الحقوق محفوظة لأصحابها

مشاري الخراز
محبه الاقصي

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اما بعد يروى ان نجاراً ماهراً كان لا مثيل له في روعة صنعته ,وقد تقدم به العمر وطلب من رئيسه في العمل وصاحب المؤسسه أن يحيله الى التقاعد , ليعيش ما تبقى من عمره مع زوجته وأولاده , في البدايه رفض صاحب العمل طلب النجار , وحاول ان يغريه بالاستمرار في عمله عن طريق زيادة راتبه , إلا ان النجار رفض وأصر على طلبه , وعندما لم يجد صاحب العمل مفر من اجابة طلبه حاول أن يحصل على مكسب اخير من هذا النجار ,

فقال له , لي رجاء اخير , أريدك ان تبني منزلاً أخيراً تربح منه المؤسسة , ثم بعد ذلك ساحيلك للتقاعد ,

وافق النجار وهو كاره , وبدأ في عمله , ولعلمه ان هذا هو البيت الاخير الذي سوف يبنيه لم يحسن النجار صنعته فيه و أسرع في الأنتهاء هكذا دون تحقيق الجوده المعروفه عنه في السابق , وعندما أنتهى النجار العجوز من البناء سلم صاحب العمل مفاتيح المنزل الجديد , وطلب منه الآن السماح بالرحيل كما هو الاتفاق , الا ان صاحب العمل فاجأه وقال له هذا المنزل هديتي لك , تعويضاً عن بيتك القديم المتهالك , ونضيراً لعملك مع المؤسسه بإخلاص وتفاني , النجار صعق بالمفاجأه , لو كان يعلم هذا النجار أنه سيبني هذا المنزل لنفسه لما توانى عن الإخلاص في اداء العمل سبحان اللهأخواني اخواتي في كل حلقه من حلقات البرنامج كنا نتكلم عن كيفية أستشعار حلاوة عباده معينه , اليوم الامر مختلف , سنتكلم عن عباده إذا اتقنتها فسوف تتلذذ بجميع العبادات , وعلى هذا فيمكنك ان تعتبر هذه الحلقه من اهم حلقات البرنامج , هذه العباده هي "الإخلاص " أذا طبقت قوانين الإخلاص فستعيش أحلى حياه , ليس مع العبادات فقط , بل مع كل حركة في حياتك اذكر اننا اقمنا في السابق دوره عن الإخلاص , يقول احد المشاركين فيها : والله لذة الإخلاص لا توصف , اليوم اول مره اعرف انها هكذا ,

شخص أخر كان يبعث لي برسالة بالهاتف , يقول فيها : انا الان في قمة السعاده , والله هذه هي حلاوة الايمان , اخر مشاركه اسمحو لي انقلها لكم هي من أحد الشباب , يقول والله إن الاحساس لا تصفه الكلمات , إذا كأنت هذه هي البدايه فكيف بما سياتي , أنتهى كلامهأي والله و ما أحلى الإخلاص , صدقني لن تجد شيئاً في قلبك أحلىولا ألذ من الإخلاص , الإخلاص ان تكون اعمالك كلها لله وعباداتك كلها لله , لا رياء ولا سمعه , فأنت تحسن الى والديك سواءً فضلوك على اخوانك أو اخواتك أو انهم فضلو اخوانك عليك , لا يهم , أنت تتصدق على الفقراء سواء عرف الناس ام لم يعرفو اهم شي ان يكون الله تعالى قد علم به , اهم شيئ ان الملائكه سجلت عملي ثم بعد ذلك لا يهمني احد , لا تظهر حسن اخلاقك امام اصحابك أوأهل زوجتك لكي يحسنو التعامل معك , لا , بل أظهر لهم اخلاقك سواءً احسنوا اليك أم لم يحسنوا , أهم شي هل الله عز وجل راضٍ عني ام لا , إذا كنت قد أرضيت الله فكل شي سواه لا يهم اذا صح منك الود فالكل هين ** وكل الذي فوق التراب تراب فليتك تحلو والحياة مريرة ** وليتك ترضى والانام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر ** وبيني وبين العالمين خراب اي والله , مالذي تريده من الناس اهم شي ان تدخل أنت الجنه , حتى لو ما مدحك احد ما يهم , سواءً عرف المدير انك مجتهد أم لا , سواءً عرف المسؤل انك لم تخطأ او لم يعرف , في النهايه ألست متاكداً ان الله تعالى يعلم عنك , فقط , هذا هو المطلوب , المخلوق لن يعطيك قدرك , لن يعطيك حقك , أما ربنا سبحانه فانه اكثر من يعلم عنك , ويعلم ماذا تستحق , , وهو سيعطيك اكثر مما تستحق , قال تعالى {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ‌ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿١٦٠﴾} (الأنعام / 160)

