الحقوق محفوظة لأصحابها

راغب السرجاني
بنو إسرائيل شعب تربى على الذل والقمع فكانت طبائعه الخوف والكذب والتمرد على أنبياء الله، في هذه الحلقة نتعرف أكثر على طبيعة بني إسرائيل من خلال قصتهم مع نبيهم يوشع بن نون، كما نتعرف على قصة طالوت وجالوت وموقف اليهود من الحرب، وكيف تكونت مملكة اليهود في فلسطين على يد النبي داود وابنه سليمان عليهما السلام؟ وما حقيقة الهيكل المزعوم؟

----------------------------------------------------------

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً عبده و رسوله

أما بعد :

فأهلاً و مرحباً بكم في هذا اللقاء المبارك و نسأل الله عز و جل أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين



مع الحلقة الخامسة من خط الزمن و قصة فلسطين :

نحن في المرة الفائتة تكلمنا عن قصة سيدنا موسى عليه السلام و كثرت علينا في هذه القصة اﻷرقام و اﻷحداث و قبلها كنا نتحدث عن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام

أرى من اﻷفضل أن نراجع سوياً الآن اﻷحداث التي مرت في قصة فلسطين حتى لحظتنا هذه ثم نكمل بعد ذلك بإذن الله سير اﻷحداث .

نقول اننا التريخ القديم في فلسطين إلى مراحل معينة بحسب الإكتشافات التي يكتشفها الإنسان فيهذه الفترة :

- فسمينا العصور اﻷولى القديمة جداً بالعصور الحجرية و لم تكتشف في هذه العصور أبداً المعادن و لعل أهمم ما يميز هذه العصور أننا ذكرنا أن أريحا هي أول مدينة أنشئت في العالم 10000 سنة من هذا الوقت و هي أقدم مدينة في الدنيا كما فصلنا

- و ذكرنا أيضاً في أحد المحطات المهمة في تاريخ فلسطين العصر البرونزي و العصر البرونزي بدأ من سنة 3200 ق.م إلى 1200 ق.م يعني الفي سنة متصلة هو العصر البرونزي الّذي اكتشف فيه اﻹنسان القصدير و خلطه بالنحاس و اكتشف البرونز و اخترع آلات كثيرة قسمنا العصر البونزي إلى 3 مراحل :

قديم و متوسط و حديث أهم ما يميز القديم ظهور الشعوب المعروفة في أرض فلسطين و كلها جاءت من جزيرة العرب الكنعانيين و الفينقيين و اﻷموريين و اليبوسيين و هم الّذين أنشؤوا معظم المدن في أرض فلسطين و كانوا من الوثنيين .

ثم في العصر البرونزي الوسيط الذي كان حوالي 450 سنة من 2000 إلى 1550 ق.م حوالي 450 سنة هؤلاء دخل فيهم التوحيد إلى أرض فلسطين دخل سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام نشر دعوة التوحيد ولد له إسماعيل ثم إسحاق ثم يعقوب ولد لإسحاق ثم انتشرت دعوة التوحيد تدريجياً في أرض فلسطين ثمّ حدثت بعد ذلك قصّة يوسف عليه السّلام و أصبح في مصر بعد بيعه ثم استدعى أهله إلى مصر و عاشوا في مصر سيدنا يعقوب و سيدنا يوسف و اﻷسباط الاثني عشر الّذين هم أصل بني إسرائيل عاشوا في مصر حوالي 150 سنة انتهت في 1550 ق.م تقريباً و هو نهاية العصر البرونزي الوسيط

و كانت النهاية هزيمة الهكسوس على يد أحمس اﻷول و بداية عصر فراعنة من جديد ال300 سنة التالية الذي هوو العصر البرونزي الحديث اﻷخير من 1550ق.م إلى 1250ق.م 300 سنة فيها عاش سيدنا موسى عليه السلام و بعث في سنة 1250 و كمل بعد ذلك البعثة في محاجاة طويلة جداً مع فرعون و قومه و بعد ذلك حصل الخروج الكبير كما ذكرنا و دخل سيدنا موسى إلى أرض سيناء و حاول أن يأمر أهله و قومه بدخول اﻷرض المقدسة لكنهم كما ذكرنا في الحلقة السابقة رفضوا و دخلوا في التيه و عاش موسى عليه السلام و هارون عليه السلام معهما في التيه و مات موسى عليه السلام في هذه الفترة و تقريباً كان موته في 1200 ق.م لينهي بذلك العصر البرونزي الحديث و هو في داخل التيه .

