الحقوق محفوظة لأصحابها

إبراهيم أيوب
في حلقة رفيعة من برنامج "الله في حياتي" حلّق الشيخ إبراهيم أيوب بجمهوره في الاستديو وبالملايين الذين يشاهدون برنامجه حول العالم، حلّق بهؤلاء جميعاً إلى آفاق سامقة من الإيمان وكيف لا وهو يتحدث عن اسم الله الأعلى.

ذكر اسم الله الأعلى يشعر ذاكره بالعظمة والجلال والكمال والسمو والعلو، ويكسبه الشعور بفخر الانتساب لله الأعلى سبحانه وتعالى وجلّ في علاه، ومع أنه بائن عن خلقه في علوه لكن المؤمن الذاكر لربه الأعلى يشعر بمعية الحب والتعلق، فأقرب ما يكون العبد لله وهو ساجد عندما يضع جبهته على التراب ويتذكر علو ربه فيقول: "سبحان ربي الأعلى".

يستذكر بنا الشيخ إبراهيم قصة مطلع سورة الأعلى "سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوّى" إذ عندما نزلت، جمع الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة وقال لهم اجعلوها في سجودكم.

النبي صلى الله عليه وسلم هو خير من تمثّل معنى العلو الإلهي الرباني. وفي موقف آخر للنبي الذي ذاق طعم حلاوة السجود بين يدي العلي سبحانه وتعالى في الدنيا فكان أفضل الساجدين، وأما في الدار الآخرة فيخرّ عليه الصلاة والسلام ساجدا تحت العرش. ويلهمه الله من المحامد والتمجيد والتعظيم والتقديس لربه ما لم يقله عبد قبله أو بعده وذلك قبل أن يستأذن ربه بشفاعة في أمته فيقول الله ربه الأعلى تبارك وتعالى: "يا محمد ارفع رأسك، سل تُعط، واشفع تشفع" فسبحان الله الأعلى الذي يقترب من عباده أكثر رغم علوه عندما ينادونه ويسبحونه باسمه الأعلى!! والحمد لله الذي فتح علي نبيه وعلمه أن السجود مفتاح من مفاتيح الدخول على العلي الأعلى.

يقول الشيخ مخاطبا المشاهدين: إن سألت عن علو مكان الله فهو على عرشه استوى استواءً يليق بجلال وجهه تبارك وتعالى، وإن سألت عن علو الزمان فهو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر ليس بعده شيء، وهو الظاهر ليس فوقه شي، وهو الباطن فليس دونه شيء، وهو بكل شيء عليم.

حلقة اسم الله العلي تعلمنا أيضا أنه إذا أردنا معرفة العلو الإلهي والعظمة الربانية فلننظر إلى الملائكة العُـبّاد الذين يفهمون هذا العلو وكيف يتصرفون معه. فلا يتكلمون ولا يهمسون ولا يتكلمون إلا بإذنه، أصواتهم كصوت السلسلة على الصفوان كما جاء في الحديث، قال تعالى مادحا أدب الملائكة: "حتى إذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير" لذلك صمتوا وسكتو عندما يأتي الأمر الإلهي. وهنا أدب رفيع من آداب التعامل مع العلي، يمكن تسميته أدب التلقي.

مقام الألوهية مقام عالٍ عن إدراك البشر فلا يعرف مقام العلي الأعلى إلا ذاته العلية لأنه لا يعرف الله إلا الله، وأما الإنسان فيعجز في وصفه سبحانه وتعالى جل في علاه. فهو عليٌ في ذاته، عليٌ في أسمائه، عليٌ في صفاته.

وفي جزئية التخلق بأسماء الله وتعالى بحسب ما يطيق العباد التي انتهجها الشيخ إبراهيم في حلقات برنامجه "الله في حياتي"، ويتساءل بخصوص اسم الله العلي، هل أُذن لنا أن نتخلق باسم الله العلي؟ كاسم الشكور والرحيم وغيرهما فالله كريم يحب الكرماء من عباده وهو ستير يحب الستر. وحليم يحب من يحلمون على غيرهم. فهل يحب من العباد أن يتحلوا بصفة العلي بما يناسب مقام العبودية؟

يجيب الشيخ: نعم، فمن فضل الله علينا أن أذن لنا ونحن تراب أن نتخلق بأسمائه وهو العلي الكبير العظيم، ويشمل التخلق اسم الله الأعلى، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها" وقول النبي: "اليد العليا خير من اليد السفلى".

وعن ثمرات التعلّق والتخلّق باسم الله الأعلى يضرب الشيخ إبراهيم أيوب مثلا بالصحابة وهم أفضل من فعل ذلك وانعكس ذلك على حياتهم، فكانوا بالليل في سجود يقرّبهم من الله تعالى، ومن شدة انكسارهم وخضوعهم وتذللهم لله العلي كانوا كالعصافير المبللة. وأما في النهار فكانوا أقوياء وفرسانا للحق وإقامة العدل في الأرض، ونشر نور الله في الأرض.

وهذا الإيمان هو الذي يقلب الموازين، وهو ذات الأمر الذي حدث مع سحرة فرعون فبعد أن جاءوا لفرعون يتسولون ماله ويتزلفونه لعلهم يكونوا من المقربين، وبعد أن آمنوا برب موسى وهارون وخروا لله ساجدين وذاقوا حقيقة الإيمان وعزته، ولما رفعوا رؤوسهم بعد السجود للعلي الأعلى جن جنون فرعون وهددهم بالتقطيع والتصليب والقتل فتغيرت لهجتهم وانقلبت مفاهيمهم فقالوا لفرعون الجبار المتأله "لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون" "إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين"

أن تكون علياً في أهدافك لا يعني البتة أن تستكبر أو تطغى بل إن العكس هو المطلوب تماما لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من تواضع لله رفعه" والله لا يحب المتكبرين ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر،

وإن طريق العلو هو التواضع، فتواضع لتكسب العلو. (من تواضع لله رفعه). ومن أراد الرفعة فعليه بالقراءة والعلم يقول الله عز وجل "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" فرفعة الانسان وارتقائه في الدرجات العليا مرتبط بالعلم.

اقتربوا من الله أكثر بمعرفة أسمائه والتعلّق والتخلّق بها في برنامج "الله في حياتي"