الحقوق محفوظة لأصحابها

بثينة الإبراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على أكرم خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين، يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، يا رب إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.. يا رب إنا نسألك الأمن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود الركع السجود الموفين بالعهود..

يا رب نداء من كلمة واحدة، ولكنها تحمل الكثير من المعاني، فحين نردد يا رب نشعر فيها معاني كثيرة ومنها معنآ الانكسار معنى التذلل لله رب العالمين، حين نقول: يا رب فيها السؤال من صاحب القدرة من صاحب الفضل، وأيضا تحمل كلمة يا رب معنى الحب العميق لواهب النعم سبحانه.. يا رب تعطي معنى العزة والاستعلاء على كل ما يجر النفس للضعف والمعاصي، يا رب نعلن فيها الحرية من كل القيود إلا من قيود أوامر الله سبحانه وتعالى رب العالمين، يا رب تحملنا في سياحة في ملكوت الله العلي الكبير.. يا رب فيها سؤال طلب العون وتفريج الهم والغم، يا رب تمنحنا الأنس بالخلوة بالله رب العالمين الله الغفور الودود.. يا رب تحمل معنى الغنى بالله سبحانه وتعالى ولو فقدت الكثير من أمور الدنيا، وتعني أيضا الفقر من دون معية الله، وإن ملكنا الدنيا وما فيها..

يا رب تخرج من أعماق القلب لتعبر عن كل تلك المعاني، تخرج من أين؟ من القلب الذي قال عنه رسول الله صلى الله علية وسلم: "إن في الجسد لمضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهو القلب" القلب بكل نبضاته وخلجاته، القلب بصفائه وشفافيته، القلب برقته وخشوعه، القلب الذي عرف الحب وعبر عنه، هذا القلب الذي عرف الحق وأحب الحق وأحب الله سبحانه وتعالى وصاح يطلب الهداية ويسأل الله الثبات، ومن له غير ربه.. من له غير الله سبحانه وتعالى.. يدعوه ويبتهل إليه، يناجيه يطلب العون والغوث والأمن.. يرجو رحمته ويطلب عفوه ويطمع بالمغفرة في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..

كم حاجة هذا القلب لنداء يا رب وهو تحيطه المحن والفتن! الموازين حول هذا القلب اختلت.. الآراء اختلت.. ثقل هذا القلب وعاش في حيرة وتعب ومعاناة البعد عن الحق، لكنه رغم هذا وقف يناجي ريه يسأله الإيمان، وأن يمن عليه بهمة يجدد فيها العزيمة، يسأل بنداء يا رب الردة لمواصلة العمل..

هذا القلب الذي يسأل صاحبه الله سبحانه وتعالى المنفعة بما يسمعه من العلم، فقد قيل لبعض الحكماء ما لنا نستمع العلم ولا ننتفع به! فقال لهم بخمس خصال:

أولا بأن الله أنعم عليكم فلم تشكروه، الله يعطي ويعطي.. لكن أين الشاكر.

والأمر الثاني إذا أذنبتم لم تستغفروا، الذنب وراء الذنب والمعصية.. ولا يوجد هناك أي جلسات فيها استغفار وعودة

والثالث لم تعملوا بما علمتم.. نجلس ونستمع للمواعظ والدروس والمحاضرات والبرامج ولكن ماذا عملنا بما علمنا وما استمعنا..

والأمر الرابع: صاحبتم الأخيار ولم تقتدوا بهم.. بخلقهم.. بتقواهم.. بصلاحهم

والخامس: دفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم..

هذا القلب الذي يناجي ربه اللهم اجعله قلبا صحيحا صالحا مخلصا، وأن يقوم على صحته وصفائه..

قيل لحاتم رضي الله عنه: علام بنيت عملك؟ قال: على أربع: أولا أني علمت أن لي رزقا لا يجاوزني إلى غيري كما لا يجاوز رزق أحد إلي فوثقت به، وأما الثاني علمت أن علي فرض لا يؤديه غيري فانشغلت به.. لما أعرف أن هذا الأمر لن ينجزه غيري وأنا مكلف به اشتغل وانشغل به أما، الأمر الثالث: علمت أن ربي يراني في كل وقت فاستحييت منه، استحييت أن يراني على معصية وأنا أخالف أمره... أما الرابع: علمت أن لي أجلا يبادرني فأنا أبادره.. الأجل جاء، يأتي وفي يوم من الأيام سنقف أمام هذا الأجل.. فلماذا لا نستعد له، نستعد لهذا اليوم الذي سيتوفانا فيه الله سبحانه وتعالى..

