الحقوق محفوظة لأصحابها

وليد فتيحي
دخل كل بيت وأصبح جزءا من حياتنا الحديثة وأصبح بديلا عن الأب والأم حتى أثناء وجودهما في البيت مما جعل كثير من المحللين النفسيين يقولون لم يعد هنالك أب وأم يربيان ويتواصلان فقد تم استبدالهما به

وفق لإحصائيات اليونسكو فإن الطالب العربي عندما يصل الى سن 18 فإنه يكون قد قضى 22000 ساعه أمام التلفاز و14000 ساعه في قاعه الدروس

وفي احصائيات أخرى فإن عدد الدقائق التي يقضيها الأباء مع أبنائهم في نقاش مفيد أو حوار هادف لاتتعدى 3- 4 دقائق في الأسبوع في حينما يقضي الأطفال أمام التلفاز مايعادل 1680 دقيقه في الأسبوع

قد غير التلفاز الطفل والمراهق والبالغ , فما هي حسناته وماهي سيئاته وكيف يجب أن نتعامل معها لنقي أنفسنا وأطفالنا من تبعاته السلبيه

تشير الأبحاث والدراسات أن مشاهدة البرامج التلفزيونيه لطفل عمره أقل من عامين يعطل النمو الطبيعي لعقله وهذا ينطبق على جميع البرامج ومافيها التعليميه ،فالدراسه على ألف عائله لأطفال اعمارهم مابين 8 شهور الى سنه ونصف وجدت أن كل ساعه في اليوم يقضيها الطفل في مشاهدة البرامج التعليميه أدى الى تعلم الطفل من 6- 8 كلمات أقل من الأطفال الذين يقضون الساعه في أنشطة أخرى وهذا عكس لتوقعات الأباء والأمهات ودعايه المروجين الى هذه البرامج التعليميه وقد نشرت هذه الدراسه في أشهر الملفات الطبيبه العالميه

the journal of pediatrics

كيف حدث ذلك ؟؟ ان دماغ الطفل في هذا العمر يستفيد من الحركة والألعاب والأنشطة التفاعليه الابداعيه لتطوير دماغه وتنشيطه أكثر من أي من البرامج التعليميه الالكترونيه أي كانت لأن التعليم فيها غير تفاعلي والتلقي السلبي للمعلومة دون أن يكون للطفل دور ايجابي وقد أجريت دراسه تخطيط الدماغ أثناء مشاهدة التلفاز فوجد تثبيط وكسل دماغي على العكس تماماً عما يحدث أثناء المطالعه والقراءة ،مما يؤثر سلبا على نسبه الذكاء والقدرات الابداعيه

وفي دراسه أجريت على 11000 في جامعه غالسكو في بريطانيا وجد أن الأطفال الذين يشاهدون التلفاز لمدة ثلاث ساعات او يزيد في اليوم وهم في الخامسه من العمر أصبحوا في السابعه من العمر أكثر عرضه للشجار والعراك والكذب والغش والسرقه وهذا متوافق مع عشرات الدراسات على مدى ثلاثين عاما والذي أكدت أن العنف المرئي في التلفزيون يزيد من استجابه العدوانيه لدى المشاهدين بنسبه 10% أياً كان الوسط الاجتماعي والتعليمي

بل وأثبتت الدراسات أن برامج الاطفال التي تظهر مشاهد عنف أكثر من برامج الكبار ولا يخلو الأمر من افلام الرسوم المتحركة والتي تحوي 80 مشهد عنف في الساعه وفي دراسه في جامعه هاردفرد في بريطانيا على الأطفال دون السابعه وجد أن مشاهد الاعلانات التجاريه أدت لظهور عادات سلوكيه ذميمه مثل الطمع والالحاح على طلب السلع الاستهلاكيه بزياده خمسه أضعاف الأطفال الذين لايشاهدون الاعلانات علما بأن الاحصائيات تبين أن معدل اعلانات الثلاثين ثانيه التي يراها الطفل في العام الواحد تصل الى عشرين الف اعلان في السنه

ويستمر هذا التأثير على المراهقين ففي دراسه قام بها الدكتور جودرن غرايفمن أوضح أن بعض مشاهد العنف الذي يراها الشخص حتى وصوله إلى 18 من العمر تصل الى 200000 مشهد عنف و 40000 مشهد قتل وتشير الدراسات إلى أن هذا يؤدي الى حدوث تبلد تجاه العنف وتعود على مشاهدته بل وتسهيل اقترافه

توالت الدراسات على مدى 25 عاما لتؤكد العلاقه الطرديه بين ساعات مشاهدة التلفاز والاصابه بمرض السمنه وأحد هذه الدراسه دراسه اجريت على 50000 امرأة في متوسط العمر لمدة 6 أعوام فوجد أن لكل ساعتين تقضيها المرأة في مشاهد التلفاز كل يوم هناك زيادة بنسبه 23% من الاصابه بمرض السمنه و 14 % من خطر الاصابه بمرض السكري بل وأصبح هنالك دائرة مغلقه شريره بين مشاهدة التلفاز والاقبال على الأطعمه والمشروبات غير الصحيه وقلت الحركة

ماهي المشكله اذن لماذا يستمر الناس في مشاهدة التلفاز لساعات طويله ان العلماء الذي درسوا عبر العقود السابقه موضوع الاسراف في مشاهدة التلفاز وتأثيره على السلوك البشري خرجوا باجماع على أن التلفاز أصبح صوره من صور الإدمان

إن الوقت الذي يقضيه الناس أمام التلفاز هو مذهل حقا ففي الدول الصناعيه يكون الشخص الذي بلغ من العمر 70 عاما قد قضى 9 سنوات كامله أمام التلفاز وتشير الدراسات أن معدل المشاهدة في العالم العربي تفوق الدول الصناعيه

نعم ان هنالك فوائد جمه لكثير من البرامج التلفزيونيه التربويه والتعليميه والوثائقيه والبرامج المسليه الهادفه ولكن المخاطر كذلك كبيره وتكون الفوائد فقط للواعين الذي يعرفون كيف ينتقون البرامج ويحددون أوقات المشاهدة والفتره الزمنيه المسموح بها للمشاهده ،في اليوم مشهد واحد يقلبه الفتى وتقلبه الفتاه في مخيلتها مئات المرات أوقع تأثير في النفس وأكثر تغييرا على السلوك من مئات المحاضرات والدروس كل مشهد في التلفاز هو بذرة صالحه او طالحه ولابد لها ان تكبر وتنمو في النفس لتغير الانسان فلننتقي خير ماتقع عليه ابصارنا وتسمعه أذاننا ووتغذى به عقولنا كي نتغير الى الأفضل باذن الله يقول تعالى

: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا))[الإسراء:36