الحقوق محفوظة لأصحابها

طارق السويدان
هناك من يريد أن يعلي من شان أمة العرب ويلغي دور الإسلام في ريادتها فيهمش مساوئ الجاهلية التي كان يعيش فيها العرب .. تمهيدا لإنكار دور الإسلام في النقلة الحضارية التي صنعها؟

فكيف تعامل الإسلام مع مساوئ الجاهلية وعالجها؟

وإلى أي مدى كانت تلك العادات متمكنة منهم؟



الكفر والجاهلية:

من المهم هنا أن نفرق بين مصطلح الجاهلية والكفر فوصف شخص او مجتمع بالجاهلية لا يعني بحال تكفيره وحين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "إنك امرؤٌ فيك جاهلية" ، يعني التلبس بصفة من صفات أهل الجاهلية، وهي التعيير بالأنساب، ويعلق ابن تيميـة رحمه الله على ذلك فيقول: "وفيه: أن الرجل - مع فضله وعلمه ودينه - قد يكون فيه بعض هذه الخصال المسماة بجاهلية، ويهودية، ونصرانية.. ولا يوجب ذلك كفره ولا فسقه" .( اقتضاء الصراط المستقيم: 75)



تابع عيوب الفكر الجاهلي:

6. وأد البنات:

كانت هذه الظاهرة نادرة الحدوث في زمن السلم. لكن البعض كان يمارسها زمن الحرب اجتنابا للوقوع في ايدي الأعداء. حيث ان الجاهلي كان يعتبر السبي طعنة في شرفه. وعندما جاء الإسلام حرمها .

قال تعالى :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُون ﴾ [النحل: 57 - 59].

ومن مأثور قولهم لمن رزق بأنثى : (آمنكم الله عارها ، وكفاكم مؤنتها ، وصاهرتم القبر)!!

وفي المقابل كان هناك من يفتدي البنات من الوأد ومنهم صَعْصعة بن ناجية التَّميمي، فقدْ كان يتلمَّس مَن مسَّها المخاض، فيغدو إليها، ويستوهِب الرجلَ حياةَ مولودة إنْ كانت بنتًا على أن يبذلَ له في سبيلِ ذلك بعيرًا وناقتَين عشراويَيْن، فجاء الإسلامُ وقد افتدَى أربعمائة وليدة..

ومن المهم هنا أن نبين كذب الرواية عن وأد عمر - رضي الله عنه - لبعض بناته ، لأن من المعلوم أن أول امرأة تزوجها عمر - رضي الله عنه - هي زينب بنت مظعون أخت عثمان كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير : قال الواقدي وابن الكلبي وغيرهما تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون فولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وحفصة رضي الله عنهم . وكان ميلاد حفصة قبل البعثة بخمس سنين كما جاء في المستدرك وغيره عن عمر رضي الله عنه قال : ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين ، ولهذا فهي أكبر بنات عمر ولم يئدها ، فلماذا يئد من هي أصغر منها؟ ولماذا انقطعت أخبار من وئدت فلم يذكرها أحد من أقاربها ولم نجد لها ذكرا في أبنائه؟ فقد سموا لنا جميعا وسمي لنا من تزوجهن عمر في الجاهلية والإسلام ، ولم نقف فيما اطلعنا عليه من المراجع على شيء يوثق به في هذا الأمر ، ولو كان عمر - رضي الله عنه - ممن فعل ذلك في جاهليته لما كان عليه فيه مطعن ولا مغمز في الإسلام ، إذ الإسلام يجب ما قبله وقد كانوا في الجاهلية مشركين يعبدون الأصنام ، ولا ذنب أعظم من الكفر وعبادة الأصنام ، فواضح أن هذه الرواية باطلة مكذوبة.