نريد اننقول ان الفترة التي فاتت إلى أن وصل سيدنا موسى عليه السلام إلى جبل الطور و إلى أن تلقى اﻷلواح كان بني إسرائيل يعبدون الله عز و جل على ملة إبراهيم عليه الصلاة و السلام عندما تلقى سيدنا موسى اﻷلواح هذه هي الشريعة اليهودية فتحولوا إلى الشريعة أو الدين الجديد و هو الدين اليهوديه

هذه بداية من عهد سيدنا موسى عليه السلام سيدنا موسى مات و هو حزين ﻷنه لم ير اﻷرض المقدسة التي كان يتمنى ان يدخلها لكن قومه كما رأينا خذلوه و رفضوا الدخول و عاشوا في التيه فترة 40 سنة كما قضى ربنا سبحانه و تعالى

في هذه الفترة مات الجيل الّذي تربى على الذل و الخنوع و الظلم و الاسنعباد مات الجيل الّذي كان يتعود الكذب مات الجيل الّّذي ترسخت في قلبه علامات كثيرة جداً من علامات الوثنية و بدأ يظهر جيل جديد أفضل من الجيل السابق .

الجيل الجديد الّذي ظهر ربي على أيدي الجيل السابق ورث الكثير من صفات هذا الجيل لكن على اﻷقل كان فيه نوع من الحمية لمحاولة دخول اﻷرض المقدسة بعث في هذا الجيل الجديد يوشع بن نون عليه السلام و هو المعروف في التوراة بيشوع هو نفس الشخصية و ذكرت قصته في السنة المطهرة لم يذكر في القرآن الكريم لكن جاءت قصته في السنة المطهرة و هذا استنفر بني إسرائيل للدخول إلى الأرض المقدسة فلسطين و دخلوا اﻷرض المقدسة من مدينة أريحا دخلوا على اﻷردن و عبروا نهر اﻷردن و وصلوا إلى مدينة أريحا و أمر الجنود ان يدخلوا إلى هذه المدينة و بالفعل دخل الجنود و كان اليوم يوم جمعة و أنتم تعرفون أنا اليهود لا يعملون في يوم السبت فكان لا بد ان ينتهي القتال يوم الجمعة و استمر القتال فترة طويلة حتى قاربت الشمس على المغيب و الجيوش لم تكن تقاتل بالليل و إذا أصبحت الجيوش سيكون يوم السبت و لا قتال فيه و قد يتعرض اليهود لهزيمة بسبب ذلك فسأل يوشع بن نون عليه السلام ربه سبحنه و تعالى أن يوقف الشمس فلا تغرب فأوقف الله عزّ و جلّ له الشمس و كانت آية واضحة جداً لبني إسرائيل أوقف الله عزّ و جل الشمس حتى تمّ النصر , و هذا بصحيح الحديث عن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم لبنسي إسرائيل و هذا في حديث الصحيح عن رسولنا صلى الله عليه و سلم و هو الّذي حكى هذه القصة لنا انتصر الجيش اليهودي المؤمن بالقضية و مؤمن بقضية الدخول إلى اﻷرض المقدسة و مطيع إلى ربه إلى هذه اللحظة هذه الجزئية اﻷرض المقدسة عن طريق أريحا لكن سبحان الله بمجرد دخولهم إلى اﻷرض المقدسة بدؤوا يخالفون العهد و يأخذون ما ورثوه عن آبائهم من عصيانهم ﻷنبيائهم و بكفرهم لله عز و جل :

