الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد راتب النابلسي
التفسير المطول - سورة التوبة 009 - الدرس ( 43-70 ) : تفسير الآية 60، الصدقة تعني صدق النية مع الله سبحانه وتعالى، الفرق بين الفقير والمسكين.

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2011-03-11

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الإنسان هو المخلوق الأول والمكرم و المكلف بطاعة الله عز وجل :

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثالث والأربعين من دروس سورة التوبة، ومع الآية السابعة عشرة وهي قوله تعالى:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

أيها الأخوة الكرام، كما تعلمون الإنسان هو المخلوق الأول، لقوله تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

[سورة الأحزاب الآية:72]

هو المخلوق الأول، والمخلوق المكرم.

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

[ سورة الإسراء]

لكن الذي أركز عليه أن الإنسان هو المخلوق المكلف، كلف أن يعبد الله، وفي أدق تعريفات العبادة: أنها طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية.

العمل الصالح علة وجودنا بعد الإيمان بالله :

لذلك العبادة طاعة، طاعة فيما أمر، واجتناب لما نهى عنه وزجر، ولكن هناك شيء آخر، العبادة طابعها أن تمتنع عن كل ما نهاك الله عنه، ولكن الإنسان خُلق للجنة، والجنة لها ثمن، ما ثمن الجنة؟ العمل الصالح، جاء الله بنا إلى الدنيا من أجل أن نعرفه أولاً، وأن نتقرب إليه ثانياً بالعمل الصالح، فكأن علة وجودنا بعد الإيمان بالله العمل الصالح.

ولو وضحت هذا بمثل أن أباًَ أرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه، مدينة عملاقة كبيرة، فيها معامل، فيها حدائق، فيها متاحف، فيها ملاه، فيها دور لهو، فيها كل شيء لكن هذا الطالب الذي أرسله أبوه لينال الدكتوراه من السوربون، علة وجوده الوحيدة في هذه المدينة أن ينال الشهادة.

فلذلك الإنسان حينما يعلم علة وجوده تصح حركته، أوضح مثل: إنسان سافر إلى بلد معين وسأل: إلى أين أذهب؟ نحن نعجب من سؤاله، نقول له: لماذا جئت إلى هنا؟ إن جئت طالب علم فاذهب إلى الجامعات، وإن جئت سائحاً فاذهب إلى المتنزهات، وإن جئت تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات، فالحركة في أي مكان لا تصح إلا عرف سبب المجيء، فأحد أكبر علائم الإيمان، أحد أكبر مرتكزات الإيمان، أحد أكبر الخصائص الإيمانية أن تعرف سرّ وجودك في الأرض، أنت في الأرض من أجل أن تعبد الله، إما أن تكتشف هذا بالبحث، والدرس، والتأمل، أو أن تعرفه من النص، كما قال الله عز وجل:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات]

فكأن العبادة معرفة أولاً، وطاعة ثانياً، معرفة وطاعة، فأنت لن تخضع لجهة لا تعرفها، لابد من أن تعرف الله.

والإمام علي رضي الله عنه يقول: "أصل الدين معرفة الله".

السبب أنك إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر، وهذا حال بعض المسلمين، الآمر لم يجهد نفسه لمعرفته، لكن بين يديه الأوامر، درسها في التعليم الإعدادي، والثانوي، والجامعة، هناك أمر، هناك نهي، هناك حرام، هناك حلال، هذه الأوامر بين يديه، لكن الآمر ما عرفه، فلذلك انصياعه لهذا الأوامر ضعيف، وهذا يفسر ضعف حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :

لذلك الله عز وجل خلقنا كي نعرفه، وخلقنا أيضاً من أجل أن نتقرب إليه، وهذا التقرب إلى الله يقوم على شقين، على شق الاستقامة، وعلى شق العمل الصالح، الاستقامة ترك، يقول لك المستقيم: أنا ما أكلت مالاً حراماً، ترك، أنا لم أفعل المعاصي، لم، لم، الاستقامة طابعها سلبي، تركت، لكن لا يكفي أن تمتنع عن المعاصي والآثام، هذا الواحد الديان الذات الكاملة ينبغي أن تتقرب إليه، فإذا كان طابع الاستقامة الترك والامتناع فطابع العمل الصالح البذل والعطاء، فحجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح، فرق كبير بين أن تعمل صالحاً صدفة، عرض عليك عمل فعملته، وبين أن تستيقظ صباحاً، وهمك الأول العمل الصالح، فقد ورد:

(( من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة))

[ الترمذي عن أنس]

للتقريب أيضاً: الطالب حينما يلتحق بالجامعة ويعلق آمالاً كبيرة على نهاية المطاف في هذه الجامعة، يتصور أن له مستقبلاً كبيراً، بزوجة، ببيت، بمكانة اجتماعية، بدخل كبير، فإذا علق أهمية كبيرة على هذه الجامعة ينصرف إليها بكل طاقاته، بكل شؤونه، بكل اهتماماته. فعلى الإنسان أن يعرف أنه في الدنيا من أجل العمل الصالح.

العمل الصالح يصلح للعرض على الله بنيته وبموافقته للمنهج :

هناك دليل قوي جداً وقاطع أن الإنسان حينما يأتيه ملك الموت يقول هذه المقولة الشهيرة:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون]

معنى هذا أن الإنسان يندم عند الموت على سبب وجوده في الدنيا، وهو العمل الصالح، فإذا ركز المؤمن على هذه الحقيقة، فإذا أصبح بحث عن عمل صالح، وإذا أمسى بحث عن عمل صالح، سبحان الله! الأعمال الصالحة متنوعة جداً، حتى إن بعضهم قد قال: الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، وأنت في البيت إذا كنت زوجاً صالحاً فهذا عمل صالح، إذا كنت أباً صالحاً فهذا عمل صالح، إذا كنت ابناً صالحاً فهذا عمل صالح، إذا اعتنيت بأولادك هذا عمل صالح هذا في البيت، في الطريق غض البصر عمل صالح، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل صالح، دخلت إلى محلك التجاري ما دمت صادقاً.

((التَّاجِرُ الأمينُ الصَّدُوقُ مع النَّبيِّينَ ))

[أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري]

ما دمت صادقاً، تبيع بضاعة جيدة بسعر معتدل، تحسن لمن حولك، هذا عمل صالح فكأن الله جعل العمل الصالح يدور معك حيثما ذهبت، في أي مكان هناك عمل صالح، أحياناً الأمر بالمعروف عمل صالح كبير، النهي عن المنكر عمل صالح، غض البصر عمل صالح، النصيحة عمل صالح، الدعوة إلى الله عمل صالح، لذلك ما معنى عمل صالح؟ هذا العمل يصلح للعرض على الله بنيته وبموافقته للمنهج.

شرطا العمل الصالح :

بالمناسبة العمل الصالح له شرطان أساسيان، استنبطه بعض المفسرين من قوله تعالى:

﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ﴾

[ سورة النمل الآية: 19]

متى يرضى الله عن العمل؟ قال: إذا كان خالصاً، وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله وحده، الإخلاص، وصواباً ما وافق السنة، فالعمل الذي يشم منه أنه مخلص لكن ليس فيه موافقة للسنة لا يقبل، يانصيب خيري! هذه مخالفة للسنة مثلاً، يقول لك: حفل غنائي يرصد ريعه للأيتام، العمل الصالح ينبغي أن يكون خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ﴾

فالانضباط وفق المنهج، والإخلاص في النية، هذان الشرطان يرفعان العمل إلى أن يكون صالحاً للعرض على الله عز وجل.

العمل يدفن مع الإنسان فإن كان كريماً أكرمه وإن كان لئيماً أسلمه :

مرة ثانية: الإنسان في النهاية حينما يأتيه ملك الموت، ترك بيته، ترك أهله، ترك أولاده، ترك منصبه الرفيع، ترك دكانه، ترك تجارته، ترك، ترك، لا يبقى معه إلا شيء واحد هو العمل الصالح، فهذا العمل يدفن مع الإنسان وهو حي، العمل حي، والإنسان يدفن معه وهو ميت، فإن كان كريماً أكرمه، وإن كان لئيماً أسلمه.

