الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد راتب النابلسي


التفسير المطول - سورة التوبة 009 - الدرس ( 64-70 ) : تفسير الآية 112، التوبة نقل من المعصية إلى الطاعة.

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2011-08-05

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الحكمة من تدبر الآية التالية ومثيلاتها من الآيات المتشابهات :

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الرابع والستين من دروس سورة التوبة، ومع الآية الثانية عشرة بعد المئة وهي قوله تعالى:

﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

أراد الله سبحانه وتعالى أن يبين لنا في هذه الآية بعضاً من صفات المؤمنين، والحقيقة حينما يبين الله عز وجل في هذه الآية وفي غيرها من هذه الآيات الكثيرة صفات المؤمنين، فلعل الهدف من ذلك أن هذا المؤمن إذا قرأ القرآن، وقرأ صفات المؤمنين، ينبغي أن يتدبر هذه الآية، هذه الصفات هل تنطبق عليه؟ إن انطبقت عليه فهو في نعمة كبيرة، إن لم تنطبق عليه فهو في محنة كبيرة، إن انطبق عليه بعضها ولم ينطبق عليه بعضها الآخر فهو في وضع وسطي، فلابد من أن يتأمل المؤمن هذه الآيات، ولا بد من أن يراجع نفسه مراجعة دقيقة، بل لا بد من أن يقف عندها كلمةً كلمة، ويرى هل هو من التائبين؟ هل هو من العابدين؟ من الحامدين؟ من السائحين؟ من الراكعين؟ من الساجدين؟ هذه صفات المؤمنين، وما أراد الله من هذه الآية، ومن مثيلاتها إلا أن تكون مقياساً لنا، أو هدفاً، إما أنها مقياس نقيس بها إيماننا، أو إنها هدف يمكن أن نسعى إليه.

إذاً هناك حكمة بالغة من تدبر هذه الآية ومثيلاتها من الآيات المتشابهات.

التوبة تجبُّ ما قبلها و التائب من الذنب كمن لا ذنب له :

أيها الأخوة،

﴿ التَّائِبُونَ ﴾

لعل رحمة الله في التوبة، الإنسان إذا شذّ عن منهج الله، أو انحرف عن طريق الحق، إذا وقع في المعاصي والآثام، ولم يكن هناك توبة، إذاً عرف مصيره في النار، ما الذي سيكون؟ ما دام هو في النار ينبغي أن يفعل كل شيء، أن يبحث عن معصية لم يفعلها سيفعلها، المشكلة كبيرة جداً، أما إذا الله عز وجل بيّن لعباده أن التوبة تجب ما قبلها، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

(( إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السموات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))

[ ورد في الأثر]

وأن الله عز وجل حينما قال:

(( إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عند بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها))

[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]

الله عز وجل خلق الإنسان ليرحمه :

أنت حينما تقرأ آيات التوبة، آيات كثيرة:

﴿ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

[ سورة البقرة]

كلمة يحب من الله عز وجل شيء يفوق حدّ الخيال، الله يحب التائب، أي يا عبدي لو كنت منحرفاً، لو كنت مسرفاً على نفسك، أنا أقبلك، والذي يقنت من رحمة الله ليس مؤمناً، لذلك فتح الله باب التوبة، هذا الباب يسع جميع العباد، إن:

﴿ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾

[ سورة الزمر الآية: 53]

جميعاً أي يغفر كل الذنوب، وأكبر الذنوب، وحينما يأتي اسم الله بصيغة المبالغة:

﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ ﴾

[ سورة طه الآية: 82]

هناك غافر، غافر اسم فاعل، أما غفار فصيغة مبالغة لاسم الفاعل، معنى صيغة مبالغة لاسم الفاعل أن الله عز وجل يغفر الذنوب مهما كثرت، ومعنى غفار بمعنى أنه يغفر أكبر ذنب، إما نوعاً أو كماً، فالله عز وجل يدعونا إلى التوبة، والإنسان حينما يتوب - ومن ذاق عرف- يشعر عند التوبة أن هموماً كالجبال كانت جاثمة على صدره، فانزاحت عنه، التائب يحس بخفة، كأنه يطير في الهواء، هذا الجبل الذي يكاد أن يسحقه أزيح عنه، لأن الله عز وجل خلقنا ليرحمنا، وما فتح باب التوبة إلا للمذنبين، بل إنه ما أمرنا أن نتوب إليه إلا ليتوب علينا، وما أمرنا أن تستغفره إلا ليغفر لنا، وما أمرنا أن نعبده إلا ليرحمنا.

