الحقوق محفوظة لأصحابها

مشاري الخراز
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

سندخل اليوم في أسرار جديدة من أسرار الصلاة ،،، حديثنا اليوم عن الوضوء ؛

كثير من الناس لا يشعر بلذة الوضوء ، فهو بالنسبة له مجرد وسيلة للصلاة .. وهذا يُضيِّع عليه الكثير من الثواب ، لأن الأجر لا يقتصر على الإتيان بالواجبات والمستحبات من أعمال الجوارح فحسب ، بل لابد من أعمال القلوب إلى جانبها . . يقول ابن القيم : "كثرة الثواب عند الله عز وجل ذاك أمرٌ لا يُطلَّع عليه إلا بالنص لأنه بحسَّب تفاضل أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح"، وقال أيضًا : "فالكيِّس ( يعني الفطن ) يقطع من المسافة بصحة النية مع العمل القليل ، أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير والسفر الشاق" ،، ثم ذكر رحمه الله قصة فقال : وُيُحكى أن بعض الصالحين اجتاز بمسجد ، فرأَى الشيطان واقفاً ببابه لا يستطيع دخوله فنظر فإذا فيه رجل نائم ، وآخر قائم يُصلى . فقال له : أيمنعك هذا المُصلي من دخوله ؟ فقال : كلا ، إنما يمنعنى ذاك الأسد الرابض ( النائم )، ولولا مكانه لدخلت .. وهذا لأنه قد احتسب العديد من النوايا في نومه ، لذا فالقلب له عظيم الشأن .

إذن ما هو المطلوب الأن ؟؟ أنت اسأل نفسك عندما تذهب لتتوضأ ، ماذا تنوي ؟ انتبه : كلما زادت نواياك زاد أجرك .. يقول ابن العثيمين عليه رحمة الله أن الإنسان كلما نوى نوايا جديدة زاد أجره ،، يقول عبد الله بن المبارك : "كم من عملٍ قليل عظمته النية ، وكم من عملٍ عظيم حقرته النية " ،،، و النية محلها القلب .. فمن نوايــــا الوضوء التي يجب أن تستشعرها بقلبك قبل شروعك في كل وضوء :

1) إستباحة الصلاة .. لأنك لن تستطيع أن تصلي دون وضوء ، وهذه هي النية التي يكتفي بها أغلب الناس .

2) الإمتثال لأمر الله عز وجل .. ( هذا الشعور القلبي يرفع وضوءك ) إذ أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالوضوء ، قال تعالى : {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آَمَنوا إِذَا قمتم إِلَى الصَّلَاةِ فَاغسِلوا وجوهَكم وَأَيدِيَكم إِلَى المَرَافِقِ وَامسَحوا بِرءوسِكم وَأَرجلَكم إِلَى الكَعبَينِ ..} ،،، [المائدة :6]

3) إتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .. فيتبِّع سنته في الوضوء ، محبةً وإتباعًا له عليه أفضل الصلاة والسلام .

4) تكفير السيئات .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما رجل قام إلى وضوئه يريد الصلاة ثم غسل كفيه نزلت خطيئته من كفيه مع أول قطرة ، فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه وبصره مع أول قطرة ، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب هو له ومن كل خطيئة كهيئته يوم ولدته أمه ، فإذا قام إلى الصلاة رفعه الله عز وجل بها درجة ، وإن قعد قعد سالما " ،،، وانتبهوا أن النية لا تكون باللسان إنما محلها القلب ولم يثبت عن النبي عليه السلام أو الصحابة الكرام أنهم تلفظوا بالنية.

هناك مشكلة عند الكثيرين وللأسف هذه المشكلة سبب لفقدان لذة الصلاة والوضوء ، لأنها تجعل الواحد منا يظل يُعيد وضوئه وصلاته أكثر من مرة إنها الوسواس ... وعلاج الوساوس ..كما يقول أهل العلم : "يسقط الشك إذا ما كان عند الموسوس"، فإذا شك هل صلى ثلاث أم أربع ؟؟ اعتبرها اربعة ،، وإذا شك أنتقض وضوئك أم لا ؟؟ اعتبر أنه لم ينتقض وضوئك ،، ونحن نسأل هذا الشخص أنت لماذا تعيد ؟؟ يقول أخشى أن يكون قد خرج مني شيء أو لم اوؤد الصلاة أو الوضوء بشكل جيد نقول ولو حدث ذلك وماذا يضرك ؟ يقول أخشى أن لا يرضى الله علي ، نقول الله الذي تخشى أن لا يرضى عليك لا يريدك أن تعيد ،، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" ،، [رواه مسلم] .. فإذا شككت في صلاتك أو وضوءك ، لا تعيدهما ...

صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

1)السواك .. وهذه سُنةٌ مهجورةٌ فقد كان صلى الله عليه وسلم يبدأ وضوئه بالسواك .. وقد قال عليه السلام : "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" ،، والسوال يمسك باليمنى ويبدأ به من الأيمن إلى الأيسر ويستحب أن يكون غضا لينا ..

2) البسملة .. ثم يقول "بسم الله" قبل أن يتوضأ ، وإن كان في الخلاء لا يتلفظها بل يقولها بقلبه .

3) غسل الكفين ثلاثًا .. ويُخلل ، أي يدخل الماء بين أصابعه . ويجب الانتباه أن الله لا يحب المسرفين فلا تسرفوا في الماء ، وقد كان النبي عليه السلام يتوضأ بالمد ( أي ملىء الكفين ) وأربعه منه للغسل .

4) المضمضة والإستنشاق ثلاثًا .. كان صلى الله عليه وسلم يدخِّل الماء بكفه اليمنى إلى فمه ثم أنفه بنفس الماء ، فيستنشق ويستنثر بالكف اليسرى ثم يكرر هذا ثلاثا،، وهذا أفضل أما الصفة الثانية وهي جائزة أن تتمضمض ثلاثا ثم تستنشق ثلاثا ،، ويبالغ في الإستنشاق إلا اذا كان صائما أو يخاف أن يتضرر.

5) غسل الوجه كاملاً .. من أعلى منابت الشعر إلى نهاية الذقن ، ومن الأذن إلى الأذن . وينتبه إلى المنطقة ما بين اللحية والأذن فكثير من الناس ينسى هذه المنطقة وينتبه انه إذا كانت اللحية كثيفة تمسح من أعلاها وإذا كانت خفيفة يوصل الماء إلى داخلها .

6) غسل اليدين ثلاثًا .. فيبدأ من كف اليد اليمنى ثم اليسرى ، و ينتبه إلى منطقة المرفق لأن كثير من الناس لا يُوصل الماء إلى هذه المنطقة ؛ و لو دلك فهذا أفضل ،، و ينتبه لنقطة مهمة و هي الكف ؛ كثير من الناس يغفل هذه النقطة ، يبدأ الغسل من عند الرسغ وهي بداية اليد فيبطل وضوءه فلا بد أن يشمل الكف و الأصابع هنا ..

7) مسح الرأس مرة واحدة .. فيبدأ من مُقدمة شعر الرأس حتى نهايته ، ويكون مسحًا وليس غسلاً .

8) مسح الأذنين .. وهو بنفس الماء الذي مسح به رأسه يدخل السبابتين في الاذن ويمسح ظهر الأذن بالإبهام ..

9) غسل القدمين ثلاثا .. ويُخلل بين أصابع قدميه بأصبع يده اليُسرى ( الخنصر )، ويُوصل الماء إلى أعقاب ( اخر ) القدم .. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ويلٌ للأعقاب من النار " ..

10) ثم الدعـــــاء بعد الوضوء .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيُسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله" ، وفي رواية : "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" ،،، [رواه مسلم]

وهناك دعاء آخر منسي .. قال صلى الله عليه وسلم : "من توضأ فقال بعد فراغه من وضوئه سبحانك اللهم وبحمدك ،، أشهد أن لا إله إلا أنت ،، أستغفرك وأتوب إليك كُتب في رق ، ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة" ..

المسح على الخفيين : يجوز لك أن تمسح علي اى شئ يغطى القدم حتى لو كان شفافا بشرط أن تكون قد أدخلت قدميك فيه وأنت على وضوء ،، ومدة المسح يوم وليلة تبدأ بعد أول مسح ، وإذا كان مسافر فله أن يمسح لمدة ثلاثة أيام بلياليها ، ولا يتورع احدكم عن المسح على الخُفين فهو سنه عن النبى صلى الله عليه وسلم .

نسأل الله أن يتقبَّل منا ومنكم ...