الحقوق محفوظة لأصحابها

بثينة الإبراهيم
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أكرم خلق الله سيدنا محمد ومن والاه وعلى آله وصحبه أجمعين يارب ارزقنا عينين هاطلتين تذرفان دموع الحزن من خشيتك وأحبك منك دمعة نستكمل في هذا اللقاء الحديث عن البكاء من خشية الله عز وجل ذكرنا في الحلقة السابقة قول أحد الصالحين يقول أن الله خلق سبع أبحر وأحب منك دمعة فجحدت بها عينك نذكر بعض الأقوال عن الصالحين والصحابة والرسول صلي الله عليه وسلم حول البكاء عن الحسن رضي الله عنه قال والذي نفسي بيده ما يؤمن عبد بالساعة إلا بكي الله سبحانه وتعالى يقول والساعة أدهي وأمر إن زلزلة الساعة شيء عظيم كيف لا يبكي العبد وهو يتذكر العرض على الرحمن سبحانه وتعالى يوم المرور على الصراط وتعرض الصحف وتشهد الجوارح بما قدمت يداه يوم ينادى يا أهل الجنة إلى الجنة ويا أهل النار إلى النار لا يدر ي العبد إلى أيهما يصير وقف عثمان بن عفان على قبره يبكي حتى ابتلت لحيته وقال لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيهما يختم لي لأردت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيهما أصير من هذا هذا عثمان بن عفان وما حالنا نحن ونحن نعلم ما جنت أيدينا وقصرنا وتمر عقارب الساعة أمامنا ولا نعتبر ولا نتأثر ولا تنزل دمعة من العين من خشية الله سبحانه وتعالى في القصة طرق أحدهم باب الفضيل بن عياض فاطلع عليهم من كوة من فتحة وهو يبكي والدموع تتقاطر من لحيته وهو يضطرب قالوا ما لكم قالوا عظنا يا أبا علي قال عليكم بالقرآن عليكم بالسنة عليكم بالصلاة ويحكم هذا الزمان ليس زمان حديث لكن زمان أحفظ لسانك واخفي مكانك وعالج بالليل وخذ ما تعرف ودع ما تنكر ما حالنا اليوم مع هذه الجوانب كم شدتي هذه القصة ما الذي أبكي الفضيل وهو في خلوته أنه العلم من خشية الله وكانت أثار هذا العلم ذلك الخوف وتلك الخشية والرقة من عرف الله سبحانه وتعالى عرف عظمته خاف وخشي وبكي ورق ويتبع هذه الأمر يحدث رقابة من الله في نفس الإنسان فيتقيه ويسلم أمره إليه ويسير على نهجه هذه كان حال الفضيل فأجري الله على لسانه درر الحديث والعبر والمواعظ فكان ما قال انعكاسا للصلاح الداخلي وتقي الله وابتغاه مرضاته هذا الفضيل للنظر إلى من ذهب إلية وطرق يطلب النصيحة أولئك الذين ذهبوا لطلب الفضيل سعوا لطلب النصيحة سعوا للموعظة تحملوا المشاق للحصول على هذه الموعظة ولكن وهم يستمعون إليها كانوا يستمعون بالقلوب بالأرواح ليس استماع أذن فقط فكان بعد هذا الاستماع من القلب كانت الاستجابة من الأجساد بالعمل الصالح وليس كحال من يستمع بأذنه فقط أو من يفر من الموعظة هناك أناس إذا بدأت الموعظة يفرون منها بل وهناك من يقف ويمنع وصول الموعظة للناس وهناك من يشغل الناس بالهرج والمرج واللهو ويساهم في ضعف الإيمان والقلب وقسوة العين اتقوا الله نحن بحاجة إلى ما يرقق هذه القلوب وإلى ما يبكي العين لا ما يصرفها عن الله ما هي حاجتنا لجلسات المحاسبة مع النفس التي لو عاشت جميل وعظيم القرآن الجميل وتفكرت في العبر والعظات لخشع هذا القلب ولتمكنا لنطهره مما علق فيه من الشوائب ولخشع مع القلب الجسد فهب للطاعات والعمل الصالح ووجدنا العين تذرف الدمع شوقا لله طمعا في رضاه خوفا من عقابه قيل لداود حين كان يعاتب من كثرة البكاء يقول ذروني أبكي قبل يوم البكاء قد يكون هو ذالك اليوم الذي يبكي فيه الناس عند العرض على الله يوم القيامة تبكي الناس خشية لأنها لا تدري ما المصير دعونا ننظر إلى حال أهل الإيمان وبكائهم من خشية الله سبحانه وتعالى أنظروا لهذه القصص روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ الآية من سورة المائدة إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم وجعل النبي صلي الله عليه وسلم يرددها ويرددها إلى الصباح وهو يبكي هذا وهو عليه الصلاة والسلام قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لكن هو علمه بالله تعالي وعظمة الله عز وجل وذاك عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور حتى وصل إلى قول الله عز وجل إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع ماذا يدفع عذاب الله تعالى فظل يبكي عمر واشتد بكاؤه عمر الذي قال عنه الرسول صلي الله عليه وسلم لو سلك عمر فجا لسلك الشيطان فجا أخر ولكن هذا البكاء من معرفتهم بالله تعالي روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يصلي ذات ليله فقرأ من سورة غافر إذا الأغلال في أعناقهم السلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون وجعل يرددها عمر ويرددها حتى أصبح آية آيات يقفون عليه ويرددونها يقفون عليها لأنهم يستشعرون ماذا تعني هذه الآيات وما وراء هذه الآيات وما المقصود ومن المقصود بهذه الآيات وروي عن تميم الداري رضي الله عنه أنه قرأ من سورة الجاثية من قول الله أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين أمنوا وعملوا الصالحات وجعل يرددها إلى الصباح وهو يبكي الآية تقول ما يستوي عند الله تعالى الذين أمنوا وما عملوا الصالحات هم يصنفون أنفسهم من شدة البكاء أنهم ممن أجترحوا السيئات وهم أصحاب الصلاح والتقوى لكن هذا هو الخوف الإنسان يحسن الظن بالله لكن في نفس الوقت يجب أن يعرف أنه ما المقبول من عمله لذلك يجب أن يحاسب هذه النفس ويعود ويبكي يا رب ما العمل الذي قبلته والعمل الذي لم يقبل وما أستطيع أن أقد

