الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد العريفي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم ..

أما بعد أيها الإخوة والأخوات .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

وأحمد الله جل وعلا الذي يسّر هذا اللقاء بكم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم في هذا المجالس المباركة ممن تحفهم الملائكة ، وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله تعالى فيمن عنده

كما أسئل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا ويجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه وممن يزيدهم الله علمًا وهدى وتوفيقًا

أيها الأحبة الكرام والأخوات الفاضلات كنا في الحلقات الماضية تكلمنا بشيء من التفصيل حول بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالطهارة والمتعلقة بالغسل، كذلك شيئ من الأحكام المتعلقة بالتيمم وما يتعلق بنواقض الوضوء وغيرها بل إننا تكلمنا بالتفصيل مع شيئ من الأمثلة حول ما يتعلق بأحكام الحيض والنفاس التي عند النساء

كذلك كنا تقدمنا الكلام حول الصلاة وأهميتها وشروطها لعلي قبل أن أبدأ في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصلي لعلي أن أبدأ معكم في بيان ما يكره فعله في الصلاة

بعدما تكلمنا عن أركان الصلاة ووجوبها يناسب أن نتكلم في هذا ثم إن شاء الله تعالى سوف نتكلم في الحلقة القادمة بشيئ من التفصيل حول صفة الصلاة وكيف كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي وننبه عمليًا أيضًا على بعض الأخطاء التي يقع للناس أثناء صلاتهم

أولاً أيها الإخوة والأخوات يُكره في الصلاة الإلتفات بوجهه وصدره لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن الإلتفات في الصلاة قال:{ هو إختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد }

الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:751

خلاصة حكم المحدث: صحيح .

طبعاً هذا الإلتفات لا يجوز شرعاً إلاَّ إذا كان الإنسان يلتفت لحاجة مثلاً إمرأة كانت تُصلي وشعرت أن إبنها إقترب من الكهرباء ومعه ملعقة أو سكين سيدخلها في ثقب الكهرباء أو مثلاً رأت أحد أولادها بكى فجأة وهي تُصلي فإلتفتت سريعًا ثم رجعت فلا بأس بهذا إذا كان في حاجة والدليل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام لما ذهب في بعض المعارك أرسل أحد الصحابة لأجل أن يرقب لهم العدو فإستبطئه النبي عليه الصلاة والسلام وأذنوا للفجر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأثناء صلاته كان صلى الله عليه وسلم يلتفت إلى جهة الجبل ينظر هل جاء الرجل أو لا , فالإلتفات أصلاً منهياً عنه وهو إختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الإلتفات كإلتفات الثعلب ونحو ذلك لكن إذا كان لحاجة فلا بأس في ذلك إلا إنه لا ينبغي أن يلتفت بصدره ولا بقدميه إنما فقط يلتفت برأسه بقدر الحاجة إذاكان لضرورة أما انسان مثلاً يصلي وعيناه تجولان يميناً ويساراً ورأسه يتجول يميناً ويساراً فهذا لاشك أنه من الخطأ , من أهم الأشياء التي تُكره أيضاً في الصلاة وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على وعيد من فعلها لما قال النبي عليه الصلاة والسلام:( لينتهينَّ أقوامٌ عن رفعهم أبصارَهم ، عند الدعاءِ في الصلاةِ ، إلى السماءِ أو لتُخطفنَّ أبصارُهم )

الراوي:أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 429 خلاصة

حكم المحدث: صحيح .