أمرهم ربنا سبحانه و تعالى أن يدخلوا الباب باب أريحا سجّداً و أمرهم أن يقولوا حطة أي حط عنا خطايانا أي ارفع و اغفر لنا خطايانا فماذا فعلوا لم يدخلوا سجداً كما أمر بنا سبحانه و تعالى إنما دخلوا بظهورهم المفروض أن يدخلوا و وجوههم إلى اﻷمام و هم سجود خضوعاً لربنا سبحانه و تعالى فدخلوا بظهورهم و بدّلوا القول بدل أن يقولوا حطة قالوا حنطة و يقولونها سخريّة من الكلمة التي قال لهم نبيهم يوشع بن نون عليه السلام فذكر ذلك ربنا سبحانه و تعلاى في كتابه الكريم عندما قال :

(( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَـزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ))

( البقرة / 58 )

(( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْـزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ))

( البقرة / 59 )

من هؤلاء الناس هم الّذين منذ قليل انتصروا في موقعة من مواقع الإيمان على عدوهم الوثني هؤلاء الناس هم الّذين ربنا سبحانه وتعالى اوقف لهم الشمس و أرسل إليهم يوشع بن نون بعد أربعين سنة كاملة في التيه و هم من ربنا سبحانه و تعالى أراهم الآيات تلو الآيات تلو الآيات تلو الآيات و الآيات تلو الآيات لكنهم أبوا إلا الكفر و الجحود مع أنن هذا الجيل المفروض أن يكون الخلاصة الّذي بعد أن مات الجيل الّذي كان مع سيدنا موسى عليه السلام ، هو الجيل الّذي وجد لكن سبحان الله كانت سنّة ماضية في بني إسرائيل الكفر و العصيان و البعد عن جادّة الطريق .

دخل يوشع بن نون عليه السلام إلى أرض فلسطين و عاش في قومه فترة من الزمن و الدخول هذا كان تقريباً سنة 1190 ق.م يعني تقريباً بعد 10 سنوات من وفاة موسى عليه السلام و دخل حكم في بني إسرائيل فترة من الزمن و :

قاعدت أبا هريرة خمس سنين ، فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون ) . قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : ( فوا ببيعة الأول فالأول ، أعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم ) .

الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3455

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

.

أي كلما مات النبي بعث نبي آخر ﻷنهم كانوا قوماً في غاية الانحراف طبعاً كثرة اﻷنبياء في بني إسرائيل ليست علامة على الصلاح المسلمون بعث فيهم نبي واحد و مازالوا على المنهج و مازال إلى الآن الكثير من المسلمين يتمسكون بالكتاب الصحيح و يتبعون السنة المطهرة

أما بني إسرائيل كلما مات فيهم نبي يخالفون في وجود الني فيرسل لهم الله عز و جل نبياً آخر كان أحياناًيرسل النبيين في وقت واحد بل كان أحيانا يرسل الثلاثة في وقت واحد لشدّة انحراف بني إسرائيل .

عاش كما قلنا يوشع بن نو في أرض فلسطين و انحرف القوم في وجوده أكثر من مرة ثم مات و ارسل الله عز و جل نبياً آخر ثم نبياً ثالث ثم هكذا عاشوا حوالي 150 سنة بعد وفاة يوشع بن نون و كانت هذه الفترة من الفترات التي اشتد فيها انحراف بني إسرائيل تماماً حتى مكن الله عز و جل منهم الوثنيون الّّذين هم أهل كنعان لما كانوا يعيشون في البلد قبل دخول اليهود مكن الله عز و جل منهم الكنعانيون الوثنيون و استطاعوا أن يقهروهم على أعز ما يملكون في ذلك الوقت على التابوت .

ما هو التابوت ؟؟

التابوت هذا هو صندوق وضعوا فيه ألواح التوراة و وضعوا فيه بقية من آل موسى و آل هارون بقية وضعوا فيه بقية الملابس و عصى موسى عليه السلام و بعض اﻷشياء المقدسة لدى اليهود و كانوا يتبركون به و يحملونه معهم في كل مكان فلما عصوا الله عز و جل و أفسدوا في اﻷرض إفساداً كبيراً بعد دخول اﻷرض المقدسة ، كل هذه اﻷحداث في أرض فلسطين المباركة عندما حدثت هذه اﻷحداث الكقيرة استطاع الكنعانيون أن ينتصروا عليهم و أن يأخذوا منهم التابوت و كان في هذا ذلة كبيرة جداً لليهود و شعروا بالانتكاسة الكبيرة التي مرت بهم .

