الحقوق محفوظة لأصحابها

عمرو خالد
مقدمـة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهلا بكم، فلنكمل مع سيدنا موسى، هيا بنا نرى اختياره وإخلاصه وحمله للرسالة، ونرى نموذج سيدنا موسى نصير المظلومين والضعفاء الذي نادى لإعلاء كلمة لا إله إلا الله لأنها كلمة تعلم الناس أنه لا ذل ولا خضوع إلا لله سبحانه وتعالى فكلمة لا إله إلا الله هي رسالة سيدنا موسى.



إن شعارنا هو سنحيا بالقرآن، فرمضان هو شهر القرآن وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (الفرقان: ۳۰) فقد هجروا قراءة القرآن، بل وهجروا فهمه وتنفيذه والتخلق بأخلاقه والعيش بقيم القرآن لذلك يجب أن نستخرج قيم القرآن ونقوم بتنفيذها. يقول عبد الله بن مسعود "ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذ يقوم بالقرآن، وبنهاره إذ يتخلق بالقرآن وبسمتِه (أي طريقة معاملته مع الناس) بحسن أخلاق القرآن". وتقول السيدة عائشة عندما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم قالت:(كان خلقه القرآن) ولذلك يجب أن تكون قرآنا يمشي على الأرض. لذلك يجب أن نقوم بنشر ملصق "سنحيا بالقرآن" في كل مكان لنذكر الناس؛ لأن هدفنا هو تجميع (١۰) ملايين ختمة، فمن الممكن أن يرى أحد الملصق الذي قمت بوضعه فيقرر أن يقوم بختم القرآن فتأخذ ثواب قراءة القرآن.



القيمة: القدرة على الاختيار الصحيح:

نشأ سيدنا موسى في بيت فرعون وعاش في القصر، وأي إنسان يعيش في القصور في هذه السن الصغيرة يكون لهذه العيشة المترفة بريق وجمال. فقد كان سيدنا موسى يعيش في بيت فرعون وفي الوقت نفسه كان يعرف كل الحقائق وهو أنه ليس ابن فرعون ولا ابن آسية بل إنه ابن المرضعة، وأنه من فقراء بني إسرائيل غير أن اسمه الأمير موسى وكان معه الحرس والخيل والجنود، وكانت آسية تعرف أنه ليس ابنها وقالت له إنه ليس ابنها ولكنها لا تعرف أنه ابن المرضعة.



ما سنتناوله اليوم خطير لأن سيدنا موسى سيختار وبناءا على اختياره سيؤهله الله إلى منزلة ومكانة عظيمة. إن الحياة كلها اختيارات بينما يترك الله مفارق طرق في الدنيا ليقوم العباد بالاختيار، فرب العالمين يعطي عبده الحرية لكي يختار الطريق الذي يريده وسيدنا موسى هو أول شخص يترك الله له الحرية لكي يختار. فقيمة حلقة اليوم هي القدرة على الاختيار الصحيح؛ فهناك البعض ممن يستطيع الاختيار، وهناك البعض ممن لا يستطيع الاختيار ويترك نفسه للدنيا لكي توجهه، وهناك من يجعل أحدا يساعده على الاختيار لأنه لا يستطيع أن يتخذ قرارا، ولكن لكي ينجح الإنسان في الدنيا والآخرة يجب أن يكون لديه القدرة على الاختيار الصحيح في الوقت الصحيح.



الفرق بين قصر فرعون وبيوت بني اسرائيل:

هناك فرق كبير بين قصر فرعون وبيوت بني إسرائيل، فقد كان بقصر فرعون زينة وأموال وحرس وحشم وخدم والأمير موسى، أما بيوت بني إسرائيل فقد كانت بيوتا فقيرة مصنوعة من الخوص على ضفاف النيل يعيش فيها أناس فقراء. فالفرق بين المكانين كبير للغاية، فمن يختار أن يمثل سيدنا موسى؟ وما الذي سيختاره؟



إن سيدنا موسى سيختار الحق فقد عرف الاختيار الصحيح في الوقت الصحيح أما بعض الناس فلا يستطيعون الاختيار أو اتحاذ القرار، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يكن أحدكم إمعة إن أحسن الناس أحسن وإن أساءوا أساء ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا) يجب أن تستطيع أن تتخذ القرار الصحيح، ولا تترك الناس لكي تختار لك. إن اختيار سيدنا موسى هو الذي سيؤهله لكي يكون كليم الله فيمكن أن يذهب بك الاختيار إلى أعلى عليين وجنة الخلد بينما قد يضيعك اختيار آخر. لذلك يجب على الإنسان أن يفكر ويختار الاختيار الصحيح في الوقت الصحيح.