فبيّن أنه لايجوز أن يرفع المرء بصره في السماء , بعض الناس إذا قام من الركوع إذا قال سمع الله لمن حمده قال ربنا ولك الحمد ورفع بصره إلى السماء أو أحياناً أثناء القراءة يبدأ ينظر إلى السقف وينظر إلى زينة المسجد وثرياته وكل هذا منهي عنها الأصل أن تجعل بصرك إلى موضع سجودك وألا ترفع بصرك عنه تأدب مع الله جل وعلا في هذا , كذلك سبق لنا الكلام حول أن المصلي ينبغي اصلاً أن يبتعد عما يشغله في صلاته بمعنى بعض الناس مثلاً يكون فوقه مروحة بها صوتاً أو يكون التكييف به صوتاً أو يكون هناك بعض من الإضاءة يكون بها تأشير أو نحو ذلك في هذا الحال هذا سيشغل المصلي ويجعله أحياناً يلتفت بعينه إلى الأعلى الأصل أن المصلي إذا أراد أن يصلي أن يبتعد تماماً عما يشغله إن كان أمامه مرآة يبتعد عنها أو يغطيها إن كان أمامه أشياء بها تصاوير واشكال أو مثلاً الفراش الذي يصلي عليه الذي على الأرض قد يكون أحياناً فيه تصاوير ونحو ذلك وألوان الأصل أيها الأخوة والأخوات أن المصلي يتفرغ بقلبه لله جل وعلا وأن يبتعد عن هذا كله , كذلك مما يكره للمصلي في الصلاة أن يُغمض عينيه بعض المصلين الآن تجد أنه إذا صلّى أغمض عينيه أثناء صلاته وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وكان النبي عليه الصلاة والسلام لايُغمض عينيه وذكر بعض أهل العلم أن إغماض العينين هو من فعل اليهود ذكروا أن إغماض العينين في الصلاة هم من فعل اليهود فلا ينبغي أن يفعله المسلم إلا طبعاً إذا كان هناك مايشوش عليه بمعنى أحياناً يكون المرء في صلاته أمامه شيء يشوش إما غبار كثير أو أحياناً أناس يتحركون أمامه ونحوذلك الأصل أنه يبتعد عن هذا حتى لايشغله هذا عن صلاته إلا إذا كان احتاج أن يُغمض عينيه لأجل ذلك فلا بأس أن يغمض عينيه بقدر الحاجة , كذلك يُكره في الصلاة أن يٌعقي في الجلوس إذا جلس أن بُقعِ طبعاً الإقعاء هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه بمعنى أن يجعل قدميه أن ينيم قدميه هكذا ويجلس عليهما يجلس على الكعبين وهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن النبي عليه الصلاة والسلام أنه تشبه بالكلب كما قال صلى الله عليه وسلم ( إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقعِ كما يقعي الكلب ) كما عند ابن ماجه كذلك جاء أحاديث أخرى في مثل هذا المعنى , كذلك أيها الأحية الكرام مما ينهى عنه في الصلاة أنه يكره في اثناء صلاته أن يفترش ذراعيه الآن بعض الناس إذا سجد وضع يده وافترش الذراع فالأصل أن هذا الذراع يرتفع من الأرض وأن يصبح الذي على الأرض هو فقط الكف أما الذراع الساعد فينبغي أن يرتفع وسيأتي إن شاء الله في الحلقة القادمة إيضاح لهذا عملياً وكيف أن بعض الناس يُخطئ فيه , كذلك يُكره في الصلاة أنه غذا كان قائماً يستند إلى جدار فالمصلي مأمور بأن يقوم لله قياماً تاماً كما قال الله عزوجل ( ... وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ) مثلاً فالأصل أنه يقوم قياماً تاماً يعتمد فيه على نفسه أما أن يعتمد على جدار من غير حاجة فهذا منهي عنه إلا إذا كان لمرض او نحوه فلا بأس في ذلك , كذلك يُكره في الصلاة كثرة العبث فيها واللعب واللعب وبعض الناس إذا صلّى بدأ يعبث بغترته يعبث بثوبه يعبث بربطة عنقه إذا كان عليه يعبث بقميصه وأحيان يعبث بساعته ونحو ذلك بعضهم قد يُخرج جهازه الهاتف ويبدأ يعمل فيه أو يعبث أحياناً مافيه من الأزرار ونحو ذلك فالأصل أن ينتهي المرء عن ذلك تماماً , كذلك بعض الناس يشتغل بمسح الأرض خاصة إذا كان يصلي في بر أو تراب أحياناً كل ماأراد أن يسجد مسح الأرض مسح الأرض هو يكفي أن يمسح مسحة واحدة في البداية أما كل ماأراد أن يسجد مسح الأرض من جديد فلا شك أن هذا منهي عنه , كذلك أيها الأحبة الكرام يُكره في صلاته أن يتخصر , التخصر هو أن يضع يديه على جانبيه في الصلاة وهذا كان من فعل الكفار ومن فعل المتكبرين وإن كان لعله بعيد إن شاء الله أن المسلمين يفعلون مثل ذلك وقد ثبت في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل متخصراً بمعنى قد وضع يديه على خاصرتيه , كذلك يُكره في الصلاة فرقعة الأصابع وتشبيكها كل هذا يُكره أن يرفقع أصابعه مثلاً في صلاته أو أن يشبك أصابعه في صلاته هذا أيضاُ منهي عنه , كذلك منهي في صلاته أن يصلي في مكان فيه شيء من التصاوير وذلك لأن فيه نوع تشبه بعباد الأصنام والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك وأمر الله عزوجل المؤمنين أصلاً ألا يتشبهوا بالكافرين ونهى الله تعالى عن التشبه بهم في أحوال كثيرة فلا شك أنه إذاا كانت هناك صور إما تماثيل إما صور على الجداران الأصل أن يبتعد عن هذا كله , كذلك أيها الأخوة والأخوات يُنهى المرء عن الصلاة إذا كان سيصلي في مكان مثلاً فيه مايشوش عليه فكره من أطفال يلعبون مثلاً أو أصوات أو أحياناً معازف أو نحو ذلك إن استطاع أن يبتعد عن هذا تماماً فهو مأموراً به لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم

( إذا حضرَ العَشاءُ وأُقيمتِ الصَّلاةُ ، فابدؤوا بالعَشاءِ )

الراوي: أنس بن مالك المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 557 خلاصة حكم

المحدث: صحيح

بمعنى إذا كان حضر عَشاءك وعِشاءُك بمعنى نُودِي لصلاة العِشاء ووضع العَشاء بين يديك فالأصل أنك تبدأ بالعَشاء ثم تصلي العِشاء حتى لو فاتتك الجماعة , طبعاً هذا لا يعني ياجماعة أن الإنسان يوقت لعَشاءه كلما اقترب الآذان وبقي على آذان العِشاء نصف دقيقة قال لأولاده أجلبوا العَشاء حتى يفوت صلاة الجماعة على نفسه هذا كمثل الذي يتعمد أنه في كل مرة يأكل بصلاً لأجل ألا يذهب إلى الجماعة فهذا لا , هذا منهي عنه ولا يجوز أن يتعمد أن يحدث شيء لأجل أن يفوت الصلاة على نفسه لكن لو أنه حصل مصادفة يوم من الأيام وُضِع العشاء مثلاً أو وُضِع غداءه ونودي للصلاة فلا بأس أن يأكل طعامه ثم بعد ذلك أن يصلي الدليل على ذلك( كنا عند عائشة فجيء بطعامها فقام القاسم يصلي ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يصلي أحد بحضرة الطعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان )

الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:ابن عبدالبر - المصدر: التمهيد - الصفحة أو الرقم: 22/205 خلاصة حكم المحدث: ثابت صحيح

الأخبثين ( البول والغائط ) نهى أن يصلي بحضرة طعام يشتهيه , كذلك من الأشياء المنهي عنها أنه ينبغي أن يُبعد الأشياء التي تضايقه تقدم معنا الأشياء إن كانت فيه تصاوير أو أصوات أو نحو ذلك وكذلك إن كان هناك ريح شديدة أن يصلي في مكان ليس فيه ريح أو برد شديد أو جوع أو عطش مفرطين لأن هذا كله يمنع عنه الخشوع في الصلاة , كذلك يُكره للمصلي أن يخص جبهته بما يسجد عليه بمعنى أن بعض الناس الآن إذا أراد أن يصلي جعل لجبهته خاصة شيء يسجد عليه وهذا فيه تشبه بالمبتدعة الذين لايصلون إلا على طينة أو نحو ذلك والأصل أن المصلي إذا كان المكان طاهر صلى عليه إن لم يكن طاهر فرش شيء لجسده كله لأجل ان يصلي عليه , كذلك يكره في الصلاة أن يعبث بلحيته أو أن يكُفّ ثوبه كل ماأراد أن يصلي أو أن ينظف أنفه لأن ذلك كله يشغله عن صلاته بلاشك , كما ينبغي ايها الأخوة والأخوات في الصلاة أن يكون المرء ساتراً للعورة الواجبة والعورة المستحبة , ونعني بالعورة الواجبة هي مابين السرة إلى الركبة فهذه إذا كشف المرء فيصلاته بطلت صلاته أما الأخرى فإنه يستحب له ان يستر عاتقيه فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم وقال:( لا يصلي أحدكم في الثواب الواحد ليس على عاتقه منه شيء )

الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7726 خلاصة حكم المحدث: صحيح

فأمره إذا أراد أن يصلي كما أنه يستر من سرته إلى ركبته كذلك هو مأمور بأن يستر مافوق عاتقيه أن يستره مثلاً أن يضع عليه قطعة قماش أو أن يضع عليه يلبس فنيلة ( سترة ) أو نحو ذلك المهم ألا يكون كاشف لها وقد تقدم معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون المرء في صلاته متزيناً لابس أحسن ثيابه كما قال صلى الله عليه وسلم:( إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه ، فإن الله تعالى أحق من تزين له )

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 652 خلاصة حكم المحدث: صحيح .

فالأصل أنه في صلاته أن يصلي متزيناً في ثيابه , وقد رأى عبدالله ابن عمر مولاه نافع يصلي وقد حسر رأسه بمعنى كشف عمامته عن رأسه , فقال له: لو أردت أن تخرج إلى السلطان أكنت تخرج هكذا؟ قال: لا , بل أتزين وأشد عمامتي على رأسي , قال: فإن الله تعالى أحق أن تتزين له إنك واقف بين يدي الرحمن , فالأصل أيها الأحبة أيضاً ان المرء إذا أراد أن يصلي أن يعظم أمر صلاته السلف رحمهم الله تعالى في الحقيقة كان لهم مع صلواتهم أعاجيب فكان الواحد منهم إذا صلى يعلم فعلاً بأنه متقرب إلى الله جل وعلا ويستشعر فعلاً أنه واقف بين يدي الله تعالى فلا تجد أنه يلتفت إلى عبث بأنفه أو يلتفت إلى عبث بلحيته أو يعبث بثيابه أو نحو ذلك فعلاً ياجماعة كان السلف رحمهم الله تعالى يصلون والواحد منهم يستشعر أنه واقف بين يدي الله تعالى كما قيل لبعضهم ألا تسهو في صلاتك ؟ قال: سبحان الله وهل عندي شيء أعظم من رب العالمين بمعنى يحتاج أن أفكر فيه , فالمقصود من هذا أنهم كانوا حتى في صلواتهم يعظمون رب العالمين ويعلمون أنهم واقفون بين يديه , ومن اللطائف في ذلك ماذكره بعض المؤرخين ذكروا عن عبدالرزاق وهذا كان أحد تلاميذ سفيان الثوري ذكروا أن عبدالرزاق أقبل إليه سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله قال فلما أقبل إلى سفيان بن سعيد الثوري وضع له عبدالرزاق قدر سكباج ,السكباج هو لحم مع الخل كانوا يأكلونه , فلما وضع له قدر السكباج جعل يأكل سفيان الثوري أكلاً كثيراً ثم وضع له شيئاً من الزبيب والموز فأكل , فقال عبدالرزاق في نفسه: هذا سفيان الثوري الذين يذكرون من زهده ووراعته يأكل كل هذا , فلما انتهى من طعامه التفت إلى عبدالرزاق ثم قال: ياعبدالرزاق أين المتوضأ , أين أتوضأ , قال: توضأ هنا , فتوضأ وغسل يديه وتوضأ كهيئته للصلاة ثم استقبل القبلة وقال: ياعبدالرزاق , قلت: ماتريد , قال: يقولون الناس إذا أردت أن تشغل الحمار مثلاً في حراثة أو نحو ذلك في المزرعةأعلفه جيداً إملأ بطنه ثم كده إلى المغرب , قال: الناس يقولون اعلف الحمار ثم كده فسوف أكُد هذا الجسد الذي ملأت بهذا الطعام , قال: ثم مازال والله قائماً على قدميه يصلي حتى أُذِن أعليه الفجر , المقصود من هذا أنهم فعلاً ياأخواني كانوا إذا صلوا مايعبث أحدهم بشيء ولا يلتفت إلى شيء بل إنهم كانوا في صلاتهم قد يقع أشياء أحياناً لا ينتبهون إليها كما جاء ان عثمان رضي الله تعالى عنه كان يطيل صلاته جداً قالوا فكان في أثناء صلاته في الحرم يطيل صلاته حتى ربما قرأ نصف القرآن أو القرآن كاملاً في صلاة واحدة قالوا فكان أحياناً يركع فيطيل الركوع يجلس ربع ساعة نصف ساعة في ركوعه فتأتي الطير وتستقر على ظهره ثم تذهب تظن شجرة في الحرم أو نحو ذلك طبعاً هذه الآثار قد يكون البعض أحياناً يستمع إليها ولا يصدقها يقول ياشيخ من