الحقوق محفوظة لأصحابها

مصطفى حسني
الثبات الحقيقي هو استمرار رغبة القلب في تحقيق رضا الرب.. ودلائل الرغبة في الثبات أن يرى الله القلب دائماً إما طائع وإما تائب وإما مُشاهد ، فاثبت بالذكر والدعاء وترك المعاصي والقرآن وكن على طريق الله .

-----------------------------------

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نُكمل السير على طريق الله ويقول الله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ﴿٢٥﴾ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ﴿٢٦﴾} [سورة الغاشية: 25، 26]. الله لا يأمرنا بما يضرنا بل يريد النفع لنا جميعًا. والسائر على طريق الله هو الذي يفهم نفسه، ويدرك مداخل الشيطان؛ ليسيرعلى الطريق الذي في نهايته رضا الله والجنة. حلقة اليوم هي إجابة على السؤال: كيف نثبت بعد رمضان؟ ومعنى الثبات ليس الثبات على طاعة مُعينة فحسب، بل استمرار رغبة القلب في تحقيق وطلب رضا الرب.

صفات الثابت:

- طائع: أي المُقبل على الطاعة بما يتاح لديه من الوقت وبكل ما لديه من الجهد.

- تائب: لديه نفس لوامة يقظة، فكل بني آدم خطاء لكنه يدرك قرب الله منه فيتوب إليه.

- الهمة: أي في قلبه حماس لعمل بعض الطاعات المتاحة لأن القلب هو محل نظر الرب، والقلب يُشاهد ويدرك رسائل الله له.

بتوافر هذه الصفات يكون إنسانًا مستقيمًا، ويقول الله تعالى: "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْ‌تَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‌" [سورةهود:112]، و يقول عز وجل عن الاستقامة: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ‌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُ‌وهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِ‌كِينَ} [سورة فصلت:6].

عوامل الثبات:

- السر في لا إله إلا الله: وهي أسهل الأذكار على اللسان، يقول الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَ‌ةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ} [سورة ابراهيم: 27]، ويقول العلماء القول الثابت هو لا إاله إلا الله، فهذا الذكر ثابت لدى جميع الأنبياء والرسل، كما أوصى به سيدنا نوح عليه السلام.

- الدعاء المستمر بالثبات: الإنسان فقير وفي حاجة مستمرة إلى الله حتى فيما يتعلق بالثبات، فيقول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه أبوهريرة: "أَتُحِبُّونَ أَيُّهَا النَّاسُ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ، أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"، وكان دعاء الرسول الدائم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك.

- ترك الإصرار على المعاصي وخاصة الصغيرة: الفرق بين الإصرار والضعف هو التوبة، فالضعيف لديه نفس لوامة ويتوب إلى الله على خلاف المُصر على المعصية، ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث رواه عبد الله بن مسعود: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ"، فكما يقول الحكماء لاتنظر إلى صغر المعصية، بل انظر إلى من عصيت.

- الصلة بالقرآن قراءةً أو سماعًا: القرآن هو الذكر الحكيم وهو حبل الله المتين؛ لذلك لا بد من أن تصل نفسك به إما قراءة أو على الأقل سماعًا، واجعل لك ورد يومي، ولو كان بسيطًا.

- الطاعة على قدر الاستطاعة: تتحقق باستجابة الإنسان لقبول الهدية الذي يرسلها الله له، والمقصود بالهدية هي الرسائل التي يرسلها الله إلى الإنسان ليذكره به، كأن يحضر درس ديني، فيقول الله تعالى {..وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرً‌ا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [سورة النساء:66].

- الدعوة إلى الله: أي نشر الخير الذي تعرفه، فمثلًا لو تعلمت معلومة دينية أو حياتية انشرها، يقول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه عبد الله بن عمرو: "بلغوا عنِّي ولوْ آيةً".

- قراءة سير الصالحين: أي حاول أن تتقمص شخصيات الصالحين وتعيش حياتهم، يقول الله تعالى: {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّ‌سُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَـٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَ‌ىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ} [سورة هود:120].

العائدون إلى الله

لكي أكون على طريق الله أقوم يوميًا بعدة أشياء: أقول أستغفر الله كثيرًا، والمواظبة على الصلاة وخاصة صلاة الفجر، فالصلاة هي صلة العبد بربه، إلى جانب قراءة القرآن بصفة مستمرة؛ لأنه كلام الله عز وجل. بالإضافة إلى الدعاء والتي تعد من الأمور الهامة وفي كل وقت أقول لا حول ولا قوة إلا بالله. تعلمت من الرسول العديد من الأمور منها الابتسامة والكلام مع الآخرين بشكل جيد، وعندما أشعر بالبعد عن الله أقوم بالاستغفار وأقرأ القرآن، والتي تنصحني هي زوجتي التي تعلمت منها أمور كثيرة وتذكرني بأشياء قد أنساها أحيانًا مثل قيام الليل والصدقة.