الحقوق محفوظة لأصحابها

زغلول النجارجاسم المطوع
جاسم: قال تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم.

الزكاة ركن من أركان الإسلام والزكاة نظام من الأنظمة الاجتماعية التي فيها إعجاز اجتماعي في القرآن والسنة ورب العالمين عندما فرض الزكاة لم يفرض الزكاة لعبث حاشا لله وإنما الله تعالى حكيم وعادل والله تعالى من خلال توسيع الأنصبة والأسهم والقسمة في الزكاة هو عالم بأنها لو نفذت كما أمر اله لزال الفقر في المجتمع.

ولهذا فإننا اليوم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من أكثر الدول فقرا في العالم أولا يوجد عندنا تطور صناعي ولا اقتصادي ولا تجاري بالإضافة إلى أننا لا نوزع الزكاة كما ينبغي وكما يجب ولهذا فإن اله تعالى عندما صنف الأنواع والأقسام في توزيع الزكاة للفقراء والمساكين والعاملين عليها وابن السبيل وكذلك قال المؤلفة قلوبهم.

إن هذه الأصناف لو عمل أحدنا دراسة اجتماعية وعرف تقسيمة المجتمع وأصناف المجتمع لآمن بأن هذه الأصناف هي الأصناف التي تستحق لها الزكاة.

والأمر الآخر إن توزيع الأنصبة والثروات فالزكاة في أي ما سيكون هو........؟

النبي عليه السلام وزع الأموال على خمس فهناك زكاة للذهب والفضة وثانيا في الزروع والثمار وثالثا عروض التجارة ورابعا الثروة الحيوانية وخامسا في المعادن.

ولهذا فإن الإسلام يفرق بين المال السائل والركاز وكل هذه الحسبة لا شك أنها لا تخرج إلا من حكيم عليم.

د. زغلول: الإسلام يفرض الزكاة على المال الراكد حتى يشجع الناس على الاستثمار فأي مال سائل يفرض عليه 2.5 % وهذا حافز للناس بأن تستثمر أموالها ولا تجعلها راكدة وهذا الحافز ينمي المجتمعات ويثري المجتمعات ويؤدي إلى ازدهار الحياة الاقتصادية فيها.

وإذا تحول المال إلى رأس مال منتج فلا تفرض الزكاة على عين المال ولكن تفرض على العائد منه وهذا يشجع أيضا على الزيادة في الاجتهاد على زيادة العائد أي الزيادة الربحية الناتجة وتفرض الزكاة على الذهب والفضة والمال السائل 2.5% إذا كان راكدا وإذا تحول جزء من هذا المال إلى مصانع منتجة وإلى مؤسسات منتجة فتعفى الأصول من الزكاة وتؤتي على نتاجها وهذه وسيلة رائعة من وسائل تشجيع المجتمع الإنساني والإسلامي على الاستثمار والإنتاجية وهي وسيلة من وسائل تمكين الإنسان في هذه الأرض والقيام بواجبات لا خلاف فيها حتى لا يكون الإسلام كلا على غيره أو حملا يحمله غيره.

ولهذا فإن الزكاة على الذهب والفضة وعلى الأموال السائلة 2.5% والزروع عليها زكاة إن كانت تروى بماء السماء فالزكاة 10% وإن كان يروى عن طريق ضخ الماء من الآباء أو بالمال فعليه 5% بالمائة وفي الحيوانات أيضا زكاة فإن كان عنده نصاب من الجمال أو الغنم والبقر فتصل النسبة أيضا إلى 2.5% على إنتاج هذه الثروة وفي الركاز عليه الخمس وهو 20% والركاز فيه خلاف من حيث هل هو دفينة الأمم السابقة التي لا جهد للإنسان فيها فيعطي منها 20% أي الخمس وإذا كان ينطبق الركاز على المعادن من الأرض كالنفط والغاز الطبيعي فيؤتى أيضا 20% بالمائة منه أو يعطى فقط 2.5؟%على العائد منه وهناك خلاف بين الفقهاء في ذلك.

ولو أدى منتجو النفط والغاز والثروات المعدنية زكاة هذا الركاز فقد يكون كافيا لإغناء الأمة الإسلامية بكاملها.

جاسم: إن الزكاة لها أبعاد كثيرة منها الأبعاد السياسية والاقتصادية ومنها حتى تربوية وأنا أذكر أنني عندما كنت صغيرا في أول يوم من رمضان كان والدي يحضر الأموال نقدا في أظرف كبيرة ويحضرها إلى البيت وكنا نجتمع حوله وكان يحضر معه دفترا كبيرا وكنت أسأله عن الدفتر فيقول هذا الدفتر الذي أسجل فيه أسماء الفقراء وهذا الدفتر الذي فيه الحصص والأنصبة لكل فقير.

