الحقوق محفوظة لأصحابها

حنان القطان
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والصلاة والسلام على خير الأنام.. خير من صام، وقام -عليه أفضل الصلاة والتسليم-.

مشاهدي الكرام، وفتياتنا الحبيبيات.. أهلا وسهلا بكم معنا في يوم مبارك من أيام هذا الشهر الكريم.. شهر الرحمة، والغفران.

الله -سبحانه وتعالى- من أسمائه العفو، والغفور –سبحانه- ولكي يعفوا الله عنه نريد في هذا الشهر أن نعفو نحن كذلك عن كل الناس.. فالعافي يجلب عفوا الله -سبحانه وتعالى- له.. يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- في دعائه "اللهم إني أسأل العفو والعافية" وكيف يعفوا الله عن هذا الإنسان إذا لم يكن هو من العافين؟ وبعد الاطلاع وجدت أن في كلمة الغفران، والعفو، والصفح درجات..

فالمغرفة والغفران هو سبحان الله! دفع هذا الألم أو هذا الألم من قبل هذا الشخص وأما في الصفح طبعا الغفران.. ثم بعد العفو.. فالعفو أعلى من الغفران العفو هو ليس فقط درأ هذا الأذى.. إنما مسح هذا الأذى، وهذا الألم، ونسيان هذا الأذى من هذا الإنسان، وأما الصفح فهي تأتي أعلى من العفو، ومن الغفران فالصفح هي فتح صفحة جديدة، وصفحة جميلة في حياة وعلاقة هذا الإنسان مع أي أحد آخر.

وأول الصفح هو الصفح مع النفس..

فالإنسان عليه أن يصفح، ويعفوا مع نفسه في اليوم والليلة، ويسأل الله -سبحانه وتعالى- العفو والغفران.. فمن منا لا يزل أوي خطأ.. صحيح علينا أن نحاسب أنفسنا، ولكن ليس لذات المحاسبة، وليس لأجل المحاسبة.. بل نحاسب لنفتح صفحة جديدة، ونمضي إلى الإمام بإنابة، وقرب من الله -سبحانه وتعالى- أكثر، ومن رحمة الله -سبحانه وتعالى- في هذا الشهر أن جعل فيها ليلة الغفران.. ألا وهي ليلة القدر.

نعم ليلة قديرة عظيمة فيها يتجلي الله -سبحانه وتعالى- على عباده فيعفو على من يريد أن يعفوا عنهم، ومن صفات الذين يعفوا عنهم..

الذين يعفون عن الناس.. الذين يعفون عن الكل، والجميع في هذا اليوم والليلة، ومن هذا اليوم، ومن هذه اللحظة نريد أن نعفوا عن من ظلمنا.. أياً كان، ويتجسد فنيا قول الشاعر..

مهما كان ومهما قيل عنا

علينا أن نقول من اليوم تعارفنا

ونطوي ما جري منا فلا كان

ولا صار ولا قلتم ولا قلنا

فقد قيل لنا عنكم

كما قيل لكم عنا

وإن كان ولابد من العتب فبالحسنى.. نعم أدفع بالتي هي أحسن.. العفو يقول الله تبارك وتعالى عنه: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ} إذا الذي يريد أن يعفوا عن الناس هذا بفضل من الله -سبحانه وتعالى- الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يلهم هذا القلب، ويعين هذا القلب على أن يسامح، وأن يعفوا، وعلى أن يغفر.. { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} مو بس نعفو.. بل نستغفر لمن ظلمنا، { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } نعم وشاورهم في الأمر أي بعد ما أعفوا عنهم حتى سبحان الله! استغفر لهم بظهر الغيب، وأشاورهم، وهذا إن دل على شيء يدل على وجود هذه العلاقة، واستمرارية العلاقة بيني وبين من ظلمني من الناس حتى يغفر الله لي، ويعفوا عني.

خلوكم معنا مشاهدينا الكرام.. فتياتنا الحبيبات.. حتى ننهل من حوض العفو والمغفرة فيغفر الله -سبحانه وتعالى- لنا في هذا الشهر شهر الرحمة والغفران.

فاصل.

*************************************************

مشاهدي الكرام، وفتياتنا الحبيبات ليروح عن قلوبنا بالعفو عن الناس أجمعين.. يقول: -عليه الصلاة والسلام- "اغفروا يغفر الله لكم" إذا لنعفو فيعفوا الله عنا.. فالجزاء من جنس العمل.

