الحقوق محفوظة لأصحابها

فهد الكندري


أنطونيو: اسمي أنطونيو نعمة الله جارسيا، حاليًّا أعيش في مدريد لكني من المنطقة الشمالية استورياس، أعيش في مدريد منذ سنوات عديدة ودرستُ هنا، وحاليًّا أمارس تخصصي كمحامي.



فهد الكندري: أنطونيو، محاميٌّ أسلم من قريب، وسخر كل شهاداته وخبراته في مجال القانون لخدمة الإسلام، تعالوا معي نتعرّف كيف هداه الله، وما هو أثر الإسلام عليه.



أنطونيو: عن الإسلام أقول إني أسلمتُ منذ سنوات، منذ ذلك الوقت وحياتي تغيّرتْ فأنظر إليها بطريقة متوازنة، منذ وقت طويل كنتُ أبحث في أديان أخرى ما وجدته في الإسلام وما يتوافق مع فهمي للوجود.



فهد الكندري: قبل بحثك الطويل والرحلة الطويلة في قراءتك عن الإسلام وقبل أن تعرف وتقرأ عن الإسلام القراءة الكثيفة والمكثفة، ماذا عرفت عن الإسلام وماذا كان تصوّرك عن الإسلام قبل معرفتك فيه؟

أنطونيو: لم يكن لدي شيء خاصة أن الوسائل المتاحة هنا في إسبانيا حول الإسلام قليلة جدًّا، سأخبرك كيف بدأتُ قراءة الكتب الأساسية لمعرفة الإسلام، كنا نذهب لبعض السفارات وكانوا يهدوننا نسخًا من القرآن وبعض الكتب الإسلامية بكل بساطة، وهنا بدأ كل شيء خاصة وأنه كانت لدي رغبة في داخلي للبحث عن الحقيقة، فهذه الرغبة هي التي تدفعك لترتقي في العلم والمعرفة.







فهد الكندري: التساؤلات الداخلية في النفس البشرية هي فطرة فطر الله الناس عليها، لذلك تجد أن القرآن يحتوي على كثير من التساؤلات والأسلوف الاستفهامي لكي يوقظ هذا الصراع الداخلي في الإنسان.



أنطونيو: لذلك أنا كإنسان لستُ وحدي في هذا الوجود، فعلي أن أعكس هذا الفهم للتعايش مع الآخرين، هذا الانعكاس الإيجابي نجده في الإسلام وأخلاقه وقيمه، دراستي للعلوم المتنوعة المتعلقة بالإنسان ساعدتني في الوصول إلى الإسلام، فأسلمتُ مع أني أفضّل القول أني رجعتُ إلى الإسلام، فكما نعرف كلنا وُلدنا مسلمين، والعائلة هي العنصر الذي يوجّه الابن إلى دين معيّن، طريقة التعرّف على الإسلام تختلف من إنسان لآخر، فالبعض يعرفه عن طريق أصدقائه أو أهله، طريقتي الشخصية للوصول إلى الإسلام كانت البحث في الأديان والغريب أن آخر دين درسته هو الإسلام، فوجدتُ في الإسلام سبب وجودي، ماذا أفعل هنا؟ وكيف ينبغي أن أتعامل مع المجتمع لأكون عنصرًا إيجابيًّا، فالإسلام عنده جواب لكل جانب من جوانب حياة الإنسان، على الصعيد الفردي والعائلي والاجتماعي، أنا على يقين أن كل امرئ يولد على الإسلام وأهله يوجهونه إلى ما ينتمون إليه، في طريقي إلى الإسلام كان هناك دائمًا بحث عن الحقيقة، لأنه لكي تتخذ قرارًا معيّنًا لا بد أن تكون بلغتَ من الفكر ما يجعلك على علمٍ به، هي عملية طويلة لا بد أن تعملها على علم، فلا يمكنك أن تأخذ هذا القرار بسهولة وبسرعة، وخاصة عندما نتحدث عن الإسلام وعقيدته.



















فهد الكندري: تأثرت أنت بآية عظيمة هي {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: ٣)، ما هي الرسالة التي وصلتك من هذه الآية؟

أنطونيو: هذه الآية تُعتَبر وداع الرسول ﷺ - فهد الكندري: عليه الصلاة والسلام - ونهاية مهمته وختام الرسالة الإلهية، وأنا أظن أن من يعتنق الإسلام يستشعر هذا المعنى.



فهد الكندري: هذه الآية العظيمة احتوت على ثلاث كلمات تميّز الإسلام عن غيره من الديانات، الله سبحانه وتعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فهذا إعلان صريح من الله سبحانه وتعالى بأن الإسلام لا يحتاج إلى زيادة، ثم يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} فالدين الإسلامي هو أعظم نعمة، بل اجتمعت فيه جميع النعم، ثم يقول الله عزّوَجلّ في الثالثة: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} أن الله سبحانه وتعالى رضي لنا هذا الدين ولن يرضى بغيره، فالدين عند الله سبحانه وتعالى هو الإسلام.



















فهد الكندري: تأثر أنطونيو بالقرآن بشكل كبير، مع صعوبة الترجمة الأسبانية لمعانيه، ولكن يبقى كتاب له رسائل تصل للقلب والعقل مباشرة، لأنه كلام من خلق القلوب والعقول.



