الحقوق محفوظة لأصحابها

محمود المصري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. بسم الله .. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أما بعد:

فمرحبًا بإخواني وأخواتي وأهلي وأحبابي مرحبًا بكم جميعا مع "مسك الختام".

ربنا يجعل حياتنا كلها مسك .. ويجعلها كلها سعادة وسرور .. ويجعل آخر يوم في حياتنا هو مسك الختام. ربنا يرزقنا حسن الخاتمة يا رب العالمين .. اللهم آمين ..

هدفنا الأول والأخير هو مرضاة الله، لما تسال أي مسلم نفسك في إيه؟ يقولك نفسي ربنا يرضى عني، طيب نفسك في إيه تاني؟ يقولك برضه نفسي ربنا يرضى عني، لأنه لو رضي عنك ها يسعدك في الدنيا، وها يحسن ختامك وها يسعدك في الآخرة .. وأنت مش عايز حاجة أكثر من كده، وربنا يكرمنا ويكرمك يا رب العالمين.

الحقيقة الموضوع في غاية الأهمية، ورأيت أنه إحنا من باب البشريات ومن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعثروا".. رأيت من باب البشرى الجميلة أنه إحنا نبشر الناس ببعض الخواتيم الجميلة اللي شافها بعض الصحابة وبعض التابعين وبعض الناس الذين يعيشون في عصرنا هذا، من باب أنه إحنا نفتح نفسهم من باب أنه فيه أمل والمولى عز وجل يقول: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.. (الأحزاب:23) وإن شاء الله فيه أمل أنه ربنا يرزقنا جميعا حسن الخاتمة، وإن شاء الله فيه أمل أنه إحنا نجتمع جميعا في الفردوس الأعلى، إن شاء الله فيه أمل أن نصحب النبي في الجنة، الله آمين ..

موعدنا اليوم مع الصحابي الجليل اللي ربنا رزقه بمسك الختام وهو "عبد الله بن عمرو بن حرام" اللي هو والد جابر بن عبد الله رضي الله عنه وعن أبيه، عبد الله بن عمرو بن حرام قبل ان ينال نعمة وشرف الشهادة بأيام قليلة جدا رأى مبشر بن عبد المنذر، من مبشر بن عبد المنذر؟ كان ممن استشهدوا في غزوة بدر، فالمهم جاء له في المنام وقال له: يا عبد الله إنك قادم علينا بعد أيام، وطبعا دي هدية جميلة جدا للناس اللي عاشوا على معصية ربنا سنوات طويلة جدا، نقول له الباب مفتوح والأمل موجود والحمد لله، ايضا عبد الله بن عمرو بن حرام كما حكيت لكم عن عمرو بن الجموح، هذان الاثنين ما أسلموا إلى بعد سن الستين، حتى تعرف أنه إن شاء الله فيه أمل كبير جدا بس أنت أحسن الظن بالله وتقرب إلى الله، من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن آتاني يمشي آتيته هرولة ..

أسلم "عبد الله بن عمرو بن حرام" بعد سن الستين، وشاف هذه الرؤية، فراح للنبي عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله رأيت "مبشر بن عبد المنذر" في المنام وقال: إنك قادم علينا في هذه الأيام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام أبشر فإنها الشهادة.

في حديث رواه البخاري أن جابر بن عبد الله يقول: "لما حضر يوم أحد دعاني أبي ليلا، يعني كان صابح تاني يوم غزوة أحد، وليلا قام "عبد الله بن عمرو بن حرام" بدعوة ابنه جابر، قال: يا جابر ما أراني إلا سأكون مقتولا مع أول من يُقتل، ووالله ما تركت نفسا أعز علي منك غير نفس رسول الله .. يا الله على الأدب والجمال .. وإن علي دينا فاقضه عني، واستوص بأخواتك خيرا، فدخل في اليوم التالي في غزوة أحد فكان أول مقتول في غزوة أحد ..

شفت أحاسيس الناس الصالحين، وتعالى نرى كيف جاء مسك الختام، جاء في حديثين جمال جدا، الحديث الأول رواه مسلم أن سيدنا عبد الله بن حرام لما قتل جاءت أخته أو ابنته فصاحت، تبكي بصوت عال، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : "تبكيه أو لا تبكيه فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعته إلى السماء الدنيا".

