الحقوق محفوظة لأصحابها

مصطفى حسني
المُنصف هو الآخذ حقوق الناس من نفسه فهو بحق خليفة لله في الأرض، فكان جزاء المُنصف مجاورة النبي في أعلى عليين... كن عادلاً لتأتي على منابر من نور يوم القيامة على يمين الرحمن في صحبة ‫أهل الجنة

------------------

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى نور العلم والفهم، ونحن نمضي معًا في زيارتنا المُقدسة لأهل الجنة ونتسائل يا تُرى أين حجزت مكانك فيها؟ وإلى جوار مَنْ مِنْ أهلها؟ هل هو الحنون أم القنوع أم الوفي؟ ونجد أننا توقفنا عند باب المُنصف الذي يستحق أن يكون خليفة الله في الأرض.

أخلاق أهل الجنة:

المُنصف هو الآخذ حقوق الناس من نفسه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فيما روى عن اللهِ تبارك وتعالى أنَّهُ قال: "يا عبادي إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم مُحرَّمًا. فلا تظَّالموا"، ورغم كل الظلم من حول ذلك المُنصف إلا أنه قرر ألا يقف موقف الظالم، وألا ينظُر له الله وهو يظلم أحدًا أبدًا، فيكون في الجنة بجوار سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام سيد أهل الإنصاف، وفي جوار سيدنا علي ابن أبي طالب مَن علمنا الحق والإنصاف.

خطة الشيطان:

ومن الجنة إلى الأرض والصراع الأبدي بين الإنسان والشيطان، الشيطان ظالم، والظالم هو المُتعدي على حقوق الغير بما أوتي من قوة، وهدف الشيطان من وراء صناعة الظالم منا هو ميزان سيئات مليء بالذنوب التي لا يتجاوز الله عنها، والرغبة هي حسم النزاع بطريقة الشيطان خصوصًا لو أنك ذو جاه ومنصب، والتبرير أنه حقك كإنسان صاحب قوة أن تفعل ذلك وأن النزاع لن يُحل إلا بهذة الطريقة.

حصاد الشيطان:

علامات الظالم:

- الظالم المُسْتَعْبِد: هو الشخص الذي سخره الله لقضاء حوائج الناس فظلمهم، يقول الله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَ‌حْمَتَ رَ‌بِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَ‌فَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَ‌جَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِ‌يًّا وَرَ‌حْمَتُ رَ‌بِّكَ خَيْرٌ‌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} ]الزخرف: ٣٢[، وهذا التسخير للرحمة لا للذل واستعباد خلق الله.

- الظالم المُهَمِّش: يقول الله تعالى: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِ‌ينَ فِي الْأَرْ‌ضِ فَمَن يَنصُرُ‌نَا مِن بَأْسِ اللَّـهِ إِن جَاءَنَا قَالَ فِرْ‌عَوْنُ مَا أُرِ‌يكُمْ إِلَّا مَا أَرَ‌ىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّ‌شَادِ} ]غافر: ٢٩[، فظلم التهميش هو أن ترى أن الحق معك ولا رأي إلا رأيك، بل وتفرضه على الآخرين ظالمًا إياهم.

- الظالم العنيف: الشيطان أقنعه أن يحسم أي نزاع بالعنف، فقد خطب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فذكر النساءَ فقال: "علامَ يعمدُ أحدُكم فيجلدُ امرأتَه جلدَ العبدِ ولعلَّهُ يُضاجعها من يومِه" الراوي: عبد الله بن زمعة، أي يظلم ويضرب زوجته في النهار، ثم يطلب حقه الشرعي في نهاية اليوم.

حصاد الظالم:

- قسوة القلب: لكي تعيش ظالم يجب أن تُسْكِت ضميرك؛ لكي تأخذ حقوق الناس ولا يُعذبَك، إلى أن تصل ألا يكون في قلبك رحمة ويصبح قلبك قاسيًا.

- سوء الخاتمة: "إنَّ اللهَ تعالى لَيُمْلي للظالمِ، حتى إذا أخذَه لم يُفْلِتْه" الراوي: أبو موسى الأشعري، فمن يكن نصيبه دعوة مظلوم يقول لها الله: "وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّك ولو بعد حينٍ" فقد حكم على نفسه بسوء الخاتمة.

- عذاب الآخرة: قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} ]إبراهيم: 42[، وقال عليه الصلاة والسلام: "من كانت عندَهُ مظلِمةٌ لأخيهِ في دمٍ أو مالٍ, فليتحلَّلْها منْه قبلِ أن يأتي يوم ليسَ فيهِ درْهمٌ ولا دينارٌ, إلا الحسناتِ والسيِّئاتِ فإن كانت لَهُ حسناتٌ أُخِذَ من حسناتِهِ بقدرِ مظلِمتهِ, وإلَّا أخذَ من سيِّئاتِ صاحبِهِ فطُرِحت عليهِ ثمَّ طُرِحَ في النَّار" المحدث: الشوكاني.

صيدلية الذكر:

- صيدلية الذكر: "اللهم إني أعوذ بك من أن أكون لعبادك من الظالمين، وفي الأرض من المُفسدين، وفي الآخرة من المُعذَّبين".

نقدر نتغيّر:

- المبدأ: الظالم تجبرَ وافترى، وكان للشيطان يدًا، فعاش للخلق عدوًا، وعن الرحمن مُبعدًا.

- صيدلية الذكر: "اللهم إني أعوذ بك من أن أكون لعبادك من الظالمين، وفي الأرض من المُفسدين وفي الآخرة من المُعذَّبين".

- الخطوة العملية: وهي خُطوة تخيُلية، فلتتخيل زوال القوة التي كانت سببًا في ظلم الناس، فتعيش من المُنصفين.

مُحب الإنصاف يقوم بثلاثة أشياء:

دائمًا يُراجع نفسه في أي خلاف أو نزاع.

لا يظلم من ظلمه فهو لا يرد الظلم بالظلم.

لا يَجُرَّهُ النزاع إلى التعدي أبدًا، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّـهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِ‌مَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَ‌بُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ‌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ]المائدة: ٨[.