الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد عبد المعطي
شرح متن الآجرُّوميَّة

لفضيلة الشيخ محمد عبد المعطي

الدرس (4)

الحمد لله الرافع مَن يشاء، والخافض مَن يشاء، فاللَّهمَّ ارفعنا بالقرآن، نحمده -سبحانه تعالى- في كلِّ آنٍ، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك وله الحمد يُحيي ويُميت وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ.

﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: 3].

وأشهد أنَّ سيد الورى والنبي المصطفى المُجتبى سيدنا محمد الذي بعثه الله على فترةٍ من الرسل بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا مُنيرًا، فأدَّى الأمانة كأعظم ما يكون الأداء، وبلَّغ الرسالةَ كأتمِّ ما يكون التبليغ.

اللَّهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آل بيته الكرام، وعلى أصحابه الأعلام، وارضَ اللَّهمَّ عمَّن تبعهم بإحسانٍ ما تعاقب الملوان.

وبعد، فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71].

فاللَّهم اجعلنا وإيَّاكم من الفائزين.

وبعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

مُشاهديَّ الكرام في كلِّ مكانٍ من أرض الإسلام؛ هذه هي الحلقة الرابعة من العشر في شرح متن الآجُرُّوميَّة.

وقد توقَّفنا في اللِّقاء الثالث عند جوازم المضارع، وحدَّثناكم قبلًا أنَّ الفعل إمَّا ماضٍ أو مضارع أو أمر، والماضي دائمًا مبنيٌّ على الفتح الظاهر كـ"جلس"، أو المُقدَّر كـ"رأى، ورأيتُ".

وأمَّا الأمر فمبنيٌّ عند البصريين الذين جعلوه قسمًا مُستقلًّا، وبناؤه على السُّكون أو الفتح أو حذف النون أو حذف حرف العلَّة. ووضَّحنا ذلك -بفضل الله تعالى.

وأمَّا المضارع فله حالتان: حالة إعراب، وحالة بناء.

فيُبنى إذا اتَّصلت به نون التوكيد المباشرة، ثقيلةً كانت أم خفيفةً، ونعرف كونها مباشرةً من انفتاح ما قبلها.

أمَّا إذا لم يكن ما قبلها مفتوحًا؛ فالفعل المضارع مُعرَب.

كما يُبنى على السُّكون إذا اتَّصلت به نون النِّسوة.

وليس معنى كونه مبنيًّا أنَّه ليس له محلٌّ من الإعراب؛ بل إنَّ له محلًّا من الإعراب؛ لأنَّه قائمٌ مقام مُعرَب، وقد وضَّحنا بالأمثلة كيف أنَّه يكون في محل رفعٍ أو نصبٍ أو جزمٍ.

وأمَّا إذا لم تتصل به النونان أو اتَّصلت به نون التوكيد غير المباشرة؛ فإنَّه حينئذٍ يُعرَب.

وبيَّنا أنَّه مرفوعٌ ما لم تدخل عليه أداةُ نصبٍ أو أداةُ جزمٍ.

ثم ذكرنا أنَّ نواصب المضارع أربعة عند البصريين، هن: "أن، ولن، وكي، وإذن".

أمَّا الكوفيون فزادوا على ذلك ستة، هنَّ:

"لام كي": وهي المُسماة لام التَّعليل أو العاقبة، وفرَّقنا بين التعليل والعاقبة؛ لأنَّ التعليل مباشر، أمَّا العاقبة فغير مباشرةٍ.

كذلك "لام الجحود": وهي المُسبقة بكونٍ ماضٍ ناقصٍ منفيٍّ، كقول الله -عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال: 33].

كذلك يُنصَب عندهم بـ"حتى"، مثل: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة: 214]، وبفاء السَّببية، وبواو المعيَّة، وبـ"أو".

وقلنا إنَّ المضارع في الحقيقة مع هذه الستة منصوبٌ بـ"أن" مُضمرة جوازًا أو وجوبًا؛ لأنَّ "أن" أم باب النَّواصب، وحق الأم أن تُعطى زيادة على أبنائها.

فالمضارع منصوبٌ بـ"أن" المُضمرة بعد هذه الستة جوازًا أو وجوبًا على تفصيلٍ ليس هذا محله.

