الحقوق محفوظة لأصحابها

مشاري الخراز
بسم الله و الحمدلله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه أما بعد

يروى أن شاباً عربياً فقيراً كان على دين و خلق و كان من عادته انه يغض البصر و لا ينظر إلى المحرمات

كان هذا الشاب يعيش في الولايات المتحده الأمريكيه وكان يصعد إلى طابق معين في إحدى ناطحات السحاب و يوجد في هذه الناطحه فتاه امريكيه جميله جداً معروفةٌ بينهم بجمالها و تلبس لباس فاتناً فيه تبرج شديد

و إذا صعد هذا الشاب العربي معها في المصعد لم يكن ينظر إليها كما ينظر إليها جميع الرجال الذين حولها و هي تستغرب منه بسبب ذلك

المهم في يوم من الأيام و في طابق معين نزل كل الأشخاص فبقي هذا الشاب لوحده إلى جانب هذه الفتاة الأمريكيه الحسناء و لما وجدت أنها بقيت لوحدها مع هذا الشاب الغريب الأطوار بالنسبة لها

شعرت بالإرتياب و استمر الشاب العربي في النظر جانباً مبعداً عينه عنها و بقيت محتارةً منه إنه لا ينظر إليها أبداً

ومن المعتاد عندهم في الغرب انهم يمزحون حتى مع الشخص الذين لا يعرفونه فسألت الفتاة الشاب العربي تقول له لماذا تلتفت إلى الناحية الأخرى ألهذه الدرجه انا لست جميله في نظرك؟

فقال: لا أدري إن كنتِ جميله أم لا

فقالت: و لماذا لا تدري؟

قال لإني لا أنظر إليك أصلاً

وقالت: و لماذا لا تنظر إلي ؟ لماذا لا تقترب إلى النساء في المصعد كما يفعل جميع الرجال

قال: اعوذ بالله اني اخاف الله تعالى ,

قالت :هل دينك هو الذي يمنعك من أن تنظر إلي ؟ ,

قال :نعم ,

فأرادت أن تتعرف على هذا الدين أكثر أرادت أن تسلم ولكنها في نفس الوقت مال قلبها إليه لأنها معجبة به و بوفائه و أرادت أن تكون على علاقة معه كما تفعل النساء في مجتمعاتهم و لكنه لا ينظر إليها أصلاً

فلما فاتحته بذلك أخبرها بأنه لا يرتبط بإمرأة إلا باالحلال فلم يكن لديها مانع إذا كان ترضى الإرتباط بالحرام فلن ترفض الإرتباط بالحلال و كانت فتاة ثريه فأسلمت و أحبته حباً شديداً لدرجة أنها كانت تسجل جزءاً من ثروتها بإسمه

سبحان الله انظروا كيف ان العلاقات في العاده تبدأ بسبب النظر و هذه العلاقه بدأت بسبب غض البصر فماذا كانت النتيجه رزقه الله زوجة جميلة و رزقه ثواب إسلامها و أغناه الله تعالى بالمال بعد أن كان فقيراً مغترباً قال الله تعالى

((فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُ‌وفٍ أَوْ فَارِ‌قُوهُنَّ بِمَعْرُ‌وفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّـهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ‌ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَ‌جًا ﴿٢﴾ وَيَرْ‌زُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِ‌هِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرً‌ا ﴿٣﴾))

( الطلاق 2و3)

غض البصر في عين كثير من الناس شيء صعب و مر كم من شاب احترق قلبه و أحس بألم بسبب النظر إلى المحرمات

كم من متدين ترك إلتزامه و تدينه بسبب تساهله بالنظر في الخلوه حتى قلت هيبة المعاصي في قلبه

كم من أمرأة صغر زوجها في عينها لكثرة ماتشاهده من أدوار الممثلين الوسيمين العاطفيين الذين يعيشون بشاعرية مع محبوباتهم في المسلسلات و الأفلام فترى أنها تعيش في نقص و أن زوجها مقصر

بل حتى الزوج يتخيل دائماً انه يحتاج إلى زوجة ثانية و أن زوجته ليست جميله بسبب انه طوال الوقت يشاهد أفتن الفاتنات فأمر طبيعي انه سيرى زوجته غير جميلة

إنه من المخجل ان نعصي الله تعالى بنفس النعمه التي أنعم بها الله علينا مع انه حرم البصر من غيرنا و أعطانا إياها فكيف يعطينا ربنا نعمة البصر ثم لا نعصيه إلا بنفس النعمه التي أنعم الله بها علينا , هل جزاء الإحسان إلا الإحسان !

وفوق هذا كله فإن أكثر من يتأذى نفسياً بهذا النظر هو أنت لأنك ترى شيئاً و لا تستطيع أن تصل إليه هذا عذاب و كلما نظرت أكثر زادت رغبتك أكثر

بعض الفتيات تشاهد في التلفاز شخصية تعجب بها حتى ولو لم يكن وسيماً إنها تتعلق بشخصيته فبما أنها تستمر بالمتابعه وتنظر و تتأمل فإنها ستتعب أكثر

ان كثيراً من الذين ينظرون إلى المحرمات يظنون أنهم عندما يستمرون بالمشاهده فإن ذلك سيروي عطشهم و سيسعدهم و هذا وهم و الله يتوهمون أن ذلك يخفف عنهم