المعقول طير تأتي وتقف عليه ! من المعقول أن يفعل؟! ياأخي إذا كان هؤلاء قد علقوا نفوسهم برب الأرض والسماء جل جلاله وإذا دخل الواحد منهم في صلاته لم يفكر في شيء آخر أبداً فهذا الذي يجعل فعلاً يُقبل على صلاته , ذكر أن أحد الأشخاص مرة أنتهى من صلاته فنبهه أحد المصلين قال: ياشيخ جزاك الله خير يكلم الإمام قال ياشيخ أنت لم تصلي بنا إلا ثلاث ركعات , قال: نعم ثلاث ركعات العصر! قال: نعم سأل الجميع الجماعة قالوا: نعم قد صليت ثلاث ركعات , قام الإمام وأتى بالركعة الرابعة ثم مسك هذا وقال: ياأخي ماشاء الله جزاك الله خير أنت خاشع جداً في صلاتك كيف علمت وماأنتبه إلا أنت والجماعة كلهم في شك قال: نعم , قال: ماشاء الله عليك ماذا تفعل حتى تخشع في صلاتك ؟ قال: والله ياشيخ ليس خشوعاً لكني علمت أنك قد صليت ثلاث ركعات , قال: كيف؟ قال: أنا رجل تاجر تأتيني السفن من الهند فيها تجارتي يقول فأنا عادة من بداية الصلاة إلى نهايتها أسرح مع سفينتي حتى أصل إلى الهند وأرجع مرة أخرى أول وصولي إلى البلد الذي أنا به تكون الصلاة انتهت ونسلم من الصلاة , يقول أنه دائم يتسلط عليه الشيطان بهذا يقول الصلاة هذه انتهت ولم أصل بعد إلى البلد لاتزال السفينة في البحر لم تصل بعد فعلمت أن الصلاة ناقصة , فضحك عليه وقال: سبحان الله أنا ظننت أنك خاشع وأنت إنما تفكر في مثل ذلك , وقد تقدم أيضاً حادثة أبي حنيفة لما أقبل إليه رجل وقال: ياأبا حنيفة إني قد أضعت متاعاً لي , قال: فاذهب وصلي ركعتين وادعو الله تعالى بأن يرزقك بأن تعرف مكانه , فذهب الرجل وعندما بدأ بالتكبير وكان أبو حنيفة قال له: اخشع في صلاتك ولا تفكر قي شيء وأجعل قلبك مع الله وبدأ بالتكبير الرجل وصلّى ركعة واحدة قطع صلاته وأقبل إلى أبا حنيفة وقال: الحمدلله ياإمام قد تذكرت أين جعلت حاجتي وذهب واخذها , فقالوا لأبي حنيفة: كيف علمت انه سيذكر في صلاته , قال: قد علمت أن الشيطان سيتسلط عليه ويذكره بكل شيء حتى يحول بينه وبين صلاته , فالمقصود من هذا أيها الأحبة الكرام أن المرء لابد أن يعظم أمر صلاته وأن يعلم أن الله تعالى يحاسبه عليها , وهذه الأمور التي ذكرناها من المكروهات في الصلاة ينبغي علينا ليس فقط أن ندعها نحن لا, بل ينبغي علينا أيضاً أن ننبه الناس الذين يقعون في شيء منها , إذا رأيت من في صلاته مثلاً لا يقيم صلبه في ركوعه لايقيم السجود سجوداً تاماً لايسجد بين السجدتين سجدة تامة ينبغي علينا في الحقيقة أن يعظم الإنسان ربه وأن يُناصح أمثال هؤلاء فعلاً ينبغي أن يُناصحهم , ياأخي لما ترى إنسان في سجوده يضع مرفقه وساعده امسكه ياأخي الكريم وقل يافلان هذا خلاف السنة , لما ترى الإنسان في ركوعه يركع ركوع هكذا ثم يرفع بيّن له وقل إن هذا الركوع باطل ياأخي الكريم لابد أن تتم ركوعك إتماماً كاملاً , لما ترى إنسان مثلاً في سجوده يضع فقط أنفه دون أن يضع جبهته لأنه يخشى على عقاله أن يقع أو يخشى على غترته أن يذهب رونقها أو نحو ذلك , أقول ينبغي علينا أن نعظم أمر صلاتنا والله سبحانه وتعالى قال:( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ... ) فالأصل أن نتآمر نحن بالمعروف وأن نتناهى عن المنكر حتى يرفع الله تعالى بذلك قدرنا , أيها الأحبة الكرام هذا مايتعلق بمسألة بعض المكروهات في الصلاة وهي في الحقيقة واقعة من عدد غير قليل من الناس وينبغي علينا التنبه عليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا:( عن مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلوا كما رأيتموني أصلي ).