هذه المقدمة من أجل هذه الآية، حينما قال الله عز وجل:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

طريق خشية الله أن تتعرف إليه و تعرف عظمته وتخضع لأمره :

أخوتنا الكرام، كلمة إنما عند علماء النحو أداة قصر وحصر، أي إذا قلت: إنما شوقي شاعر، أي شوقي شاعر فقط، ليس كاتب مسرحية، وليس أديباً، وليس كاتب قصة، وليس تاجراً، إنما شوقي شاعر، إن ما بعدها مقصور على شيء معين، الله عز وجل قال:

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾

[ سورة فاطر الآية: 28]

معنى إنما هنا العلماء وحدهم ولا أحد سواهم يخشى الله، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، طريق خشية الله بنص هذه الآية أن تتعرف إليه، إنك إذا عرفت الآمر، عرفت عظمته، خضعت لأمره، إن لم تعرف عظمته تفننت في معصيته.

لو فرضنا وقع تحت يدك كتاب في الفلك، وعلمت أن بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، في الدقيقة ضرب ستين، في الساعة ضرب ستين، في اليوم ضرب أربع وعشرين، في العام ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بأربع سنوات ضرب أربع، ابنك الصغير خلال دقائق على آلة حاسبة يحسب لك المسافة بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب، أربع سنوات ضوئية، هذه المسافة لو أردت أن تقطعها بمركبة أرضية لاحتجت إلى خمسين مليون عام، خمسون مليون عام كي تقطع أقرب مسافة بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب لها، الآن نجم القطب أربعة آلاف سنة ضوئية، المرأة المسلسلة مليونا سنة ضوئية، بعض المجرات أربع وعشرين ألف مليون سنة ضوئية.

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾

[ سورة الواقعة]

هذا الإله يعصى؟ هذا الإله ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟ فلذلك حينما نعرف من هو الله نخضع له، نستجيب له، نتفانى في طاعته، فمعرفة الآمر ضرورية جداً بطاعته، حينما تصورنا أن الدين فقه فقط، أحكام فقهية، ولم ننتبه إلى معرفة الآمر ضعفت الاستقامة في العالم الإسلامي، لأن النبي الكريم حينما جاء إلى أهل مكة بقي معهم أعواماً طويلة يحدثهم عن الله وعن اليوم الآخر، لذلك أكثر السور المكية تتحدث عن ذات الله، وعن ألوهيته، وعن ربوبيته، وعن الدار الآخرة، فهذه المرحلة في كل دعوة ضعيفة الآن في هذه الأيام، القوية الأمر والنهي أما البطولة فأن تجمع بين الآمر والأمر.

توزيع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء :

طبعاً هذه المقدمة من أجل أن أعلم لماذا أنا أتصدق؟ لأنني جئت إلى الدنيا من أجل عمل صالح يعد سبباً لدخول الجنة، لأن علة وجودي في الدنيا العمل الصالح، لأن العمل الصالح يرفعني، والدليل قوله تعالى:

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[ سورة فاطر]

فالله عز وجل في هذه الآية الكريمة -الآية الستون- من سورة التوبة يقول:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ﴾

طبعاً لحكمة بالغة بالغةٍ بالغة وزع الله الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء، في الدنيا هناك فقير، وهناك غني، هناك قوي، وهناك ضعيف، هناك وسيم، وهناك أقل وسامة، وهناك دميم، هناك ذكي جداً، وهناك أقل ذكاء، وهناك محدود، الله عز وجل وزع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء، أنت مبتلى؛ أي ممتحن، فيما أعطاك الله، وفيما زوى عنك، ومن أدق أدعية النبي عليه الصلاة والسلام قول النبي الكريم:

(( اللَّهمَّ ما رَزَقْتَني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ قُوَّة لي فيما تُحِبُّ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن يزيد الخطمي]

أحببت المال فجاءك المال، اجعل هذا المال قربة إلى الله، أحببت الزواج جاءتك زوجة ترضيك، اجعل هذه الزوجة في طاعة الله.

((اللَّهمَّ ما رَزَقْتَني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ قُوَّة لي فيما تُحِبُّ، وما زَوَيْتَ عني مما أُحِبُّ))

تمنيت دخلاً وافراً فكان دخلاً محدوداً، تمنيت بيتاً واسعاً فكان بيتاً صغيراً، تمنيت أشياء كثيرة لم تتح لك، قال:

(( وما زَوَيْتَ عني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ فَرَاغا لي فيما تُحِبُّ ))

أنت في الحالتين رابح، إن آتاك الله ما تحب وظفته في الحق، وإن زوى عنك ما تحب وظفت الفراغ الناتج عن بعده عنك فيما تحب.