باب التوبة مفتوح في كل زمان و مكان :

إذاً:

﴿ التَّائِبُونَ ﴾

هؤلاء المؤمنون إذا زلت بهم القدم، قصرت بهم العزيمة، انحرفوا قليلاً، وقعوا في ذنب، غلبتهم شهوتهم، المسلم، أو الإنسان مذنب خطاء، شيء طبيعي جداً، لكن البطولة أن هذا الذنب الذي وقع به المؤمن باب التوبة مفتوح على مصراعيه، لئلا يقنط من رحمة الله من أجل ألا ييئس.

﴿ التَّائِبُونَ ﴾

مرة ثانية:

(( إذا رجع العبد- إلى الله تائباً - نادى منادٍ في السموات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))

فالتائب يحبه الله عز وجل، سار في طريق سعادته، لأن الله عز وجل خلقنا للسعادة.

فإذا كان ابناً طموح أبيه منه أن يكون مثقفاً ثقافة عالية، أو أن يكون طبيباً مثلاً، فحينما يتحرك هذا الطفل لتحقيق هذا الهدف يسعد والده، لأن والده يتمنى عليه أن يكون كذلك، الله عز وجل حينما خلقنا أرادنا أن نعبده، وأن نطيعه، كي يسعدنا بعبادته في الدنيا والآخرة، فالله عز وجل يفرح بإيمان عباده المؤمنين، يفرح بتوبتهم:

(( لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد))

[السيوطي في الجامع الصغير عن أنس]

بطولة الإنسان إذا وقع في ذنب وتاب منه أن تكون توبته توبة نصوحة :

وهناك أحاديث كثيرة تؤكد فرح الله عز وجل بعباده المؤمنين، فكأن الله عز وجل يدفعنا إلى التوبة، كأن الله يقول: يا عبادي مهما كثرت الذنوب، مهما عظمت العيوب، مهما كان الذنب كبيراً فباب التوبة مفتوح على مصراعيه، ويؤكد هذا قوله تعالى:

﴿ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾

فالمؤمن كثير التوبة، يتوب في اليوم مرات ومرات، كلما وقع في خطأ، في خلل، زلت قدمه، يرجع إلى الله بالتوبة، والله عز وجل بابه مفتوح لكل عباده.

لكن الواقع أنك إذا وقعت في ذنب فالتوبة الأولى أهون توبة عليك، لمجرد أن تنعقد التوبة كأنك تشعر أن الله قبلك، وقبِل هذه التوبة، لكن حينما تعيد الذنب مرة ثانية، أقول لك الواقع يشعر هذا المذنب للمرة الثانية أن التوبة الآن لم تكن سهلة كالأولى، صار كأنه استهزاء برحمة الله، فيجد صعوبة في التوبة الثانية، والصعوبة أشد في الثالثة، فالبطولة أنك إذا وقعت في ذنب وتبت منه أن تكون التوبة توبة نصوحة.

من أعاد ذنبه عليه أن يضيف إلى توبته عملاً صالحاً :

المؤمن تواب، أي كثير التوبة، والله عز وجل قال:

﴿ التَّائِبُونَ ﴾

جعل صفة المؤمنين الأولى أنهم تائبون، أي ليس لنا إلا الله، طبعاً الإنسان إذا تاب من الذنب نفسه مرات ومرات يجد صعوبة في التوبة الثانية، وصعوبة أكبر في التوبة الثالثة، وأكبر في الرابعة، لكن في النهاية ليس لنا إلا الله، يجب أن نتوب، والإنسان كتعليق إذا زلت قدمه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه، أما إذا أعاد الذنب فصار بحاجة إلى شيء آخر يزيد على التوبة، أن يصوم مثلاً مع التوبة، إن كان ذا مال أن ينفق من ماله، الإنسان أحياناً يسترضي أخاه بالمال، أقول لكم بكل بساطة: الله عز وجل يسترضى بالصدقة، فالإنسان إذا زلت قدمه أعاد الذنب مرة ثانية، فكيف يتوب توبة ثانية أو ثالثة؟ عندئذٍ يجب أن يضيف إلى توبته عملاً صالحاً، كصيام نفل، أو كدفع صدقة.