بعد مرور 150 سنة من وفاة يوشع بن نون ظهر فيهم نبي جديد يقال أن اسمه صموائيل لكن نحن لا نعرف اسمه على وجه الحقيقة ﻷن هذا الاسم جاء في التوراة و لم يأتي في السنة المطهرة

بعث إليهم هذا انبي صموائيل فذهب إليهم القوم و طلوبا منه أن يجاهدوا في سبيل الله و يستردوا وضعهم الّذي ضاع منهم بعد أن سيطر عليهم الكنعانيون فقال لهم نبيهم :

(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ))

( البقرة / 246 )

يعني سبحان الله ربنا سبحانه و تعالى أرسل إليهم النبي و النبي هذا أمرهم بالقتال و عندما فرض عليهم القتال تولى معظمهم و لم يبق إلا عدد قليل و قال لهم نبيهم إنّ

(( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))

( البقرة / 247 )

ترى ماذا فعل اليهود مع طالوت و ماذا كانت قصته في أرض فلسطين

و هذا ما سنعرفه بعد الفاصل فابقوا معنا

* * *

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله قبل الفاصل تكلمنا عن قصة يوشع بن نونن عليه السلام و دخوله إلى أرض فلسطين و فساد القوم بعد ذلك ثم بعث نبي يقال أن اسمه صموئيل و طلب القوم من صموئي أن يرسل لهم ملكاً يقتلون معه في سبيل الله

النبي سأل القوم هل أنتم جادون في هذه الحرب في سبيل الله لماذا تريدون أن تقاتلوا و أنتم قد خذلتم دينكم سنواتٍ و سنوات فقالوا

(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ))

( البقرة / 246 )

أي أننا خسرنا كل شيء فلم يبقى أي شيء فطلبوا لقتال و فرض عليهم القتال فتولوا إلا قليل منهم التولي هذا حتى قبل أن يلتقوا مع عدوهم عند مجرد فرض القتال ثمّ قال لهم نبيهم

(( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))

( البقرة / 247 )

ربنا سبحانه و تعالى هو الّذي اختار طالوت و هو من القادة اليهود اختار هذا الرجل ليكون قائداً للجيش انظر ماذا ردوا على نبيهمو على اختيار الله عزّ و جلّ لقائدٍ لهم قالوا

(( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))

( البقرة / 247 )

تخيلوا الكلمات اليهود كان لهم فرع يتوارث أهله النبوة و فرع آخر يتوارث أهله الملك ربنا سبحانه و تعالى جعل النبوة في فرع من فروع اليهود الّذي هو فرع لاوي و جعل الملك في فرع يهوذا من اليهود و هذا كله من أو أولاد سيدنا يعقوب عليه السلام أي من اﻷسباط و سيدنا طالوت رحمه الله كان من أولاد بنيامين بن يعقوب و ليس من أولاد يهوذا مع أن الله عز و جل هو الّذي اختاره بهذه الصورة و جعل ذلك فتنة و اختباراً لبني إسرائيل إلا أنهم رفضوا أن يعطوا هذه الإمارة ﻷنه ليس من نسل يهوذا الّذي فيهم الملك وضعوا استثناء غريب جداً

(( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))

( البقرة / 247 )