الراوي: مالك بن الحويرث المحدث:الذهبي - المصدر: تنقيح التحقيق - الصفحة أو الرقم: 1/164 خلاصة حكم المحدث: صحيح.

فالأصل ياجماعة أن تصلي مثل ماصلى النبي صلى الله عليه وسلم أما الإنسان يبدأ يخرج أشياء من عنده مرة يضع يده على بطنه ومرة يضعها على صدره ومرة يضعها على قلبه مرة يفترش ذراعيه مرة يُعي كإقعاء الكلب مرة يلتفت كإلتفات الثعلب مرة ينقر كنقر الغراب ياجماعة كل هذه مكروهات في الصلاة وبعضها قد تفسد الصلاة على المرء كما جاء أن بعض السلف رأى رجلاً يصلي في المسجد فكان ذاك الرجل يصلي بسرعة , فقال هذا الرجل الصالح قام إليه وأمسك بهذا الرجل قبل أن يخرج إلى الصلاة: أنت من متى وأنت تصلي على هذا الحال؟ قال: أنا أصلي على هذه الصلاة من أربعين سنة , أنا عمري خمسون وأنا من عمر عشر سنين وهذه صلاتي , وقال: والله لو مِتّ على هذا لمِتّ على غير الإسلام , هذه ليست الصلاة التي شرعها رب العالمين لنا أنت تصلي على طريقة جديدة من عندك ليست الكريقة التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بها وقال:( عن مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلوا كما رأيتموني أصلي ).

الراوي: مالك بن الحويرث المحدث:الذهبي - المصدر: تنقيح التحقيق - الصفحة أو الرقم: 1/164 خلاصة حكم المحدث: صحيح.

أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما سمعنا وأن يجعلني وإياكم مباركين أينما كنا وأن يزيدنا علماً وهدىً وتوفيقاً وأن يجعلنا ربنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وهذا والله تعالى أعلم.

وصلَّى الله وسلِّم وبارك على رسول الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

:: مع الشكر لفريق التفريغ في منتدى الشيخ محمد العريفي

http://www.3refe.com/vb