زيادة حتى أنجوا لماذا هذا التأثر عند الصالحين ولماذا نفتقد هذا التأثر ماذا ينقصنا لماذا لم نر هذا التأثر ونحن نستمع ماذا ينقصنا هل ينقصنا جلسات التأمل والتدبر نقرأ ولا نتابع الفهم نقرأ القرآن ولا نقرأ التفسير ولذلك لا نشعر بحلاوة الآيات ورقتها وبالوعد والوعيد أم أننا نفتقد جلسات الخلوة مع النفس نوبخها على ما قصرت في جنب الله هذه الجلسات التي كثير ما يغفل عنها الناس لماذا لا نجلس بيننا وبين أنفسنا ونحاسب هذه النفس على الكلمة على الحرف على التصرف على الفعل على ما قصرت في جنب الله أم الذي ينقصنا تذكر ما هو أكبر من ذلك حب الله تعالى لنا سبحانه وتعالى يحب لعباده الصلاح وأعد لهم جنة عرضها السموات والأرض فهل من وقفة مع هذه النفس وهل من تطبيق لحديث النبي صلي الله عليه وسلم إذا قرأتم القرآن فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وقفت على عبارة لأحد الصالحين يقول صواب العين أن ترسلوه وابلا على الأخطاء بين رب غفور يحب أن يتملق له عبده بالدمع يحب أن يسمعه في الثلث الأخير من الليل وبالعشي والإبكار يحاسب نفسه ويلوم نفسه قال ابن سليمان عودوا أعينكم البكاء وقلوبكم التفكر يا رب حلمك أكبر ذنبنا وعفوك أكبر من ذنوبنا وعفوك أكبر من معاصينا يا رب أذنبنا وأخطأنا وأسأنا يا رب فلا تحرمنا قربكم فكيف يهنئ الحبيب بالبعد عن حبيبه يا رب إن كنا ذرفنا يوما دمعة حزن في سبيلك فبحقها اغفر لنا ما عصيت اغفر لهذه العين ما عصيت اغفر النظر إلى ما لا يرضيك يا رب إن كانت جوارحنا بذلت يوم في سبيلك فبحق ما بذلت اغفر لها ما قصرت وما فرطت في جنبك وأهدها سبيل الرشاد يا رب إن كان القلب قد خفق يوما خفقة حب أو خشية لك فبحق تلك الخشية أرجع لقلوبنا صفائها ونقائها وتقواها يا رب اجعلنا ممن يستمع الذكر ويعمل به ومن يتأمل وبتدبر وممن يأخذ الموعظة أخذ عبادة ورجاء وثواب واجعلنا ممن يدع ملا يرضيك ترك عبادة وخوف ونفور ولا تحرمنا ربنا نعمة نداء يا رب وألقاكم عليه في الحلقة القادمة.

المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1049_0_2_0