والحقيقة لا يعرف الشوق إلا من يكابده، لا يعرف مشاعر الإنسان المذنب حينما يتوب توبة نصوحة إلا من ذاق هذه المشاعر.

أقول لكم مرة ثانية: كأن جبالاً كانت جاثمة على ظهره، فلما تاب توبة نصوحة أزيحت هذه الجبال عن كاهله، وشعر بخفة وراحة نفسية لا تعدلها راحة.

التوبة حدّ فاصل بين زمن وزمن وبين حال وحال :

إذاً من صفات المؤمنين أنهم تائبون، لكن أقول لكم وهذه حقيقة مرة: إن التوبة الأولى سهلة جداً، أما الثانية فأصعب، والثالثة أصعب وأصعب، كأنك لم تفِ بوعدك، ولم تكن عند عهدك، لكن ليس هناك إلا التوبة نجاة لنا من كل شيء.

كأن التوبة بدأ الله بها لأنها تنهي عهد المعصية، عهد التفلت، زمن الانغماس في الملذات، تنهي الشرود عن منهج الله، تنهي وضعاً غير لائق في الإنسان، تنهي وضعاً لا يرضي الإنسان، تنهي وضعاً لا يرضي الله، هذا الزمن انتهى بالتوبة، كأن التوبة حد فاصل بين زمن وزمن، بين حال وحال، بين واقع وواقع، بين معطيات ومعطيات، هذا الحد الفاصل نقلك من المعصية إلى الطاعة، من البعد عن الله إلى القرب منه، من التشتت إلى الجمع.

((من أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له))

[ الترمذي عن أنس]

العطاء علة وجود الإنسان في الدنيا :

﴿ التَّائِبُونَ ﴾

من صفاتهم بعد التوبة أنهم عابدون، العبادة خضوع لمنهج الله، خضوع لما أمر، وابتعاد عما عنه نهى وزجر، ثم العبادة التقرب إلى الله بالطاعات، وبالأعمال الصالحة، وبالبذل، بل إن علة وجود الإنسان في الدنيا هو العطاء.

مرة قرأت كتاباً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا بالمؤلف يقدم هذا الكتاب للنبي الكريم، قال في الصفحة الأولى من هذا الكتاب: "يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ".

الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء ملكوا الرقاب، الأنبياء عاشوا للناس، والأقوياء عاش الناس لهم، وفرق كبير بين النبي والقوي، وفرق كبير بين أتباع النبي وأتباع القوي، لذلك كن من أتباع الأنبياء، لأنك إن فعلت هذا استحققت الجنة وما فيها من نعيم مقيم.

العبادات الشعائرية لا نقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية :

﴿ التَّائِبُونَ ﴾

لكنهم عابدون، العبادة قد يتوهمها متوهم أن تؤدي العبادات الشعائرية، هذا خطأ كبير، خطأ كبير جداً، لأن سيدنا جعفر حينما التقى النجاشي ملك الحبشة سأله عن هذا الدين فقال:

((أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[أخرجه ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب]

معنى ذلك تفاصيل هذا المنهج تفاصيل أخلاقية، هناك عبادات شعائرية كالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، لكن هناك عبادات تعاملية كالصدق، والأمانة، والوفاء بالعهد، والرحمة، وما إلى ذلك.

وأقول لكم هذه الحقيقة وقد تكون مؤلمة: العبادات الشعائرية كالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادات التعاملية.

التائب من لوازم توبته وعلامة قبول توبته أن يكون عبداً لله بعد التوبة :

إذاً:

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الذين خضعوا لمنهج الله،

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الذين استجابوا لله ورسوله،

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الذين تقربوا إلى الله،

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الذين تعرفوا على الله،

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الذين أنفقوا أموالهم في سبيل الله،

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الذين أقاموا منهج الله في بيوتهم، وفي أعمالهم،

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الخاضعون، المتمثلون لمنهج الله عز وجل، تائبون وعابدون، فالتائب من لوازم توبته ومن علامة قبول توبته أن يكون عبداً لله بعد التوبة.

﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ﴾

والعبادة واسعة جداً، هناك من يتوهم خطأ أن الإسلام هذه العبادات الشعائرية صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، أقول لكم: الإسلام منهج تفصيلي، يبدأ من فراش الزوجية، وينتهي بالعلاقات الدولية، يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان، وينتهي بأكبر علاقات بين الأمم والشعوب، هذا الإسلام منهج كامل.

