الحقوق محفوظة لأصحابها

راغب السرجاني
تولى الظاهر بيبرس - الذي كان يطلق عليه أبو الفتوحات - الحكم بعد سيف الدين قطز، فوجد عددًا من المشكلات التي تهدد وحدة المسلمين تحت راية واحدة (المماليك)، منها: بقايا الأيوبيين، ووجود التتار في آسيا الصغرى والعراق والشام، ووجود ممالك للصليبيين في عكا وأنطاكية وطرابلس ويافا، ونجح في تجميع المسلمين تحت راية واحدة في الشام ومصر فحقق انتصارات عظيمة، ثم بدأت مشكلات مع التتار فعقد هدنة مع الصليبيين في عكا وطرابلس

-----------------------------------------------------

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرّحيم إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فهو المهتد و من يضلل فلا هادي له و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّداً عبده و رسوله

أمّا بعد :

فأهلاً و مرحباً بكم في هذا اللّقاء المبارك وأسأل الله عزّ و جل أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين مع الحلقة الثّامنة والعشرين من حلقات خطّ الزّمن و ما زلنا مع قصّة فلسطين

في الحلقة الفائتة

شفنا الوضع العظيم الّذي وصل إليه المسلمون بالانتصار المهيب على الجيوش التترية في موقعة عين جالوت و ما أتبعها من تحركات في مناطق الشّام وخاصّة في منطقة دمشق و حلب و ما حولهما

شفنا قطز رحمه الله كيف حقق هذا الانتصار بتحفيز النّاس على الجهاد في سبيل الله و بنشر علماء في كل مكان و بتوحيد الأمة توحيداً واضحاً في جيشٍ له هدف واضح و وجهة واضحة هي حرب التتار في سبيل الله عزّ و جل

و شفنا أثر الكلمة العظيمة التي قالها من للإسلام إن لم نكن نحن شفنا كلمة وا إسلاماه

شفنا التوجه الواضح في كل حياته من أوّل ما استلم الحكم إلى آخر لحظات حياته و كل حياته يا أخواني في لحكم كانت 11 شهر و عدة أيام لم يكمل السّنة و مع ذلك آثاره كانت مجيدة و طويلة على الإسلام و على العالم أجمع بإفناء و هزيمة قوّة التتار في موقعة عين جالوت 25 رمضان سنة 658 هـ

بعد موقعة عين جالوت بأقل من شهرين قتل قطز رحمه الله و كما قلنا في الحلقة التي فاتت أن علامات استفهام كبيرة تدور حول مقتله و أنا أستثني أو أستبعد أن يكون الظاهر بيبرس رحمه الله هو الّذي قتل قطز رحمه الله لأسباب كثيرة ليس المجال لتفصيلها لكن تولى الحكم بعد قطز أو بعد قتل قطز رحمه الله الظّاهر بيبرس .

طبعاً بيبرس شخصيّة من أعظم الشخصيات أيضاً في تاريخ الإسلام حكمت المسلمين من سنة 658 أواخر 658 هـ إلى سنة 676 هـ الموافق 1260م إلى 1277 م يعني حوالي 17 سنة متصلة و عدة شهور و يطلق على الظّاهر بيبرس أبو الفتوحات ليه أسمه أبو الفتوحات لأنه من أول أيامه إلى آخر أيامه و هو منشغل بالفتوحاات الإسلامية رحمه الله .

من أوّل ما استلم الحكم وجد أمامه 3 مشاكل كبيرة المشكلة الأولى هي الجيوب الأيوبيين الّتي ما زالت موجودة في بلاد الشام في فلسطين في دمشق في حلب في الآردن في غيرها من بقاع الشام المختلفة و التي كانت تريد أن تستكمل الدولة الأيوبيّة و الملك في الدولة الأيوبية و طبعاً هذا يفرّق الأمة الإسلامية لأن القوة الرئيسية الآن أصبحت في يد المماليك الذين يحكمون مصر في ذلك الوقت فكان أوّل دور و من أهم الأدوار التي أوكلت إليه هو توحيد العالم الإسلامي تحت رايةٍ واحدةٍ هي راية لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله و التي يحملها في ذلك الوقت أقوى المسلمين المماليك

