الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

أيها الأخوة هذا القرآن كلام الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي (68) ﴾

(سورة النحل)

 إعراب الياء ياء مؤنثة مخاطبة، معنى النحل مؤنث، العاملات من قسم الإناث، والذكور ليس لهم عمل إطلاقاً في جمع الرحيق وصنع العسل، الذكور مهمتهم تلقيح الملكة فقط، أما الصنف الذي يجمع الرحيق من الأزهار، ويصنع البيوت الشمعية، ويصنع العسل هم العاملات، دقق في علاقة القرآن بكلمة اتخذي، العرب قديماً وقت نزول القرآن الكريم هل يعلمون أن هناك النحلة مؤنثة وهناك نحلة مذكرة ؟ مستحيل:

﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا (69) ﴾

(سورة النحل)

النمل و النحل في القرآن الكريم:

إذاً:

﴿ اتَّخِذِي، كُلِي، فَاسْلُكِي ﴾

هذه إشارة قرآنية إلى أن النحلات اللواتي يجمعن الرحيق، ويصنعن العسل، من قسم الإناث لا من قسم الذكور، بينما هناك آية ثانية يقول الله عز وجل :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) ﴾

(سورة النمل)

 فالنمل جاء في القرآن الكريم مذكراً لأن المذكر يغلب المؤنث، فالنمل شيء والنحل شيء آخر، شيء آخر قال تعالى:

﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا (68) ﴾

(سورة النحل)

 النحلات أول عمل صنع المسكن، المسكن يصنع من قبل النحلات أولاً، ثم تصنع بيوت العسل بشكل سداسي، الآن يقدمون للخلية مساكن أو أطباق شمع جاهزة، أما هي بالأساس النحلة تصنع شمع بنفسها، وصناعة الشمع شيء مذهل، يعني تبدأ النحلات من هنا ونحلات من هنا وتلتقي النحلات في الوسط على بيت نظامي بالميكرون، هذا فوق طاقة البشر، لو أردنا أن نبلط ساحة كبيرة بدأ قسم من اليمين وقسم من اليسار وقسم من الشمال وقسم من الجنوب واتجهوا نحو الداخل هل يعقل أن يلتقوا على بلاطة نظامية ؟ مستحيل أما النحل يبدأ من كل الجهات وتلتقي النحلات العاملات في صنع هذه البيوت الشمعية على مسدس نظامي في الوسط:

﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا (68) ﴾

(سورة النحل)

 جميع الأزهار التي خلقها الله قابلة أن تؤكل حبوب الطلع فيها وأن تمتص رحيقها:

هناك نحل في المغارات:

﴿ وَمِنَ الشَّجَرِ (68) ﴾

(سورة النحل)

 وفي أصول الأشجار:

﴿ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ﴾

(سورة النحل)

 هناك من يصنع للنحلة الخلية هذه، قديماً كانت الخلية من طين:

﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ (69) ﴾

(سورة النحل)

 جميع الأزهار التي خلقها الله عز وجل قابلة أن تؤكل حبوب الطلع فيها، وأن تمتص رحيقها، رحيقها يمتص وحبوب الطلع تؤكل، عندنا ثم، ثم تفيد الترتيب على التراخي، يعني إنشاء البيت يحتاج إلى وقت كبير، ثم إنشاء بيوت العسل الشمعية يحتاج إلى وقت أطول، بعد إنشاء البيت وإنشاء أماكن العسل قال تعالى ثم تفيد الترتيب على التراخي:

﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ (69) ﴾

(سورة النحل)

اهتداء النحلات إلى خليتهم بقدرة الله تعالى:

 الآن النحلة غادرت، غادرت الخلية لمسافة عشرة كيلو متر كيف ترجع ؟ قال ترجع تضع روائح على الأزهار التي امتصت رحيقها، هذه الروائح مثل طريق تهتدي به في العودة، وهناك شيء آخر تهتدي بالشمس، وكيف تعلم أخواتها النحلات الطريق ؟ عن طريق الرقص، في رقصة باتجاه، الرقص له ثلاث حالات اتجاه الرقص وكثافة الرقص تحدد المكان والمسافة والكثافة، عن طريق رقص النحل يحدد مكان الأزهار، والكثافة، والمسافة، والعودة:

﴿ فَاسْلُكِي (69) ﴾

(سورة النحل)

 بعد أن تجمع النحلات الرحيق وغبار الطلع، غبار الطلع الغذاء الملكي والرحيق هو العسل، الآن الرحيق يصبح عسلاً وغبار الطلع يصبح غذاءً ملكياً، قال تعالى:

﴿ فَاسْلُكِي (69) ﴾

(سورة النحل)

 جاءت فاء، الأولى ثم، ثم في بناء البيت وبناء أطباق الشمع تحتاج وقت طويل، لكن بعد جمع الرحيق:

﴿ فَاسْلُكِي (69) ﴾

(سورة النحل)

 عودي إلى الخلية.

التنظيم أساس حياة النحل:

 كل نحلة لا يمكن أن تدخل إلى خليتها إلا إذا نطقت بكلمة السر، فإن لم تعرفها قتلت، ومن حين لآخر تبدل كلمات السر، يكون في مليار نحلة بالنهار لا يمكن لأية نحلة إلا أن تبيت في خليتها:

﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي (69) ﴾

(سورة النحل)

 هنا جاء فاء:

﴿ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا (69) ﴾

(سورة النحل)

 السبل هناك علامات ذات رائحة معينة تهتدي بها إلى خليتها.

العسل شفاء للناس بقدرة الله تعالى:

 الآن:

﴿ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ (69) ﴾

(سورة النحل)

 كل عسل متعلق بالأزهار التي أخذت منها الرحيق:

﴿ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ (69) ﴾

(سورة النحل)

 إله يقول فيه شفاء للناس:

﴿ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) ﴾

(سورة النحل)

التفكر طريق الإنسان إلى الله:

 لذلك التفكر طريق إلى الله، والله آية العسل وحدها من آيات الله الدالة على عظمته، دقق في كلمة:

﴿ اتَّخِذِي، كُلِي، فَاسْلُكِي ﴾

 معنى العاملات هن اللواتي يصنعن العسل، بعد هذا الفرق بين ثم وبين الفاء، هناك مرحلة طويلة تبدأ ببناء البيت، ثم بناء أطباق الشمع، بعد جمع الرحيق جاءت الفاء، فالنحلة سرعتها وهي فارغة ستين كيلو متراً في الساعة، وهي محملة ثلاثين كيلو متراً في الساعة:

﴿ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا (69) ﴾

(سورة النحل)

 العسل والغذاء الملكي:

﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) ﴾

(سورة النحل)

والحمد لله رب العالمين