فكنت أجلس مع والدي وأشاهد ما يعطيه لكل عائلة سنويا فيضع المال في الظرف ويكتب على الظرف كلمة أو كلمتين ثم نجتمع ونعمل هذه الأظرف.

هذه المواقف تعتبر في الحقيقة مواقف تربوية أثرت حتى على شخصيتي ونفسيتي وعلى طريقة تفكيري أثرت علي عندما كنت أشاهد أي فقير على مدار السنة فأتذكر هذا الموقف من والدي كيف كان يدخل البيت ومعه المال والأظرف والدفتر وكنا نوزع ونساعده في التوزيع فنقسم المال بحسب كل عائلة وهكذا فإن الزكاة يجب علينا أن نمارسها بهذه الطريقة حتى ننشئ أبناءنا وأبناء أبائنا وأحفادنا على أن هذا ركن من أركان الإسلام كما أن الحج ظاهر والصلاة ركن ظاهر والصيام ركن ظاهر كذلك الزكاة ركن ظاهر وينبغي أن تكون ظاهرة حتى يعيشها المجتمع وإذا كان لدينا شخص غفل عنه التجار فلا بد أن نذكرهم بأن العائلة الفلانية محتاجة وهذا هو الهدف من الزكاة.

والزكاة تجديد سنوي للأمة الإسلامية أين الفقراء وكأنه نداء ينادي على أصحاب الحاجة من الفقراء والمساكين وابن السبيل وهكذا.

نظام الزكاة نظام فيه إعجاز اجتماعي من رب العالمين.

د. زغلول: إن ومضة الإعجاز في فريضة الزكاة تتعدد في نقاط كثيرة من أهمها:

تشجيع الاستثمار لأن الزكاة في المال السائل أو الفضة أو الذهب الرادة 2.5% والنبي عليه السلام يوصي أن يستثمر المال حتى لا تأكله الصدقة وحتى لا يستنفد ولا يبقى منه شيء.

والحكمة هنا تشجيع الناس على استثمار أموالها وهذه وسيلة من وسائل إثراء المجتمعات وإنهاضها اقتصاديا والنقطة الثانية في تحديد وعاء الزكاة فلماذا كانت الزكاة مفروضة على المال الراكد ولا تفرض على المال العامل فلو كانت عندي منشأة وهذه المنشأة لها أرض وأجهزة وسيارات ووسائل من عدد فكل هذا لا زكاة عليه لأن الزكاة على منتج هذه الأشياء وهذه الحقيقة تشجع الناس على الاستثمار أيضا لأن ركود المال تأكله الصدقة ولا يخدم المجتمع فيريد ربنا تعالى أن يكون المال في خدمة المجتمع وحينما أستثمر المال فإنني أشغل عمالة ولدي موظفين وأفتح بيوتا مسلمة فأؤدي إلى رواج اقتصادي عام وهذه أيضا جانب من الجوانب المهمة ثم إن تنوع الضريبة بحيث أن يكون 2.5% في الذهب والفضة وفي أمثالها من المال السائل وأن يكون 5% على المحاصيل الزراعية التي يبذل جهد في ريها و10% على المحاصيل الزراعية التي لا يبذل جهد في ريها لأنها تروى بماء السماء وهذا التنوع دليل حكمة بالغة وأن يصل إلى 20% في الركاز سواء كان الركاز دفينة الأمم السابقة أو هو ما يقصد به النفط والغاز والثروات المعدنية.

هذا التنوع نفسه في تحديد وعاء الزكاة معجز فمن الذي يقول هذا إلا رب العالمين سبحانه وتعالى ولهذا فإننا نقول إن الزكاة تختلف اختلافا كليا عن الضريبة والضريبة تفرض على كل شيء سواء كان منتجا أو غير منتج بتساوي والضريبة يمكن أن يكون فيعها شيء من الجور ففي العالم الغربي يوجد ما يسمى بالضريبة التصاعدية بمعنى أنه إذا كان دخلك السنوي يصل إلى شيء معين فتعفى من الضرائب وإذا تجاوز هذا الحد تبدأ الضريبة عشرة بالمائة وعشرين حتى تصل إلى 90%.

ففي المجتمعات الغربية تصل الضريبة إلى 90% إلى أكثر من ذلك كبريطانيا مثلا وأنا عشت فيها سنوات طويلة فيقف الاستثمار ويقول لك لماذا أستثمر إذا بلغ استثماري 50% والباقي من المال يكون لغيري فأقف عند 50%.