الدور الثاني أو المشكلة الثانية الخطيرة التي واجهت الظاهر بيبرس هو وجود التتار و التتار طبعاً زي ما قلنا الجيش التتري فني في موقعة عين جالوت لكن الجيش الذي نقصده هو الجيش الذي كان معسكراً في منطقة الشام لكن الجيش التتري الموجود في منطقة فارس و منطقة العراق و منطقة آسيا الصغرى و منطقة شرق العالم الإسلامي مازال موجوداً و هولاكو مازال موجوداً و لا شك أنه في غضب كبير جداً عند الدولة التترية لهلكة جيشها الشامي بهذه الصورة المفاجئة على يد المماليك و بالتالي وجهت التتار عدة جيوش لحرب المماليك و تصدى الظّاهر بيبرس لهذه الجيوش في أكثر من موقعة و حقق انتصارات مهولة برده ليس المجال لتفصيلها لأنها كلها لم تكن في أرض فلسطين .



المشكلة الثالثة التي قابلت الظاهر بيبرس هو وجود الصليبيين في داخل فلسطين و داخل لبنان و داخل أجزاء من سوريا حتى و صلوا إلى أجزاء من تركيا في الوقت الذي حكم فيه الظاهر بيبرس العالم الإسلامي كانت هناك 3 ممالك كبرى للصليبيين :

كان في مملكة عكا و مملكة عكا في وقت الظاهر بيبرس كانت تحكم من يافا إلى شمال بيروت و كان في مملكة طرابلس و هذه في شمال لبنان و جنوب الساحل السوري على البحر الأبيض المتوسّط و كان في مملكة أنطاكية في شمال سوريا و جنوب تركية

هي هذه الثلاث الممالك الكبرى التي تبقت للصليبيين و كلها الموجودة على الساحل الغربي لفلسطين و لسوريا و لبنان , التتار طبعاُ كانوا موجودين في الشمال في مناطق تركيا و مناطق العراق و القوة الرئيسية للجيش الإسلامي المصري كانت معسكرة في القاهرة و منها تنساح إلى بقية البقاع .

الظاهر بيبرس أخذ أول 4 سنوات في حكمه لحد 663 هـ أول 4 سنوات يرتب الأمور و يجمع المسلمين في راية واحدة واستطاع في هذه السنوات الأربع أن يوحد الشام مع مصر في دولة واحدة قوية و أن يلتقي مع التتار في عدة مواقع انتصر فيها كما ذكرنا جميعاً .

في سنة 663 يعني بعد 4 سنوات من حكمه بدأ يوجّه النظر إلى الصليبيين و حتبدأ صفحة جميلة جدا من صفحات الجهاد الإسلامي و حيفتح قيسارية سنة 663 هـ الموافق 1265 م و بعدها يفتح أرسوف ثم في سنة 664 هـ ينتصر انتصار كبير جداً في صفد على الصليبيين و يفتح صفد و يفتح أجزاء من ساحل طرابلس .

يعني كان يوجه قوته لأكثر من مملكة من ممالك الصليبيين مش بس بيحارب مملكة بيت المقدس القريبة أو مملكة طبعاً معدش اسمها بيت المقدس بقت مملكة عكا لأن بيت المقدس خلاص حرر على يد نجم الدين أيوب رحمه الله زي ما قلنا و مادخلوش الصليبيين إلا في الاحتلال الانكليزي مؤخراً في القرن العشرين لكن طول هذه الفترة كان الصليبيون فقط في الساحل الفلسطيني والساحل اللبناني والسوري فوجّه قوته لمملكة عكا و لممكة طرابلس و لمملكة أنطاكية في أوقات متزامنة

في سنة 664 زي ما قلنا استطاع أن يحرر صفد و أن يحرر بعض المدن في ساحل طرابلس زي مدينة عرقة و مدينة العليقات في سنة 666 عمل انتصار كبير جداً كبير جداً و حرر يافا من أيدي الصليبيين , و في سنة 667 هـ 1862 م حقق أكبر انتصاراته مطلقاً و الانتصار الأعظم من ساعة حطين لحد هذه اللحظة و هو الانتصار على مملكة أنطاكية أو إمارة أنطاكية

