الحقوق محفوظة لأصحابها

فهد الكندري


القاسم: السلام عليكم، اسمي السابق (آبيل لُوساده) والآن اسمي (القاسم لُوساده)، أنا من مدينة فيرول في منطقة غاليسا الشمالية، أعيش في مدريد منذ أن كان عمري خمس سنوات، وأسلمتُ قبل ٩ سنوات.



فهد الكندري: عاش القاسم حياة عادية جدًّا في مجتمعه الأسباني الغربي، ولم يكن يبحث عن الإسلام، ولم يفكر في يوم من الأيام في تغيير دينه.



القاسم: حياتي قبل الإسلام كانت تافهة، ما كنتُ أهتم بشيء، ككثير من الشباب هنا، كنتُ أشرب الخمر بكثرة، كنتُ أهتم بالنساء وهذه الأمور، سبب إسلامي كان أنه طُلب منا في مادة قراءة كتاب عن أي دين، وأنا اخترت القرآن صدفة.



فهد الكندري: القاسم، شخصية شبابية تحب القراءة والجلوس مع الكتب، وكان هذا الأمر أمر أساسي في دخوله الإسلام، بدأتْ قصة القاسم في السنة الأخيرة من الدراسة الجامعية.









القاسم: في هذا الوقت كنتُ أهتم كثيرًا في ما يتعلق بذات الله لكن بطريقة غير واضحة، وكنتُ أبحث عن معنى عقيدة التثليث، إن كان لهذه العقيدة معنى، وفي مادة فلسفة الدين طلبوا منا بحثًا عن ديانة أخرى غير الكاثوليكية، فأنا كنتُ معجَبًا بالعالم العربي فقلتُ سأقرأ القرآن، أدهشني القرآن كثيرًا إلى درجة أنني كنتُ أقرأه مرة بعد مرة، في البداية كنتُ أبحث فيه عن التناقضات لأنني كنتُ كاثوليكيًّا، في الجامعة لم يُطلب مني البحث عن التناقضات في الدين، كان مجرد قراءة كتاب للدين المختار، لأقوم فقط بكتابة مجرد بحث، لكن عندما بدأتُ قراءة القرآن قلتُ لا يمكن أن يكون هو الحقيقة لأن الكتاب المقدّس هو الحقيقة، وبدأتُ أبحث عن التناقضات، وهذه النسخة التي قرأتها ما زالت موجودة في بيتي مفصّلة أوراقها من كثرة قراءتي لها، ولم أقف منذ هذه اللحظة حتى دخلتُ في الإسلام.



فهد الكندري: ومن كثرة قراءته للقرآن يقول القاسم أنه بدأت صفحات المصحف المترجم تتقطع، السؤال الآن، أين أنتم من القرآن؟



فهد الكندري: كيف وجدت كتاب الله سبحانه وتعالى يخاطبك؟

القاسم: الشعور مختلف مقارنة بما تحسه عندما تقرأ الكتاب المقدس، لأنني كنتُ متعوّدًا أن أقرأ هذا الكتاب، لأن في الكتاب المقدس نجد فقط قصصًا وخرافات، لكن عندما تفتح القرآن في أي مكان كان، تُحس أن العليّ هو الذي يتحدث إليك من الأعلى، هو كتاب موجّه إليك.





فهد الكندري: لهذا السبب نزل القرآن للبشرية، لكي يقرأه الجميع، ويتدبّر آياته كما تدبّر القاسم اللحظات الأولى له من المصحف، إلى الآن لم نتحدث عن الآيات التي كانت سببًا في تغيير حياة القاسم.



القاسم: بسبب أنني كنتُ مركزًا في المواضيع العلمية، إذا لم تخدعني ذاكرتي هي سورة الأنبياء، رقمها ٢١، الآية ٣٠، التي تتحدث عن كيف خلَق الله سبحانه وتعالى الكون، أن كل شيء كان وحدة واحدة، ثم وسّعه، وأن كل شيء من الماء، هذا أثر فيّ كثيرًا لأنني عرفت أن هذا الكلام كُتب قبل ١٤ قرنًا.