الآن لو وضعنا شخصين في سجن المسجون الأول منعنا عنه الطعام فقط

والمسجون الثاني وضعنا الطعام أمام عينه خارج الزنزانة يراه و يشم رائحته و لكنه لا يستطيع أن يأكله

من سيتألم أكثر ؟ الأول أم الثاني ؟

طبعاً الثاني لا شك أنه سيتألم أكثر

فإذا زاد الرجل من هذا النظر فإنه سيتعب و إذا زادت الفتاة من هذا النظر و التعلق فإنها ستتعب

قال ابن القيم رحمه الله : النظره سهم مسموم من سهام ابليس و النظره الثانيه أشد سماً فكيف نتداوى من السم بالسم ؟

ثم قال رحمة الله عليه و لو أنه غض بصره من أول نظره لاستراح , نعم و الله

بعضهم لا يترك شاردةً ولا واردةً الا نظر إليها , ينظر إلى كل مايفتنه في الفضائيات و في الإنترنت و في الشارع و في كل مكان و لا يمتنع عن اي شيء

يا أخي إرحم نفسك إرحم نفسك و الله قلبك لا يستحمل ذلك ,

أَعَيْنَيَّ كُفَّا عَنْ فُؤَادِي فَإنَّهُ ... مِنَ الْظُلْم ِ سَعْيُ اثْنَيْن ِ في قَتْل ِ وَاحِد

* * *

لو سمحت إحفظ هذه القاعده المهمه إحفظها الصبر على ماقبل النظره أسهل بكثير من الصبر على مابعد النظره

ماذا يعني هذا الكلام ؟

كلنا يعلم أن مقاومة النظر إلى المحرمات يحتاج إلى صبر و هذا الصبر مؤلم و لكنني لو نظرت إلى المحرمات و الشهوات فإنني سأحتاج بعد ذلك أن أصبر على نفسي لماذا؟ لأنني أثرتها بمناظر لا أستطيع الوصول إليها

وهذا يؤلم أكثر بأضعاف مضاعفه من ما لو أني صبرت في البدايه صبراً بسيطاً فلم أنظر و إنتهى الأمر ,ففعلاً ألم مابعد النظر أصعب من ألم غض البصر ,

إن الذين يغضون أبصارهم و يبتعدون عن الشهوات المحرمه هم أريح الناس نفساً وأشرحهم صدراً لا يتعبون بالسهر و التفكير ليلاً و لا يتألمون بالنظر نهاراً فهم مرتاحون و راضون ومرضيون أرضوا ربهم و أراحوا نفسهم فمن مثلهم ؟

هل تظن أن أعلى شيء سيصل إليه من غض بصره أنه سيرتاح ؟ لا إن سقف إمتيازاته أعلى من ذلك بكثير و انا لا أقصد مايحصل عليه في الآخره لا بل مايحصل عليه نفسياً في الدنيا قبل الآخره

إنه ليس فقط سيرتاح بل انه سيجد لذه في صدره يعطيها الله إياه فور غضه للبصر

و الذين يغضون أبصارهم يعرفون عن ماذا أتكلم أنا الآن و هذا ليس بغريب عن الله عز وجل أن يعطيك لذه في صدرك هي أحلى من لذة النظر

قال رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم

(( من تركَ شيئًا للهِ ، عوَّضهُ اللهُ خيرًا منه ))

الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: حجاب المرأة - الصفحة أو الرقم: 49

خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

سيعطيه سبحانه الراحه من عدم التفكير بالشهوة و ايضاً سيعطيه فوق ذلك سعاده في قلبه لأن الله تعالى قال

(( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِ‌هِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُ‌وجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ‌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) ﴿النور / ٣٠﴾

أزكى لهم يعني أطهر و أفضل ,و صدق ربنا والله هو أزكى لهم بل لا يوجد شيء أزكى من ماقال الله تعالى عنه انه أزكى ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق منه حديثاً

قد يقول قائل كيف يكون غض البصر أسعد لي أنا مانظرت النظر شهوه و لذه فكيف يكون عدم النظر لذه و انا أصلاً مانظرت ؟

سأضرب لك مثالاً فلنفرض الآن لو وجد شخصان صائمان في نهار رمضان أحدهما شرب شربة ماء واحده ما أشبعته و لا أغنته لكنه أفطر في رمضان و الآخر بقي صائماً من منهما سيفرح عند الإفطار ؟

الآن كلاهما جائع و لم يأكل لكن هذا صيامه صحيح و هذا صيامه غير صحيح من الذي سيفرح عند الإفطار ؟

لا شك أنه الصائم كما قال رسول الله صلى عليه و على آله و سلم (للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحةٌ عند لقاء ربه )

هذا أمر خارج عن حدود الحسابات الرقميه هذا أمر روحاني رباني

فكذلك الذي يغض بصره و الذي لا يغض بصره كلاهما لم يحصل على شهوته كامله لكن الأول يعيش في راحه و الثاني يتألم و الإختيار لك في النهايه

كثير من الناس بعد هذا يريد ان يعرف الحل ماهو الحل ؟ كيف استطيع ان اغض بصري ؟

توجد خطوات معينه يمكنك أن تفعلها وستساعدك على غض بصرك و لن يكون بعدها غض البصر صعباً بالنسبة إليك بإذن الله تعالى

أبشر ولكن أرجو أن تتابعنا في الحلقة القادمة

الوقت إنتهى , نراكم إن شاء الله عز وجل

:: مع الشكر لفريق التفريغ في منتدى الشيخ محمد العريفي http://3refe.com/vb