كل إنسان ممتحن فيما توافر له من حظوظ :

لذلك الآية الكريمة:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ ﴾

أي شاءت حكمة الله أن توزع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء، صار هناك غني وفقير، قوي و ضعيف، الغني يتقرب إلى الله إذا أعطى من ماله للفقير، والفقير يقبل على الله حينما يرى هذا الشرع لم ينسه، الفقير جعل الله له حقاً في مال الغني فالفقير يتقرب، والغني يتقرب، والمحسن يتقرب، والذي أُحسن إليه يتقرب، وهذا شأن الحياة الدنيا، كل إنسان له حظ من الله في الدنيا، هناك حظ توافر له وحظ زوي عنه، والإنسان ممتحن فيما توافر له من حظوظ، وفيما زوي عنه من حظوظ، أنت ممتحن دائماً، ممتحن فيما لك، ممتحن فيما عليك، ممتحن فيما أعطاك، ممتحن فيما زوي عنك، ممتحن في الرخاء، ممتحن في الشدة، ممتحن في الصحة، ممتحن في المرض، ممتحن في الغنى، ممتحن في الفقر، علة وجودنا في الدنيا أنها دار ابتلاء، والخطاب النبوي الشريف هو:

(( إن هذه الدنيا در التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل عطاء الدنيا لعطاء الآخرة سبب، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي ))

[ الترمذي عن أنس]

إنفاق المال في طاعة الله يرتقي بالمسلم إلى أعلى الدرجات :

الصدقات، هذا المال الذي أمرك الله أن تنفقه هو الزكاة، لكن بعض العلماء تساءلوا: لماذا سميت الصدقات زكاة؟ لأنها تشف عن صدق الإنسان في طاعة الله، هناك طاعات لا تقدم ولا تؤخر، أنت حينما تتجه إلى القبلة، أمر تعبدي، لكن ما كلفك شيئاً، كلفك أن تعرف القبلة فقط، هناك عبادات كثيرة ليس لك حظ منها إطلاقاً، إلا أن إنفاق المال، المال محبب، المال شيء ثمين والدليل أنه محبب:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾

[ سورة آل عمران الآية، 14]

لولا أن الله أودع فينا حبّ المال لما كان للصدقة من معنى إطلاقاً، تعطي شيئاً نفيساً، الآن إنسان معه مبلغ ألف مليون، هذا لو أنفقه على مصالحه الشخصية، وعلى شهواته، هذا تمتع به كثيراً، لو أنفقه في طاعة الله لارتقى عند الله كثيراً.

مرة سيدنا عمر فيما تروي بعض الأقوال أمسك تفاحة وقال: أكلتها ذهبت، أطعمتها بقيت.

حتى إن النبي الكريم عليه أتم الصلاة والتسليم حينما ذبح شاة ووزعها على الفقراء والمساكين وبقي منها كتفها، فقالت عائشة: يا رسول الله! ذهبت كلها إلا كتفها، فقال مقولة رائعة، قال:

((بل بقيت كلها إلا كتفها))

[ الترمذي عن عائشة ]

الذي استهلكته ذهب، والذي أنفقته بقي.

لذلك الله عز وجل جاء بنا إلى الدنيا من أجل أن نعرفه أولاً، وأن نتقرب إليه ثانياً بالعمل الصالح، وهذه الآية تتحدث عن بعض الأعمال الصالحة.

تعريف الفقير و المسكين :

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ﴾

هناك جدل طويل حول تعريف الفقير والمسكين، بعضهم يقول: الفقير هو الذي لا يجد شيئاً، والمسكين ينقصه أشياء كثيرة، إما أن تفتقد كل شيء فأنت فقير، أو أن تملك شيئاً لا يكفي فأنت مسكين، وهناك علماء عكسوا التعريفين، على كلٍّ هناك فقير وهناك مسكين.

لكن هناك ملاحظة في القرآن دقيقة، هاتان الكلمتان إذا افترقتا اختلفتا، وإذا انفردتا اجتمعتا، أي إذا قال الله: فقراء، يعني فقراء ومساكين، وإذا قال: مساكين، يعني فقراء ومساكين، أما إذا قال: فقراء ومساكين اختلف الوضع، فالفقير الذي لا يجد شيئاً في بيته، المسكين يجد لكن غير كاف، لكن طبعاً الزكاة تعطى لكليهما، إنسان ساكن ببيت والبيت ملكه، وعنده خمسة أولاد، وعنده زوجة، ودخله محدود لا يكفي، لأن عنده بيتاً لا تعطه شيئاً، الذي لا يجد حاجته يستحق الزكاة، لأن الزكاة ينبغي أن تجعله يعيش عيشة كريمة.