الإمام النووي يعلق ويقول: يعني مثل هذا لا يبكى عليه، مثل هذا يُفرح له، أنه بمجرد أن مات وهو بيرفع إلى السماء ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعته إلى السماء الدنيا، يا الله ما هذه المنقبة العظيمة، بل هنا منقبة أعظم من دي، حديث رواه الترمذي بسند صحيح.

سيدنا جابر كان عنده كام سنة في ذلك الوقت؟ .. وكان هذه الموقف صعب جدا كان أصعب موقف على سيدنا جابر بن عبد الله، وأصعب موقف يمر على أي إنسان في موقف سيدنا جابر .. سيدنا جابر كان عنده حوالي 14 سنة وشوية، ولم يكن قد أتم 15 سنة، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبله في غزوة أحد، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقبل أي أحد إلا إذا تعدى 15 سنة، المهم جابر بن عبد الله كان ما يزال عمره 14 سنة وشوية، وقال له أبوه أن عليا دينا فاقضها عني، يعني عليه ديون من سيقضيها؟ جابر بن عبد الله.

الشيء الثاني: أنه قال له استوص بأخواتك خيرًا، هو عبد الله بن حرام ساب لابنه جابر كم بنت يربيهم؟ تسعة بنات، ومن أكبرهم؟ جابر بن عبد الله، جابر عنده 14 سنة وتحتيه تسعة بنات وأمهم ماتت، وجابر مطلوب منه أن يصون هذه الأمانة، ويربي تسعة بنات حتى يدخل بهم الجنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، صلى الله عليه وسلم .. فأحب النبي أن يطيب خاطر جابر بن عبد الله، فقال يا جابر، والحديث عند الترمذي بسند صحيح، قال يا جابر: أتدري ما صنع الله عز وجل بأبيك؟ فقال الله ورسوله أعلم، فقال: يا جابر إن الله لم يكلم أحد من البشر إلا من وراء حجاب، إلا اباك، فإن الله عز وجل قد كلمه كفاحا، يعني بغير حجاب، طبعا هذا الكلام بعد الموت، قبل الموت ما يحصلش، فإن الله عز وجل قد كلمه كفاحا، وقال عبدي .. انظر لكلمة عبدي لما تحس أنك عبد لله ولست عبدًا للقرش ولا للدرهم ولا الدينار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة" صلى الله عليه وسلم .. فقال: إن الله ما كلم أحدا إلا من وراء حجاب إلا أباك فإن الله كلمه كفاحًا، وقال عبدي تمنى علي، فماذا قال عبد الله بن حرام؟

بالله عليك لو أنت مكانه، وسايب تسعة بنات وسايب جابر بن عبد الله عنده 14 سنة ماذا تطلب؟ يارب أكرمني وبناتي يتزوجوا وتوسع على جابر .. والله ما طلب أمرا من أمور الدنيا ابدًا، إنما قال أتمنى أن أُرد إلى الدنيا مرة ثانية فأقتل فيك يا رب العالمين، فقال جل وعلا: إنه قد سبق القول مني انهم إليها لا يرجعون، فقال: عبد الله بن عمرو بن حرام، يا رب أخبر من ورائي حتى لا ينكلوا عن الجهاد في سبيل الله، فنزل قول الله عز وجل {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران:169).

والد جابر بن عبد الله، الله كلمه كفاحا، الله عز وجل كلمه كفاحا بغير حجاب، الملائكة رفعته إلى السماء الدنيا وأظلته بأجنحتها حتى رُفع إلى السماء الدنيا، كان أول مقتول وأول شهيد في غزوة أحد، في أكثر من هذا مسك ختام، يا رب ارقني الشهادة في سبيلك يا رب العالمين، اللهم ارقنا ميتة حسنة في سبيل الله، نموت ونحن نقرأ القرآن، نموت ونحن نذكر الله سبحانه وتعالى، نموت واحنا بنطوف حول الكعبة، نموت واحنا بنقبل أيدي أباءنا وأمهاتنا، نموت واحنا بنقدم لقمة ليتيم، نموت واحنا بنعمل أي خير، إن الله إذا أحب عبدا استعمله، قيل كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: ييسر له عملا صالحا ثم يقبضه عليه ..