فهد الكندري: وفعلًا هذه الآية فيها خطاب ربّانيّ لكل البشر، عندما يقول الله سبحانه وتعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} الله سبحانه وتعالى يذكر أنه في بداية الخلق كانت السماوات والأرض مترابطتان، ثم بعد ذلك جعل الله سبحانه وتعالى السماوات سبع والأراضين سبع أراضين، وجعل السماء هي التي تمطر، والأرض هي التي تنبت، فقال: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ} الذي ينزل من السماء على الأرض {كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وفي نهاية هذه الآية يقول: {أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، فعلًا بالقرآن اهتديت.



القاسم: ومن الآيات التي أثّرتْ بي عندما كنتُ أقرأ القرآن، والتي جعلتني أغير مفاهيم حياتي، كانت الآية ١٥٥ من سورة البقرة إذا لم أخطئ، التي نجد فيها أن الله لا يخبرنا فقط أنه سيرسل علينا البلاء وأنه يجزم بذلك، وأن هناك ثوابًا للصابرين!









فهد الكندري: كان يعتقد القاسم قبل إسلامه أن البلاء يأتي من الشيطان، ولما بدأ يقرأ القرآن وفتح سورة البقرة، وجد آية تتكلم عن البلاء، الآية تقول: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} يقول القاسم: هذه الآية الله سبحانه وتعالى يؤكد أن البلاء يأتي منه ويبشّر فيها الصابرين.



القاسم: وأن تأتي هذه المصائب لتحصل على الثواب الذي يؤدي للجنة، هذه آية أثّرتْ بي بشكل كبير.



فهد الكندري: أنا شعرتُ بالخجل بعد سماعي لتدبره لهذه الآيات، وهو لا يتكلم العربية، التدبر لا يعني أن تفتح تفسير القرآن ومعانيه، بل أن تستشعر أنك أنت المخاطب.



فهد الكندري: وأنت تقرأ هذه الآية، هل كان يمر عليك بلاءً فاستشعرته استشعارًا أكبر؟

القاسم: نعم، نعم أُصبتُ بمرض خطير وأكثر من خطير، مزعج ومتعب، وكنتُ أشعر بحالة سيئة، وهذه كانت فرصة منحني الله سبحانه وتعالى إياها كي أراجع نفسي، وأفكر كيف كان عليّ أن أستمر في الحياة وقد استفدتُ منها بدخولي إلى الإسلام.













فهد الكندري: بعد أن تأثّر القاسم من آيات القرآن، وبدأ الإيمان واليقين يدخل قلبه، وذلك في عام ألفين وخمسة، ازداد رغبته بالزيارة لمسجد مدريد.



القاسم: مرّتْ سنة تقريبًا وكان عندي رغبة للدخول للمسجد لكن لم أفعل، حتى كنتُ قريبًا من هنا ولم أدخل، وفي يوم قلتُ في نفسي هذا غير معقول، كيف أعرف الحق ولم أتّبعه! وأخيرًا جئتُ إلى هذا المسجد المعروف M30 وسألتُ ما كان عندي من سؤال في عام ٢٠٠٥.



فهد الكندري: عندما دخلت هذا المسجد، نريد شعور النطق بالشهادتين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.

القاسم: طيب، كان عندي صاحب مغربي في هذا الوقت، صاحب جيد وعلمني كيف أصلي، وأيضًا كان إمام المسجد الذي كان يجاوب على الأسئلة التي كنتُ أطرحها.



الشيخ/ منير (ملقّن القاسم الشهادة): زارني في المكتب، وسبحان الله، أنا أسأل أي إنسان أولًا لماذا تريد أن تدخل في الإسلام؟ أخونا الكريم قرأ القرآن الكريم في الترجمة الإسبانية فسألته، فأخبرني بسبب ما في القرآن الكريم من وضوح، بسبب ما في القرآن الكريم من أشياء لا تصادم الفطرة الإنسانية.









القاسم: فلما جاء وقت النطق بالشهادة كان مؤثرًا جدًّا، لأنني كنتُ أظن أنها مجرد كلمات.



[مشهد تلقين القاسم الشهادة: الشيخ منير: أشهد، القاسم: أشهد، -أن لا، -أن لا، -إله، -إله، -إلا الله، -إلا الله، -وأشهد، -وأشهد، -أن، -أن، -محمد، -محمد، -رسول، -رسول، -الله، -الله، -وأن، -وأن، -عيسى، -عيسى، -عبدالله، -عبدالله، -ورسوله، -ورسوله. الشيخ يقول بالأسبانية: أنتَ الآن مسلم! | يتعانقان ثم الرجال في المسجد يعانقون القاسم ويسلمون عليه]



القاسم: فكدتُ أبكي لأنني فهمتُ أنني انضممتُ إلى شيء جديد لم أفهمه من قبل، وكانت لحظة صعبة عندما كنتُ أنتظر.



