتاب أو في السنة استعملنا العقل ، والعقل لا يخرج عن الكتاب والسنة ولا يجوز للعقل أن يشرد ، بل من خلال ضوابط الكتاب والسنة ، وضوابط الكتاب والسنة ضوابط عامة قاسم مشترك بين كل البشر المسلم وغير المسلم :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى (90)﴾

( سورة النحل )

أي إنسان يطلب الظلم إلا أن يكون مجنوناً أو ظالماً وأي إنسان يدعو إلى الشح والبخل إلا أن يكون هو كذلك ، إذاً المعايير الفقهية التي يأخذها المسلم من الكتاب والسنة أيضاً بمعايير فيها وسط أو في قاسم مشترك بين البشر جميعاً تحقق عولمة الإسلام ، فالإسلام صالح للتطبيق .

الدكتور عمر :

عولمة الإسلام أو عالمية الإسلام ؟

عالمية الإسلام :

الدكتور سعد :

عالميته أو عولمته معنىً جميل وليس بالمعنى الاصطلاحي ، لكن أقصد بالعولمة عالميته وهيمنته وقدرته على معالجة كل قضايا البشر في كل الأزمنة وفي كل الأمكنة ، هذه عولمة أو هذه عالميته دون الوقوف على المصطلح وبيان المصطلح الأكاديمي ، نقول : إن المصدر يجب أن يكون من شرع الله لأن المسلم عبد لله ، والعبودية هذه تستلزم الطاعة ، وفي منطق الفكر البشري منطق متسع جداً فيأخذ المسلم من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسوله ما يعالج قضايا عصره المستجدة التي لم يجد لها نص واضح وصريح ، مثلاً حكم السجائر حكم الدخان لم يرد في كتاب أو سنة بهذا اللفظ لكن في كتاب الله عز وجل ما ينهى المسلم عن أن يقتل نفسه :

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا(29)﴾

( سورة النساء)

والأطباء يقولون إن هذه السيجارة إنها السم القتل البطيء فكيف يقدم عليها ؟ وفي قول النبي عليه الصلاة والسلام : لا ضرر ولا ضرار .

وهكذا يستطيع أن يسقط الحكم في كل ما هو جديد بفكره وعقله ومنطقيته الوسطية التي يأخذ من الكتاب والسنة القاعدة التي يعالج بها قضايا عصره .

الدكتور عمر :

دون هوى ودون نفس أمارة بالسوء . دكتور عربي بهذه المنظومة العجيبة ، الغرب وهو يركز على علوم محددة لأنك أخبرتنا أن منظومة قيمه أرضية الجذور ، هل سوف يغير الغرب فكرته أي يغير الآخر فكرته عن أصول هذا العلم استنبطه هو وقعده كقواعد ثم أطلقه بيننا فصرنا نحن كالببغاوات التي تردد ، أم يطور فيه أم أنه يضيف إليه أم يريد أن يلغيه ؟

الغرب منظومة قيمه أرضية الجذور :

الدكتور عربي :

يقول أساطير الفكر في أوربا وفي أمريكا بأن الخزان الفكري لهذه الثقافة نفذ ، هذا ما انتهى إليه كل المفكرين ، المنبع ، الأنتروبولوجيا التي أترجمها في كلمة بأن ترجمات تقول علم الإنسان ، الإناسة ، علم الإنسان ، لكن أنا أحدد كلمة الإناسة لأنها خفيفة وهي علم الإنسان كما تفضلتم ، يعني يمثلها قوله تعالى :

﴿ فَانسَلَخَ مِنْهَا (175)﴾

( سورة الأعراف)

