الحقوق محفوظة لأصحابها

لينا الحمصي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أهلا وسهلا بكن أخواتي المشاهدات في حلقة جديدة من برنامجنا فقه المرأة.

حديثنا اليوم سوف يكون عن "الصلاة".

· ما هي الصلاة؟

· ما أهمية الصلاة؟

· ما حكم الصلاة، وما حكم تارك الصلاة؟

وكل هذه الأمور سنبحثها إن شاء الله سوية.

نبدأ بالصلاة من قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}، وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا".

الصلاة في اللغة: هي الدعاء بخير.

الصلاة شرعًا: أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.

عندما نتحدث عن الصلاة يتساءل البعض لماذا فرضت علينا الصلاة؟

· ما هي أهمية الصلاة؟

· لماذا يصلي المرء في اليوم خمس صلوات ويكلف نفسه أن يتوضأ خمس مرات، أن يصلي خمس مرات، يأثم إذا لم يصلي؟

أهمية الصلاة

1. هي أهم عبادة في الإسلام بعد الشهادتين، وهي عبادة مفروضة في كل الشرائع.

ليس هنالك دين سماوي إلا فيه صلاة، لنرى في القرآن الكريم، القرآن الكريم يذكر لنا عن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} (إبراهيم:40) ويذكر لنا عن إسماعيل عليه السلام {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} (مريم:55)، ويذكر لنا مثلا على لسان عيسى بن مريم {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً}(مريم: من الآية31).

الصلاة في كل الشرائع، ولكنها تختلف من شريعة إلى أخرى، تختلف هيئاتها، وتختلف أركانها تختلف أوقاتها، ولكن الصلاة هي صلة بين العبد وربه ..

2. هي طريق الفوز والنجاح وتكفير صغائر الذنوب.

عندما يريد المرء أن يفوز ويفلح في دنياه وفي آخراه عليه بالصلاة، يشبه النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة بنهر على باب أحد منا يغتسل فيه خمس مرات، هل يبقى من درنه شئ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: كذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا ..

المراد بالخطايا التي تكفرها الصلوات هي الذنوب الصغائر، أما الكبائر فلابد لها من توبة نصوح من هذه الكبيرة بحد ذاتها، وهذا مصداق حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- "الجمعة إلى الجمعة والصلوات الخمس كفارة لما بينهما ما لم تغشى الكبائر".

3. تقوي النفس والإرادة وتعين المؤمن على الشكر وقت النعمة والصبر عند المصيبة.

عندما يهرع المصلي إلى الصلاة يقف بين يدي ربه يبث همومه، وشكواه وآلامه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه، وفي مناجاته لربه استمداد للمدد، ومدد من الصبر ومن الهمة والعزيمة.

أحد الغربيين (أليكس كابليل) يعرف لنا الصلاة فيقول: الصلاة هي مولد كأنها إشعاع ذاتي كأنها مصدر من الراديوم، يقول: عندما تعجز بوصفة طبيبًا، يقول: عندما تعجز الأدوية والطب في شفاء المريض تتدخل الصلاة لتشفي المريض، هي قوة ذاتية يستمدها المصلي من الله تعالى، يستمد قوته وتعينه على الشكر وقت الرخاء وتعينه على الصبر عند البلاء، ولذلك يقول الله عز وجل: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً{19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً{20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً{21} إِلَّا الْمُصَلِّينَ{22}.

4. هي مدرسة خلقية عملية.

هذه المدرسة الخلقية العملية عندما يصلي المرء يذكر قوله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ{1}، فلا يغتاب، يذكر قوله تعالى: { وَلَا تَجَسَّسُوا} إذًا الصلاة تعين الإنسان المسلم على امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه..

5. تربط المسلمين ببعضهم، وتجمعهم حول عقيدة واحدة.

كلهم يقفون يتجهون نحو قبلة واحدة، يذكرون ربًا واحدًا، يصلون صلاة الجماعة في مكان واحد، {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الانبياء:92)..

عندما نتحدث عن الصلاة نتسائل هل كل صلاة مقبولة، كثيرون منا يصلون، ربما يأتون يوم القيامة ليجدوا في صحائفهم خاوية من الصلوات، ربما؛ لأن صلواتهم فاسدة، هنالك صلاة مقبولة، وهنالك صلاة فاسدة مردودة..

الصلاة المقبولة والصلاة المردودة:

الصلاة المقبولة هي: الصلاة التي تؤدى على الوجه الأكمل، يحقق فيها المصلي شروطها وأعمالها الظاهرة، ويحقق أيضا أعمالها وشروطها الباطنة.

