الحقوق محفوظة لأصحابها

مصطفى حسني
---------------------------

بسم الله والحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله, نُكمل رحلتنا لزيارة أهل الجنة، وقد خلق لنا الله الدنيا وما فيها لنتمتع بها, ونحن نسير في الجنة بقلوبنا وجدنا باب العَفُوّ والمتسامح الذي لا ينتقم، قال تعالى: "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا" (النور:22).

أخلاق أهل الجنة:

الشخص العَفُوّ والمتسامح سَمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن سيدنا موسى "قال يا ربي من أعز خلقك عليك, قال يا موسى أعز خلقي عليّ من إذا قدر غفر" فقرر أن يعفو ويسامح, وبذلك يكون في الجنة بجوار النبي؛ لأنه من أكثر الشخصيات تسامحًا، وقد عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عن السيدة اليهودية التي وضعت له السِّم في الشاه لتقتله, كذلك يكون بجوار سيدنا معاوية بن أبي سُفيان الذي كان يَعْفُو عند المقدرة. والفرق بين العَفُوّ والمتسامح، هو أن العَفُوّ شخص قرر أن يبحث عن عَفْو الله في ترك حقه، أما المُتسامح فهو شخص يأخذ حقه من غير أن يسمح لنفسه أن تحقد, أو تكره, أما المُنتقم فهو غضبان يرُد الإيذاء بالزيادة والتجاوز.

خطة الشيطان:

يستهدف الشيطان رغبة عند الإنسان وهي القصاص, فكل شخص يُحب أن يأخذ حقه، والقصاص يكون إما بالحق والعدل فتكون عبد رباني أو بالانتقام والافتراء، فتصبح عبد شيطاني ويبرر الشيطان ذلك ويُسْكِت ضميرك بإقناعك بأنك لا تنتقم, إنما تُحقق العدالة. هدف الشيطان أن يجعل المجتمع مليء بالانتقام، ونزع الإنسانية من نفوس المؤمنين وبث قانون الغابة، وأن الانتقام والبقاء للأقوى؛ حتى يكثُر الظلم والعدوان في الموازين عند الله يوم الحساب.

حصاد الشيطان:

أنواع المُنتقم:

-المُنتقم المُتَمَكِّن: إذا كان الشخص المُنتقم هو الأكثر في الإمكانيات.

-المُنْتَقِم العاجز: إذا كان الشخص المُنتقم هو الأقل في الإمكانيات.

علامات المنتقم:

انتقام إيذاء السمعة: أي نشر الإشاعات بهدف إيذاء سمعة الشخص.

2- انتقام إيذاء الممتلكات: أن يريد الشخص إيذاء الممتلكات, والجسد, فسيدنا عُمر بن الخطاب عندما رأى عدد كبير من العمالة أراد أن يقنن بعض الأُجور؛ فأصدر قوانين ضايقت لؤلؤة المجوسي فتوعد له وانتقم من سيدنا عُمر فقتله.

3- الذل أمام الخلق: أي أن يَذِل الإنسان الذي يُريد أن ينتقم منه أمام الناس, كامرأة العزيز أرادت أن تَذِل سيدنا يوسف فأدخلته السجن؛ لأنه رفض أن يراودها عن نفسها.

حصاد المنتقم:

1- التعوُّد على لذة الإيذاء: فالانتقام يُقسِّي القلوب, ويُقنع الشيطان الشخص المُنتقم أن الانتقام هو الذي يُشفي غليل صدره فيؤدي ذلك لانتشار العنف بين الناس.

سيادة قانون الغابة: لا يوجد عَفْو ولا تسامح, تُوجد الأنا وسيادة الانتقام.

3- آخرة المُنتقم: فالمُنتقم يَظْلِم ويهين ويقسو بحثًا عن حقه, وعاقبته كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف "للنارِ بابٌ لا يدخُلُ منهُ إلاَّ من شفى غيظَهُ بسخَطِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ" رواه عبد الله بن عباس.

نقدر نتغيّر:

-المبدأ: المُنتقم جلاد الشيطان يضرب بسوط الظلم والإيذاء.

- صيدلية الذكر: "اللهم ارحم قلباً قد ظلم واشفِ نفسًا أرادت أن تنتقم يا أولى من عفا ورحم".

- الخطوة العملية: هناك مظالم لا نستطيع العفو فيها؛ لذلك خُذ حقك ولكن حاول بعد أن تأخذه تنزع من قلبك بقايا الكراهية وسامح من حولك.

جنة العَفُوّ والمتسامح:

هو شخص أخذ قرار أن يستعين بالله وأن يفعل ما يحبه الله وهو العَفو والتسامح, فتخلق باسم الله العَفُوّ وصار آمناً يوم القيامة ونُزع منه الخوف.