فاللهم ارزقنا حسن الخاتمة وارزقنا مسك الختام يا رب العالمين ..

الدروس التي استفدناها لمسك الختام الذي حصل مع عبد الله بن حرام ثلاثة دروس:

أول درس: محبته للنبي، انظر ماذا قال لابنه؟ قال: والله إني لا أترك أحدا أو لا أترك نفسا أعز علي منك إلا نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهذا يذكرنا بموقف جميل قوي .. حديث رواه البخاري عن عبد الله بن هشام أن سيدنا عمر بن الخطاب في يوم من الأيام كان ماشي مع النبي وهو يضع يده في يد النبي صلى الله عليه وسلم وفي أثناء السير .. خطر على بال سيدنا عمر أن يقول هذه الجملة، قال: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من ولدي ووالدي ومن الناس أجمعين، إلا من نفسي .. يعني هو عمر بن الخطاب لم يقصد أنه نفسه أغلى عنده من الله، ولكن الآية لم تنص على النفس، {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.. (التوبة:24) فلم يذكر هنا النفس، وهو بناء على هذه الآية لم يذكر النفس، قال: أنت أحب إلي من أولادي ومن أبي ومن أمي ومن كل الناس إلا من نفسي.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسي، فقال عمر: فوالله لأنت أحب إلي من نفسي يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم وضح هذا الكلام كله في حديث في البخاري ومسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ومن الناس أجمعين" .. شوف المحبة، أنه أنت ما فيش حد عندك في الدنيا دي كلها أغلى من النبي، لا أبوك ولا أمك ولا زوجتك، ولا أولادك ولا نفسك، {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.. (الأحزاب: من الآية6) النبي أولى بك من نفسك، ده النبي، سيد ولد آدم، ده اللي ربنا أرسله رحمة للعالمي، هذا اللي ربنا قال عنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، صلى الله عليه وسلم.

ولذلك سبحان الله النبي عليه الصلاة والسلام يبشر بأناس ربنا يجعلنا منهم، كما عند أحمد بسند صحيح، يقول: "أشد أمتي لي حبًا قوم يكونون بعدي (اللي هو احنا، ربنا يجعلنا منهم يا رب) يود أحدهم لو أنه فقد ماله وأهله وأنه رآني" .. يقول أنه سيأتي من بعدي ناس يتمنى الواحد فيهم أن يفقد كل أمواله ويفقد كل عائلته بس يشوفني، يعني عنده استعداد يضحي بعائلته كلها، وبأمواله وممتلكاته ومنصبه وجاهه وكل شيء، حتى يرى الرسول صلى الله عليه وسلم .. طيب والله إحنا كده يا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بجد والله لا نقوله نفاق أو مجاملة أو رياء، بجد الواحد يتمنى أن يضحي بالدنيا دي كلها بس يراك مرة .. صلى الله عليه وسلم أسأل الله عز وجل الذي حرمنا رؤية النبي في الدنيا ألا يحرمنا رؤيته على الحوض، وأن يسقنا من حوضه الشريف شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا .. وألا يفرق بيننا وبينه حتى ندخل الجنة ونعيش مع النبي في الجنة صلى الله عليه وسلم.

إذًا أشد أمتي لي حبًا قومًا يأتون بعدي يود أحدهم لو أنه فقد ماله وأهله وأنه رآني .. هذا أول درس ..