ما هي الشروط الباطنة في الصلاة؟

فحتى تكون الصلاة مقبولة يجب أن تستوفي أركانها، سجودها، ركوعها، كل هذه الأركان زائد الأمور الباطنة.

قد يستغرب البعض يقولون: أول مرة نسمع أن هنالك شروط باطنة للصلاة،

ما هي هذه الشروط الباطنة؟

1. الإخلاص لله تعالى.

2. أعمال العقل بالتدبر والتفهم.

3. خشوع القلب بين يدي الله.

هذه إذن الشروط الباطنة للصلاة، تبدأ بالإخلاص، والإخلاص أهم عمل في العبادات جميعها، وتسمى بتدبر المصلي، وتعقله لكل ما يقرأه، ولكل ما يفعله من حركات الصلاة، من تسابيح الصلاة، مما يقرأه من الآيات وسورة الفاتحة، وللأسف كثيرون يصلون لا يتدبرون، ولا يعرفون، ولا يفقهون من سورة الفاتحة إلا أن لسانهم قد قرأ سورة الفاتحة، أما الخشوع وهو من شروط الصلاة الباطنة فهي أهم ما في الصلاة، الخشوع هو جمع القلب على الله تعالى، التضرع، والشعور بأنه بين يدي الله تعالى، وهذا كثيرون منا يصلون ولا يشعرون بالخشوع، وأهم ما في الصلاة ولب الصلاة، يقول تعالى في هذا: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.

كيف نحصل على الخشوع؟ كيف نكون من الخاشعين؟ فلابد لهذا من طرق.

من هذه الطرق أن يخلي المرء قلبه مما سوى الله تعالى عن طريق الذكر، لذلك يقول الله تعالى في القرآن الكريم: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى{14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} بعد الذكر وبعد تزكية النفس تأتي دور الصلاة، وتكون صلاة حقيقية؛ لأن فيها خشوعًا،.

أيضا من الطرق التي تعين المصلي على الخشوع أن يدرب نفسه على الخشوع، والتفكر والتدبر في معاني ما يقول تعينه على الخشوع.

لذلك يحكى عن أحد الصالحين سُئل كيف تخشع في صلاتك؟ قال: إذا أردت الصلاة أتيت الموضع الذي أريد أن أصلي فيه، فجلست فيه أذكر الله تعالى قليلا ثم وقفت في الصلاة وتصورت أن الكعبة أمامي، والجنة عن يميني والنار عن شمالي والصراط من تحتي، وأن ملك الموت من ورائي وأنها آخر صلاتي فيخشع قلبي وتخشع أركاني وجوارحي.

هذا الخشوع كدنا نفتقده اليوم، كثيرون يظنون أنفسهم أنهم مصلون، ولكنهم لا يعرفون في فقه الصلاة شيئًا، هذه الصلاة الحقيقية التي يكون فيها الخشوع هي التي يلاقي المرء ثمارها، نجده وقافا عند حدود الله، يمتثل أوامره ويجتنب نواهيه، أما إذا وجدنا المرء يصلي، ولكن ثمار الصلاة لم تظهر فيه، فاعلموا أن هذا المرء يصلي صلاة الجسد، صلاة الطقوس، وهذه الصلاة تكون كالشجرة الغير مثمرة لا ترفد جائعا بطعام، ولا تقي مسافرًا من حر شمس، ولا تفيده بشيء ومصيرها لتكون وقودا للنار.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن الخشوع، أول ما يرفع من أمتي الخشوع، وآخر ما يبقى فيها الصلاة، صلاة الجسد ..

بعد أن تحدثنا عن الصلاة المقبولة، نتكلم عن الصلاة المردودة.

الصلاة المردودة هي: الصلاة الفاسدة.

وفساد الصلاة نوعان:

- صلاة فاسدة فقدت ركنًا أو شرطًا من شروط الصلاة فهي فسادة فسادًا كاملاً، ظاهرًا وباطنًا.

إذا عندما يصلي المرء ينسى الركوع ينسى السجود هذه الصلاة صلاة مردودة، وكل الناس يعرفون أنها باطلة .. ولكن هنالك صلاة فاسدة فسادًا معنويًا، كثيرون من الناس لا ينتبهون إلى أن صلاتهم فاسدة ..

- وهناك صلاة فاسدة فسادًا معنويًا، يستوفي فيها المصلي كل أركان الصلاة وشروطها الظاهرة، ولكنه لم يتم شروطها الباطنة، فهذه صلاة فاسدة حسب ميزان الشرع.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها".