وهكذا فإن هنالك فارق كبير ما بين شرع الله تعالى والقوانين الوضعية التي وضعها الإنسان ولهذا تجد في المجتمعات الغربية حتى في مجتمعاتنا التي تغربت التحايل على الضريبة فهو أمر مشاع فتأتي الاستمارة وتسجل فيها دخلك السنوي وتجد كيف تفنن المحاسبون والمراجعون في التحايل على القانون وعلى تقليل الضريبة بقدر المستطاع ويعتبرون هذا نوعا من المهارة ومن الشطارة بينما الزكاة عبادة يؤديها المسلم وهو يعلم أنه يتقرب إلى الله تعالى بإخراجها.

والزكاة قد تخرجها كل يوم أما الضريبة فهي سنوية والمال على ما يحول عليه الحول فإذا كان الإنسان يحسب متى جاءه هذا المال فهو ستجد كل يوم الناس تخرج زكاتها والمجتمعات تحتاج على إخراج الزكاة كل وقت ولا تحتاج أن تكدسها على مدار السنة ثم لا تخرجها إلا دفعة واحدة.

بل إن بعض الصالحين في المجتمعات الإنسانية من يخرج الزكاة مقدما فيقول دخلي في العام الماضي كان مائة ألف دينار مثلا فأخرج الزكاة عنها وإذا زاد أزيد وأخرج آخر السنة فهناك فارق كبير بين أن تؤدى الزكاة كعبادة وتدفع الضريبة كابتزاز.

وهكذا فإن الزكاة تؤدى باستكمال وبتوافر وبضراعة إلى الله تعالى أن يقبلها رب العالمين والضريبة تؤدى بتحايل وبمحاولة التقليل منها بقدر المستطاع.

جاسم: نظام الزكاة نظام معجز ولهذا شمل جميع أنواع الأموال والأغرب من هذا كذلك أن النظام الذي أنزله الله تعالى في كتابه الكريم من 1400 سنة والذي أكده نبينا محمد بالأحاديث النبوية هو ساري إلى يومنا هذا مع وجود أموال جديدة وطرق في الاستثمار جديدة وطرق وأنشطة في المجال التجاري جديدة ومع هذا نظام الزكاة هوهو لم يتغير يستوعب حتى المستجدات الجديدة.

أليس ذلك معجز...........؟

إنه نظام ينزل من 1400 سنة إلى اليوم لا يتغير وهو نظام اقتصادي ونحن على مستوى القوانين كل عشرين سنة نغير القوانين فكيف هذا القانون استطاع أن يصمد حتى هذه اللحظة بل وسيصمد على يوم القيامة وإلى قيام الساعة بإذن الله تعالى لأنه من حكيم عليم ولهذا فإن نظام الزكاة نظام معجز.

ونحن نلاحظ هناك خمسة أنواع من أنواع الزكاة منها زكاة الذهب والفضة وهي ثروة سائلة وزكاة الزروع والثمار وهي دخل من ثروة تحولت إلى أصل رأسمالي منتج مثل الأرض وهناك زكاة عروض التجارة على الأصول المتداولة وليست على الأصول الثابتة والأصول المتداولة وهي ثروة سائلة وكذلك زكاة الثروة الحيوانية على السائمة وليست هي العاملة والسائمة ثروة سائلة وهناك زكاة المعادن وهي ثروة سائلة تحولت من باطن الأرض إلى ظاهرها وهذا هو التصنيف الشرعي الذي يسع الأموال الخمسة ولو لاحظنا الآن إلى التصنيف الاقتصادي لوعاء الزكاة فهو يستوعب كل هذه المستجدات على سبيل المثال المصانع مثلا وهو منتج جديد في العالم وهو ثروة تحول إلى أصل رأسمالي فهو منتج وكذلك العقارات التي تؤجر تحولت إلى أصل رأسمالي منتج وشركات المواصلات والاتصالات تحولت إلى أصل رأسمالي منتج والأسهم والودائع التي تعطي أرباحا كذلك هي ثروة تحولت إلى أصل رأسمالي منتج فنلاحظ أن أصنام الزكاة الخمسة استوعبت المناشط التجارية والأفكار الذكية في التجارة التي نعيشها في زماننا المعاصر.