كان من الممكن ان نستثنيه إن كان لديه المال أو كان غنياً لكن إن كان فقيراً و ليس من نسل الملوك فكيف يحكم الجيوش و هذا أدى إلى ذبذبة كبيرة جداً في الجيش و تخلف عدد كبير و بالتالي خرج طالوت عليه رحمة الله بعدد قليل من الجنود اليهود أو الإسرائيليين لما خرجوا بعد قليل اعترضهم النهر و كما تعرفون القصة جميعاً حصل فتنة عند النهر و معظم الناس شربت من النهر على خلاف ما أمرهم به طالوت عليه رحمة الله فتخلف هؤلاء أيضاً و لم يبقى مع طالوت رحمه الله إلا العدد القليل جداً جداً من الرّجال يقول عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما كنّا نعد أنفسنا في يوم بدر على عدة جيش طالوت ، جيش بدر حوالي 313 أو 314 في أقصى الرويات 317 هو كان عدد الناس التي ثبتت مع طالوت رحمه الله من آلاف مؤلفة ، شعب كامل لم يخرج منه سوى 300 و الباقي قعد عن القتال و حتى الناس التي خرجت تقاتل في سبيل الله عندما أمرها طالوت أن تخرج لحرب الجيوش الظالمة الكافة بقيادة جاولت رفضت هذه الشعوب و قالت

(( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ))

( البقرة / 249 )

و الّّذي تحرّك من كلّ هذه الجموع من 313 أو أكثر من الإسرائيليين و الّذي تحرك هو واحد فقط و الّذي هو داوود عليه السلام و هو أول ظهور لاسم داوود عليه السلام في قصتنا و تلك المعركة كانت سنة 1025ق.م

و قام داوود و كان شاباً صغيراً أقل من 16 سنة و معه مقلاعه و استطاع أن يهزم جالوت بفضل الله عزّ و جل و أن يقتل هذا الطاغية و انتصر الإيمان الممثل في داوود عليه السلام و في طالوت رحمه الله و في القلة الباقية التي ثبتت معهم في هذا الطريق الطويل

عاش داوود عليه السلام فترة من الزمن مع النبي الّذي يسبقه صموئيل إلى أن مات صموائيل و بالتالي بعث داوود عليه السلام و قاد بني إسرائيل

و في سنة 1004ق.م دخل داوود عليه السلام إلى أكثر من مدينة في فلسطين و دخل إلى مدينة القدس و أسس ما يعرف بمملكة اليهود و هي أكبر مملكة أسست في تاريخ اليهود مطلقاً

حكم سيدنا داوود عليه السلام هذه المملكة من سنة 1004ق.م إلى سنة 963ق.م حوالي 40 سنة أو 41 سنة متصلة و طبعاً بعد سيدنا داوود تولى الحكم ابنه سيدنا سليمان عليه السلام و هو أحد أنبياء الله الكرام

أحب ان أقول لكم أن المملكة التي أسسها سيدنا داوود عليه السلام لم تكن تشغل من فلسطين إلا مساحة 20 ألف كيلومتر مربع تقريباًو تعرفون أن فلسطين هي 26 أو 27 كيلو متر مربع حوالي74% من مساحة فلسطين أكبر مملكة في تاريخ اليهود كلها لم تشمل إلا ثلاثة أرباع أرض فلسطين و لم تشمل أكثر من ذلك و هذه أول سيطرة إيمانية حقيقية على أرض فلسطين منذ التاريخ حتى سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام عندما كان في أرض فلسطين لم تحكم أرض فلسطين بالإيمان إنما سمح له بالدعوة إلى الله عز و جل لكن كانت تحت سيطرة الهكسوس الّذين كانوا قوماً وثنيين و مروراً بتاريخ اﻷنبياء السابقين و سيدنا يوشع بن نون عندما دخل لم يسيطر على أماكن كثيرة و الجيش الّي كان معه كان بعيدين كل البعد عن الإيمان الحقيقي لكن هذه أول مرة تقوم مملكة إيمانية حقيقية لسيدنا داوود عليه السلام و استمرت كما قلنا 40 سنة من 1004ق.م إلى 963ق.م بعد قصّة سيدنا داوود كما يقول ربنا سبحانه و تعالى :

(( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ))

( النمل / 16 )