تعلمنا مع عبد الله بن عمرو بن حرام، أن أغلى حاجة عندنا أو أن أغلى إنسان عندنا في الدنيا دي كلها هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه إحنا ما عندناش استعداد أن نقدم أي أحد في الدنيا على النبي .. ومن باب أولى ما عندناش حد في الدنيا نسمع كلامه قد ما نسمع كلام النبي، هذا من باب أولى، فأنا أحب النبي وحب النبي ليس كلام، حب النبي ليس شعار أرفعه، ليس يافطة أنا ماشي في الشارع أشيلها وأقول أنا باحب النبي وأنا من أتباع النبي، فين؟ أين اثر سمت النبي عليك؟ فين لما الواحد يشوفك يفتكر النبي صلى الله عليه وسلم .. أذكر أنه أحيانا أكون رايح أجدد رخصتي في المرور، أو أروح أقضي مصلحة في أي مكان أجد الناس بصرف النظر من ظهور الواحد على التليفزيون أن الناس اهتموا حواليك، ويبدأ هذا يسألك في أمر من أمور الدين، وهذا يسألك عن الآخرة، وهذا يسألك عن الصراط، وهذا يسألك عن الميزان، ومن يسألك عن الربا والحلال والحرام، فأقول للناس طيب إيه اللي خلاكم تسألوا ما أنتم كنتم قاعدين دلقوت ومنتظرين الرخصة والغرامات والمخالفات، قالوا: لما بنشوفك ونشوف المتدينين اللي زيك على طول نتذكر الله سبحانه وتعالى ونتذكر الآخرة ونتذكر أنه فيه جنة وفيه نار، فبناء على هذا نبدأ نسأل ..

لذلك أقول لأخي المسلم سمتك لوحده دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لما الناس تشوفك بأخلاقك وابتسامتك ومعاملتك وأمانتك وصدقك، ووفاءك دي دعوة لوحدها حتى ولو لم تتكلم أية كلمة، هو إحنا مطلوب مننا كلنا أن نكون دعاة على المنابر عمالين نعطي خطب رنانة وبس، أبدا حبيبي في الله، ده إحنا مطلوب مننا دعوة بأخلاقنا، الإنسان دعوة أخلاقية، قال النبي صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وفي رواية "صالح الأخلاق" ..

وقال صلى الله عليه وسلم : "أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" .. وقال صلى الله عليه وسلم "أكمل المؤمنين إيمانا أحاسنهم أخلاقًا" وقال صلى الله عليه وسلم "ما من أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق" ..صلى الله عليه وسلم .. إذًا حسن الخلق ذهب بخيري الدنيا والآخرة، خير الدنيا والآخرة يا جماعة في حسن الخلق، والناس لا تحب إلا الإنسان اللي عنده أخلاق حسنة، والناس تبغض الإنسان سيء الخلق، ربنا يرزقنا وإياكم حسن الخلق .. لا تنسى مسك الختام وماذا أعدتك لها؟ أعدت إيه؟ حبك للنبي .. ده لوحده عمل صالح من أعظم القربات التي تتقرب بها لله سبحانه وتعالى كي ترزق حسن الخاتمة، ده بعض الصحابة كان يحتفظ بشعرات من شعر النبي، لما حلق النبي صلى الله عليه وسلم ووزع شعره على الصحابة فما كان منهم إلا أن قالوا إن مت فخذ شعرة من شعرات النبي صلى الله عليه وسلم وضعها تحت لساني حتى أُسدد القول والجواب على الملكين حينما يسآلاني من ربك وما دينك ومن نبيك .. صلى الله عليه وسلم .. وكانوا يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم .

فأول زخيرة وأول كنز وأول ذات تتزود به بعد طاعتك وتوحيدك لله سبحانه وتعالى هو حبك لرسول الله واتباعك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك لما تتذكر الحديث لما جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم والحديث في البخاري ومسلم قال: "يا رسول الله متى الساعة؟ قال: وماذا أعدت لها، قال ما أعدت لها كثيرًا من صلاة ولا صيام غير أني أحب الله ورسوله، قال: فأنت مع من أحببت" يقول أنس: فما فرحنا بعد الإسلام بشيء مثل فرحنا بهذا الحديث، لماذا؟ قال فأنا أحب رسول الله وأحب أبا بكر وعمر وأرجو أن أُحشر معهم وإن لم أعمل بمثل عملهم فمن أسباب مسك الختام، حب سيد الأنام صلى الله عليه وسلم قربى عظيمة تتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى .. فيكون أول درس نتعلمه من مسك الختام بتاع عبد الله بن عمرو بن حرام محبة النبي صلى الله عليه وسلم ..

الدرس الثاني: أن تحس وتشعر بأمانة الدين، موضع الدين هذا أمر ثقيل جدا وعظيم، أوعى تفرط فيه، الناس اللي بتستهتر في موضوع الديون، يا جماعة دي مظالم أنك تموت وعليك دين، دي مصيبة، أنك يبقى عليك دين، النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما عند مسلم "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا دينار، قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته خلصت الحسنات يا رسول الله، قال فإن فنيت حسناته أُخذت من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طُرح في النار ..

