الحقوق محفوظة لأصحابها

عائض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله ، اخوة الايمان سلام الله عليكم ورحمته وبركاته اخوة الايمان مفتاح الرحمة الرجاء و الرجاء في رحمة الواحد الاحد و الرجاء في كرمه و في رحمته جل لا اله الا هو ، والمؤمن يحسن الظن بالله و يحسن العمل لان من يقرا نصوص الرحمة في الكتاب يعلم ان الله رحمن رحيم متجاوز انه صلي الله عليه وسلم في صحيح مسلم يقول "إن الله كتب كتابا عند العرش، ولأنه كتاب جميل، قال رحمتي سبقت غضبي، فرحمته سابقة للغضب، لذلك يستوجب العبد الرحمة من الله مما أتى بأسباب الرجاء أو أسباب الرحمة التي ممكن أن تكون من الله ، إن رحمة الله قريب من المحسنين، يقول سبحانه وتعالى: قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" ففي هذه الآية قال سبحانه وتعالى، الذين أسرفوا، حتى قال الله عز وجل لا تقنطوا، ففيها من الشفقة والحب للعباد والقرب والأنس للذين أذنبوا، إلى درجة الإسراف على نفسه، وجرائرهم على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله، لم يكن عندك قنوط، تنظر كيف أن الله جعلها بالتعريف ، حتى تغفر كل الذنوب، ففي غفرانه يجب علينا أن نحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، ولهذا تجد أن سيد الخلق تبارك وتعالى، يتوب على من تاب، وقال في حديث للمسلم، "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، حتى إنه في الحديث القدسي" يقول يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة" فنحن أهل الذنب وهو أهل الصفح والمغفرة، فلا ينبغي أن يصل الإنسان إلى درجة الإحباط إذا أذنب أو أخطأ، أو درجة أن يقول أن الله لا يغفر، هذا والعياذ بالله يخرج من الملة، "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون،" فإنه لا يجوز لأحد إذا أذنب أن يبعد عن الله ، لا بد أن يعلم أن الله غفارا يغفر الذنوب جميعا، وأنه رحيم، حتى يقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي "يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم،" فدل على أن الذنب لا بد أن يحصل من العبد،

إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد له ما ألما

من ذا الذي ما سعى قط ومن له الحسنى فقط

ومن الذي ما عذر ، من الذي ما أخفق ، من الذي ما ذل، كلكم خطاء وخير الخطائون التوابون، فنحن جميعا برحمة الله رب العالمين، نسيء إلى الله ثم نأتي إليه ونستغفره، ونطلب منه أن يتجاوز عنا، حتى إن أنبياء الله اعترفوا بذنوبهم، يقولون ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، وإبراهيم ، خليل الرحمن مكرم الضيفان مطفئ النيران مكسر الأوهام، قال "والذي أطمع أن يغفر لي خطئتي يوم الدين" فهو يحمل عذره ويعتذر منها، ويونس اعترف بالتقصير والذنب، فنجه الله " قال "وكذلك ننجي المؤمنين" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" وكان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، يستغفر الله أكثر من سبعين مرة ويتوب إليه أكثر من مائة مرة، في اليوم، وختم حياته بالتوبة والإستغفار كما قال الله سبحانه وتعالى له، "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا"

فسار على ذلك الهمة يتوب إليه برحمته ، فالواجب علينا أن لا نقنط الناس من رحمة الله وأيضا لا نؤمنه من رحمة الله كما قال علي رضي الله عنه أبو الحسن أمير المؤمنين، تقول قل للفقيه، "من لم يقنط الناس من رحمة الله ولا يؤمنهم من نصر الله بل يتواسط فإن الله غفور رحيم وشديد العقاب" يدعون ربهم خوفا وطمعا، فعلى الإنسان أن يقوم بين هذا وهذا، فينبغي أن تعزل بينهما كما هو الخوف، ولا يصل بك الرجا أن تقول لا يضل مع الإسلام ذنب كما فعل المرجئة، حتى إن بعض أهل العلم توسطوا في ذلك وقالوا، إن الإنسان بالذنوب يكون ناقص الإيمان غير مخرج للدين، وأيضا لم يقولوا أن الذني يخرج لك من الملة، فهم دراجات عند ربك، حتى يقول الله تبارك وتعالى، "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من أمرنا، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات" ولهذا يقول بعض الأدباء المعاصرين نحن في الإسلام جمعية كبرى، ومؤسسة عظمى تبدأ بالميمينة وفي الميسرة أبو محجن الثقفي" فالإسلام مظلة كبيرة يدخل فيه العاصي والمسلم والمذنب"