الشيخ/ منير (ملقّن القاسم الشهادة): إذا أحيا الله مريضًا على شفا الموت على يد طبيب ما هي فرحة الطبيب؟ أحيا الله على يديه إنسان فما بالك إذا كانت هذه الحياة حياة القلب؟ وليست حياة البدن؟ يعني انظر إلى هذا الفرح بحياة بدنه، حياة البدن لا تساوي شيء بجانب حياة الروح، إنسان كان ميتًا، إنسان لو عاش ومات هكذا لكان من أهل النار! أيُّ سعادة تلك؟ إنسان أحياه الله، أنقذه الله عزّوَجلّ، في الحقيقة هو شعور لا يوصف، فليس الإحساس كالحكاية والخبر.







القاسم: أعتبر اعتناقي الإسلام أكبر سعادة عشتها في حياتي، وجدتُ فيه السلام والسكينة وجالية مسلمة مدهشة، وأنا أقول للمسلمين ولمن وُلد في الإسلام أن يعتصم بدينه بقوة، لأنها فرصة فريدة لاكتمال حياتك لن تجدها في شيء آخر، مهما تعمل في حياتك فلن تجد في مكان آخر ما يقدمه لك الإسلام.



فهد الكندري: بعد الإسلام، وبعد أن نطقت بالشهادة ودخلت في النور، نُور الله سبحانه وتعالى، كيف أصبحت علاقتك مع أهلك؟

القاسم: كانت البداية معقدة، لأنهم فكروا أنني دخلتُ في طائفة غريبة، فكروا أنني سأصبح إنسانًا سيئًا، وكان لديهم فكرة غريبة ومشوهة، بناءً على ما يشاهدونه في التلفزيون، لكن بعد ذلك تحسنتْ العلاقات والحمد لله بعدما شاهدوا أن التغير كان إيجابيًّا، وأنني كنتُ في الطريق المستقيم تحسنتُ كثيرًا.



فهد الكندري: ما هي علاقة القاسم مع القرآن الآن؟ هل يقرأ القرآن؟ هل يحفظ بعض الآيات؟

القاسم: تلاوة القرآن بالعربية لا أتقنها ولم أحفظ الكثير من الآيات، انتظر الفرصة لتعلم اللغة العربية حتى أكون جدّيًّا في هذا الأمر، وأخبرني الشيخ سامي في المسجد M30 أن هذه الجُمعة سيبدأ دورة تحفيظ القرآن، أنا أقرأ القرآن مع تفسيره باللغة الإسبانية في الصباح وقبل ذهابي إلى العمل، لأن معاني القرآن كثيرة، وكلما تقرأه تتعلم منه أشياء جديدة، ولذلك يجب أن تقرأه يوميًّا.

فهد الكندري: فعلًا هو خيرُ جليسٍ لا يُمَلّ حديثهُ وتردادهُ يزدادُ فيهِ تجمّلا.











القاسم: أعمل الآن في مُنظّمة غير حكومية اسمها (مسلمون باحثون عن

السلام)، وقد أسسناها قبل فترة قصيرة، وافتتاحها كان الجُمعة الماضية، إلى الآن نقوم بتنظيم الأنشطة ونريد أن نقدم رعاية صحية مجانية للمهاجرين الغير قانونيين، وتوزيع الطعام وتعليم اللغة العربية، لكننا في مرحلة التنظيم ووضع الأفكار وسنرى كيف تمشي الأمور.



القاسم: حقيقة أنا أوجه نصيحتي لكل غير مسلم هنا في أوروبا والذين يعيشون حياتهم كما كنتُ أعيشها، يفكر فقط في أمور سطحية ودنيوية بحتة، أقول لهم إن الإسلام نور وإن فيه منهج حياة وسعادة لن يجدها في مكان آخر.



القاسم: طيب، لو كان من الممكن أن أطلب أمنيات لطلبت زوجة صالحة إن شاء الله، والثاني الحصول على منحة دراسيّة لتعلّم اللغة العربيّة والعلوم الإسلامية، لأرجع إلى بلدي وأدعو إلى الإسلام