د.زغلول: أنه من الأسف الشديد أن العالم الإسلامي نسي تطبيق هذا الركن من أركان الإسلام على المستوى الدولي فربما يخرج الأفراد زكاة أموالهم والصالحون منهم يخرجونها لكن كون أن تخرج الزكاة وتسلم للدولة ويكون هنالك بيت مال للزكاة منفصل عن بيت مال الدولة وتنفق منه على مصارف الزكاة الثمانية التي حددها ربنا تبارك وتعالى في محكم كتابه وهذه قضية أخرى ونسياننا لها أدى إلى انتشار الفقر في العالمين العربي والإسلامي وأصبح على الأقل ثمانية وثلاثين دولة من عالمنا العربي والإسلامي تعيش دون حد الفقر بينما لدينا أفراد قد يعدوا من أثرى أثرياء العالم ولكن لعدم إخراج الزكاة بطريقة جماعية إلى بيت مال الدولة وبيت مال الزكاة في الدولة أدى إلى انتشار هذا الفقر الذي يعاني منه المسلمون معاناة شديدة والذي كان سببا في تطاول بعض الشياطين في محاولة تنصير أبناء وبنات المسلمين بمساومتهم على دينهم بكسرة الخبز وقطرة الدواء أو خيمة الإيواء وهذه هي وسائل المنصرين في كل وقت وفي كل حين وانتشار الفقر وسيلة من وسائل اضطرار الناس أن تساوم على دينها وعلى عقيدتها علما أن العقيدة هي وسيلة النجاة في الآخرة لأنه على أساس هذه العقيدة سيكون الخلود في الآخرة إما في الجنة أبدا أو في الآخرة أبدا.

جاسم: إحدى النساء تروي لي هذه القصة وتقول لي عندما كنت صغيرة في العمر وأنا فتاة ألعب في الكويت في بيتنا وتعلمون أن البيوت في السابق كانت من طين دخل علي جدي وهي تروي هذه الرواية والجد بيده كيس يتمايل بالكيس في مشيه وكأنه يرقص لكن رقصة فرح وطرب وأنا لا أعرف فقلت قد يكون الجد قد ربح في تجارته وربما أتاه خبر مفرح فالتفت عليه وقلت له خير يا جدي فقال اليوم أول يوم في حياتي سوف أزكي فيه فتقول انظروا كيف كان فرحا في هذا اليوم الذي وجبت الزكاة عليه فيه فهو طوال هذه السنوات كان يعمل بالتجارة لكنه لم يوفق ولم يجمع المال الذي يستحق الزكاة ولم يبلغ عنده النصاب إلا اليوم بلغ المال وتجاوز النصاب فهو فرحان فرحان شديدا لأنه سيخرج الزكاة تقول المرأة يا أبو محمد الآن مضى على هذه القصة ستين سنة وإلى اليوم أنا لا أنسى هذا الموقف وكأني أشاهد جدي الآن وهو يدخل علي وأنا ألعب في صحن الدار وبيده الكيس.

انظروا كيف كان أهل الكويت سابقا يفرحون بإخراج الزكاة وأنا أقول فعلا الزكاة عبادة فيها فرح لأنني سأخرج الزكاة وفرح لأنني سأفرح بفرح الفقير وهذه المشاعر كلها لا نجدها في الأنظمة الأخرى فالأنظمة الغربية أغلب الرجال الأعمال والشركات تتحايل على النظام الغربي الضريبي حتى لا تدفع الضريبة فتتحايل عليه وتتفنن والدولة تراقب والدولة تتشدد عليهم وهم يبتكرون الأفكار الذكية للهروب من الضريبة بينما نحن نفرح عندما نخرج الزكاة ونفرح عندما نعطي الفقير أليس هذا نظام فيه إعجاز اجتماعي.....؟

نعم إن نظام الزكاة نظام فيه إعجاز اجتماعي بل أحد رجال الأعمال أخبرني مرة أنه من خلال شركاته حاول أن يطبق النصيب الذي ذكره الله تعالى في نظام الزكاة وهو أن جزء من أموال الزكاة يمكن أن نصرفها على العاملين عليها لكن كم نسبتهم...؟

نسبتهم الثمن أي إن المصاريف الإدارية والتشغيلية لهذه الشركة للمؤسسة المفروض لا تزيد عن 12.5% يقول الرجل وهو رجل أعمال لو كل التجار طبقوا هذه النسبة القرآنية التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم لعلموا أن هذه هي معادلة النجاح التجاري وأنا أقول مرة أخرى إن نظام الزكاة فيه إعجاز كبير وفيه إعجاز اجتماعي أكبر لو حققنا هذا النظام في مجتمعاتنا وفي مؤسساتنا وفي شركاتنا وفي بيوتنا لا شك أننا سنساهم في تقوية هذا النظام الاجتماعي وقطعا لن يبقى فقير على وجه الأرض من المسلمين لو طبقنا هذا النظام كما أراد الله تعالى.

المصدر: http://www.iqraa-tv.net/library/AlEjazAlItamee/AlEjazAlItamee9.doc