اذا كنت دائماً تفكر بهذه الطريقه فلن يحزنك شيء , , ولن تهتم لاي أحد لن يعطيك قدرك , لانك أصلا لم تعمل لأجله , وقليل من الناس من يعيش هكذا , لان كثيراً من الناس يحسن الى أهله , يحسن الى والديه أو الى اصحابه , يحسن في العمل , ثم لا يجد التقدير فيتوقف عن الاحسان , والمفروض أنه لا يتوقف , لماذا ؟ لانه اصلاً لم يعمل لأجلهم بل لأجل ان يحصل على ثواب هذا الاحسان ,

فأهم شيء

هل أنت حصلت عى أجرك من الله أم لا ؟اذا كنت قد حصلت عليه فالامر قد أنتهى , هذا هو الإخلاص , أن تكون أعمالك كلها لله , بدون أن تعملها لأجل اي شيء آخر .

هل سألت نفسك مرة , ماذا سيحدث لي إذا أخلصت ؟ أولاً الإخلاص ليس على درجة واحده , بل على درجات , فاذا زاد الإخلاص في قلبك فانك ستعامل معامله خاصة من الله تعالى , لا كغيرك من الناس , وهذه المعاملة الخاصة تكون في ثلاثة أمور , :

أولاً الاعمال الصالحه التي تفعلها بإخلاص ستحصل مقابلها على حسنات أكثر بكثير , حتى لو كان هذا الشخص قد عمل مثل عملك بالضبط فستحصل أنت على اجر أكبر , قال عبدالله بن المبارك " كم من عمل صغير عظمته النيه , وكم من عمل كبير صغرته النيه " فالصحابه يفعلون مثل الافعال التي يفعلها كثير من أهل زماننا هذا ولكن أجورهم أعظم , لان الإخلاص الذي كان في قلوبهم كان أعظم , قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :

لا تَسُبُّوا أصْحَابِي ، فلَوْ أنَّ أَحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أحدٍ ذهبًا ، ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَهُالراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3673

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]يعني لو أنفقنا مثل جبل أحد ذهباً فلن نساوي بالاجر مثل ما أنفق هو بكمية مد اليد من الصدقه ولا حتى نصف المد لهذا قال المُزني رحمه الله تعالى , أبوبكر رضي الله عنه , ابو بكر الصديق , ماسبقهم بكثرة صيام ولا صلاة , ولكن بشيئ وقر في صدره "

أما المعامله الخاصه الثانيه التي تكون للمخلص , انه حتى لو وقع في السيئات فانه يتجاوز عنه أكثر من غيره , له معامله خاصه حتى لو وقع في السيئات ,

قال بعض العلماء :والنوع الواحد من العمل قد يفعله الانسان على وجه يكمل فيه إخلاصه فيغفر فيه كبائر ,

كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن البغي من بغايا بني اسرائيل التي سقت كلباً فشكر الله لها فغفر لها , يقول العلماء لقد حضر في قلبها "في قلب هذه البغي من الإخلاص ما لا يعلمه الا الله تعالى , لهذا غفر لها , وإلا ليس كل بغي سقت كلباً يغفر لها , ان من العدل ان لا يعامل الناس جميعاً معامله واحده , بل كل انسان يعامل بحسب قلبه وتاريخه , فانظر ماذا تحمل في قلبك المعصيه , وعلى أساسها ستكون المعامله ,

قال بن القيم رحمه الله عليه " الكبيرة من الكبائر قد والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر , وقد يقترن بالصغيره من قلة الحياء وعدم المبالاه وترك الخوف والاستهانه بهذه الصغيره ما يلحقها بالكبائر , بل يجعلها في أعلى رتب الكبائر هذا أمرٌ مرجعه إلى مايقوم في القلب "