رسالة سيدنا موسى هي رفع الظلم عن بني اسرائيل:

يقول سيدنا موسى إنه من بني إسرائيل على الرغم من أنه الأمير موسى فإنه صاحب رسالة ورسالته هي رفع الظلم عن بني إسرائيل. وقد بدأ يحمل هذه الرسالة ويشعر بها، بل وأصبح قرار حياته، ففرعون كان ظالما وكانت هذه الناس مظلومة فسيدنا موسى لن يقبل الذل والظلم؛ لأن الله جعله شخصية حرة ليست ذليلة فلن يقبل الذل لأهله. ولذلك يعتبر سيدنا موسى نصير المظلومين في تاريخ البشرية وهو بطل الحرية في تاريخ البشرية فقد قال لا للظلم ولكن بلا عنف، بل بحكمة وعقل فقد قرر منذ هذه الفترة أن ينتمي إلى هؤلاء ويعيش لهؤلاء المستضعفين على الرغم من أنه لم يكلف بعد برسالة من الله! فقد كان عمره ثلاثين عاما بل إنه قد كلف عندما بلغ من العمر أربعين عاما ولكنه رجل مؤمن موحد يحب الله والناس ولا يريد الظلم بل يريد رفع الظلم عنهم، ولذلك بدأ بجمع بني إسرائيل فأصبح له أنصار وأتباع وأشياع.



عندما يختار الإنسان يختبر الله هذا الاختيار ثم يسوق الأحداث سوقا لكي تكبر نتيجة هذا الاختيار وتعلو، فقد كان بنو إسرائيل يقولون إن سيدنا موسى يقول إنهم من أتباعه ولكنه أيضا الأمير موسى، ولذلك يجب أن يحدث موقف حاسم يوضح أنه منهم. فعند الاختيار سيختبر الله أولاً اختيارك وعند الإصرار عليه يدفع الأحداث دفعا ليظهر أن اختيارك صحيح حتى وإن كانت النتيجة سيئة.



الحدث الفاصل:

من جمال القرآن أنه يحكي القصة في آيات قليلة لتفكر فتفهم منها أمورا عديدة، يقول الله تعالى في سورة القصص {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ} (القصص: ١٥) دخل سيدنا موسى "المدينة" أي المكان الذي يعيش فيه بنو إسرائيل لأن الأمراء كانوا يسكنون على أطراف المدينة وقصر فرعون كان على أطراف المدينة، "دخل المدينة على حين غفلة من أهلها" أي أنه جاء سرا للقاء بني إسرائيل دون علم فرعون فيبدو أن العلاقة بين سيدنا موسى وفرعون كانت متوترة، وكلمة "شيعته" تطلق على الأنصار والأتباع الأقوياء جدا ففي هذا ما يدل على أن سيدنا موسى كان له أتباع وأنصار على الرغم من أنه لم يكلف بالرسالة بعد ولكنه لا يريد الظلم. لذلك يجب أن تساند أي شخص مظلوم، فهذا هو ما أهل سيدنا موسى ليكون كليم الله، لا يمكن أن تكون ظالما وتعتق في رمضان، إذا كنت ظالما لزوجتك أو أمك أو أولادك أو شريكك أو جارك أو خادم عندك.