إمارة أنطاكية زرعت في العالم الإسلامي منذ سنة 490 هـ و نحنا دي الوقتي سنة 667 هـ , يعني نتكلم عن 176 سنة احتلال 176 سنة و مع ذلك لم يفقد المسلمون الأمل في تحرير أنطاكية من الصليبيين أنطاكية يعيش فيها الصيبيون منذ عدة عشرات من السنوات زي ما قلنا يعني عدة أجيال ماتت و ولدت غيرها و عاشت ثمّ ماتت و ولدت غيرها ثم هكذا 6 أو 7 أجيال متتالية في أنطاكية و مع ذلك مازالت القضية حاضرة في ذهن الظاهر بيبرس رحمه الله و من معه من المجاهدين و حاصر أنطاكية حصاراً كبيراً و استطاع في 4 رمضان سنة 667 هـ أن يدخل أنطاكية فاتحاُ و أن يحررها بعد هذه المدة الطويلة و يغنم غنائم هائلة و أنا عايز أقلكم أنّ عدد الأسرى في أنطاكية في التقديرات الصليببية 100 ألف أسير من موقعة أنطاكية طبعاً شيء مهول و انتصار رائع و يعد هذا أكبر إنجازات الظاهر بيبرس رحمه الله

بعد السقوط المروع لأنطاكية النصارى جمعوا أنفسهم و استطاع هيو الثالث و كان ملك قبرص في ذلك الوقت أن يوحد مملكتي عكا و طرابلس في مملكة واحدة ليستطيعوا مواجهة الظاهر بيبرس و الظاهر بيبرس و اجه في هذه الفترة عدة مشاكل من التتار فاضطر أن يعقد معاهدة مع مملكتي طرابلس و عكا ليأمن شرهما في هذه الفترة و طبعاً هذا لاقي ترحيب منهم لأنهم كانوا يخشوا خشية كبير جداً من قوة الظاهر بيبرس رحمه الله و تفرغ لحرب التتار بقية حياته رحمه الله حتى توفّي سنة 676 هـ الموافق 1277 م

بعد ما مات بسنتين مدّة سنتين حصلت مشاكل على الحكم كما هو المعتاد في مثل هذه الظروف ثم تولى في سنة 678 هـ الموافق 1279 م تولى بعده شخصية مؤثرة جداً في التاريخ الإسلامي و هو سيف الدين قلوون رحمه الله و هذه الشخصية حكمت المسلمين 11 سنة طبعاً مقرها الرئيسي كان في القاهرة العاصمة و كان يسيطر على نفس المناطق التي كان يسيطر عليها الظاهر بيبرس و وضع في ذهنه التخلص من الجيوب الصليبية المتبيقية و استطاع أن يفتح حصن المرقّب و كان من أعتى و أحصن حصون الصليبيين و بعدها فتح مدينة اللاذقية و ختم حياته بأجل أعماله مطلقاً حيث أسقط مدينة طرابلس و مدينة طرابلس هذه هي مقر إمارة طرابلس و خلّوا بالكم مدينة طرابلس سقطت في يد الصليبيين في سنة 503 هـ و هو فتحها سنة كم سنة 688 هـ يعني بنتكلم عن185 سنة احتلال مع أنها مر عليها طول هذه الفترة تحت الاحتلال الصليبي إلا أن سيف الدّين قلوون رحمه الله استطاع أن يحرر هذه المدينة و أن يردها إلى المسلمين مرة ثانية و هكذا لم يبق في يد الصليبيين في كل البلاد الإسلامية إلا مملكة عكا فقط و بعض المدن التابعة لها زي صيدا و زي بيروت و زيّ صور و زيّ عثليث و طرسوس و غيرها من المدن في هذه المساحة القصيرة جداً من الأرض من شمال فلسطين إلى وسط لبنان .

توفي السلطان قلوون هـ الموافق سنة 689 هـ الموافق1290 م و تولى الأمور من بعده ابنه العظيم جداً الأشرف خليل صلاح الدين بن قلوون و الأشرف خليل هذا يعدّ من أشهر حكام المماليك مطلقاً ليس لأنه الأكثر إنجازاً من الأعمال في تاريخ المماليك و لكن لأنّه هو الّذي أنهى تماماً الجيوب الصليبيّة في بلاد العالم الإسلامي طبعاً قوة الصليبيين كانت ضعفت جداً جداً بعد الظاهر بيبرس و بعد سيف الدين قلوون تسلم الحكم الأشرف خليل رحمه الله و استطاع أن يسقط عكا بعد حصار شهر و نصف و الكلام ده كان سنة 690 هـ بعد 193 سنة من الاحتلال شوف أرقام ضخمة جدّاً يعني نحنا ما يهمناش 90 سنة و 50 سنة و 60 سنة دي أرقام بسيطة نتكلم عن193 سنة سقطت عكا و من بعد عكا بدأت المدن الأخرى تتساقط تدريجياً تسلم صور ثم تسلم بيروت ثم تسلم حيفا و عثليس و طرسوس و بذلك أغلقت صفحة من أسود الصفحات في تاريخ البشرية و هي صفحة الحروب الصليبية على العالم الإسلامي و طهر العالم الإسلامي تماماً من الصليبيين أكيد نحتاج وقفة و نحلل الموقف بعد خروج الصليبيين من العالم الإسلامي لكن ده هيكون بعد الفاصل فابقوا معنا . . .