هدفنا اليوم والآن وأنتم جالسين اليوم أمام التلفاز من الآن، وفي هذه اللحظة نعلنها عفوا، وغفران، وصفح جميل لكل من أساء إلينا.. فتتنزل علينا مغفرة الله -سبحانه وتعالى- وعفوه يتقبلنا الله -سبحانه وتعالى- أدرى كثير من الناس راح يقول بعض العلاقات أو بعض المشاكل فيها صعوبة هو صح في واحد يقول: مثلا أن ما أقدر يعني إيذاء عظيم أو قول أو أحيانا يصل إلى القذف أو الغيبة أو أحيانا ظلم ظلم مادي أو ظلم معنوي أي كان هذا الظلم صحيح أن مسألة العفو صعبة، ولكن غير مستحيلة، ونتذكر بأن بالمقابل المقابل العظيم للعافين هو الذي يدفعنا إلى العفو.. فالذي يعفوا يوم القيامة يكفيه أنه من الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وكذلك أول ما يدخل الجنة فيتدلى له قصره يسجد له فظن أنه ربه، ولله المثل الأعلى فتقول الملائكة له قم إنما هذا قصر من قصورك.. فيقول بما؟ بما فعلت في الدنيا ليكون هذا الأجر لي؟ فيقولون له: لعفوك عن من ظلمك.. فالعفو عن من ظلمنا مع القدرة على الرد أو القدرة على البطش هو في الحقيقة مجلبة لعفو الله -سبحانه وتعالى-

وكذلك لهذا النعيم العظيم، وأوله أن ندخل الجنة بغير حساب، ومن منا لا يريد أن يدخل الجنة بغير حساب؟

الله -سبحانه وتعالى- يقول: { وَسَارِعُوا} إلى متى ننتظر؟ يعني حتى أن والله يتأهل لي يكون لي موقف جميل حتى إني أسامح أو أعفوا لا إنما أعفوا الآن وبظهر الغيب، ومن غير ما يعلم هذا الإنسان أعفوا عنه، وأستغفر له، وأسامح له، وحتى من علوا النفس أن حتى أتصدق عنه، وأدعي له بظهر الغيب { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } ونحن نعلم أن شهر رمضان شهر التقوى، ويتخرج الإنسان قد ارتفعت قيمة التقوى بقلبه، ومن التقوى أن أعفو عن من ظلمني { الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء} ومن الإنفاق أن أعفوا، وأسامح { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}.

إذا الصفة الثانية { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} إذا العفو عن الناس، وكظم الغيظ، والإنفاق أي كان هذا الإنفاق معنوي أو مادي مجلبة لحب الله -سبحانه وتعالى- وكل حتى الكافر، والمسلم يدعي حب الله -سبحانه وتعالى- ولكن من الذي يحبه الله؟ الذي يحبه الله من اتصف بهذا الصفات بعد التوحيد.. بعد أن يكظم الغيظ، وأن يعفوا عن الناس.

يقول -عليه الصلاة والسلام- "ارحموا ترحموا واغفروا يغفر الله لكم" ونحن أحوج بهذا الشهر العظيم أن يغفر لنا، وأن نعتق من النار.. ويل لأقماع القول.. ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون..

أحيانا الإنسان يصر مظنة منه أنه على حق.. نخالف خلينا إحنا نعتقد أن إحنا على حق، ولكن مع العفو، والغفران، والعفو، والمسامحة ليس عيب أو مذلة أو نقص من شخصياتنا؛ لأن قد يأتي لما ن الشيطان أو وسواس فيوحي إلينا بأن إذا أنا سامحت أو عفوت هذا نقص في أو ضعف أو أحيانا إذا سامحت هذا دليل على أني أؤيد هذا الخطأ.

طبعا كل هذه مفاهيم خاطئة، ومغلوطة.. يعني أحيانا يعتقد الإنسان أنه إذا سامح أنه راضي على هذا السلوك.. سواء كان من زوجته أو من أحد أقربائه أو من مديره في العمل أياً كان..

نريد أن نفصل بين الفعل هذا الخطأ، وبين الفاعل الإنسان.. الإنسان أياً كان يجب على أن أسامحه، وأدعو له بظهر الغيب، ولكن الفعل أنا أنكر هذا الفعل، ولا أؤيده هنا إذا فهمت هذه النظرية تساعدني بالفعل على أن أنا أبادر بالمسامحة، والصفح الجميل، والصفح الجميل يستلزم مني بأن لا أعاتب أو أكرر خطيئة هذا الإنسان، وأمن عليه هذا العفو، وهذا الغفران مني.. فإذا أنا كل شوية أذكره بخطيئته هذا طبعا لا يكون من الصفح الجميل أو من الغفران.. فإذا أردت أن أعفوا على أن أسامح، وأنسى خطيئة هذا الإنسان تجاهي..