حتى إن بعض الأئمة الفقهاء قال: ينبغي أن تغنيه بالزكاة عاماً، وهناك رأي آخر- وأنا مع الرأي الآخر - ينبغي أن تغنيه طوال حياته، هيئ له عملاً، اشترِ له دكاناً، اشترِ له شيئاً، آلة حبكة مثلاً، أمن له شيئاً يعيش منه طوال حياته، الزكاة ينبغي أن تغني الإنسان، أما مبلغ محدود جداً فلا يقدم ولا يؤخر، لا يكفي، النبي كان إذا أعطى أعطى شيئاً كافياً.

إذاً

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾

الفقير الذي لا يجد حاجته إطلاقاً والمسكين عنده شيء لكن غير كاف.

الفرق بين الزكاة و الصدقة :

على كلٍّ الإنسان حينما يجتهد له أجره عند الله عز وجل ولو أخطأ:

((إِذا حكم الحَاكِمُ فاجتهدَ فأصابَ فلهُ أجران، وإِذا حَكَمَ فاجتهد فأخطأ فله أَجر))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن عمرو بن العاص]

أجر من أجرين.

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾

لأن هذه الصدقة تمتن العلاقات الاجتماعية، أحياناً الغني البخيل حوله أعداء، حوله أعداء لأنهم يرون بذخه، وإنفاقه، وترفه، هم فقراء يعطيهم أجراً محدوداً جداً، أما إذا كان هذا الغني كريماً فمنح من حوله عطاءات تحقق لهم كرامتهم الإنسانية أصبح من حوله حراساً له، وفرق كبير جداً بين أن يكون من حولك يتربصون بك ويحسدونك، وبين أن يكون من حولك حراساً لك، الغني إذا فعل المعروف أحبه الناس، لذلك الآية دقيقة جداً جداً:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾

[ سورة التوبة الآية: 103]

معنى تطهرهم أي أن هذا المال الذي دُفع كصدقة أو زكاة يطهر الغني من الشح، ويطهر الفقير من الحقد، ويطهر المال من حق تعلق الغير به، المال متى يكون حلالاً؟ إذا أديت زكاته، متى يكون حراماً وعبئاً عليك؟ إذا لم تؤدِّ زكاته، فالزكاة تطهر المال من تعلق حق الغير به، والدليل:

﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ ﴾

[ سورة المعارج]

إذا الله قال :

﴿ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴾

[ سورة المعارج]

الزكاة معلوم، تحتاج إلى حسابات وإلى جرد، أما الصدقة :

﴿ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾

[ سورة المعارج]

إذا أضيفت كلمة معلوم فنعني الزكاة، لابد من حسابات، أن تعطي مبلغاً بحسب تقدير غير صحيح هذه ليست زكاة، الزكاة هناك جرد للمحل، والبضاعة، والنقد، وما لك، وما عليك، بعد ذلك تحسب قيمة الزكاة وتدفعها، أما الصدقة فلا تحتاج إلى هذه الدراسة، لذلك دائماً أنا أشبه الزكاة بالضريبة، لا بد من دفعها، ولا أجر لك بها، فرض على المواطن – ضريبة- أما لو قدم مبلغاً ضخماً لإنشاء ثانوية، قدمها للدولة يستحق حفل تكريم، وشكر، وثناء، لأنه قدم شيئاً فوق ما طلب منه.

على الإنسان أن يضع المال بيد من يستحقه :

لذلك الإنسان يرقى بالصدقة كثيراً، الآية الكريمة:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾

لكن نحن في توهم غير صحيح أن الفقير هو المتسول، لا، الفقير إنسان يسكن ببيت، متزوج، يرتدي ثياباً أنيقة، لكن دخله لا يكفي، فالبطولة أن تعف بهذا المال من عنده عزة وكرامة، فلذلك أحياناً الأغنياء لمجرد أنهم أنفقوا من دون دراسة أي إنسان صادفوه أعطوه هذه الزكاة، هناك نقص كبير بإنفاق المال، فيجب أن تضع المال في يد من يستحقه، لكن عندنا وهم كما قلت قبل قليل: أن المتسول فقير، لا، إنسان له عمل، وعنده زوجة، وأولاد، وبيت، لكن حاجاته أكثر من دخله، هذا عندما تعطيه حافظت له على كرامته، وعلى عزته.