نعود إلي يا رب.. يا ربنا ارزقنا حبك وحب من أحبك وحب كل عمل صالح يقربنا إلى حبك، وهل هناك قلب إلا وفيه محبه الله سبحانه وتعالى، من منا لا يحب ربه، لكن أحيانا قد ينقص هذا القلب شعور الطمأنينة بذكر المحبوب والتنعم بمعرفة الله سبحانه وتعالى والسرور بذكره... لما نذكر الله نشعر بذكره بسعادة وسرور، وقد ينقص هذا القلب الشوق للقاء الله سبحانه وتعالى والأنس بقربه، هذه الأمور قد تزيد وقد تنقص حسب قوة الإيمان وحسب ضعف هذا الإيمان، ولكن كلما تمكن محبة الله منك وقويت هذه المحبة أخرجت هذه المحبة من القلب أي عبودية لما سوى الله سبحانه وتعالى، وعاش هذا القلب في خشوع وفي تذلل وفي رهبة.. فنجده يردد يا رب.. كم نرددها؟ وكم ندعو بها؟ وكم تذرف العين الدمع معها يا رب فيها حب وفيها خوف، ولكن يجب أن يتبعها التوبة والعمل الصالح يا رب..

هذا هو برنامج يا رب، كان هذا البرنامج لنمر به على تلك المعاني التي تختلج في القلب من نداء يا رب، نقف مع القلب الذي يحسن النداء ويخشع معه في حلقة القلوب الحية، ونقف مع العين التي تذرف الدمع مع النداء حبا وشوقا في حلقة، وأحب منك دمعة ونقف مع اللسان الذي يمسك عن فضول الكلام مهابة لله عز وجل في حلقة أمسك عليك هذا، ومع التزام شروط الكلام وأدب الحديث تقربا لله عز وجل في حلقة أدب الكلام والحديث، ومن خلال يا رب نريد أن نحيي الحياء من جديد من الرحمن، نحييه في القلب، فكان هذا في حلقة "إن الذي خلق الظلام يراني"، ثم نسرع في الفرار إلى الله عز وجل خوفا منه وحبا إليه في حلقة من خاف أدلج ، ولا نحمل إلا هوية الانتماء.. إلا لله رب العالمين لأنها هي ميزان التفاضل بين الناس في حلقة ألا تعرفني، ثم نقف على عيوب أنفسنا قبل أن نتفحص في عيوب الآخرين في حلقة أتم الناس أعرفهم بنفسه، لا نقبل بأي قيد سوى التقيد بأوامر الله سبحانه وتعالى ففي قيود الله عز وجل الحياة فيها الحرية ونتحدى بهذه القيود النفس الأمارة بالسوء، نتحدى الشيطان، نتحدى ما اعتاد عليه المجتمع مما لا يرضي الله في حلقة التحدي، ثم نجدد العهد مع الله أننا سنلتزم بما أمر وننتهي عما نهى عنه الله، في حلقة تجديد العهد لنمحوا الظلام ونحيا بنور الله في حلقة النور بعد السحابة منطلقين نشعل الهمة والإرادة في حلقة نقطة ساخنة، هذه النقطة التي ستدفعنا إلى الأمان فيما حولنا في حلقة نقف فيها ونتأمل حلقة وقفة تأمل لنتفكر في عظمة المولى وننظر بعين البصيرة في حلقة الإنسان الطفل، لنصل بعد هذا التأمل والتفكر لحفظ ما كلفنا بحمله كخلفاء لله على الأرض في حلقة أعط كل ذي حق حقه، عاقدين العزم أن نستعد في عجلة لآخرتنا في حلقة فوز وفداء، مواظبين على المثابرة والوفاء في حلقة وثب ووفاء، نحمل هذا الدين مستشعرين عتاب الرحمن في حلقة عتب وتودد نقدم للناس أخوة نبتغي فيها مرضاة الله من خلال حلقة ماء الوصال ماؤنا، ثم نتعرف من خلال حلقة أسباب ضعف العلاقة الأخوية ما هي الأسباب لنعمل جاهدين على نبذها، وأن نبذل ما في وسعنا لنحفظ هذه العلاقة الربانية، ثم نتودد لبعضنا البعض بالابتسامة من خلال حلقة سهم القلوب، ونداري بعضنا البعض في لطف وحنو في حلقة المداراة، ونرسل بعد ذلك من القلب الذي أحب أحن قلب.. قلب الوالدين في حلقة رسالة من قلب المحب، ومن خلالها نطمح أن نصل إلى الأفضل، ونحن نقف في حلقة محطة التغيير لنرتقي بأنفسنا في الدنيا والآخرة في حلقة مرتقى الخلود، نقف مع حلقات يا رب لنتذكر من سبقنا بالإيمان والصبر والجهاد ليصل إلينا هذا الدين العظيم في حلقة لقيا ووداع مكة..

هذه هي محطات ووقفات برنامج يا رب فيا رب ارزقنا الإخلاص في العمل والقبول، وأن تثقل بهذا الجهد المتواضع موازين من أعد ومن استمع، وأن تعين من بادر بالتغيير وتثبته على الحق، وألقاكم في الحلقة القادمة من برنامج يا رب.

المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=881_0_2_0