تابع عيوب الجاهلية

ثانياً: الظلـــم

‌أ. ‌الرقيق

كان مألوفًا أن تتخذ القبائل المنتصرة من أطفال ونساء القبائل المهزومة عبيدًا وجوارى، وكان بعض مشاهير مكة مثل عبد الله بن جدعان من تجار الرقيق



ب. القسوة :

تمثلت قسوة الجاهلية في قصة في أصحاب الأخدود، الذين أضرموا النيران، وخدوا الأخاديد في أفواه السكك، وجنبات الطريق، وكان ذلك حينما آمن الناس بما جاء به الغلام المؤمن، فكان من لم يرجع عن دينه يقحم في النار، فتنهش جسده نهشا، حتى لا يرى إلا فحمة أو رمادا، ولقد جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع في النار، فقال لها الغلام: (يا أماه، اصبري فإنك على الحق) [القصة رواها مسلم في صحيحه]قال تعالى : (قُتِلَ أَصْحَـٰبُ ٱلأُخْدُودِ ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ [الفجر:4-8].

وهذه القسوة الجاهلية لم تنتهي حتى الوقت المعاصر وما فعله البوذوين في مسلمي الوهنجيا لا زالت تتكرر.!!



ج. قطع الطريق :

كان العرب في الجاهلية يغزو بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، ويقطعون الطريق لأتفه الأسباب ، وكان قطع الطريق يمثل جزءا معتبرا من اقتصاد الجاهلية فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال ، وتنتعش تجارة الرقيق.

حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم في علامات ظهور هذا الدين : (واللهِ ليُتمَّنَّ هذا الأمرُ حتَّى يسيرَ الرَّاكبُ من صنعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لا يخافُ إلَّا اللهَ والذِّئبَ على غنمِه).



د. الربا :

العجيب أن اهل الجاهلية اعتبروا أن الربا هو الأصل ولذلك لم يشبهوا الربا بالبيع بل شبهوا البيع بالربا قال تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).



ثالثاً سوء الخلق

‌أ. الزنا

عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت : إَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ :

ـ فَنِكَاحٌ مِنْهَا : نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا .

ـ وَنِكَاحٌ آخَرُ : كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ .

ـ وَنِكَاحٌ آخَرُ : يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ .

ـ وَنِكَاحُ الرَّابِعِ : يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمْ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ .

فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ .(صحيح البخاري)

وكانت البيوتات الكبيرة والشريفة تأنف من الزنا ففي حديث النبي وهو يبايع النساء بعد فتح مكة : قال عليه الصلاة والسلام : (ولا تزنين) ، فردت هند بروح المرأة الصادقة الأبية : (وهل تزني الحرة ؟!).



ب. الميسر:

سمي الميسر من اليسر لسهولة ويسر الحصول على المال من القمار بلا تعب.

وهو :صرف ما آلت ملكيته إلى أحد الجانبين بمجرد الحظ والصدفة.

كان الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَقُولُ أَيْنَ أَصْحَابُ الْجَزُورِ فَيَقُومُ نَفَرٌ فَيَشْتَرُونَ جَزُورًا بَيْنَهُمْ فَيَجْعَلُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَهْمًا ثُمَّ يَقْتَرِعُونَ فَمَنْ أَصَابَ الْقُرْعَةَ بَرِئَ مِنَ الثَّمَنِ حَتَّى يَبْقَى آخِرُهُمْ فَيَكُونُ ثَمَنُ الْجَزُورِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي اللَّحْمِ نَصِيبٌ.



ج. الخمر:

الخمر:اسم لكل ما خامر العقل وخالطه فغيره فمنعه من التفكير السليم.

كانوا يشربون الخمر في إسراف، ويجعلونها من المفاخر التي يتسابقون في مجالسها ويتكاثرون؛ ويديرون عليها فخرهم في الشعر ومدحهم كذلك!.



د. السرقة:

كانت أخلاق العرب قد ساءت ، وشاعت فيهم الغارات وقطع الطريق على القوافل ، وسفك الدماء ، والأخذ بالثأر ، واغتصاب الأموال ، وأكل مال اليتامى.

أن القطع كان في الجاهليّة، وأول من حكم بذلك هو الوليد بن المغيرة، وأقرَّه الإسلام.



ميزان الحلقة:

هؤلاء الذين يئسوا من الإصلاح عليهم أن يتأملوا كيف حدثت نقلة امة العرب من الجاهلية للإسلام

http://www.suwaidan.com/node/6603