الأعمال الخيرية تحتاج إلى دفع وأجور حتى يكون هذا الأجر سبباً لمحاسبة المقصر :

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾

من يعمل بجمع الأموال -أموال الصدقة - هذا عامل، يستحق هذا العمل إن كان فقيراً أو غنياً، السبب؟. بعضهم قال: أي عمل طوعي قد لا يكون متقناً، أي عمل تطوعي لا تستطيع أن تحاسب صاحبه يقول لك: الذي أخذته منك خذه مني، الآن هناك أعمال خيرية تطوعية تجد فيها تقصيراً كبيراً جداً، هناك تغيب كثير، و إهمال كثير، إهمال بالتسجيل، بالمحاسبة، يقول لك: أنا ما أخذت منك شيئاً.

هناك رأي آخر أعطِ حتى على العمل الصالح أجراً من أجل أن تحاسبه، فلذلك هناك رأي وأنا معه وهو: حتى الأعمال الخيرية تحتاج إلى دفع، وأجور، حتى يكون هذا الأجر سبباً لمحاسبته عن تقصيره.

﴿ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾

الذين يعملون في جمع أموال الزكاة، وأموال الصدقات ويحتاجون إلى وقت، طبعاً المتفرغ قطعاً، حتى الإنسان الغير متفرغ إذا عفت نفسه لا يوجد مانع، أما إذا كان طلباً نعطيه حتى نحاسبه.

﴿ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ﴾

المال محبب لأن الله عز وجل قال:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾

فأنت حينما تعطي إنساناً مبلغاً من المال هو بحاجة إليه، وقد يكون بحاجة إليه لبعض حاجاته الثانوية، على كلٍّ هذا المال ألفت به قلبه.

(( يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها))

[ حديث قدسي رواه البيهقي عن عمير بن وهب ]

بالبر يستعبد الحر، أنا أقول دائماً: الإحسان قبل البيان، إذا كنت داعية أحسن، إنك بإحسانك تفتح قلب المستمع ببيانك، تفتح قلب المستمع بإحسانك، ليفتح لك عقله لبيانك.

مرة ثانية: تفتح بإحسانك قلب المحسن إليه، وعندئذٍ يفتح لك هذا المحسن عقله لبيانك، فالإحسان قبل البيان.

﴿ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾

أي العامل على جمع أموال الزكاة يستحق من الزكاة أجراً، بصرف النظر عن كونه محتاجاً، أو غير محتاج، لكن الأورع أنه إذا كان غير محتاج، مكتف، أن يدع هذا المال لمن هو أفقر منه.

أعظم ما في هذا الدين أنه ألغى الرق إلا في حالة واحدة :

أخواننا الكرام،

﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾

أعظم ما في هذا الدين أنه ألغى الرق، ألغى الرق بأساليب عديدة، أولاً: كان الرق له مصادر كثيرة، أي إنسان عليه دين لم يستطع أن يؤديه يؤخذ أحد أولاده عبداً، صار عبداً بسبب الدين، وأي إنسان عليه عقوبة جنائية ما وقعت عليه إلا أن يُجعل رقيقاً، فالإسلام ألغى المصادر للرق إلا مصدراً واحداً، كل مصادر الرق التي كانت سائدة في العصر الجاهلي ألغيت في الإسلام، إلا مصدراً واحداً أنك إذا أردت أن تنشر هذا الدين، وحاربت أناساً منعوا أن توصل دعوتك السماوية إلى ما حولهم، فإذا أنت حاربتهم من أجل أن توصل هذه الرسالة إلى شعوبهم، لكنك إذا حاربتهم وأسرتهم، الأسر هدف منه أن القتل ليس هدفاً إطلاقاً، هذا الأسير عطل عقله عن فهم هذا الدين، عطل عقله تعطيلاً كاملاً، فأنت إذا أخذته إلى بيتك ورأى رحمتك، ورأى أنصافك، أحب الدين، هناك دعوتان: دعوة كلامية بيانية، ودعوة معاملة وإحسان، فالذي استعصى عقله عن فهم هذا الدين، قلبه مؤهل أن يحب هؤلاء المسلمين بمعاملتهم.