انسلخ الإنسان من بعده السماوي ، ماذا كانت النتيجة ؟ يقول أحد المفكرين الفرنسيين الذي درس هذا الموضوع يقول : الغرب بعدما انفصل عن الدين عاش تجربة السكر والهيام ، قال الآن طارت السكرة . وكتب كتاب عنوانه رهيب هو استوحاه من مفكر بروتستانتي قديم ، قال انتهت السكرة والصحوة الآن ، لما صحا الغرب يقول أحد المفكرين الفرنسيين الذي رحل عنا منذ شهور وأنا قلت : أنا آخر ربما منظر كبير في الفكر يقول ماذا ؟ قال : نحن تركنا البعد الغيبي وغرقنا في واقع فعبدناه والآن الواقع الذي صنعناه انتهى ، المشكلة الآن عند الآخر مشكلة المصدر ومشكلة المتلقي ، لأن المصدر وقت الرخاء استفاد الناس منه متعة وانضباط حياة ، لما الآن جاءت المشاكل الاقتصادية والبؤس ، وصرنا وراء طوابير الفقراء في الغرب والذين يموتون برداً في الشتاء ، الآن هذه القساوة المادية نبهت الإنسان ، و جزى الله الشدائد كل خير ، عندنا المشكلة ليست مشكلة مصدر مشكلة متلقي ، الإسلام عظيم لو كان له رجال .

احترام الإنسان و ربطه بالله عز وجل يؤدي إلى انتشار الإسلام :

المطلوب منا الآن قال أحد المستشرقين وقد رحل منذ سنوات بعد دراسته الموضوعية لكتاب الله عز وجل ؛ وكان يتذوق إلى حدٍّ ما اللغة العربية هذه الملاحظة التي ذكرتها لكم أنا استوحيتها منه ، كون القرآن مفتتح بالبسملة ومختتم بالناس قال هذا يساعدنا على أن نضع أسساً جديدة لما نسميه عندنا في الغرب بالأنتروبولوجيا يعني الوجدان ، يعني القيم الروحية ، القيم الخلقية التي تملأ هذه الفراغات التي فرغها الغرب ، مثلاً الغرب قدّم خبرات جليلة ويجب أن نشكره ، الحضارة الغربية مثلاً يقول لك الطائرة تطير في الساعة الثانية ، طائرات بعض البلدان في العالم المتخلف قد تطير الساعة اثنين ونصف ، الثالثة ، الرابعة ، مثل بعضه ما في حتى اعتذار ، في أوربا يقع تأخر دقيقتان يعتذرون ، أنا مرة منذ أسبوعين تأخرت الطائرة خمس عشرة دقيقة ممكن ، قبل أن ننزل نادونا قبل مغادر المحطة خذوا استمارات و املؤوها لتعويضكم عن هذا التأخير ، هذا ماذا يعني ؟ ارتباط بالقيمة المادية واحترام الإنسان ، نحن نريد أن نضيف إلى هذا ربط الإنسان بالله عز وجل ، وأختم الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم وهذه حقيقة :

﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى (13)﴾

الخلق لله لا أحد يستطيع أن يشارك .

على المسلمين أن يحصنوا حصونهم من الداخل بالتعاون على البر والتقوى :

المسألة الثانية الجعل :

﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا (13)﴾

( سورة الحجرات)

الخلق لا دخل للإنسان فيه ، هنا الجعل قد يكلفه الإنسان ، إن سلباً وإن إيجاباً ، اليوم البشرية إذا رفضت أن تجعل من التعددية سلماً للتعارف فإنها ستلقى جزاءها ، لكن ينبغي أن نحصن حصوننا من الداخل كيف ؟ بالتعاون على البر والتقوى :

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾

( سورة المائدة :2)

مفاهيم التعاون على البر والتقوى يجعلنا ننطلق نحو الآخر متعارفين من خلال ما نقدمه له ، وعلى مستوى التبادل المتساوي .