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله :

شفنا قبل الفاصل اللحظات السعيدة التي مرت بها الأمة الإسلامية في عهد الظاهر بيبرس و في عهد سيف الدّين قلوون و في عهد الأشرف خليل رحمه الله الثلاثة دول استطاعوا أن يخلصوا المسلمين من بقية الجيوب الصليبية الموجودة في فلسطين و الموجودة في لبنان و في سوريا و في أجزاء من تركيا و بذلك انتهى الوجود الصليبي تماماً من بلاد العالم الإسلامي بعد أكثر من 200 سنة احتلال من أوائل دخول الحملة الصليبيّة الأولى إلى أرض العالم الإسلامي إلى آخر جندي صليبي خرج من العالم الإسلامي مر أكثر من 200 سنة يا أخواني و يا أخواتي و مع ذلك بفضل الله كانت العاقبة للمتقين .



لازم نوقف وقفة و نحلل و نشوف الوضع شكلو إيه بعد خروج الصليبيين لازم نوقف و نقول أنه في كل هذه المراحل الطويلة لم يهزم المسلمون أبداً من الصليبين إلا لبعدهم لبعد المسلمين عن ربهم سبحانه وتعالى و إذا ارتبط المسلمون بالله تعالى عزّ و جلّ و أخذوا الجهاد في سبيل الله طريقاً فإنّهم ينتصرون حدث ذلك في زمان نور الدين محمود و قبله في زمان عماد الدين زنكي ثم في زمان صلاح الدين الأيوبي ثم بعد ذلك في زمان قطز و زمان الظاهر بيبرس و سيف الدين قلوون و كل هؤلاء العظماء من المجددين والمجاهدين لم ينتصر المسلمون في كل معاركهم التي انتصروا فيها إلا و هم متوحدون ما حصلش أبداً أنّ المسلمين كانوا في فرقة و حققوا انتصاراً وهذا واضح في كتاب ربنا سيحانه وتعالى في أكثر من موضع :

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

مكنش أبداً في أي نوع من الاهتمام بالعرق في نصرة المسلمين ضدّ الصليبين في أي موقعة من المواقع بالعكس شفنا الأيوبيين و شفنا الأتراك شفنا المماليك شفنا العرب شفنا غيرهم و غيرهم الكل بيتكاتف و يتعاون في حرب الصليبيين من منطلق إسلامي بحت ماشفناش أي سقوط في هذه القصة إلا و أتبع هذا السقوط بقيام و هذه الأمة بفضل الله عز و جل سيظل دائماً من يحمل الراية فيها و لن تموت أبداً أو تقع راية الجهاد .

200 سنة مكنوش دافع للإحباط لا عند الظاهر بيبرس و لا عند سيف الدين قلوون و لا عند الأشرف خليل مقلوش إحنا بقلنا 160 170 180 سنة محتلين في هذه البلاد ...استكملوا الجهاد و ربنا فتح لهم أبواب الخير و حرروا بلاد العالم الإسلامي

العدو في كل هذه القصة لم يكن سهلاً أبداً العدو ده لم يكن دولة ولا اثنين بل أوربا بكاملها بل أحياناً كانت تتحد اوربا الغربية مع اوربا الشرقية الدولة البيزنطية مع الكاثوليك في أوربا الغربية في جيوش هائلة قادمة من ألمانيا من النمسا من انجلتراُ شفنا أعداء في منتهى القوة من ناحية العدد و العدّة و مع ذلك نصر الله عز و جل المؤمنين عندما تمسكوا بكتاب ربهم العالمين سبحانه و تعالى