طيب كيف أؤدي ديني؟ النبي صلى الله عليه وسلم وضحها لنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري قال: من أخذ أموال الناس يريد اداءها أد الله عز وجل عنه، يا سلام .. يا أخي مجرد ما تستحضر النية الطيبة، يا رب أنا ناوي أؤدي بس خد خطوة عملية، واحد له عندك فلوس روح أعطيه جزء، وقول له والله أنا في نيتي أؤدي، ورب الكعبة بوعدك الصادق، ... أنت مصدق النبي صلى الله عليه وسلم النبي بيقولك كده، من أخذ أموال الناس ويريد أداءها، من سيؤدي عنك؟ الذي سيؤدي عنك الله، الغني الكريم سبحانه وتعالى، طيب افرض مت قبل ما أسدد باقي الدين، ربنا سيتولى أن يرد عنك هذا الرجل حتى يدخلك الجنة، سيعطيه قصر أو يعطيه أي شيء من نعيم الجنة حتى يتنازل عن هذه المظلمة .. بس تكون أنت عندك نية، يكون عليك 50 ألف تدفع جزء تقول له هذه 10 آلاف وادعو لي لأنه كلما ربنا وسع علي ها سد .. مت قبل ما تسد باقي الفلوس الله سبحانه وتعالى سيسد عنك، شوف المعنى يا أما يوسع عليك في الدنيا فتسد، يا أما أنت تموت ونيتك السداد فربنا يسد عنك في الآخرة.

لأنه يا جماعة الدين امر عظيم، فيه أعظم في الدنيا دي كلها بعد الأنبياء والصديقين، فيه أعظم من الشهيد؟ ورغم ذلك يحبس على باب الجنة بسبب الدين، أي نعم ربنا ها يرد عنه خصومه وها يدخله الجنة، بس هو يُحبس قبل ما يتسد عنه الدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم، يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين، طيب فيه حاجة تانية تساعدني على اداء الدين غير انه يكون عندي نية انه أنا أؤد، نعم فيه دعاء جميل قوي ..

حديث رواه أحمد ورواه أبو داوود والترمذي بإسناد حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد الصحابة لما وجده مهموم وزعلان ومتضايق، قال ما بك؟ قال دين علي يا رسول الله لا استطيع له قضاءًا، قال: أنا أدلك على كلمات إذا قلتهن أدى الله عز وجل ما عليك من الدين ولو كان عليك مثل جبل صبير دينا، قلت بلى يا رسول الله، قال قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك، وده الدرس الثاني.

الدرس الثالث والأخير حتى نختم به درسنا اليوم، حتى نصل في النهاية لمسك الختام، ونتذكر الميتة الجميلة لعبد الله بن عمرو بن حرام اللي ربنا كلمه بغير حجاب، اللي ربنا أمر الملائكة أن تظله بأجنحتها حتى رُفع إلى السماء الدنيا مسك الختام في ختام أجمل من ذلك، الدرس الثالث: أمانة الرعية ...

أخي وحبيبي يا للي ضيعت رعيتك، ياللي سبت بناتك من غير حجاب، يفتنوا الشباب المسلمين وكل ده في ميزان سيئاتك، والله أنا ما أرضى لك كده أبدا، ليه يا حبيب قلبي تصوم وتصلي وتعمل كل العبادات وبعد ذلك تنقض ذلك الغزل وكل هذه الحسنات بأنك تسيب بناتك يمشوا في الشارع بغير حجاب، ربنا بيقول: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً}.. (النحل: من الآية92) .. ليه؟ ليه عمال تبني جبال حسنات وبناتك عمالين يهدولك الجبال ويحملوك كمان جبال سيئات، ليه يا أخي؟ يمكن أنت تكون صايم في رمضان وبنتك في الشارع لابسه استريتش أو لابسه بادي فتنت في الشارع عشرة من الشباب خلتهم يفطروا في رمضان، يبقى عليك تسعة أيام بدل ما كان لك يوم، اتحسب عليك عشرة أيام وأنت صايم يوم يبقى أنت عليك تسعة أيام، تخيل المأساة اللي أنت ممكن تعيشها ..

