الحقوق محفوظة لأصحابها

عمرو خالد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. أهلاً بكم، لنكمل سويا "دعوة للتعايش". ولنكمل مع سيرة الإمام مالك إمام من أئمة التعايش وسيرة الأئمة الأربعة تعتبر من أوضح وأجمل الأمثلة عن التعايش في الدنيا في مجتمعنا الحالي . كيف نعيش مع بعضنا البعض؟ كيف نختلف في الرأي ونحترم بعضنا البعض ؟

إن أول درس علمه الله عز وجل للبشر هو التعايش من خلال ابني آدم. أخوان من أم واحدة وأب واحد وعائلة واحدة وذو دين واحد ولون واحد وهما أصل الأرض ولم يستطيعا أن يعيشا سويا فقال تعالى: " .......فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ........." المائدة27. عندما نسمع كلمة الآخر تتجه الأذهان إلي الغرب لكن المقصود بالآخر هو أي شخص نتعامل معه. لذلك في الآية السابقة استخدم الآخر كناية عن أخيه وذلك لأنهم مختلفين في التفكير. والهدف من سرد قصص الأئمة الأربعة والصحابة والتابعين هو أن نكون سبب في تضميد جراح أحد في العراق، وقف حالة طلاق، إيجاد مساحة تفاهم مشتركة بين والد وابنه الذي في مرحلة المراهقة،و لعل الغرب يتأثر بثقافة التعايش الأصيلة في ديننا، نرجو من ذلك تغيير الناس للأفضل والتعايش مع الغرب رغم الاختلاف لأننا لدينا من الثوابت في حياتنا لا يمكن التخلي عنها كالحجاب.



هيا بنا في هذه الحلقة نستكمل قصة حياة الإمام مالك؛ هو مالك بن أنس ابن مالك وهو ليس ابن الصحابي الجليل أنس بن مالك. أصل عائلته من اليمن جده و كان يعيش في اليمن ثم هاجر إلي المدينة المنورة وكان جده في كنف قبيلة بني تيم - أحفاد أبو بكر الصديق – ولذا كان ذو علاقة وثيقة بعائلة أبي بكر الصديق. ونرى أن الإمام مالك جمع بين فقه كل من أبو بكر نتيجة علاقته الوثيقة بقبيلة بني تيم وفقه عمر بن الخطاب لأنه تتلمذ على يد نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب، ولذا جمع بين فكر كل من أبي بكر الذي يتسم بالرحمة بالناس والتيسير وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( كان أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ) وفكر عمر بن الخطاب الذي يتسم بالبحث عن مصلحة المسلمين، ومن هذا يتضح لنا ،أن الاختلاف ثراء وتكامل. ويوجد في رواية أخرى إن الإمام مالك من الموالى-العبيد الذين حرروا_ ولقد عاش الإمام مالك من 93 –185 هجرياً وقيل 179 هجريا أي كان عمره 92 أو 86 سنة ولقب بعالم المدينة وإمام دار الهجرة، ونجد هنا نقطة هامة في التعايش. ألا وهى كيف قيل انه من الموالى ورغم ذلك لقب بهذه الألقاب؟ وكيف خلال 50 عاما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم قبلت العرب أن يكون إمامهم ومعلمهم من العبيد؟ كيف حدث هذا التعايش في المجتمع بين الطبقات المختلفة على نقيض ما نراه الآن في المجتمعات العربية فنجد أحياء فقيرة جداً وأحياء غنية جداً ولا يفصلهم سوى سور، ويرجع هذا التعايش بين الطبقات في المجتمعات العربية القديمة إلي قيام القران برفع شأن العبيد والتخلص من الفروق الشاسعة بين الطبقات لذا جعل الإسلام كفارة العديد من الأخطاء تحرير رقبة(.... فَتَحْرِيرُ رَقَبَة.....) النساء92ٍ، ولم يقم الإسلام بتحرير العبيد مرة واحدة حتى لا تحدث فوضي في المجتمع. ويقال أن الإسلام لم يحرر العبيد هذه مقولة خاطئة لأن الإسلام حرر العبيد على مراحل. ولقد قام الصحابة بتحرير العبيد، تزويج أبنائهم من إيماء حرروا ولهذا اختفت الطبقية في الجيل الذي خرج منه ابن مالك.