الحقيقة أخواني و أخواتي فترة الحروب الصليبيّة من أشد الفترات شبهاً بواقعنا المعاصر مش هينفع أبداً اللي إحنا عملناه في الوقوف على بعض المناطق في 3 أو 4 أو 5 حلقات نتكلم عن الحروب الصليبية محتاجين نفرد برامج عدة لدراسة هذه الحقبة لأنها تشبه إلى حدٍّ كبير الاحتلال اليهودي لأرض فلسطين و لن تحرر فلسطين تريراً كاملاً كما رأينا إلا بدراسة السنن و دراسة التاريخ

طبعاً برده محتاجين أن نقف وقفة مع دولة المماليك العظيمة التي حررت العالم الإسلامي من الصليبيين تحريراً كاملاً و من قبل ذلك انتصرت انتصاراً مهيباً كما ذكرنا على دولة التتار العظمى , دولة المماليك من الدّول القويّة جداً في تاريخ الأمةالإسلامية سيطرت على مناطق واسعة في وسط العالم الإسلامي يعني سيطرت على مصر على الشام على الحجاز على أجزاء من اليمن في بعض فتراتها على أجزاء من تركيا على أجزاء من العراق يعني دولة ظلت تحمل الراية الإسلامية قرابة الثلاثة قرون بالظبط 263 سنة ده عمر دولة المماليك في هذه الفترة رفعت راية الإسلام و حاربت عدة قوى حاربت المسلمين طبعاً قوة التتار زي ماقلنا و قوة الصليبيين و بعد ذلك قوة البرتغاليين التي هي بدأ نجمهم يظهر في العالم الغربي طبعاً بعد سقوط الأندلس و تولت دولة المماليك الدفاع عن الأمة الإسلامية ضد هذه الدولة الجديدة دولة البرتغال .

في كل تاريخ المماليك لم يظهر لليهود أي توجه ناحية التوطن في أرض فلسطين بالعكس كانت القوة الغالبة للمسلمين و كان في نوع من التسامح الكبير جداً عند المسلمين يسمحون لليهود بزيارة بيت المقدس و بزيارة أرض فلسطين بل في إن بعض المواقف النادرة جداً في التاريخ الإنساني عندما كان يختلف اليهود أحياناً مع المسلمين في بعض القضايا و كان الأمر يعرض على القضاء المملوكي الإسلامي و كان يحكم لليهود إن كان الحق لليهود و من أشهر هذه الحكايات ما حكي أيّام السلطان قيدباي أحد أشهر سلاطين المماليك عندما حكم بقطعة أرض كانت بين كنيس و مسجد إسلامي حكم بهذه القطعة لليهود عندما ثبت له أن الأرض فعلاً ترجع أصولها لليهود و مع هذا التسامح الإسلامي لليهود و للنصارى في عهد الدولة المملوكية تزامن هذا التسامح تماماً مع اضطهاد شديد جداً لليهود في أوربا من النصارى الأوربيين لردجة أنه في سنة 690 هـ الموافق سنة 1290 م أصدر الملك ادوارد الأول وده ملك انكلترا قرار بطرد كل الكفار من انكلترا من الكفار في تعريفه الهيود كل اليهود في انكلترا طردوا من انكلترا في عهد الملك ادورارد الأول بعدها بعدة سنوات قليلة سنة 706 هـ الموافق 1306 م أصدر فيليب الأول و ده كان ملك فرنسا قرار بطرد كل اليهود من فرنسا إلا أن يتنصروا يعني إكراه واضح على الدين و هذا دفع عدد كبير جداً من اليهود إلى التنصر و الدخول في النصرانيّة و من هنا بدأ تغلغل اليهود في الكنيسة النصرانية و بدأ يظهر حاجة نسميها عنصر الصهاينة المسيحيين أصلهم يهود و دخلوا في الديانة النصرانية في الأول بعداً عن التعذيب و الطرد لكن بعد ذلك غيّروا كتر جداً زي ما هنشوف حركة التاريخ في أوربا و بعدها كان لهم أثر على الدولة الإسلاميّة ّ في كل التاريخ المملوكي مع كثرة الفتن و الصراعات التي دارت على الحكم إلا أنّه في كل هذه الفترة ظلّت فلسطين هذه الإمارة مملوكية تقريباً سادها شيء كبير جداً جدًّاً من الهدوء لم يشبها الصراع أو الأذى إلا في أواخر أيام المماليك زي ما هنشوف إن شاء الله في الحلقة أو الحلقات القادمة مع ظهور الدولة العثمانيّة .