أخي الحبيب ربنا سبحانه وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}.. (التحريم: من الآية6) وذكرها بصيغة النكرة للتعظيم والتفخيم من شأنهم، نار صعبة جدا، قوا أنفسك وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة، كل ما ينزل الناس فيه تشتعل أكثر، {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ}.. (التحريم: من الآية6) طيب ما هي غلاظ وحدها كفاية، أو شداد لوحدها كفاية، لا الاثنين، غلاظ ما عندهمش قلب مش ها تصعب عليهم ولن يقولوا حرام لا .. ها يعملوا فيك ما يؤمرون، شداد لن تستطيع أن تقاومهم، ملائكة .. الواحد فيهم لو ضرب الأرض بجناحية لقسمها نصفين، فتخيل حضرتك غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون ..

وصية حبيبك صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"

أخب الحبيب حافظ على ولادك، حافظ على بناتك، أسأل ولادك، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع، علم ولادك، ربيهم لله أولا، ثم لنفسك، وها تنتفع والله العظيم دنيا وآخرة بتربية أولادك، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث .., من بينها أو ولد صالح يدعو له" بل أنك ترتقي درجات الجنة بسبب دعاء واستغفار هذا الولد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم إن الرجل لترفع درجاته في الجنة، فيقول أنى هذا، أنا لا أستحق هذه الدرجة، ازاي ارتفعت الدرجة اللي بعدها دي، فيقال باستغفار ولدك لك، الله .. الله على الأب اللي حاسس بالمسؤولية، الله على الأب والأم اللي حاسين أن أولادهم دول أمانة، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ )(الطور: من الآية21)، لو درجتك في الجنة أعلى من درجات أولادك، أو درجات أولادك في الجنة أعلى من درجتك، إكراما لك يا رجل يا مؤمن ياللي ربيت أولادك على الطاعة إكراما لك يا أختي يا مؤمنة ياللي ربيت أولادك على الطاعة، ربنا يخليكم أنت الاثنين مع بعض في نفس الدرجة في أعلى درجة .. فيه أكثر من ذلك ..

يا سبحان الله، عشان كده بنقول نسعى، عندنا ثلاثة حاجات استفدناها من مسك الختام اليوم لعبد الله بن عمرو بن حرام، أول شيء محبة النبي، ذات كبير تتزود به في رحلتك للآخرة، يا رب أنا بحب النبي، فأنت مع من أحببت .. الزاد الثاني سوف أؤدي الديون التي علي كلها، ما لحقتش، إن شاء الله ربنا سيؤدي عنك، من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عز وجل عنه، الحاجة الثالثة ربي أولادك، كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، عبد اله بن عمرو بن حرام قال لابنه جابر قال: واستوص بأخواتك خيرا.

تربية الأولاد وتربية البنات، وخصوصا البنات، تربيتهم على الطاعة وفرحك بأن دي بنت وزعلان بقى أنك ما بتخلفش غير بنات، كان أغلب أبناء الأنبياء كانوا بنات، سبحان الله، يعني حاجة حتى راضي ومبسوط وعايش وأنت مبسوط والحمد لله، وراض بقضاء الله سبحانه وتعالى، تربية البنت والإحسان إلى البنت والله سبب من اسباب سعة الرزق، تاني حاجة، ستر من نار جهنم، ثالث حاجة، سبب لدخول الجنة، رابع حاجة سبب لمجاورة النبي في الجنة ..

يبقى لو ربك أكرمك وعملت زي ما عمل عبد الله بن عمرو بن حرام حب للنبي، أداء للدين، تربية للأولاد إن شاء الله ده كله ممكن يوصلك لمسك الختام

لا ننسى ان نرفع الشعار اللي مش ها ننساه أبدا طول الشهر ولا العمر كله .. وماذا أعددت لها؟

أخي الحبيب راجع نفسك، واعمل لها كشف حساب، وشوف أنت عايز إيه بالضبط ..

أتمنى أن يرزقني الله وإياكم مسك الختام .. جزاكم الله خيرا على حسن الاستماع .. أحبكم في الله.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1913_0_2_0