يقول إبن القيم : فانه يعفى للمحب ولصاحب الاحسان العظيم ما لا يعفى لغيره ويسامح بما لا يسامح به غيره " أنظر الى موسى عيه السلام , رمى الالواح التي فيها كلام الله فكسرها , وجر لحية نبي وهو هارون عليه السلام , ولطم عين ملك الموت , وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد صلى الله عليه وسلم , ورغم ذلك فإن ربه تعالى يحتمل له ذلك ويحبه ويكرمه ويدلله , لانه قام لله مقامات عظيمه في مقابلة فرعون وعالج بني اسرائيل اشد المعالجه فكأنت هذه الامور كالشعره في البحر , ولكن انظر الى يونس عليه السلام , حيث أنه لم يكن له مثل هذه المقامات التى كأنت لموسى عليه السلام فلما غاضب ربه مره أخذه سبحانه فسجنه في بطن الحوت , ولم يحتمل له ما أحتمل لموسى وفرق بين من إذا أتى بذنب واحد ولم يكن له من الاحسان والمحاسن ما يشفع له وبين من إذا اتى بذنب جاءت محاسنه بكل شفيع كما قيل واذا الحبيب أتى بذنب واحد ** جاءت محاسنه بألف شفيع وكل ما كان توحيد العبد أعظم , كأنت مغفرة الله له اتم , أنتهى كلام إبن القيم رحمة الله عليه ,

وأما المعامله الخاصه الثالثه التي يعطيها الله تعالى للمخلص فهي السعادة التي سيشعر بها في الدنيا قبل الاخره قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم(مَن كانتِ الآخرةُ هَمَّه . جعل اللهُ غِنَاه في قلبِه وجَمَع له شَمْلَه ، وأَتَتْه الدنيا وهي راغمةٌ ، ومَن كأنت الدنيا هَمَّه . جعل اللهُ فقرَه بين عَيْنَيْهِ ، وفَرَّق عليه شَمْلَه ، ولم يَأْتِهِ من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له )

الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6510

خلاصة حكم المحدث: صحيحلقد كان الصالحون في السابق يحرصون على أن لا يحس بعبادتهم أحد الا الله , في احدى المرات بكى أيوب السختياني ,من خشية الله تعالى فأخذ بانفه وقال : ربما هذا زكام " لا يريد ان يعرف احد انه يبكي ,

مرة من المرات بكى فحاول أن يوقف بكائه فلما لم يملك نفسه قام , لكي لا يعلم به أحد , يقول محمد بن واسع " لقد ادركت رجالاً كان الرجل يكون رأسه ورأس أمراته على وساده واحده , وهو قد بلل ماتحت خده بالدموع ولا تشعر به امراته

ولقد أدركت رجالاً كان احدهم يقوم في الصف فتسيل دموعه على خديه ولا يشعر به الذي الى جنبه , الله أكبر ,

أستمعو اليهم الان في المساجد كيف أنهم يصرخون صراخاً بالبكاء والاولى أن يخفي الانسان طاعته , قال رسول الله صلى اله عليه وعلى آله سلم :

(إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ العبدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ)

الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1882

خلاصة حكم المحدث: صحيحخفاء , لا يشعر به احد أخواني , اخواتي , إذا علمنا كل هذا فما المانع أن نخلص لله تعالى , إن االإخلاص ليس فيه جهد بدني ولا تعب , أنت لا تحتاج ان تركض من أجل أن تخلص , بقية العباده تحتاج الى جهد , كالصلاه والصيام , أو الى نفقة كالصدقة , أو الى سفر وتعب كالحج , ولكن الإخلاص لا يحتاج الى كل هذا , المساله تحتاج الى نيه فقط , ولكن توجد مشكله لدى بعض الناس , وهي أنه دائما يشعر ويخيل اليه أنه يرائي يرائي , دائماً يقول له الشيطان , أنت لست مخلصاً , وهو قد تعب من ذلك , فماذا يفعل ؟

سنذكر الحل مع علاج كامل لمشكلة الرياء , لكن إسمحوا لي ان يكون ذلك في الحلقة القادمة باذن الله تعالى .

::: مع الشكر لفريق التفريغ في منتدى الشيخ محمد العريفي http://3refe.com/vb