الحقوق محفوظة لأصحابها

مصطفى حسني
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، نُكمل السير على طريق الله لإحياء روح العبادة، والعبادة التي سنتحدث عنها هي عبادة الدعوة إلى الله، وبسبب بعض الممارسات الخاطئة حدث نفور من هذه العبادة رغم إنها من أعلى مراتب الإيمان. وعبادة الدعوة إلى الله هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي بعض الأوقات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا يُراعي حال المنصوح فيحدث نفور مِنهُ، وكثير مِن الدُعاة إلى الله لا يهتمون بأن يكون لهم أثر فيحدث عدم قبول لهم؛ لهذا غُلب على هذه العبادة النفور، والله ورسوله تحدثوا عن عظمة هذه العبادة وأن اختفائها أدى إلى اختفاء الحب بيننا.



فالله في القرآن الكريم تحدث على أن من أعلى درجات الإيمان الدعوة إلى الله، ففي قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (سورة آل عمران: 110)، وكذلك في قوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة آل العمران: 104)، وفي الحديث "لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من الدنيا وما عليها"، فإذا كنت سبب في هداية شخص واحد أفضل لك من مُلك الدنيا عند الله، والله أطلق على الناس الذين يدعون إلى الخير بالربّانيين فنسبهم لاسمه، ففي آياته: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (سورة المائدة: 63)، فمن دعائم الدين الذي كان يبايع الرسول عليها في أول الإسلام أنهم يأمرون بالخير.

وقد حصرنا عبادة الدعوة إلى الله في أن ندعو إلى الحجاب أو الصلاة، فانحصرت على بعض الأشياء المشهورة المهمة ولكنها بنت سدودًا في أشياء أخرى، كأن أنصح الشخص أن يطور من نفسه، أو أن يكون مؤثر. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء ولا نبي بعده ، لكن في كل عهد وكل عصر بعد وفاة النبي سيأتي من يحمل ميراث النبي ويكونوا مبادرين وإيجابيين، يحبون أن يروا كل ما هو صحيح، ويحاولوا أن يغيروا كل ما هو خطأ.

أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

1- الآمر: وهو الشخص الذي ينصح الناس، وهو ليس مطالب بالنتيجة وإنما مُطالب بالبلاغ، فهو يحلم بأن يرى نتيجة نصيحته ولكنه ليس مُطالب بها، فينصح بنفس صافية، لا يضغط على أحد، والنصيحة والتوجيه ثقيلة، لذا يجب أن يكون الشخص المُتكلم لديه حُسن خُلق وعلم ورحمة ويسعى لكسب القلوب.

2- المأمور: وهو الشخص الذي يستقبل النصيحة، فالنصيحة أحيانًا تكون ثقيلة فيجب أن يراعي المُتكلم

حال المأمور، وهل هو جاهز نفسيًا لتقبل النُصح، فالسكوت أحيانًا أفضل؛ لأن الكلام قد يؤدي إلى مُنكر أكبر.

3- المأمور به: الموضوع الذي سيُتحدث فيه، فيتم اختيار الموضوع المناسب للشخص، فالسيدة عائشة تقول إن أوائل ما نزل من القرآن (الشيء المأمور به) كان حديث عن الله والجنة والنار والآخرة، فجعل ذلك قلب الصحابة يتعلق بالله.

4- الصيغة: وهي الطريقة التي يتم التحدث بها، فالتكلف هو أكثر شيء يبعد النفوس عن بعضها، ومن الإخفاقات أن يحمل الناس هم وجود الشخص الداعي إلى الله، وأن يصبح الشخص الآمر ثقيل على من حوله؛ لأنه يختار صيغ كلام متكلفة. المهم اختيار الطريقة وألا تكون علانية أمام الناس، وأن نتغافل أحيانًا عند حدوث بعض الأخطاء، لنتحدث عنها في وقت آخر.

وأكبر موعظة هي موعظة الفعل فإذا كنت تريد أن تجعل شخص يصلي، قم وصلِ أمامه، وهذا سيجعله يتشجع وسينتقل إليه حب الصلاة، وعندما نتحدث مع شخص عن عبادة نُذكره بها، لا نسأله هل فعلها أم لا، بل الحديث برفق ورحمة كما كان يفعل النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.

العائدون إلى الله:

اسم عائلتي كليفورد فلتنر، واسمي بعد الإسلام أمين عبد الله محيي الدين، قبل الإسلام درست العديد من الأديان في محاولة للعثور على دين جيد، وتعرفت أولًا على الإسلام في المملكة العربية السعودية عام 1991 من خلال رجل فلسطيني، عندما سألته عن الآذان وكنت حينها لا أعلم ما هو، فوضح لي أنه نداء الصلاة في الدين الإسلامي، وسألته ما هو الإسلام والإيمان بالله، وبعد ذلك أدركت أن هذا هو الدين الذي كنت أبحث عنه طوال حياتي.

أصبحت مسلمًا عام 1996، ولكن قبل ذلك بعام أتيتُ إلى مصر وكنت قد جئت في بحث تابع لمنظمة الأمم المتحدة، وكانت هذه فرصة للذهاب إلى الجامع الأزهر والدراسة والحصول على المعلومات، والمصريون الذين كانوا معي في المعسكر زودوني بالكتب وقاموا بتعليمي بعضًا من العربية، وحينها قررت أنه يجب أن أعتنق الإسلام، واتخذت اسمًا لي وهو أمين، حيث كان يناديني به أحد الأشخاص، ثم عبد الله والذي أخذته من القرآن الكريم، ثم محيي الدين جاءني في الحلم ودونته، ومنذ ذلك الحين أحب الإسلام وأدرسه وأحاول تطبيقهُ.

المسلم يجب عليه نُصح الآخر بالرجوع إلى القرآن، فيمكنك أن تجد إجابة إلى شيء من خلال قراءتك للقرآن الكريم والأحاديث والنماذج من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته في الحياة وكيف كان يعيش، فهذه أفضل نصيحة يمكن تقديمها، وأهم شيء يمكن النصح به هو أداء الصلوات الخميس والمحافظة عليها، والأشياء الأخرى التي تتعلمها من النبي كأمانته ومعاملته للآخر ومساعدة الفقراء وكبار السن، فهذه أمثلة جيدة أحاول تطبيقها في حياتي وفي معاملاتي مع الآخرين.

http://web.mustafahosny.com/article.php?id=3459