إذن يظن نفسه يوم القيامة أن صحيفته مليئة بالصلوات، ولكنه لم يكتب له من صلاته إلا جزءًا بسيطا منها بسبب فساد هذه الصلاة، فسادًا معنويا جزئيُا بسبب خلوها من الخشوع أجارنا الله تعالى من أن نكون من هؤلاء ..

حكم الصلاة..

- فرض عين على كل مكلف بالغ عاقل، ويسري التكليف على الإنسان طيلة حياته لا يسقط عنه إلا بالموت أو الجنون.

لذلك كل مكلف بالغ عاقل هو مكلف بالصلاة، لكن ما حكم الصغار، ما حكم الصبي الذي لم يحلم بعد، ما حكم البنت التي لم تبلغ سن البلوغ، هل الصلاة مكلفة بها؟

الحقيقة لا تجب الصلاة على الصغير، ولا يعاقب على تركها، وعلى الأهل تعويد أولادهم على إقامة الصلاة..

إذن أولادنا الصغار غير مكلفين، بمعنى أنهم غير مؤاخذين إذا لم يقيموا الصلاة، ولكن يجب علينا أن نعودهم على الصلاة؛ لأن كثير ممن يشبون، ويبلغون سن البلوغ، ولا يكونوا قد تعودوا على الصلاة يصعب عليهم إقامة الصلاة، رغم أنهم في كثير من الأحيان يحبون أن يقيموا الصلاة.

ولذلك واجبنا تجاه أبنائنا أن نعينهم على أداء الصلاة.

كيف نعينهم على هذا وهي غير واجبة عليهم؟ ولكن ليعتادوا على هذا، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر" وهذا الحديث حديث حسن لم يرقى إلى درجة الصحة، كثيرون يقفون عند ظاهر هذا الحديث يأخذون باضربوهم عليها لعشر يبدأون بضرب أبنائهم إذا لم يقيموا الصلاة إذا لم يتجاوبوا معهم بأداء الصلاة، ماذا تكون النتيجة؟ النتيجة في هذا تكون أنهم قد كرهوا أولادهم في الصلاة، وكانوا سبب بشكل أو بآخر أن يبتعد أولادهم عن حب الصلاة .. النبي -عليه الصلاة والسلام- على فرض صحة هذا الحديث؛ لأنه كما قلنا حديث حسن لم يرقى إلى درجة الصحة، ولكن على فرض صحته، لاحظوا معي، قال لهم: "مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر" بعد ثلاث سنوات من النصيحة، والموعظة والتحفيز والهدايا .. فإذا لم يتجاوب الولد بعد ثلاث سنوات في كل يوم خمس مرات لثلاث سنوات قد يكون من المفيد مع هذا الولد الذي لا يستجيب للتحفيز، والهدايا قد يكون مفيدا بعض الشيء أن يكون الضرب البسيط غير المبرح قد يكون مفيدًا مع هذا الولد.

************

أهلا وسهلا بكن مجددًا ..

قلنا قبل الفاصل تحدثنا عن الصلاة، أهمية الصلاة، وتوقفنا عند حكم تارك الصلاة.

ذكرنا أنه للأسف كثير من المسلمين اليوم يتهاونون بالصلاة أو لا يؤدون الصلاة، البعض منهم إنكارًا أو جحودا بوجوبها ..

ما هو حكم تارك الصلاة؟

بداية علينا أن نميز بين من يترك الصلاة جحودا وإنكارا لوجوبها، وبين من يتركها تهاونًا وكسلا..

حكم تارك الصلاة ..

- أجمع العلماء على كفر، وارتداد من ترك الصلاة جاحدا لوجوبها.

لأن الصلاة فريضة قطعية، ونزلت في القرآن الكريم القطعي، وثبتت بالسنة المتواترة الصحيحة.

إذن كل من ينكر الصلاة فقد أنكر ما علم من الدين بالضرورة، فبالتالي هذا دليل على كفره.. لكن المشكلة عندما يتهاون في الصلاة، هو مقر بوجوب الصلاة، ولكنه يتهاون بها، كسلا وانشغالا فما هو حكم المتهاون هذا في الصلاة؟

القرآن الكريم يقول عن هؤلاء المتهاونين: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} (مريم:59) ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام- "أول ما يحاسب عليه المرء الصلاة، فإن صلحت صلح أمره كله، وإن فسدت فسد أمره كله"، والقرآن الكريم يظن هؤلاء المنشغلون عن الصلاة فيقول:

{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} (الماعون:5)

ما هو حكم هذا الشخص الذي يتهاون في الصلاة ولا يؤديها كسلا وانشغالا بأمور الدنيا؟

العلماء اختلفوا في هذا المجال بناء على اختلافهم في فهم الأدلة..