الدكتور عمر :

لكن هل الغرب بعد أن تحول من ألسنة الإله إلى ألسنة الإنسان هل هذا الغرب فقد هويته كبشر ؟

أخلاقنا الإسلامية هي العطر الذي يدل الناس على وجود الإسلام :

الدكتور عربي :

تماماً ، هذا لست أنا الذي أقوله ، يعني الآن في ثورة بدأت بصفة خاصة منذ منتصف القرن الماضي ، ثورة حتى في التحاليل النفسية ، هذا لماذا ؟ الغرب فقد هويته لماذا فقد هويته ؟ لأنه قطع الصلة بين البعدين السماوي والأرضي ، والآن من الذي يستطيع ربط البعدين من جديد ؟ المسلمون الحقيقيون ، تكلم أساتذتي في مختلف النقاط لا ينبغي أن نسجنها في المسجد ولا في البيت ، هل يستطيع أي إنسان أن يقول لي إن عطر الزهرة محصور في هذه الورقة ، عطر الزهرة هو الزهرة وما رأيت في حياتي زهرة ألقت خطاباً تمجد فيه بعطرها ، إنما عطرها هو الذي يدل على وجودها ، فأخلاقنا الإسلامية هي العطر الذي يدل الناس على وجود الإسلام ، ولا يكتشف الناس الإسلام إلا من خلال وجود إسلامي اجتماعي يتمثل في الرحمة والحب .

قيل للإمام الحسن البصري رضي الله يا إمام الله يقول إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ونحن نصلي وما انتهينا ، قال له : اسمع صدق الله وكذبت صلاتك .

اليوم الذي نقول فيه بلسان الحال وبلسان المقال صدق الله وصدقت صلاتنا عند ذلك نؤثر إيجاباً ولا نتأثر سلباً بل نختار الجوانب التي نتأثر فيها والناس يتكافؤون في الخير ، ونهاية الكلام الحضارة الحديثة لا تعرف إلا منطق القوة والمسلمون ينبغي أن يضعوا مكان منطق القوة قوة المنطق .

خاتمة وتوديع :

الدكتور عمر :

بارك الله فيك الدكتور عربي هذا مسك الختام لأنه يتحدث عن الزهرة الفواحة التي ليست محصورة على ورقة مكتوبة أو تتحدث عن نفسها ولكن عطرها الفواح هو الذي يتحدث .

إذاً الأخلاق في منظومة القيم الإسلامية فرائض لا فضائل ، إنها فريضة وليست فضيلة أتفضل أنا عليك أن أكون حليماً أو أن أكون رحيماً بك إنما هذه أوامر إلهية لا أتفضل أنا بها عليك .

لا أدري كيف مرت الساعة هكذا سريعة سريعة وهكذا هي لحظات الخير ونسمات الخير التي استشعرناها من ألسنتكم الطاهرة الطيبة الذاكرة ، بورك لكم في علمكم وبارك لأمتنا فيكم وأنتم مشاعل خير في كل مكان ، أسأل الله عز وجل أن يمدكم بمدده وأن يعطيكم الخير نيابة عن كل مشاهدي ومشاهدات قناة الشارقة ، أشكركم شكراً جزيلاً وأشكركم شخصياً لأنكم تواصلتم معي في هاتين الحلقتين السابقة وهذه الحلقة وهذا من كرم أهل العلم على من يريد أن يتعلم ، شكر الله للدكتور محمد راتب النابلسي ، وشكر الله للدكتور سعد الدين الهلالي ، والدكتور عربي الكشاط تعودون إلى بلادكم سالمين غانمين ، أنا واثق ثقة مطلقة أنكم استمتعتم كما استمتعت وزاد يقينكم أنه لا خلاص لنا كما قال علماؤنا الأجلاء إلا إذا أعدنا منظمة قيمنا حقائق عملية وليست نظريات تقال على طريقة أكاديمية أو في قاعة البحث ، بارك الله لكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما سمعنا جزاكم الله عنا خير الجزاء واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

والحمد لله رب العالمين

المصدر :

http://www.nabulsi.com/blue/ar/download.php?art=4477&type=do