كما يكون بالضبط في الدراسة منهم الجيد والجيد جدا والممتاز،" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من أمرنا فمنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات"

على المسلم دائما أن يحسن الظن بالله تبارك وتعالى، حتى يقول سبحانه لما ذكر صفات الأولياء "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"

"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك أجر العاملين"

فوعده الله تبارك وتعالى بالجنة والنعيم، والخلود فيها مع الجوار بالله سبحانه وتعالى،

كنت تنتظر أن يغفر الله لهم، مع أنهم كانوا يفعلون الذنوب ولكن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، يجب أن لا نيأس من روح الله، بل في رياض الصالحين عقد بابين في الرجاء وباب واحد للخوف، وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة العصر فقام رجل فقال يا رسول الله أصبت حدا فأقم علي" فلم يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحد وعن الذنب قال صليت معنا قال نعم قال اذهب قد غفر الله لك، هذا فضل عظيم حتى الذي قتل مائة نفس في الصحيح فسأل عابدا راهبا والعابد في الغالب لا يدرك علم الفتية والمسائل ليس عنده علم بالأحكام ، شوف الخطأ في الفتوى الذي يرتكب من الناس إذا كان له علم قليل فيورط نفسه، فيقود السفينة إلى الضلال، الفتوى توقيع عن رب العالمين "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام، لتفتروا على الله الكذب"

هذا الذين يجرأون على الفتوى ويفتي في القنوات الفضائية، في أحكام المعاهدات الدولية، وفي الأحكام الأخرى، مع العلم أن مالك بن أنس عرض عليه سأله سائل في ستين مسأله ما أجاب إلا في ثمان وقال الباقية لا أدري، قال الرجل مالك بن أنس ولا يعرف شيئا، قال الإمام مالك اذهب إلى الناس وقل لم إن أنس بن مالك لا يعرف شيئا، مع العلم أنه إمام دار الهجرة، حتى قال الشافعي، إذا ذكر العلماء فماللك النجم، حتى يقول الشاعر.

ومالك حيث أفتى في مدينته فلست ترضى بفتوى غير فتواه

ومع ذلك تورع وخاف من الله، فالشاهد أن ذلك العابد الراهب لما سأله ذلك السفاح وقال له قتلت تسع وتسعون نفسا، قال ما لك توبة فلما خرج وقال ما لي توبة وما لي رحمة أتى إلى هذا العابد فقتله فأكملهم المائة، ثم ذهب إلى عالم قال ومن يغلق باب التوبة، فلما تاب ، قال له العالم أنك تخرج من هذا البلدة الظالم أهلها وتذهب إلى بعض القرى تساعدك على الطاعة، فخرج وهو في الطريق الذي قتل مائة نفس، مات هذا الرجل لم يصلوا ولم يزكي ولم يصم حتى الآن، فاقتسمت فيه ملائكة العذاب، فأوحى الله إليهم أن قيسوا فقاسوا فأوحى الله إلى القرية التي كان يذهب إليها أن تقاربي وإلى البلدة الأخرى أن تباعدي، فوجدوه الأقرب إلي الأخرى، فدخل الجنة، أحاديث وأنتم تقرأونها سهلة في الصحيحين "من قال سبحان الله وبحمده غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر" في دقيقة تقريبا هل بعد هذه الرحمة رحمة،

وقال صلى الله عليه وسلم عند أبي داود "من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم" غفرت ذنوبه وإن كان مثل زبد البحر"

بل يا إخواني في الصحيح أن التسح ثلاثة وثلاثين، والتحميد ثلاثة وثلاثين والتكبير ثلاثة وثلاثين، وتختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فأي رحمة بعد هذه الرحمة يقول أبو الحسن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه "كان الرجل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حدثني حديث حلفته فإن حلف صدقته" وحدثني أبو بكر الصديق ولم أستحلفه، قال أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم "من أذنب ذنبا، فتوضأ وصلى ركعتين واستغفر الله من ذلك الذنب، غفر الله له هذا الذنب"

فهذا رحمة من الله لكل مذنب، إن كان هذا الرجل صغيرا أو كبيرا، هذا فضل من الله إذا أذنبت أن تتوضأ وتستغفر الله ، وليس معنى ذلك أن يفتح لك الباب في الذنوب، هذا الذي غلته نفسه في الذنب، إنما المقصود أن تكون ملتزم بأمر الله ولو سقطت سقطة، فيجب أن تتوب إلى الله، ولذلك فإن الله ستير، ومن ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة، يحب الله أن يستر كل منا على بعضنا، ويندم الإنسان الذي فعل هذه السقطة، حتى يقول أحمد في المسند بسند صحيح "الندم توبة" يعني تأنيب الضمير يعني الأسف توبة يمحوا الله بها الذنب، لا بد أن نعلم أن الله غفور رحيم، يغفر الذنب، متى استغفرناه وتبنا إليه، لأن التوبة من أربعة مشاهد.

