الحقوق محفوظة لأصحابها

مصطفى حسني
لحظة يأس

لحظة صعبة جدًا، وهي تعاسة في القلب بسبب ضياع المأمول، والمأمول هو الأماني والآمال، وهي من أشد اللحظات التي يكون فيها الإنسان ضعيفًا ومضطربًا

لحظة فارقة

- بنت تعيش في منزل تراه كُتلة من جحيم ولديها أُخت وأخ، والدها يضرب أُمها يوميًا أمام الناس ويستخدم أبشع الألفاظ حتى ساءت سُمعتهم، فسافر أخوها إلى الخارج وتزوجت أختها من أول شخص تقدم لها للهروب من هذا المنزل، أما هي فبدأت في عدم الذهاب إلى الجامعة ورفضت السماح لأي شخص أن يتقدم لخطبتها حتى لا يكتشف سوء سمعتهم، فسيطرت عليها حالة من اليأس

- بنت في الخامسة عشر من عمرها، والدها مُدمن للمخدرات ووالدتها لا تَنْتَبِه إلا على مصلحتها، تقدم لخطبتها تاجر مشهور بغلظته ويبلغ من العمر ستون عام، وافق والدها على هذا الزواج وحصل على المهر. تزوجت هذه الفتاة وعاشت حياة فيها عُنف كبير وبعد مرور فترة كبيرة من هذه الحياة الصعبة تُوفِّيَ زوجها إِثْر ذَبْحَة صَدْرِيَّة حدثت له بعد قتله أَحَد الأشخاص في مشاجرة معه، فخاف كثيرًا فحدثت له الذبحة وتُوفِّيَ.شعرت بسعادة كبيرة ولكن لم تَدُمْ هذه السعادة طويلًا؛ لأن جاء أولاد زوجها وقاموا بطردها من الشقة ورفضت أسرتها عودتها إلى المنزل. ذهبت بأطفالها الثلاث وأجرت حجرة في سطح عقار بثمن دبلتها التي لم تكن تمتلك سواها، ثم بدأت تعمل في مدرسة واتخذت قرارًا بأن تُكْمِل دراستها ولكنها عانت كثيرًا خلال هذه الفترة نظرًا لكثرة مسئولياتها وحَصَلَت على الثانوية العامة ثم حَصَلَتْ على بكالوريوس دراسات إسلامية، واتخذت قرارًا بأنها لن تتوقف فأكملت الدراسات العليا وحصلت على الماجستير وبعدها الدكتوراه وأصبح أولادها طبيبٌ جراح ومهندسةٌ وطبيبةُ أطفال

- في 1890 ولدت ماري كوري عالمة فيزياء وكيمياء بولندية حاصلة على جائزتين نوبل، كانت أول امرأة تحصل على جائزة نوبل. تُوفِّيَ والديها فاتفقت هي وأختها أن تعمل إحداهما وتُرسل المال للأخرى لتدرس في السوربون بفرنسا، سافرت أختها للدراسة وبدأت ماري كوري العمل في المنازل وأحبت ابن صاحب المنزل والذي وَعَدَها بالزواج إلا أن أسرته رفضت زواجه منها فتخلى عنها. أصابها اليأس الشديد إلا أنها بعد ذلك قالت أنه من الحماقة أن يتعلق الإنسان برغبات أُخرى ليست هدفه وسافرت إلى أختها وبدأت رحلة نجاحها

ليه يارب

الحكمة من هذه اللحظة هي تغيير قِبلة القلب من الرجاء والتوقع والاستعانة بالمخلوق إلى انتظار الفرج والاستعانة بالخالق، وتغيير الفزع من الفزع لشخص إلى فزع لرب العالمين

خلي بالك



مسار خاطئ:إما أن تُسَيْطِر عليك فتيأس وتنسحب من الدنيا أو تكون أقوى منها وتتحمل المسئولية. إذا سيطرت هذه اللحظة على الإنسان يبدأ في الانسحاب ويعيش في دور الشهيد ويبدأ في كُره نفسه، ثم يبدأ يَنْقُم على قَدَرِ الله تعالى

المسار الربّاني: كل إنسانيريد أن يُسَيْطِر على هذه اللحظةويعيشها على مراد الله تعالى عليه

1- التعلّق بالفَتَّاح، فالله هو العليم بحال كل إنسان والفَتَّاح هو الذي لا يتوقف عن العطاء بسبب العصيان ولا يغلق أبواب الرحمة بسبب النسيان

2- ادمن طَرق الأبواب: اطرق كل باب ولا تتوقف حتى يرزقك الله السعة

لحظة في القرآن

- الله سبحانه وتعالى تحدث عن اليأس واستخدم هذا المصطلح، فيقول عزَّ وجلَّ{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا}، سورة الإسراء:٨٣

- {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّـهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، سورة يوسف: ٨٧

- وذكر الله حالة اليأس التي تصيب إنسان تجاه إنسان آخر{حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}، سورة يوسف: ١١٠

- ولكن لحظة اليأس الحقيقية التي ستصيب بعض الناس هي لحظة معرفتهم بأنهم ليسوا من أهل الجنة، فيقول الله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ وَلِقَائِهِ أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، سورة العنكبوت: ٢٣



المصدر : http://web.mustafahosny.com/article.php?id=3143