إذاً:

﴿ الْعَابِدُونَ ﴾

الممتثلون إلى منهج الله، المطبقون له، الذين استجابوا لله فكان عملهم وفق منهج الله عز وجل.

من لوازم التوبة أن يعبد الإنسان الله حق العبادة :

الآن: تائب وعابد، ما الرد الإلهي على توبته وعبادته؟ تائب وعابد، تاب توبة نصوحة، وعبد الله حق العبادة، ألا يوجد شيء من الله يشجعه ويثبته ويطمئنه ويحفزه؟ طبعاً.

الآن:

﴿ الْحَامِدُونَ ﴾

يأتي الخير الإلهي.

(( استقيموا ولن تُحْصُوا ))

[أخرجه مالك عن بلاغ بن مالك]

الخيرات، صدق واعتقد يقيناً أنه لمجرد أن تفكر أن تتقرب إلى الله بطاعة، بعبادة، بإنفاق مال، بقيام ليل، بقراءة قرآن، فالله عز وجل معك وسيكافئك، وسيتقرب إليك أيضاً.

((إن تَقَرَّبَ إِليَّ شِبْرا تَقَرَّبتُ إِليه ذِراعاً، وإن تقرَّب إِليَّ ذِرَاعاً اقْتَرَبتُ إِليه باعاً، وإِن أَتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلَة ))

[ البخاري و مسلم عن أبي هريرة ]

الله عز وجل ينتظرك، ينتظر هذه اللحظة التي تبحث عنها، لذلك الترتيب دقيق من لوازم التوبة أن تعبده حق العبادة، قال: وما حق العبادة؟ قال:

((أنْ تَحْفَظ الرَّأْسَ ومَا وَعى، والْبَطْنَ ومَا حَوى، وتذْكْرَ المَوتَ والبلى))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن مسعود]

حق العبادة الطاعة، حق العبادة الخضوع لمنهج الله عز وجل، حق العبادة أن تؤدي شعائر الله عز وجل.

عطاء الله عز وجل لا نهائي :

﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ﴾

المعنى الذي يأتي بين العابدين والحامدين، أنك حينما تتوب إليه، وحينما تعبده، تأتيك الخيرات، تأتيك المسرات، تأتيك الراحة النفسية، يأتيك الشعور بالتفوق، تأتيك الطمأنينة، يأتيك الأمن، يأتيك التوفيق في أعمالك، التوفيق في بيتك، التوفيق مع من حولك، مع من فوقك، مع من دونك، أي ثمار الطاعة لا تقدر بثمن، ثمار الطاعة لا تعد ولا تحصى.

((استقيموا ولن تُحْصُوا ))

لن تحصوا، لن تستطيع أن تحصي خيرات الاستقامة، التائبون ترك المعصية والانحراف والتفلت، وما شاكل ذلك، بعد أن تاب توبة نصوحة، وترك كل المعاصي والآثام، الآن عبد الله، خضع لمنهجه، أدى عباداته الشعائرية، وطبق العبادات التعاملية، كان صادقاً، وأميناً، ومستقيماً...الخ.

الآن بعد أن عبد الله، واستقام على أمره، وتقرب إليه، جاءت الخيرات، وشيء يحير يا ترى خيرات مادية؟ مادية، ومعنوية، ونفسية، وروحية.

((استقيموا ولن تُحْصُوا ))

[ رواه ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

رحمة الله عز وجل يصعب حصرها في شيء واحد، رحمة الله توفيق، رحمة الله زواج سعيد، رحمة الله أولاد أبرار، رحمة الله زوجة صالحة، رحمة الله صحة، رحمة الله مكانة، رحمة الله رؤية ثاقبة، من الصعوبة بمكان أن تحدد رحمة الله، عطاء الله، وكيف أن عطاء الله عز وجل لا نهائي، فعطاؤه لا نهائي.

الإنسان خُلق ليعرف الله عز وجل :

اللفتة الدقيقة جداً أن هذا الإنسان حينما خلق ليعرف الله، قالوا: إن الأرض للنبات، والنبات للحيوان، والحيوان للإنسان، والإنسان لمن؟ لله عز وجل.

﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾

[ سورة طه]

أنت لله، فأنت حينما تتعرف إلى الله، وحينما تقترب منه، وحينما تعمل صالحاً من أجله، الآن حققت الهدف من وجودك، والله عز وجل يفرح بك، لأنك تحركت وفق منهجه.

﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ﴾

من لوازم التوبة العبادة، ومن لوازم العبادة الخير الذي يأتيك.

أقول لكم هذا الكلام: لحكمة بالغة بالغةٍ بالغة في اللحظة التي ينعقد في نفس الشاب المؤمن التوبة إلى الله، تجد حياته انقلبت رأساً على عقب، يجد سعادة، واستقراراً، وأمناً، ومكانة، وتوفيقاً، وتفوقاً، في بيته محترم إلى أعلى درجة، بين أصدقائه، في مدرسته، في الطريق محشوم عفيف، يغض بصره، صفات المؤمن صفات راقية جداً.

للتقريب: فلان دكتور، أو تكتب جانب اسمه د. أي معه ابتدائية، وإعدادية، وثانوية، ولسانس أو بكالوريوس، و دبلوم عامة، دبلوم خاصة، وماجستير، ثلاث عشرة شهادة من كلمة د. وإذا قلت: مؤمن أي عرف الله عز وجل، فهو مستقيم و أخلاقي.

الإيمان مرتبة أخلاقية وعلمية وجمالية :

بالمناسبة: الإيمان مرتبة أخلاقية، ومرتبة علمية، ومرتبة جمالية، المؤمن أسعد إنسان، أقسم لكم بالله أيها الأخوة المشاهدون: تمتع المؤمن في الدنيا التي أتيحت له في الجانب الحلال منها فقط، أي اشتهى المرأة تزوج، اشتهى المال عمل عملاً طيباً، مستقيماً، نزيهاً، جمع المال، تمتع المؤمن في الدنيا تفوق متعة غير المؤمن بآلاف المرات، وهذا معنى قوله تعالى:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن]

له جنة في الدنيا، وجنة في الآخرة.

المؤمن طبيعته شاكر وغير المؤمن طبيعته كفور :

الآية الدقيقة:

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾

[ سورة الجاثية الآية: 21]

قد تقول: في الآخرة، لا، في الدنيا قبل الآخرة.

﴿ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ ﴾

[سورة الجاثية الآية:21]

في دنياهم، أي المؤمن بيته غير بيت غير المؤمن، المودة بينه وبين أولاده متمايزة، هدوءه في البيت، تماسكه، رحمته، مكانته، شخصيته، الآن نشاطه نشاط مقدس، لقاءاته هادفة، بحث عن العلم، مثلاً دعا إلى الله، بيته فيه سكينة، ووقار، علاقته واضحة، الفرق كبير بين الذهب والنحاس، الفرق كبير بالثمن وكبير بالثبات على الخصائص.

إذاً:

﴿ الْحَامِدُونَ ﴾

جاءه الخير فحمد الله عليه، فالمؤمن طبيعته شاكر، شكور، وغير المؤمن طبيعته كفور، يكون بأعلى درجة من الدخل، بأعلى درجة من الصحة، يشكو لك، كثير الشكوى، البلد لا يعجبه، والناس لا يعجبونه، والتجارة لا تعجبه، يعيش في بحبوحة كبيرة جداً وغارق بالنعيم ومع ذلك يتشكى، قال:

أي هذا المتشكي وليس بك داء كيف تـغدو إذا غدوت عليلاً

* * *

أي عنده دنيا عريضة وهو يشتكي فكيف إذا غابت عنه هذه الدنيا؟

السياحة الفكرية :

الآن:

﴿ السَّائِحُونَ ﴾

السائح خرج من بلده، كأن هذه الكلمة تعني السياحة الفكرية، فكر بالكون، هناك إنسان عاش ببيته، أكل، وشرب، ونام، هناك إنسان فكر بالشمس، ما هذه النعمة الكبيرة؟ فكر بالقمر، فكر بهذه النباتات الجميلة، هذه لمن؟ لمن هذه النباتات؟ يروى أن إنساناً قدم لحمار فله فأكلها، هذه الفلة للإنسان ليتمتع برائحتها.

فهناك عشرات ألوف النباتات ضمن البيوت تعيش كي تستمتع بها، أنت مكرم، الفواكه كم نوع؟ النباتات كم نوع؟ المواهب الجمالية في الكون رائعة جداً، كلها من أجلك، ألا ترى أن الله عز وجل سخرها لك؟.

﴿ السَّائِحُونَ ﴾

أي يفكر، أكل، هذا الحليب، هذا الشراب اللذيذ المفيد، غذاء كامل، من أين جاء؟ من البقرة، هل يستطيع أهل الأرض أن يصنعوا من علف البقرة حليباً؟ معمل صامت بلا ضجيج، تأكل الحشيش تعطيك الحليب، الأجبان، والألبان، مشتقات الحليب لا تعد ولا تحصى، هذا الحليب هدية من الله.

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

[سورة النحل الآية:5]

﴿ لَكُمْ ﴾

لها معنى دقيق، خلقت لكم خصيصاً، فالإنسان المؤمن إذا شرب كأس الحليب، إذا أكل طعاماً، إذا أكل خبزاً، الآن القمح من صممه؟ القمح غذاء كامل، مرة قرأت عنه، هناك أربعة آلاف و خمسمئة نوع من القمح، هذا الغذاء الكامل.

سائح يفكر، يفكر في هذا النجم، هذا نجم القطب يبعد عنا أربعة آلاف سنة ضوئية، المرأة المسلسلة تبعد عنا مليوني سنة ضوئية، وهناك مجرة تبعد عنا أربعة وعشرين ألف مليون سنة ضوئية، وأقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، لو كان هناك طريقاً لهذا النجم لاحتاج إلى خمسين مليون عام ليصل إليه:

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾

[سورة الواقعة]

هذا الكون لمن؟ لك، هذه النباتات لمن؟ لك، أنواع النباتات بالمليارات، أشكال أوراق النباتات لا تعد ولا تحصى، أنواع الفواكه، أنواع الحيوانات، أنواع النباتات، أنواع الصخور، كون بأعلى درجة من الكمال.

من عرف الخالق عرف كل شيء :

إذاً:

﴿ السَّائِحُونَ ﴾

يفكر بطعامه، بشرابه، بمن حوله، بمن فوقه، بمن تحته، هذا الذي يأكل ويمشي.

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[سورة النحل الآية:21]

﴿ السَّائِحُونَ ﴾

هنا السياحة الفكرية ، يفكر في خلق السموات والأرض، يفكر في جسمه، هذه العين فيها طبقة هي الملتحمة وهي شفافة، كل الجسم يتغذى عن طريق الشعريات، إلا ملتحمة العين، الطبقة الأولى، هذه عن طريق الحلول، أول خلية تأخذ غذاءها وغذاء جارتها، من جعل خلايا القرنية تتغذى عن طريق الحلول؟ لو تغذت عن طريق الشعريات لرأينا ضمن شبكة، وهذا شيء مستحيل، سائح، جسمك أكبر آية بين يديك، الشعر، العينان، الأذنان، اللسان، المعدة، الأمعاء، جهاز التنفس، جهاز الكليتين، إلى آخره، عندك أجهزة بالغة الدقة، أنت أكبر آية بين يديك، أنت أنت نفسك، جسمك أكبر آية.

﴿ السَّائِحُونَ ﴾

أكل طعاماً فكر فيه، ألقى نظرة على البحر فكر بالبحر، ألقى نظرة على الجبل فكر بالجبل، رأى حيواناً أليفاً فكر بهذا الحيوان، رأى نباتاً جميلاً فكر بهذا النبات، يعيش مع الصانع لا مع الصنعة، العالم الغربي يعيش مع الصنعة فقط.

مرة قالوا: إن الثقافة الغربية سخرت الطبيعة لشهوات الإنسان، ثقافة تسخير، أما ثقافة المسلمين فثقافة معرفة الصانع، الخالق، فأنت إذا عرفت الخالق عرفت كل شيء.

الحكمة من أخذ الله عز وجل الركوع والسجود من الصلاة :

الآن

﴿ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ ﴾

قال بعض العلماء: لماذا أخذ الله من الصلاة الركوع والسجود؟ لأن الإنسان إذا كان واقفاً في الصلاة، هناك وقوف بغير الصلاة، إنسان واقف بمحله التجاري، واقف في بيته، فالوقوف مشترك بين الصلاة وبين غير الصلاة، والقعود قاعد ببيته على كنبة، على كرسي، على الأرض، أما الشيء الذي لا تفعله إلا في الصلاة فالركوع والسجود، والله عز وجل قال:

﴿ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ ﴾

أخذ من الصلاة ما تتميز به،

﴿ الرَّاكِعُونَ ﴾

والحقيقة:

((لكل سورة حظها من الركوع والسجود))

[رواه أحمد عن أبي العالية]

أنت إذا قرأت قوله تعالى بعد الفاتحة في الصلاة:

﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾

[سورة الإسراء الآية:53]

أنت ما قلت له:

﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾

[سورة الفاتحة]

الله أكبر، ركعت، معنى الركوع يا ربي سمعاً وطاعةً لهذا الأمر،

﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾

هذا الركوع متعلق بالآية التي قرأتها، ركوع الإنسان في الصلاة مرتبط بالآية التي قرأها بعد الفاتحة، الآن سجدت: يا رب أعني على هذه الآية أن أطبقها، الركوع يعني نعبد، والسجود نستعين.

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾

[سورة الفاتحة]

الركوع نعبدُ والسجود نستعين.

((لكل سورة حظها من الركوع والسجود))

[رواه أحمد عن أبي العالية]

أنت إذا قرأت قوله تعالى:

﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾

يأتي الأمر الإلهي:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[سورة البقرة الآية:195]

في الركوع يا رب سأنفق، في السجود يا رب ارزقني حتى أنفق، فكأن كل آية تقرأها بالصلاة لها علاقة بالركوع والسجود،

﴿ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ ﴾

علة خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

الآن:

﴿ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

أساساً حينما قال الله عز وجل :

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران الآية: 110]

علة هذه الخيرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال النبي الكريم:

((كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأشدُ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر، ونهيُتم عن المعروف؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن؟ قال: نعم، وأَشدُّ كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً))

[أخرجه زيادات رزين عن علي بن أبي طالبٍ]

أنا أذكر هذا البيت من الشعر عده النقاد في الأدب العربي القديم أهجا بيت قالته العرب:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

* * *

هذا شعار كل إنسان اليوم، لا علاقة لنا، لا دخل لنا:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

* * *

هذا عصر تبدل القيم، أصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، هناك أشياء لا يحتملها الإنسان، الآن بديهية، مألوفة جداً.

أحد أسباب سعادة الإنسان تطابق خصائص نفسه مع منهج الله عز وجل :

﴿ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

أدق ما في الآية أن المعروف لِمَ سمّى الله بعض الأمور معروفاً؟ قال: لأن الفطر السليمة تعرفها بداهة، الإنسان إذا كان باراً بأمه بكل الشرائع، بكل العصور، شيء بديهي، إذا كان محسناً، إذا كان منضبطاً، شيء بديهي، فالمعروف جاء وحي من الله، لكن الفطر السليمة تعرفه بداهة، هذا تطابق الفطرة مع الشرع.

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم الآية: 30]

عندك فطرة لكن لا تطابق الشرع، لذلك أحد أسباب سعادة الإنسان إذا أطاع الله تطابقت خصائص نفسه مع منهج الله عز وجل.

﴿ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

المعروف ما تعرفه الفطر السليمة من دون تعليم، والمنكر ما تنكره الفطر السليمة ابتداءً.

إنسان جائع جداً، وأمه مثله جائعة، أحضر طعاماً و أكله وحده، بكل الشرائع، بكل النظم، بكل الثقافات، هذا عمل غير مقبول، تنكره الفطر السليمة.

على الإنسان أن يترك مسافة أمان بينه و بين حدود الله :

إذاً:

﴿ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّه ﴾

الله له حدود، فالبطولة أن تقف عند هذه الحدود، بل أن تدع مسافة أمان بينك وبين هذه الحدود، وهذا معنى قوله تعالى:

﴿ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾

[ سورة البقرة الآية: 187]

دع بينك وبينها مسافة أمان، كيف أن التيار الكهربائي - ثمانية آلاف فولت- يجب أن تبتعد عنه ثمانية أمتار وإلا يجذبك، كذلك المعاصي فيها قوة جذب، فإذا أبقيت بينك وبين المعصية هامش أمان فأنت في سلام.

لذلك:

﴿ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ﴾

أي يبتعد عنها مسافة تمنعه أن يقع فيها.

﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

ينتظرهم كل خير.

((استقيموا ولن تُحْصُوا ))

[ رواه ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

خير في الدنيا وخير في الآخرة، خير في المادة وخير في الروح، خير في الجلة وخير في الآجلة، خير مطلق،

﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

والحمد لله رب العالمين

http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=11214&id=97&sid=101&ssid=257&sssid=258