أنطونيو: القرآن ليس كتابًا عاديًّا، فهو يشمل جميع العلوم الإسلامية، فيه العقيدة وعلوم أخرى بالإضافة إلى علم جديد وهو الإعجاز العلمي للقرآن، العلم الحديث اكتشف وأثبت كثيرًا مما كان في القرآن من قبل ١٤ قرنًا، مثل الثقب الأسود ونهاية العالم التي تُذكر في القرآن بتركيب لغوي عجيب كأنه ورقة مطوية، فهذه النهاية أثبتها العلم الحديث وهذا كان مذكورًا في القرآن قبل ١٤ قرنًا، القرآن هو جامع للعلم والمعرفة، لذا نجد جميع العلوم والأجوبة في القرآن، لذلك عملية قراءة القرآن بفهم صعبة جدًّا، لأننا لو قمنا بقراءة سطحية لم نستفد منه شيئًا، السورة الواحدة أو الآية الواحدة لها الكثير من المعاني والأجوبة - فهد الكندري: هناك رسائل واضحة وصلتك بآيات من كتاب الله سبحانه وتعالى، ماهي الرسائل المحددة، تحدد لنا اياها يا.. - هناك سورة مهمة جدا، وهي: "سورة الإخلاص"، فهي قصيرة لكن أثرت في نفسي إلى درجة تخصيص قسم في مكتبي اسمه الإخلاص "مكتب الإخلاص"، وأيضًا أسسنا مؤسسة سميناها: "مؤسسة الإخلاص للتعليم والدعوة إلى الإسلام"، فكل هذا يبين تأثير هذه السورة في حياتي وعملي وأخلاقي، أفهم أن سورة الإخلاص قصيرة لكن محتواها عظيم - فهد الكندري: سورة عظيمة! - سورة عظيمة سورة الإخلاص.



فهد الكندري: هذا الكلام، كلام رجل أسباني حكّم عقله وقرأ القرآن بموضوعية، دون أفكار سابقة عن الإسلام، ألا يستحق هذا الدين أن نقرأ عنه بصدق ودون تحيّز؟!





















أنطونيو: تقربوا بدون خوف إلى الإسلام، فهناك حاجز ثقافي أبعدكم عنه منذ سنين، الإسلام سيقدم لكم بكل تأكيد الأجوبة الصحيحة لحياتكم.



فهد الكندري: الشهادة.. متى نطقتها وأين نطقتها وصف لنا شعورك عندما نطقت بهذه الكلمة.

أنطونيو: كان تقريبًا في عام ١٩٩١ ولم يكن هنا في إسبانيا وإنما في تركيا، لذلك أقدر جدًّا هذا البلد ونطقتُ بالشهادة في إحدى المساجد حيث أخذني صديقي لشيخه لنطق الشهادة، نطقي للشهادة يمثل قراري، وصحيح أني كنتُ مسلمًا بالفطرة، لكن بنطقها تعلن إسلامك أمام الجميع، كلمات الشهادة موجودة في الداخل لكن عندما تجعلها في الخارج فعليك أن تلتزم بحمل مسؤولية تجاه المجتمع.





























فهد الكندري: المشاعر الصادقة من أنطونيو، وشعوره بالوحدة الإسلامية، جعلته يبذل وقته وجهده في خدمة هذا الدين وخدمة مجتمعه، فأنطونيو هو عضو ومؤسس للعديد من المؤسسات التي تخدم هذا الإسلام.



أنطونيو: الأولى هي اللجنة ضد الإسلام فوبيا، والثاني لجنة حماية الإسلام، والأخرى لحماية حقوق المسلمين، بجانب وظيفتي كمحامي، أعمل في منظمة للدفاع عن الإسلام وحقوق المسلمين، وقد تدخلنا مع هذه المنظمة في بعض القضايا القانونية المتعلقة بالإسلام، فالإسلام في إسبانيا بحاجة إلى تقوية أمام الجهاز القضائي والحكومي، عدد المسلمين الجدد كبير حسب علمي، والإحصائيات الرسمية تقول أنه يوجد في إسبانيا مليون و٧٠٠ ألف مسلم، داخل هذه الإحصائيات يُقدّر أن هناك ٢٠٠ ألف مسلم من أصل إسباني، مثلي أنا، وهناك الكثير من المؤسسات لكن أهمها هي مؤسسة الإخلاص للتعليم والدعوة إلى الإسلام، القوانين في إسبانيا تحترم الحريات وتدافع عن الحقوق ودستور الدولة يكفل هذا الأمر، هناك الكثير من المواد داخل الدستور تحمي حرية الفكر والحريات بشكل عام ونستطيع أن نعتمد عليها لحماية حرية الاعتقاد.



























فهد الكندري: نعمة الله أنطوان، ما هي أمنيته؟ ماذا يتمنى.. ماذا يريد أن يحقق من أمنيات خيرية ودعوية هو يريدها؟

أنطونيو: لدينا الآن موقع على الانترنت اسمه إسلام نيوز، مدعوم من الأشخاص القائمين على هذا المشروع، نهتم بلا شك بالأخبار عن الإسلام، ولكن في نفس الوقت نختار أهم الأخبار الموجودة على مواقع إخبارية أخرى، نستطيع أن نجعل الموقع أكبر ومتنوع لكن حاليًّا ليس لدينا إمكانيات مادية لذلك، وتنوع المواضيع يكون في نفس الوقت وسيلة للدعوة إلى الإسلام لكن نحتاج إلى دعم مادي لنستمر.

فهد الكندري: اتضح لي شعورك واهتمامك ومسؤوليتك اتجاه هذا الإسلام، بإذن الله عزّوَجلّ ستتحقق لك هذه الأمنية يا أخي الغالي - أنطونيو: شكرًا جزيلًا - بارك الله فيك - أنطونيو: بارك الله فيك - جزاك الله خير، شكرًا جزيلًا شكرًا جزيلًا.