كان والد الإمام مالك نبَال أي صانع نبال رغم أن جده كان عالم كبير، وبالرغم أن والده كان نبال فلقد قبل المجتمع وجوده كعالم كبير ولقد كان يجلس بين يديه الخليفة هارون الرشيد كي يتعلم منه. فهل نستطيع في مجتمعنا الآن أن نتعايش مثلهم ونزور المجتمعات الفقيرة ودور الأيتام.

أنجب الإمام مالك ثلاثة أولاد (يحيى ومحمد وعبد الله) وبنت واحدة (فاطمة)، ولقد كانت فاطمة مثل والدها عكس ولده الكبير يحيى فلقد كانت تجلس فاطمة خلف الجدار عند بداية الدرس عندما كان يبدأ الطلاب في قراءة الموطأ وعندما يخطأ أحدهم تخبط ثلاث مرات على الباب فيفهم الإمام مالك أن أحد الطلاب اخطأ لأن فاطمة أعلم بالموطأ من الطلاب. على النقيض تماما ولده يحيى الذي كان يلهو مع الصبيان طيلة اليوم وكان مختلفا في ملبسة وهنا نرى حكمة الإمام مالك في التعامل مع ولده يحيى رغم إنه متألما من ذلك الفرق بين يحيى وفاطمة فلم يجبره على شئ أبدا عكس ما نرى من أباء اليوم فلقد كان دائماَ يقول: إنما الأدب أدب الله هذه بنتي وهذا ابني، لعل الله يصلحه. ولقد أصلح حال يحيي بعد وفاة الإمام مالك.



رحلة حياة الإمام مالك:

تميز الإمام مالك بأنه منفتح رغم انه عاش طيلة حياته داخل المدينة المنورة وسر هذا الانفتاح هو أنه تعلم على يد العديد من العلماء الذين يشكلون العديد من المدارس ويمتلكون عقول وأفكار مختلفة. ولقد واجه العديد من المتاعب خلال رحلة تعليمه فقال:والله لقد كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت على العلم. ونستدل من هذا الحديث على أنه واجه الإخفاق في بداية حياته ومن هنا يجب عدم اليأس وهذه ملاحظة هامة للتعايش مع النفس وذلك يتحقق بمواجهة النفس بالمشاكل والأخطاء.





أساتذة الإمام مالك:

1. ربيعه: ولقد اختارت والدة مالك هذا العالم، وقالت له تعلم أدبه قبل علمه لأنه كان مثال للعالم المهذب فلقد كان يهتم بمظهره وطريقة جلوسه.فيتعلم منه الذوق والعلم.

2. ابن هرمز: اخذ يتعلم منه لمدة ست سنوات، قال مالك: كنت لا أخلطه بغيره.كان ابن هرمز كباقي العلماء يعطى درس في المسجد النبوي لكن مالك كان مصرا أن يأخذ المزيد من علمه فيقول مالك: كنت أذهب علي باب ابن هرمز فأبقى بالساعات لا أريد أن أطرق الباب حتى يشعر ابن هرمز بوجود حركة على الباب-ويبدو أن مالك كان يتعمد إحداث حركة على الباب – فيقول للجارية: افتحي، فتقول الجارية:الغلام الأشقر، فيقول: ادخليه، يقول مالك: فادخل فأقول للجارية إذا جاء غيري من الصبيان يريدون الإمام خذي هذه الحلوى وقولي لهم الإمام مشغول خذوا هذه الحلوى. ويضيف مالك: أتيه من الفجر أقف على الباب لا أطرق الباب حتى يشعر بي فادخل فيقول ابن هرمز: جاء العالم، أنت اليوم مليكاً ولكنك ستصير مالكاً ستكون وعاءا من أوعية العلم، فيا مالك إذا صرت مالكا اتقى الله. وقد كان عمره 12 أ, 13 عاما، ويقول كنت ادخل عند ابن هرمز فيرخى الستر ويغلق الباب فأبقى عنده حتى الليل هكذا. عندما أصبح ابن هرمز كبيرا في السن فقد بصره ولذا كان يقوم مالك بمرافقته وإيصاله للمسجد والبيت وذلك حتى يستفيد من علم ابن هرمز طيلة الطريق. وبمرور الأعوام اصبح ابن هرمز عندما يسأله أحد لا يجيب ما عدا مالك وأصبح يقصر علمه على مالك فقط فلم سئل عن سبب ذلك قال: أما أنا اليوم فقد ضعف بدني وأخشى أن يكون قد ضعف عقلي مثل بدني، فأما أنتم تسألونني فإذا أجبتكم قبلتم ما أقول، أما مالك فلا يسمع مني فإن استوعبه وعقله قبله وإلا تركه فهو أفضل عندي. نستدل من ذلك أن التعايش ليس الذوبان مع الغرب.

3. نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب: وكان يجمع بين علم عمر بن الخطاب وولده عبد الله وقد كان من العبيد وعبد الله بن عمر حرره. يقول مالك: كنت أمشى في الحر حتى ما يكون بيني أي ظل أبقى على باب نافع حتى يفتح لي فيخرج نافع من بيته فلا أتعرض له لكن أنتظر من بعيد انظر في وجهه هل قسمات وجهه مستريحة منبسطة، فانتظر وأراقبه ساعة حتى يبتسم لشيء فأذهب إليه وأتعرض إليه كأني لم أراه إلا الساعة وأسلم عليه ثم أتركه.( وهذه صورة أخرى من صور التعايش مع المشاهير وأصحاب العلم) بعد ذلك عندما يجده يتحدث مع شخص أخر يذهب إليه أقول إليه أخبرني أقال عبد الله بن عمر كذا وكذا ويستكمل مالك قائلا: حتى التفت إلىَ نافع فقال لي: ائتني في بيتي فأخذت علم عبد الله بن عمر وعمر بن الخطاب، نلاحظ أن فقه عمر بن الخطاب يقوم على مصلحة الناس_ لذا نجد أن فقه الإمام مالك تتجه لما فيه مصلحة الناس- وهناك العديد من الأمثلة فعندما توفى العديد من الصحابة حفظة القرآن ذهب إلى أبو بكر واقترح عليه فكرة جمع القرآن، فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، فقال عمر: هو خير، فيقول عمر: فمازلت بأبي بكر حتى شرح الله صدره للفكرة. مثال أخر: كان في عهده أمر ألا يصرف عطاء للأطفال حتى يتم فطامهم فاضطرت الأمهات إلى أن تفطم أطفالها مبكرا حتى يحصلوا على هذا العطاء، فلما علم ذلك قرر أن يصرف العطاء بمجرد ولادة الطفل.



4. ابن الأشهب: كان يتصف بأنه لا يعيد ما يقول وفي إحدى المرات نسى الإمام مالك أن يحضر ورقة وقلم معه في الدرس، وكان ابن الأشهب يقول العديد من الأحاديث فوجد خيط فأخذ كل ما يقال حديث يعمل عقدة حتى صارت ثلاثين عقدة أي ثلاثين حديث فأخذ يسترجع ما حفظه من الأحاديث وجد أنه تذكر 29 حديث ونسى واحد فقط، فذهب إلى ابن الأشهب وقال له أعد علىَ ما قلت، فقال ابن الأشهب: ألم تحفظ؟، فرد مالك حفظت 29 من ثلاثين حديث، قال ابن الأشهب: وقد ضاع الحفظ في هذا الزمان. فيقول مالك: والله لا أنسى كلمة بعد اليوم. فذهبت إليه في يوم أخر يوم العيد، قلت كل الناس يوم العيد يعودون إلي بيوتهم وبالتأكيد سأجد بن الأشهب وحده فذهبت وتعرضت له وهو عائد إلي بيته ووقفت بجوار البيت دون أن أتكلم.ودار هذا الحوار:

ابن الأشهب: مالك؟

مالك:جئت إليك أتعلم العلم.

ابن الأشهب: يوم العيد!!

مالك:قلت لنفسي هذا اليوم الوحيد الذي أجدك فيه فارغاً.

ابن الأشهب: ادخل. فدخل مالك

ابن الأشهب: ماذا تأكل؟

مالك: لم أتى للطعام أتيت للعلم.

ابن الأشهب: سأعطيك عشرين حديث للنبي صلى الله عليه وسلم مع تفسيرهم.

مالك: الله أكبر.

ابن الأشهب: اكتب.

مالك: لا حاجة ليَ إلي الكتابة صرت أخذ منك دون أن اكتب.

ابن الأشهب: أنت وعاء من أوعية العلم.

5. عائشة بنت سعد بن أبى وقاص: بنت سعد بن أبى وقاص فاتح القادسية، قال ابن الأشهب لمالك: ألا أدلك على وعاء من أوعية العلم في المدينة، فرد مالك: نعم دلوني عليه يا ابن الأشهب، قال مالك: من؟، قال ابن الأشهب: اذهب إلي عائشة بنت سعد بن أبى وقاص.( وهنا يتجلى لنا دور المرأة وقيمة التعايش معها في المجتمع).



6. جعفر الصادق: انبثق منه كل علم أهل الشيعة. وهنا نرى أن أحد أكبر أئمة السنة تتلمذ على يد أكبر أئمة الشيعة فلم يكن الخلاف بين السنة والشيعة جلياً كما يحدث الآن، فلقد كان جعفر الصادق يقول: أفتخر أن جدي أبو بكر الصديق وأفتخر بحب علي لعمر بن الخطاب، ويقول: ولدنى أبو بكر مرتين لأن أمي من عائلة أبو بكر وجدتي أسماء بنت عبد الرحمن بنت أبي بكر وتزوجت من علي بن أبي طالب. وكان دائم الثناء على أبى بكر وعمر بن الخطاب.

وبهذا جمع الإمام مالك بين علم كل من الشيعة، المرأة، عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق. ويقول مالك: فلم أفتى حتى شهد لي سبعين من علماء المدينة أن أجلس للفتوى وأنا 17 سنة ( يتجلى لنا هنا قيمة التعايش مع الشباب). وعقد لإمام مالك اختبار قبل أن يجيزوا له الفتوى وعقد له الامتحان ربيعه واثنان من العلماء وسئل السؤال التالي: من هو يا مالك سفلة الناس؟ (هو سؤال في الحياة)، فأجاب مالك: أسفل الناس من يأكل بدينه، فسئل: وما دليلك على ذلك؟ فأجاب مالك: قول الله تبارك وتعالى يعيب على قريش (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُون) الواقعة82، فسئل من أسفل منه؟ قال مالك: كل من لغيره بدينه.( أي خسر الدنيا والآخرة)، فقيل: أجزتك أن تجلس للفتوى.



ومن هنا نستفيد من تجربة والديَ الإمام مالك ونطرح سويا تجربة أجريت على عشرة من الأطفال وتابعوا ثمار هذه التجربة لمدة 15 عاماً فقاموا بما يلي: خمس من الأطفال أبلغوا آبائهم أن يجبروهم على عدم شرب المياه الغازية أثناء تناول الطعام، ومع الخمس الأطفال الآخرين قاموا بعدم منع الأطفال من شرب المياه الغازية أثناء تناول الطعام وتركوا لهم حرية الاختيار مع الأخذ في الاعتبار إن لم يشربوا خلال الطعام سنعطيهم اثنين بدلا من واحدة لكن بعد الطعام. وقاموا بتطبيق هذه الطريقة مع العديد من الأشياء. وبمتابعة هؤلاء الأطفال بعد 15 عام وجدوا أن أطفال المجموعة الأولى الذين تعرضوا للقهر قدرتهم علي مقاومة المغريات والغرائز ضعيفة بينما أطفال المجموعة الأخرى مقاومتهم للمغريات والغرائز أكبر بكثير من أطفال المجموعة الأولى، وهى نفس فكرة الدنيا والآخرة.



التعايش بين العلماء والإمام مالك:

· ظل الإمام مالك يحضر عند نفس العلماء دروسهم حتى بلغ أربعين عاما، وهذه من مقومات التجدد.

· قدم بن شهاب إلي ربيعه في بيته، فخرج ابن شهاب يقول ما ظننت بالمدينة مثل ربيعه وطلع ربيعه يقول ما ظننت أن في العلم من هو مثل ابن شهاب. فيقول مالك: ففرحت لتألفهما.

· كان مالك جالساً مع ربيعه وابن شهاب وجاء أحد الناس في شئ فأجابه ربيعه وهنا نظر بن الأشهب إلى مالك فبد عليه انه غير موافق علي إجابة أستاذه ربيعه، فقال ابن الأشهب: ماذا عندك يا مالك؟ فسكت مالك، فأذن له ربيعه قائلاً: قل يا مالك، فقال مالك: الرأي عندي كذا وكذا (عكس ربيعه)، فقال ابن الأشهب:والله هذا هو الحق وقال ربيعه: هذا هو الحق، فقالوا له: لما لم تتكلم؟ فرد مالك: أدبا بين يدي أستاذي. وهنا نجد أن الفتوى المطلوبة هنا ليست كبيرة فوجد مالك أن الأدب والائتلاف أولى من التصحيح على الأستاذ. وهنا نذكر موقف للإمام الشافعي أنه عندما ذهب عند مسجد الإمام أبو حنيفة عظم فقه أبو حنيفة في الصلاة على فقهه لأنها فروع وقال هذه القاعدة: جواز الاقتضاء بالمخالف في الفروع.



أناقة الإمام مالك:

· في ملابسه: كان يعتني جدا بملابسه. قالوا عنه: كان يلبس رقاق الثياب، يلبس الثياب القادمة من مصر، يرتدى الحلة العدنية ونقول هذه تساوى الكثير.

· في منزله: كان يضع العديد من البسط والسجاجيد، وكان يكتب على باب منزله من الخارج عبارة ما شاء الله، وعندما سئل عن سر كتابة تلك العبارة قال: أجمل للبيت وتذكرني بقول الله تعالى (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.....) الكهف39

· كان يمتلك خاتم من الفضة مكتوب عليه حسبي الله ونعم الوكيل، يقولون كنا ننظر في الخاتم من حلاوة الخط.

· الطعام: كان يعطى أهل بيته راتب درهمين كل يوم حتى يشتروا اللحم كل يوم، ويحب الفاكهة خاصة الموز معللاً ذلك لتواجده طوال العام.

ولقد أخذ عليه بعض الناس اهتمامه بأناقته فيرد عليهم قائلاً: أيؤخذ دين الرجل بلمبسه؟ ثم يقول إن الله جميل يحب الجمال.



مالك والمتصوفين:

أحد المتصوفين يحيى بن يزيد بعث له خطاب وكتب فيه: إلي مالك بن أنس، أما بعد فقد بلغني أنك تلبس الدقاق وتأكل الرقاق وتجلس علي الوطء وتجعل علي بابك حجاباً وقد جلست مجلس للعلم وقد ضرب الناس إليك يرتحلون يتخذونك إماماً فاتقى الله يا مالك وعليك بالتواضع في المأكل والملبس والمسكن، كتبت إليك بالنصيحة كتاباً ما اطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى.

فيرد مالك عليه: أما بعد فقد وصل كتابك فنزل مني موضع النصيحة والشفقة والأدب أمتعك الله بالتقوى وجزاك بالنصيحة خيراً وأسأل الله تعالي التوفيق، أما ما ذكرت من أنى أكل الرقاق وألبس الدقاق وأحتجب وأجلس علي الوطء فأنا فعلاً أفعل ذلك وأستغفر الله من الحرام ولكن قال الله تعالى: ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف32، وإني لأعلم إن تركها خير ولكن كل ميسر لما خلق له، فإن كنت أنت يسرت أنت لذلك فقد يسرت أنا لذلك وفي كلانا الخير إن شاء الله ولا تدعنا من كتابك فلست أدعك من كتابي ومن دعائي.ولكن في مجتمعنا الحالي نجد النقيض فبمجرد أن يختلف الناس يقومون بتجريح بعضهم البعض ولقد النبي صلى الله عليه وسلم: أية المنافق ثلاثة منها- وفي رواية أخرى أربعة- إذا خاصم فجر. يتبقى لنا سؤال يدور في الأذهان كيف وصل لنا أمر هذا الكتاب؟ قام الإمام مالك بنشره حتى يتعلم الناس.



الإمام مالك عابداً:

كان كل يوم جمعة يقيم الليل حتى الفجر بالصلاة وقراءة القرآن، ولقد سمع ليلة يبكى من قول الله تبارك وتعالي: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم )التكاثر8، فقد ظل يردد تلك الآية وهو يبكى، ومع ذلك فهو منفتح ومتعايش مع المجتمع.

المصدر: http://daraltarjama.com/dt/block.php?name=e3dad_articles&item_id=1055

Daraltarjama.com©جميع حقوق النشر محفوظة

يمكن نشر ونسخ هذه المقالة بلا أي قيود إذا كانت للاستخدام الشخصي وطالما تم ذكر المصدر الأصلي لها أما في حالة أي أغراض أخري فيجب أن يتم الحصول على موافقة كتابية مسبقة من إدارة الموقع

management@daraltarjama.com :للاستعلام