- احمد الله في التوبة إلى أن أمهلك ولم يتوفاك في الذنب، فإن بعض الناس يموتون في الذنب فاحمد الله أنها لك حتى تتوب.

- احمد الله على أنه لم يفضحك، على رؤوس الأشهاد فكم طوى الليل وكم بين الجدران ، وكم بين الحيطان ممن أذنب وذل وأخطأ فستره الله ولم يخبر بذلك أحدا

- فرح الله بتوبتك ، حتى يقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم "لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم معه راحلته كان عليها طعامه وشرابه فهام في الصحراء،ربطها ونام فقام فوجدها قد ضلت في الصحراء وعليها الطعام والشراب، فوجد أنه ليس في الحياة عادة فنام فاستيقظ فقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح، فالله أشد فرحا من هذا بناقته إذا عاد العبد المؤمن إليه"

- أن الله يبدل سيئاتك حسنات: "أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات" فليس الله يتوب عليك فقط، أو يرحمك فقط، إنما يبدل الله سيئاتك حسنات، فعليك أن تحسن الظن بربك، لأنه يا أخوة مسألة الإحباط منتشرة جدا بين الشباب لقلة علمه بنصوص الشريعة، تجد أن الواحد منهم عنده إحباط، فيفعل معاصي ويقول خلاص أنا لا يغفر لي، حتى كلمنا بعضهم في الدروس وبعضهم كتب لنا، فالله يغفر الذنوب جميعا لم تاب، تجدون في السنة أن رجل أذنب ذنبا فقال يا رسول الله رجل أذنب ذنبا فيتوب ويستغفر قال ثم يعود ثم يتوب ويستغفر، قال إلى متى قال حتى يكون الشيطان هو المدفوع، فمهما تكرر من العبد الذنب، وفي الصحيحين أذنب عبدا ذنبا فقال اللهم اغفرلي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم أذنب فقال اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم قال الله علم عبدي أن له ربا يأخذ بالذنب ويعفوا عن الذنب فليعمل عبدي ماشاء إني قد غفرت له"

ليس أن يفعل ما يشاء يعني يذنب، قال أهل العلم أنه إذا سقط في معصية وهو حريص إلى أمر الله ثم تاب ، فإن الله يتوب إليه، ومن تذكر حديث البطاقة وهو عند الترمذي وأحمد وصححه أهل العلم "أن رجلا حاسبه الله سبحانه وتعالى قد ملأ ستعة وتسعين سجلا من الذنوب والخطايا كل سجل مد البصر، فلما وضعت علم الرجل أنه هالك فوضعت في كفت الميزان، فقال الله تعالى علي بالبطاقة، فأتوا بالبطاقة مكتوبا عليها ، لا إله إلا الله ، فوضعت هذه في كفة الميزان فيقول الرجل ما تفعل هذه البطاقة في هذه السجلات، فوضعت البطاقة ، فرجحت البطاقة، فغر الله له وأدخله الجنة، لذلك تجد المرأة التي سقت كلبا وهي باغية من بني إسرائيل، وليس معنى ذلك أن أي رجل زاني أو امرأة زانية تسقي كلبا يغفر الله له، هذه حالة ينطبق عليها أن يكون خشية من القلب والندم التوبة والإستغفار ونحو ذلك،

كما يقول الله سبحانه وتعالى "إن الحسنات يذهبن السيئات" سبب نزول هذه الآية أن رجلا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل امرأة لا تحل له فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكى إليه فسكت رسول الله ، فأنزل الله تبارك وتعالى "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" قال أهي لي يا رسول الله أم للناس عامة قال هي لم عمل بعلملك إلى يوم القيامة، فهو فضله الواسع، فلا يصيبك من هم ولا غم إلا كفر الله بها عنك ذنب، ومنها دعاء الصالحين، وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فبوابة الرحمة أن تحسن الظن في ذي العرش على أنه تواب، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك"

يا إخوتي راجعوا الرجاء في الله سبحانه وتعالى وجددوا هذا الأمر فتجدون هو الرحمن الرحيم، أسأل الله أن يغفر لنا ذنوبنا ويوفقنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=449_0_2_0