أما الرجل الآخر فهو مصري من حاشية فرعون فلم يكن المصريون من أعداء موسى بل إنهم إما ساندوه أو آمنوا به أو ساندوه ولم يؤمنوا به ولكن كلمة "من عدوه" تدل على أنه من حاشية فرعون، وكان يضرب الرجل من بني إسرائيل ضربا شديدا فلم يستطع سيدنا موسى أن يرى ذلك، ولم يتحمل فوكزه موسى، فالوكز هو الضرب بقبضة اليد فمات الرجل، ولم يكن يريد سيدنا موسى أن يقضي عليه فحدث الظلم - هذا يحدث كل يوم ولكن هذه أول مرة يقول فيها أحد لا للظلم- ولذلك فهذا حدث فاصل ومن هذه اللحظة سيكون سيدنا موسى البطل الذي ضحى لنصرة المظلومين وسيخرج بعد ذلك عشر سنوات فقد اختار، وبعد ذلك سيجعل الله الأحداث تساق سوقا لمشيئة الله.



لا للظلم بل يجب العدل:

ندم سيدنا موسى وقال {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (القصص: ١٦) فندم لأنه كان من الممكن أن يبعد الرجل دون وكزه، وندم أيضا لأنه من المحتمل أن يكون الرجل الذي من بني إسرائيل هو الذي أخطأ وأنه قتل شخصا دون ذنب بل كان يجب أن يعرف القصة ويحكم أولاً، فشعر أنه تسرع {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ} فتاب سيدنا موسى واستغفر بسرعة {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}. فتعلم سيدنا موسى ألا يقضي في شيء قبل أن يسأل ويتحقق أولاً وعرف أن العدل قيمته كبيرة جدا، ولذلك سيظل عشر سنوات لكي يعرف قيمة العدل، هذا يدل على أن الظلم خطير جدا فلا يجب أن يفعل سيدنا موسى ذلك. كلمة "رب" تعني الذي يربي فسيربي الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى عشر سنوات يتذكر فيها هذه الحادثة لكي يعلم أنه لا للظلم بل عليه بالعدل.



{فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} كيف علم سيدنا موسى أن الله غفر وهو غير مكلف بعد؟ فالمؤمن عندما يتوب يعلم أن الله غفر له فالفاء هنا للسرعة. - بالله عليكم استغفروا الله الآن- عاهد سيدنا موسى الله تعالى فقال {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرا لِّلْمُجْرِمِينَ} (القصص: ١٧) فقد أنعم عليه بالقوة والمغفرة وسرعة الاستيقاظ، ولذلك فقد عاهد الله أنه لن يكون ظهيرا ولا مساعدا لمكان فيه فرعون وفيه ظلم.



لا للتعميـم:

{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ} (القصص: ١٨) فهو لم يرجع إلى قصر فرعون لأنه كان خائفا، كما لم يرد أن يكون ظهيرا للمجرمين. فخوف سيدنا موسى يدل على أن الأمور بينه وبين فرعون كانت متوترة وخاف أن يعاقبه فرعون على قتل الرجل، هذه أول مرة يخاف الأمير موسى حيث يجب أن يذوق معنى الخوف التي تشعر به بنو إسرائيل ولكنه لم يذق الخوف وهو صغير حتى لا يكون ذليلاً ولكي يستطيع أن يحررهم.



(فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) فالرجل نفسه من بني إسرائيل قد تشاجر مع رجل آخر من المصريين فيبدو أن هذا الرجل يحب المشاكل فقال له موسى (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ) أي أنه يفهم بطريقة خاطئة وأنه يريد أن يحل مشاكل بني إسرائيل عن طريق الشجار وهي ليست الطريقة الصحيحة لحل المشاكل مع بني إسرائيل ولا الطريقة الصحيحة لإزالة الظلم فهي طريقة خاطئة. كثير من المسلمين المتدينين يحدثون مشاكل كل يوم ظنا أنهم بذلك يحلون المشاكل على الرغم من أن الأمان والسلام والرحمة والحب والهدوء والكلام العاقل هو أفضل طريقة لحل المشكلات، فاحذروا أن تكونوا مثل هذا الرجل.

