الحقوق محفوظة لأصحابها

مصطفى حسني
الدعوة إلى الله كانت شرطاً لمبايعة الرسول في الدخول للإسلام (النصح لكل مسلم) فـ كل سائر له دور في العملية الإصلاحية في المجتمع وذلك بـ العلم المبين والخلق واللين والصبر واليقين ، فيجب أن يكون لنا دوراً هاماً في الإصلاح ويثبت فينا قول الله تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ

------------------------------------------------------------

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نُكمل معًا قواعد السير إلى الله وصفات السائر في طريق الله، وفي طريقنا إلى الخالق عز وجل نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو النموذج الأعظم للبشرية، وهو قدوتنا الأولى، وهو من نستضيء بنوره على طريق الله في الدنيا. عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: "بايعتُ رسول الله على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم" متفقٌ عليه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: "الدِّينُ النَّصيحةُ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيرْه بيدِه، فإن لم يستطعْ فبلسانِه، فإن لم يستطعْ فبقلبِه، وليس وراءَ ذلك من الإيمانِ مثقالُ ذرةٍ"، رواه أبوسعيد الخدري.

إذا فالدعوة إلى الله والنصح للناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من صميم الإيمان، فلكل منا دور وشيء عليه أن يفعله، والسائر على طريق الله عليه أن يتعلم من النبي كيف يكون مؤثرًا في إصلاح البلاد والعباد، ولكن في الأيام الأخيرة حدث ارتباك في مجال الدعوة أدى لظهور اختلاف بين الناس مابين استجابة عظيمة وبين نفور وتشكيك، لذا لا يمكن أن ننصح بدون علم وبصيرة وأدب، يقول الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} ﴿آلعمران: ١١٠﴾

ويجب أن نسأل أنفسنا هل أنت تعيش بمفردك تعبد الله في سكون ولا تشارك في أي عملية إصلاحية أم لا؟ لابد أن نعرف أن هناك فريضة وواجب ومسئولية تجاه العباد، ومن أجل توسيع مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن نذكر أنه ليس مجرد النصح في الدين، فالمعروف هو كل شيء ينفع العباد مثل مساعدة الناس وتعليمهم وتصحيح المفاهيم الخاطئة وبث الأمل في النفوس.

أصول الدعوة إلى المعروف:

1- علم مُبين: وهو العلم الواضح بمعلومات يقينية دون تضليل، إلى جانب التدرج في الدعوة والنصح وعدم الاصطدام بالناس، فهناك قواعد ثلاث لذلك وهي: العلم بالحلال والحرام، والعلم بفقه الاختلاف، والعلم بفقه النفس.

2- خُلق ولين: إذا أردت أن تُغيّر في الناس فليكن بأرق الطرق وأقربها إلى القلوب، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه"، صحيح مسلم. فلا تفضح ولا تكسر قلب إنسان، بل تكلم وأنت تبهر من أمامك بخلقك الطيب؛ لأن النفوس لن تتقبل النصيحة من القاسي الذي لا خلق له، يقول الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَو ْكُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّا اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} ﴿آلعمران: ١٥٩﴾.

3- الصبر واليقين: كلما حاولت الإصلاح فاعلم أنك ستواجه مقاومة كرد فعل تلقائي، لأن الإنسان عندما يستمع للنصيحة فهو يواجه ضميره ومقاومة شهواته، لذا لابد أن يقاوم ويدافع، لذلك إذا أردت التغيير فاصبر وازرع البذور وانتظر النتيجة، وكن على يقين أن نتيجة الخير الذي تزرعه سوف يظهر عاجلًا أو آجلًا في الدنيا أو الآخرة، يقول الله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} ﴿المزمل: ١٠﴾.

العائدون إلى الله

قصة مجموعة من الشباب البريطانيين المسلمين، عددهم ثلاثون شابًا وفتاة، استطاعوا أن يقوموا بعمل لتصحيح الصورة المنتشرة في الغرب عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الدين الإسلامي، فقد اكتسب الإسلام للأسف سمعة سيئة في الغرب عن طريق الإعلام الغربي والوسائل الأخرى مثل الرسومات والمسرحيات والأفلام المسيئة، فأراد هؤلاء الشباب تصحيح بعض المفاهيم عن الإسلام بطريقة في منتهى الخُلق واللين؛ لكي يبدأ الناس في تغيير مفهومهم عن النبي. قام هؤلاء الشباب بوقفة حاملين معهم الورود يوزعونها على الناس في الشوارع مُرفق بها مقدمة مُختصرة عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكان رد الفعل رائعًا في أوساط الناس الذين قال أحدهم أننا نعلم أنه في كل مجموعة بعض الناس السيئين، ولكن لا يعني ذلك تعميم هذا المفهوم على المسلمين جميعًا إذا وُجِد بينهم عناصر مُسيئة، فاستطاع هؤلاء الشباب أن يُظهروا صورة طيبة للإسلام والمسلمين بطريقة راقية كلها خلق ولين.

http://web.mustafahosny.com/article.php?id=2804