- ذهب الحنفية إلى اعتباره فاسقا لا كافرًا، ويجب على إمام المسلمين عقابه عقوبة تعذيرية.

إذن تارك الصلاة تهاونا وكسلا عن الحنفية يعتبر فاسقًا، وتقام عليه عقوبة تعذيرية، العقوبة التعذيرية هي العقوبة التي لم يرد تحديدها في قرآن أو في سنة، وإنما يترك أمر تحديدها إلى إمام المسلمين، وقد يقدرها حسب مصلحة الفرد أو حسب مصلحة المجتمع..

الدليل على عدم كفر تارك الصلاة تهاونا أو كسلا عن الحنفية، قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(النساء: من الآية48)

الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم:

"لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث، النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة".

إذن عند الحنفية لا يكفر تارك الصلاة تهاونا وكسلا وإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وهذا دليل واضح على عدم كفر تارك الصلاة تهاونا وكسلا، والحديث الذي يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث، النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة".

ما عدا ذلك لا يحل دم امرئ مسلم، وبالتالي تارك الصلاة تهاونا لا يحل دمه ..

- رأي الجمهور (المالكية والشافعية) كرأي الحنفية في فسق تارك الصلاة كسلا وتهاونا، ويخالفهم من جهة العقوبة، إذ يقتل عندهم تارك الصلاة حدًا لا كفرًا، بعد أن يحبس ويستتاب.

- ذهب الحنبلية إلى اعتبار المتهاون بالصلاة المتكاسل عنها كافرًا يستوجب القتل بعد الاستتابة.

دليلهم قوله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة".

إذن الحنبلية عندهم يكفر، ويجب أن يقتل؛ لأنه كافر، واستدلوا بهذا الحديث، ولكن الجمهور ذهبوا إلى أن هذا الحديث حديث صحيح، ولكنهم أولوه تأويلا مختلفا عن الحنبلية، عندهم بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة، إذا جحد وجوب الصلاة ..

· فسر الجمهور هذا الحديث بأن المراد به من يتركها جحودًا، وإنكارًا أو أن الكفر هنا هو كفر جزئي لا يخرج من الملة، أي كفر بالصلاة وحدها بعدم إقامتها، وهذا معنى وهذا لا يخرج المسلم من الملة بسبب تركه للصلاة تهاونًا وكسلاً.

عندما نتأمل في الإسلام نتأمل في العقوبات التي حددها الشارع، وطلبها الشارع لردع المذنبين، نرى أن الهد من العقوبة هو التأديب والزجر، ولكن ليس الانتقام، لذلك عندما نقول نحن اليوم في بلوى قد تعم أغلب شبابنا وشباتنا، ترك الصلاة تهاونا وكسلا، إذا كان هدفنا من العقوبة أن نزجرهم، وأن نرجعهم إلى جادة الصواب، قد لا تكون العقوبة هي أول الدرجات التي يجب علينا أن نسلكها، عندما ننظر في الإسلام نرى كما رأينا أن العقوبة ليست هي الهدف، وإنما الهدف هو حمل المسلم على التزام الأوامر واجتناب النواهي، وبالتالي قبل أن نصل إلى العقوبة هناك دعامات لدعم مسيرة هذا المسلم في طريق الرشاد وفي طريق التقوى وحمله على الانتهاء عن المنكر، وعن المعصية، من أولى هذه الدعامات هي التربية الإيمانية، تربية الفرد، البدء بالفرد، تربيته إيمانيًا، جعلوا الإيمان هو الحارس على أفعاله، زرع بذور التقوى، مراقبة الله في نفسه، إذا هذه الدعامة الأولى قبل العقوبة، يبدأ بالفرد ثم بعد ذلك يثني بالمجتمع، أن يكون المجتمع صادقا، أن يكون المجتمع متكافلا أبناؤه يأمرون بعضهم البعض بالمعروف وينهون بعضهم البعض عن المنكر ..

· الهدف من العقوبة في الإسلام: هو الردع والتأديب وليس الانتقام.

· ينظر في تقدير العقوبات التعزيرية إلى المصلحة.

· لا يعتمد الإسلام على العقوبة وحدها في حمل الأفراد على التزام الأوامر، واجتناب النواهي.. بل على التربية والإقناع.

· أهمية التغيير الذاتي للأفراد عن طريق التربية الإيمانية هي الدعامة الأولى.

· أهمية وجود بيئة صالحة هي الدعامة الثانية.

· العقوبة هي آخر سبل المعالجة لا أولها.

بناء على ما رأيناه من الدعامات التي تسبق العقوبة في الإسلام نرى من الضرورة جدا أن نبدأ من القاعدة، لا من قمة الهرم، أن نبدأ من القاعدة والقاعدة تعني هنا الأفراد، لا أن نبدأ بالعقوبات مباشرة، هذا ما اكتشفه الغرب اليوم بعد خمسة عشر قرنا من الإسلام، لذلك لاحظوا معي هذا الإطار ..

هناك إطار في الغرب يسمى إطار ويلبر في تغيير السلوك:



الأفراد

المجتمعات

الداخلي

قناعات ـ قيم

قيم ـ ثقافة ـ مبادئ

الخارجي

ثقافة ـ سلوك

القوانين

نبدأ بتغيير المجتمعات من الأفراد القناعات، والقيم عندما تتغير قناعاتهم، وقيمهم تتغير سلوكهم، بعد ذلك يأتي بعد تغير سلوك الأفراد بشكل تلقائي تتغير قيم المجتمعات وتتغير مبادئ المجتمعات، بعد ذلك يمكن للقوانين، ونرى أن القوانين هي آخر بند في سلم هذا التغيير نرى القوانين تأتي حارسة لا زارعة .. فعندما نبدأ بتغيير الأفراد تتغير سلوكياتهم تتغير سلوكيات المجتمع، وبالتالي تأتي القوانين كعصا التهديد، كعصا الزجر .. وأعلق السوط حيث يراه أهل البيت، فهذا هو المراد، ولكن لا تضرب به دائمًا ..

من الخطأ جدًا أن نبدأ اليوم بفرض القوانين، كما رأينا علينا أن نبدأ بارتقاء السلم من أول درجة منه، أن نبدأ من القاعدة وهي الأفراد.

س. ماذا يحدث عندما نبدأ في تغيير السلوكيات من جهة فرض القوانين وحدها؟

سؤال وجيه، ماذا يحدث؟

عندما نبدأ بسن القوانين دون أن نكون قد غيرنا الأفراد دون أن نكون قد غيرنا مجتمعاتهم، وبالتالي تغيرت قناعات، وتغيرت سلوكيات أفراد المجتمع ماذا يحدث؟

ج. يبدأ التحايل على الشرع والقوانين (ذو الوجهين).

فنرى ونلاحظ أشخاص ذا وجهين في المجتمع، إذن ذو الوجهين هو شخص يفعل في خفاء ما لا يفعله في العلن، ونحن لا نريد هذا، لا نريد أشخاصا يؤدون الصلاة في العلن بينما يتركونها في الخفاء، نريد أشخاصًا يراقبون الله تعالى، يؤدون صلاتهم مخافة من الله، وحبًا له لا خوفًا من العقوبة، وهذا إذن دور المجتمع .. عندما نريد أن نغير قناعات الأفراد، ونغير سلوكيات الأفراد، ونغير سلوكيات المجتمع.. بالتالي هنالك مهام عديدة تقع على كتف العديد من المؤسسات لا على مؤسسة واحدة ..

إذن أهمية تكاتف عدة مؤسسات في هذا المجال .. المؤسسة الدينية، المؤسسة التعليمية، المؤسسة الإعلامية، ثم المؤسسة القضائية .

عندما تبدأ، وتتكاتف هذه المؤسسات الدينية في الجوامع، التعليمية في المدارس، الإعلامية في وسائل الإعلام بكافة أنواعها، المسموعة والمقرؤة والمرئية في النهاية تأتي المؤسسات القضائية لتدعم عمل هذه المؤسسات عندها نستطيع تغيير قناعات الأفراد، نستيطع أن نحمل الأفراد على أن يؤدوا الصلاة بإقبال عليها بشغف بها كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "أرحنا بها يا بلال"..



هذه حلقتنا اليوم عن الصلاة، أهمية الصلاة، حكم تارك الصلاة، جعلنا الله تعالى من الخاشعين في صلاتهم من المداومين عليها ..

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا: "من حافظ على الصلاة كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة يوم القيامة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وأبي بن خلف" أجارنا الله تعالى أن نحشر مع فرعون وهامان وأبي، وجعلنا مع النبيين والصديقين والشهداء لقوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} (النساء:69)

انتهت حلقتنا لهذا اليوم، سعدنا واستمتعنا بصحبتكم على أمل اللقاء بكم في الحلقة القادمة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: http://alresalah.ws/programs2/index.jsp?inc=36&id=1453&lang=ar&cat=73&type=1