لكن سيدنا موسى قد رأى الرجل يضرب بشدة ففكر سيدنا موسى هل يدافع عنه أم لا {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} (القصص: ١۹) نظر سيدنا موسى إلى الرجل من بني اسرائيل وقال له (إنك لغوي مبين) ثم بدأ يتجه إلى المصري ولكن الرجل من بني إسرائيل ظن أنه يريد أن يضربه فقال (أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ) فلم يكن هناك شهود بالأمس. إن الرجل الذي قُتل بالأمس من حاشية فرعون ولم يعرف أحد القاتل ولذلك كان سيدنا موسى "خائفا يترقب" بينما فضحه الرجل من بني إسرائيل وقال (أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) فعرف سيدنا موسى من هذا الموقف أنه ليس كل بني إسرائيل من الصالحين كما كان يظن بل بعضهم يحب المشاكل فلا للتعميم. وعندما ذُكروا بنو إسرائيل في القرآن تجد الله يقول {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (الأعراف:١٥۹) فلذلك لا تقم بالتعميم أبدا. حزن سيدنا موسى لما قاله له الرجل وهو من يريد أن ينصره! فأحيانا يظلمك كل من حولك وأنت لست كذلك، فاصبر وادعو الله أن يكون راضيا عنك.



الأمر بقتل سيدنا موسى:

سمع المصري (أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ) فذهب إلى قصر فرعون وقال إن القاتل هو سيدنا موسى. فقد جرى المصري على قصر فرعون وكان هناك اجتماع خاص جدا في غرفة مغلقة يجتمع فيها فرعون مع ملأه وهم الفريق الخاص بفرعون والمستشارون وكبار القوم، فوصل الرجل المصري وقال إنه عرف القاتل وهو الأمير موسى. فبدأت الحقائق تظهر أمام فرعون، من هو موسى؟ وهل هو من بني إسرائيل أم لا؟ فعلم أنه ابن المرضعة وأن أمه وأخته هما من خدعاه حتى لا يقتله! فغضب فرعون غضبا شديدا وأمر بقتل موسى وألا يُعتبر ما قام به موسى قتلا خطأ ولكن قتلا عمدا فقد نجا منذ ثلاثين سنة ولكنه لن ينجو اليوم. هنا يجب أن يتعلم الإنسان أن يكون مع الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة إذا اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك وإذا اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك رفعت الأقلام وجفت الصحف) وانتهى الاجتماع في هذه الغرفة واتفقوا على أن يُقتل موسى وأمر فرعون أن يبحثوا عن سيدنا موسى ويقتلونه فورا.



فمازال سيدنا موسى في المدينة { وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} (القصص: ۲۰) فهذا الرجل كان من ملأ فرعون وقد كان حاضرا في الاجتماع وليس شرطا أن يكون مؤمنا، وكان يسعى لأنه كان يريد أن يلحق بسيدنا موسى فكان يعرفه وعندما علم بقتله ذهب ليخبره بسرعة. فقد أتى هذا الرجل من أقصى المدينة أي من أطراف المدينة أي من القصر، فمن المحتمل أن هذا الرجل عندما كان جالسا في هذا المجلس وعندما أراد فرعون أن يأخذ الآراء بقتل موسى أن يكون قد صوت بقتل موسى ولكن من داخله لا يريد قتله فأحيانا يريد البعض عمل الخير لكن لا يستطيع المواجهة، فهذا الرجل أيضا قد اختار، وهذا أيضا نتيجة أن سيدنا موسى كان منفتحا على المصريين، فالانغلاق غير صحيح. يجب أن تجعل الناس ترى المسلمين والمؤمنين لينصروك بعد ذلك لأنهم إذا لم يعرفوك لن ينصروك. وهذا الرجل يعرف سيدنا موسى وجاء "يسعى" أي يريد أن يلحق بموسى قبل أن يقتلوه، وعندما جاء إليه خرج سيدنا موسى فورا لأنه وثق بكلامه.



الاختيار الصحيح والتوكل على الله:

عندما اختار سيدنا موسى الشهامة ونصرة الضعيف فنتيجة اختياره لم تضِع، فالخير لا يذهب ولا يضيع أبدا فقد جاء هذا الرجل ليخبره لكي يهرب. فسيخرج موسى من مصر وهكذا انتهت مرحلة الإعداد الأولى التى بدأت باحتضان وانتهت بطرد وكلاهما مفيد، بدأت على يد أمه وانتهت في قصر فرعون مدة ثلاثين عاما وسيخرج الآن لمدة عشر سنوات إلى مدين. ولذلك نتعلم الاختيار الصحيح والتوكل على الله.

دار الترجمة

http://amrkhaled.net/newsite/articles2.php?articleID=NTMyNg==