يبقا دولة المماليك زي ماقلنا حكمت تقريباً 263 سنة كل هذه الفترة فلسطين كانت داخلة تحت الحكم المملوكي لكن بعد فترة من ظهور دولة المماليك بدأت تظهر في وقت متزامن مع دولة المماليك دولة أخرى إسلامية قوية جداً لكن بعيدة عن دولة المماليك و هي الدولة العثمانية .

الدولة العثمانية ظهرت في آسيا الصغرى في قطعة صغيرة جداً جداً في الشمال الغربي من آسيا الصغرى و الحقيقة بداية من أوائل أيامها و هي بداية جهادية من الدرجة الأولى و عثمان بن الطغرل الّذي تنسب إليه الدولة العثمانية كان رجلاً حقيقة من أعظم المجاهدين في تاريخ الأمة الإسلامية مع أنّ المساحةالتي كان يحكمها كانت صغيرة جداً و عثمان بن الطغرل لكن الروح الإسلامية التي كانت عنده كانت عالية جدّاً جدّاً و ده ظهر ذلك على حياته و على حياة أولاده و أحفاده و لمدة أكثر من 400 سنة متصلة منذ أن ظهر عثمان بن الطغرل إلى نهاية عهد القوة في عهد الدولة العثمانيّة .

عثمان بن الطغرل حطّلو شعار واضح جداً في حياته من أول أيامه إلى آخر أيامه هذا الشعار ظلّ شعار السلاطين العثمانيين طيلة حياتهم و هو إما غازٍ و إمّا شهيد

إما غازٍ في سبيل الله و إمّا شهيد ما عندي احتمال الفرار او الهروب أو الهزيمة هذه ليست واردة في حساباتي إما غازٍ و إمّا شهيد و كان بيسمي نفسه السلطان الغازي و هكذا تسمى دائماً كانوا يسمون بالسلطان الغازي او السطان المجاهد و اتخذ له راية علم تركيا إلى الآن و ظل يحكم تركيا لفترة طويلة زي ما قلنا شمال غرب آسيا الصغرى و من بعده جاءت شخصية مؤثرة جدّاً و هو مراد الأول ابنه و هذا الرجل حكم 30 سنة و في هذه الفترة استطاع أن يعبر آسية الصغرى إلى أوربا لأول مرة في تاريخ المسلمين و بدأ يأخذ مدينة اسمها مدينة أدرنة في الجزء الأوربي من تركيا الآن و جعلها عاصمة الدولة العثمانيّة و بدأ يلتف حول القسطنطينيّة دون أن يستطيع أن يدخل القسطنطينيّة لحصانتها فتح جنوب بلغاريا و فتح جنوب يوغسلافيا و فتح صوفيا في بلغاريا و فتح سلونيك في اليونان و فتح كوسوفا كل ده في عهد مراد الأول ابن عثمان بن الطغرل طبعاً إنجازات في غاية الأهمية .

و أنا عايز أقلكم دعاء مراد الأول في فتح كوسوفا الدعاء اللي قالوا في ليلة الفتح عشان نعرف قيمة الدولة العثمانية في التاريخا الإسلامي و من قبلهم عثمان بن الطغرل و غيرهم من القواد العظماء في تاريخ الدولة العثمانية كان يقول :

“ يا إلهي إني أقسم بعزتك و جلالك أنني لا أبتغي من جهادي هذه الدنيا الفانية و لكني أبتغي رضاك و لا شيء غير رضاك و لا شيء غير رضاك

يا إلهي قد شرفتني بأن هديتني إلى طريق الجهاد في سبيلك فشرفني و زدني تشريفاً بالموت في سبيلك “

في موقعة كوسوفا في اليوم التالي مباشرة انتصر المسلمون انتصاراً كبيرا ً على الصرب و استطاعوا أن يضموا كوسوفا إلى الدولة الإسلامية العثمانيّة و استشهد مراد الأول كما طلب رحمه الله في هذه الموقعة و مات شهيداً في سبيل الله و تولى من بعده ابنه بايزيد الأول لتدخل الدولة العثمانية في طور من أطوار القوة التي لم تظبط و ده اللي هنعرفه إن شاء الله في الحلقة القادمة الحلقة القادمة أسأل الله عزّ و جلّ أن يفقّهنا في سننه و أن يعلّمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا إنه و ليه و القادر عليه .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .