الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

أيها الأخوة الكرام، الأسماك في البحار شأنها كشأن البشر، عندهم قتال، وحروب، وقتلى، وجرحى، نقف عند موضوع جراح الأسماك، سمكة عضتها سمكة كبيرة فجرحت، أي عندنا ظاهرة عجيبة جداً هي سرعة التئام جروح الأسماك بسرعة لا يعهدها الإنسان، تقريباً خمس الوقت الذي يحتاجه الإنسان لتلتئم جراحه، فالعلماء ظنوا أن ملوحة مياه البحر أحد أسباب هذه السرعة في التئام الجروح، جاؤوا بماء وأعطوه ملوحة البحر، وجرحوا سمكة فلم تلتئم السمكة، فبهذه التجربة نفيت هذه الفرضية بأن المياه المالحة هي التي تسبب سرعة التئام جراح الأسماك.

 أثناء البحث في هذا الموضوع وجدوا أن السمكة التي جرحت تأتي سمكة أخرى تلتصق بها، شيء عجيب ما الحكمة من هذا الالتصاق ؟ ثم تأكدوا أن هذه الأسماك حينما تلتصق بالأسماك الجرحى تعطيها مادة، هذه المادة سامة وضارة في ظاهرها، لكن هذه المادة السامة الضارة من خصائصها تخثير الدم، وانقباض الجلد والعضلات، فيها مادة لاصقة، مادة تخثر الدم فالشرايين تسد فوراً، ومادة تقرب من الجلد والعضلات، ومادة لاصقة، شيء عجيب.

جاؤوا بهذه المادة و وضعوها على جرح إنسان، فالتأم هذا الجرح بثلث المدة التي يلتئم فيها عادة، فإذا شخص جرحت يده و وضع لها ضمادات في الأعم الأغلب بعد يومين أو ثلاثة يلتئم الجرح.

 عندما جاؤوا بهذه المادة السامة الضارة التي أخذوها من جلود الأسماك حينما تلتصق بزميلاتها الجرحى، وجدوها مادة سامة ضارة، ولكن فيها مادة تخثر الدم، ومادة تقرب من العضلات والجلد، ومادة لاصقة، وضعوها على جراح الإنسان فالنتيجة كانت عجيبة جداً، أن هذه الجراح التأمت في ثلث المدة التي تلتئم بها الجراح عادة، صنع من ؟ حكمة من ؟ قدرة من ؟.

عدم فساد حياة الأسماك في الأعماق بقدرة الله عز وجل و إتقان صنعته :

 كلكم يعلم أن الغواصة بعد مئتي متر تتحطم، ضغط الماء مرتفع جداً، فالغواصة معها جهاز مقياس للارتفاع، مرة غواصة فرنسية تحطمت لأن جهاز الارتفاع تعطل، فقائد الغواصة غاص بها أكثر من مئتي متر فتحطمت.

 إذاً كيف تعيش الأسماك في خليج مريانا ؟ في المحيط الهادي الذي يقدر عمقه بأكثر من اثني عشر ألف متر ؟ على المئتي متر تتحطم الغواصة، و الأسماك تعيش على عمق يقدر باثني عشر متراً تحت سطح الماء، ما شأن هذه الأسماك ؟ قال : لها فتحة مربوطة بين ظاهرها و باطنها، هذه الفتحة تجعل الضغط متساوياً، إذا شخص مثلاً لا سمح الله صار بالقرب منه خرق لجدار الصوت، هناك احتمال كبير أن يتحطم غشاء الطبل عنده، بماذا ينصح ؟ بفتح فمه، عندما يفتح فمه الضغط دخل، فأصبح هناك توازن في الضغط بين داخل الفم و خارجه.

 فالأسماك التي تعيش تحت اثني عشر ألف متر بفضل الله هناك توازن في الضغط بين الخارج و الداخل، فلذلك عندئذ لا تفسد حياتها في هذه الأعماق.

دقة من ؟ علم من ؟ حكمة من ؟ الله عز وجل يقول :

﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾

( سورة طه ). 

والحمد لله رب العالمين