جاء سيدنا سليمان كانت فترة قوة واضحة جداً في حياة مملكة اليهود و طبعاً سيطر على نفس اﻷماكن التي كان يسيطر عليها أبوه عليه السلام و نحن نلاحظ في القرآن الكريم عند الحديث عن سليمان عليه السلام أن القرآن دائماً يصف قوّته و ينسبها إلى الله عزّ و جل و أنّ الله عزّ و جل سخر له و سخر له . . . لم يذكر في هذا التسخير مافعله اليهود مساعدةً ﻷمر الإيمان أو الشريعة إنما كان يذكر الطير أو الجن و يذكر الريح و ما إلى ذلك من أمور لكن اليهود كانوا يقمعون مع سيدنا سليمان عليه السلام و لكنهم في قلوبهم الكفر و البغض و العصيان و هذا ما ثبت بعد وفاة سليمان عليه السلام و ارتداد القوم على أعقابهم و نكثوا العهود التي قطعوها ﻷنبيائهم .

سيدنا سليمان عليه السلام حكم من سنة 963ق.م إلى 923ق.م يعني 40 سنة أيضاً إذاً سيدنا داوود حكم 40 سنة و كذلك سيدنا سليمان حكم 40سنة و طبعاً فترة سيدنا سليمان كانت فترة قوة نسجت حولها آلاف و ملايين اﻷساطير و مازالت إلى الآن تنسج اﻷساطير و لعل من أشهر اﻷساطير التي نسجت حول قصة سيدنا سليمان عليها السلام هي قصة الهيكل و كلنا نسمع عن هيكل سليمان و اليهود يبحثون عن هيكل سليمان في كل مكان و أشهر اﻷماكن التي يبحثون عن هذا الهيكل فيها تحت المسجد اﻷقصى و لا نرى ذلك إلا بغية هدم المسجد اﻷقصى بكثرة اﻷنفاق التي تحته و التي يحفرها اليهود

طبعاً قصة الهيكل هذه قصة وهمية تماماً ﻷن رسلونا صلى الله عليه و اسلم ذكر في الحديث في سنن النسائي و أشرنا غليه قبل ذلك أن سليمان عليه السلام بنى لله مسجداُ في بيت المقدس كل ما فعله سليمان عليه السلام انه أقام القواعد من جديد و جدد المسجد اﻷقصى الّي بين أيدينا و ليس هناك وجود للهيكل و على فكرة في توراة اليهود و في كتب اليهود المختلفة الكثيرة اختلاف كبير جداً بين علماء اليهود على مكان الهيكل المزعوم و على شكل هذا الهيكل و منهم من يقول أنه كان من الحجارة و بعضهم يقول أن كان من الذهب الخالص و بعضهم يقول أنه كان من النحاس المكسي بالذّهب و اختلافات كثيرة بينهم و قام العلماء اليهود و غيرهم بحفريات كثيرة و لم يظهر له أي أثر و إنما هو في الحقيقة من نسج خيالهم .

و طبعاً حائط المبكى الّذي يصلي عنده اليهود دائماً هو حائط البراق الّذي ربط به سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم البراق عند ذهابه في الإسراء و المعراج عند الحديث عن رسولنا صلى الله عليه و سلم طبعاً الكثير من الأوصاف الكثيرة جداً قيلت في سليمان عليه السلام و اليهود يفتخرون بفترة حكمه فما بالكم باﻷنبياء الآخرين الّذين جاؤوا في زمان ضعف بني إسرائيل .

يا أخواني و أخواتي أنا أكرر الكلمة التي ذكرتها في أوائل هذه الحلقات نحن أحق بأنبيائهم منهم نحن حقيقة أحق بأنبياء بني إسرائيل من بني إسرائيل ﻷننا نقدر و نعظم و نبجل كل أنبياء الله عز و جل .

في الحلقة القادمة بإذن الله سنرى ماذا حدث في أرض فلسطين بعد وفاة سليمان عليها السلام و مالّذي حدث لهذه المملكة الكبرى التي أسسها هو و ألاوده في هذه الحلقة نتعرف أيضاً على واقع اليهود مع الإغريق و مع الرومان و مع الدول التي تتالت بعد ذلك على ارض فلسطين أسأل الله عز و جل

أسأل الله أن يفقهنا في سننه و ان يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك و القادر عليه

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

* * *