لذلك من ألطف ما قرأته من سير الصحابة أنهم كانوا يأكلون أردأ الطعام، ويطعمون أسراهم أطيب الطعام، هذا الأسير في الأصل- التطبيق موضوع ثان- أردت أن تقنعه بالدين لا بالكلام والأدلة والبراهين والحجج، أردت أن تقنعه بهذا الدين بالمعاملة الطيبة، والإنسان عبد الإحسان، فالذي لم يؤمن بعقله، ولم يحكم عقله فيما بلغه من أدلة، فأخذ إلى بيت مؤمن عامله معاملة طيبة جداً، أطعمه مما يأكل، ألبسه مما يلبس، ما كلفه ما لا يطيق، أعانه فيما كلفه، صار مثل ابنه، كابنه تماماً.

فلذلك معظم الأسرى الذين كانوا عند الصحابة آمنوا وانضموا إلى المؤمنين، فإن أسلموا فقد اهتدوا، وإن أسلموا فهم منكم، وأنتم منهم، بالإسلام لا يوجد تفرقة، لكن هي طريقة بدل قتل الأسير، بدل حرب الإبادة، نحن حرب هداية، لا يوجد عندنا حرب إبادة، فهذا الذي وقع أسيراً يعامل أطيب معاملة كي يقتنع بالإسلام لا بعقله بل بقلبه، هذا هو الذي أراده النبي الكريم في موضوع ملك اليمين.

الله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ ﴾

هذا بعتق الرقبة، الإسلام أنهى الرق عن طريق هذه الآية، وعن طريق جعل المغفرة من بعض الذنوب، ودية القاتل تكون بعتق العبيد، فجعل مصارف العبودية كثيرة.

حضّ الإسلام على القرض الحسن :

﴿ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

الغارم الذي استدان بشكل شرعي، ليس لمعصية، أحياناً إنسان ذو فسق والفجار يقترضون من أجل معاصيهم، أما إنسان اشترى بيتاً و لم يتمكن أن يسد هذا القرض، وهذا شيء رائع كأن الشرع حض الناس على الإقراض، هناك طبقة من المجتمع لا تقبل الصدقة، عنده عزة وكرامة لا يقبل أن يكون متصدقاً عليه، هذا الإنسان يقبل القرض، فكأن الإسلام حضّ على القرض الحسن، وفي بعض الروايات أنه يعادل نصف الصدقة، إذا إنسان أقرض إنساناً مئة ألف كأنه دفع خمسين ألف صدقة بهذه الطريقة، لكن ما الذي يؤكد أن القرض أراده الله؟ جعل أحد مصارف الزكاة أن يؤدى هذا الدين ممن استدان ولم يتمكن من سداد الدين.

نشر الدين بالوسائل الحديثة نوع من الجهاد :

﴿ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

هذه دقيقة جداً، بعض العلماء السابقين فهموها الجهاد فقط، الآن إنشاء مركز إسلامي، إنشاء دار نشر إسلامية، نشر هذا الدين بالوسائل الحديثة، هذا نوع من الجهاد.

فلذلك:

﴿ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

حديثة وأنا معها، أي أن تقصر في سبيل الله على جهة واحدة وهي القتال، أحياناً هناك ظرف معين لا يوجد إمكان للقتال، لكن هناك إمكان لنشر الدعوة بأساليب متنوعة.

حياة النفس تحتاج إلى صدقة أيضاً :

﴿ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ ﴾

هذا الذي قطع، له بيت في بلده، هو في الطريق انقطع، سرقت محفظته مثلاً، هناك حالات كثيرة، فهو ليس ابن هذا البلد ولا ابن هذه المدينة، هو ابن السبيل، ابن هذا الطريق، هذا أيضاً يستحق الزكاة من فرصها الدقيقة.

﴿ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ﴾

معنى الفرض أي الشيء الذي لا بد منه، أنا أقول لكم مثلاً: تنفس الهواء فرض، إن لم يكن هناك تنفس فهناك موت، شرب الماء فرض، تناول الطعام فرض، الآن حياة النفس تحتاج إلى صدقة، الآية الكريمة:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾

[سورة البقرة الآية: 195]



تهلك إن لم تنفق، تريد عملاً ترقى به عند الله يوم القيامة، إذاً:

﴿ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

والحمد لله رب العالمين

http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=11050&id=97&sid=101&ssid=257&sssid=258