من العفو كذلك أن أصل أرحامي.. إذا وأنا قاعدة الآن أعفو، وأسامح.. لكن ما أعفوا، وأسكت خلاص؛ لأن دليل العفو أن يلحقه سلوك معين يدل على أن أنا سامحت، وعفوت.. مو شرط أو مو ضروري أن أنا أرد مرة ثانية أقوي هذا العلاقة، وأكون قريبة جدا من هذا الشخص.. هذا صراحة.. يعني ما هو بالضرورة إلا أني أواصل، وأصل هذا الذي قطعته حتى لو كان بالسؤال أو لو لا سمح الله في مناسبة معينة سراء أو ضراء على أن أشاركه، وأتواصل معه.

يقول الله تبارك وتعالى:{ خُذِ الْعَفْوَ} وكأن العفو شيء أنا أخذه، ولا أقدمه سبحان الله! بالفعل؛ لان ما أقدمه لأي شخص هو بالدرجة الأولى قدمته لنفسي.. فما تقدموا لأنفسكم الله سبحانه وتعالى يقول: { لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ}، {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }.

فالجاهل الذي يخطأ بحقي أو يستفزني ببعض التصرفات علي أن أعرض عنه.. فإذا أعرضت عنه فأنا ابتعدت عن البيئة التي تحفز الغضب أو أن أنا سبحان الله! أبطش أو أرد عليه بالمثل، والمقابل عمر بن الخطاب كان يقف أمام الملأ، والناس، ويقول لهم: "كل الناس مني في حل" فكان دائما يكرر هذه الكلمة، ويتحلل من الناس، ويبين لهم أن أنا قد سامحت الكل، والجميع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول: "من يكون كأبي ضمضم" من هو أبي ضمضم؟ هذا أحد الصحابة كان كل يوم تشرق به الشمس يقول: اللهم مالي مال أتصدق به، ولكن قد عفوت عن من ظلمني، وتصدقت بعرضي عن الناس.

يقول الإمام الشافعي: عندما يسكت عن من ظلمه أو من يسيء إليه فيقال له: لماذا تسكت لهم؟ لماذا لا ترد عليهم؟ فكان يقول: قالوا سكت وقد خوصمت.. قلت لهم: إن الجواب لباب الشر مفتاح.

أحيانا لما ترد، وتجاوب بيصير شر، ويزيد الشر، ويزيد سبحان الله! تسوء هذه العلاقة بينك وبين الآخر.. قالوا: سكت وقد خوصمت.. قلت لهم: إن الجواب لباب الشر مفتاح.

فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب نعمة، وفيه لصون العرض إصلاح إن الأسود؛ لتخشى وهي صامتة، والكلب يحثي، ويرمي وهو النباح.. إذا القوة في الصمت، والقوة، والعظمة، والعزة في العفو، والصفح.

الآن من أسامح على في البداية أن أسامح نفسي.. هناك ناس يوميا يجلدون ذواتهم، ويقرعون أنفسهم.. فالكل يخطأ، وعلينا أن نسامح أنفسنا، ونلحق هذا السيئة بحسنة؛ ليعفوا الله -سبحانه وتعالى- أن أسامح إذا كان لدي والدين أو أرحام قد ظلموني أسامحهم من الآن.. إذا كان لدي أبناء هجروني أعف عنهم، وأسامحهم إذا كان لدي أخوة أتذكر قصة سيدنا يوسف عندما قال: { مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ} واتهم الشيطان، ولم يتهم أخوته، وأخوته قد رموه في البئر، وأذوه فعلي أن أسامح أخوتي.. علي أن أسامح زوجتي أو الزوج كذلك، وأتذكر لو كان هنالك لحظة فضل كما يقول الشاعر..

إذا جاء الحبيب بذنب واحد

جاءت محاسنه بألف شفيع

عليّ أن أسامح أصدقائي.. جيراني مهما كانوا، ومهما عملوا.

ففي المسامحة راحة للبدن.. راحة للقلب.. مجلبة لعفو الله، وما أجمل أيام وكل الأيام ليس فقط أيام رمضان إذا وضعت رأسي على الوسادة، وقلت: اللهم إني عفوت فاعف، وسامحت فسامح، وغفرت فاغفر، وتجاوزت فتجاوز.. اللهم أيما عبد أو أمة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- قد ظلمني أو بهتي أو قال في ما ليس في فإني أشهدك أني غفرت لهم رغبة في رضاك يوم القيامة { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.

اليوم نودع كذلك يوم جديد من أيام رمضان المبارك، وبدأت أيامه تتناقص كما ترون عسى ربي أن تقبل منا هذه الأيام العظيمة كلها من أيام حياتنا، وأعمارنا في هذه الأرض، وما بقي إلينا إلا أن نتسابق، ونستثمر باقي هذا الأيام العظيمة.. اللهم آمين.

إلى أن نراكم في حلقة قادمة؛ لنروح بها معكم عن قلوبنا في هذه المعاني الطيبة..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1959_0_2_0