ثم توقَّفنا عند الجوازم، وقسَّمنا الجوازم إلى قسمين:

- قسمٌ يجزم فعلًا واحدًا:

وهذا القسم كله أحرف، وقلنا إنَّها أربعة: "لم"، ومثلها في ذلك "ألم"، فـ "ألم" ليست جازمًا مُستقلًّا؛ إنَّما "ألم" كلمتان: الهمزة للاستفهام، و"لم" هي الجازمة التي تُفيد النفي والقلب، أي تقلب زمن المضارع من الحال أو الاستقبال إلى المُضي.

مثال "لم": ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: 1].

ومثل قوله تعالى على لسان مريم البتول -عليها السلام: ﴿وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾ [مريم: 20].

ومثال "ألم" قول الشاعر:

أَلَمْ أَكُ جَارَكُمْ وَيَكُون

بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْأُخُوَّةُ وَالْوَفَاءُ

"أك" هنا مضارع مجزوم بـ"لم" المسبوقة بالهمزة التي تُفيد التقرير، وعلامة جزمه السُّكون على النون المحذوفة تخفيفًا؛ لقول ابن مالك:

وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ

تُحْذَفُ نُونٌ وَهْوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ

الجازم الثاني: "لما"، كقوله تعالى: ﴿كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: 23]، ومثلها في ذلك "ألما"، كقول الشاعر:

عَلَى حِين عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا

فَقُلْتُ: أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْبُ وَازِعُ

"أصحُ" فعل مضارع مجزوم بـ"لما" لا بـ"ألما"؛ لأنَّ الهمزة كلمة مُستقلة، حرف استفهام، مجزوم بـ"لما"، وعلامة جزمه حذف حرف العلَّة وهو الواو، والضَّمة دليلٌ على هذا الحرف المحذوف.

الحرف الثالث الذي يجزم فعلًا واحدًا هو: لا الطَّلبية:

وتشمل النَّهي: كقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ولَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: 29]، وكقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31].

أمَّا كونها للدُّعاء فمثل خواتيم سورة البقرة: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 286]

آمين.

الجازم الرابع: لام الطَّلب:

وتشمل أيضًا الأمر كقوله تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: 7]، فقوله: "لينفق" مضارع مجزوم بلام الطلب الأمريَّة، قوله: "فلينفق" كذلك.

مثال لام الدُّعاء قولك: لِترحمنا يا الله. اللَّهم آمين.

هذه هي الجوازم التي تجزم فعلًا واحدًا، وكلهن -كما قلنا- أحرف.

أمَّا الجوازم التي تجزم شيئين فهي التي ذكرها المصنفُ ابتداءً بقوله: "وإن".

وهذه الجوازم منها حروف وأسماء.

فأمَّا الحرف فهو "إن" باتِّفاقٍ، و"إذ ما" على الأرجح، وأمَّا الأسماء فالباقي.

إذن "إن" حرف شرط يجزم شيئين، يُفيد تعليق الجواب بالشرط، كقوله تعالى: ﴿وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ﴾ [الأنفال: 19]، فـ"تعودوا" فعل مضارع مجزومٌ بـ"إن" وهو شرطها، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنَّه من الأمثلة الخمسة، وواو الجماعة فاعل.

وقوله تعالى: "نعد" هذا هو جواب الشرط، مجزوم بـ"إن" وعلامة جزمه السُّكون؛ لأنَّه صحيح الآخر، والفاعل مُستتر وجوبًا تقديره "نحن".

وأمَّا "إذ ما" فإنَّها حرفٌ على الأرجح، كقولك: إذ ما تذاكر تنجح.

والباقي أسماء، وهنَّ: "مَن" للعالِم، وقلنا: للعالِم لأنَّها تُطلَق على الله -عز وجل- والله يُقال له: عالم، ولا يُقال له: عاقل.

مثل: مَن يَخْلُق يُعبَد، ومَن يرزق يُشكَر.

فـ "مَن" هنا للعالِم؛ لأنَّها يُراد بها الله -عز وجل- فـ"من" اسم شرط جازم للعالم مبنيٌّ على السكون في محلِّ رفعٍ مبتدأ.

و"يخلق" مضارع مجزوم، وعلامة جزمه السُّكون، والفاعل مُستتر تقديره "هو" يعود إلى "مَن".

و"يُعبَد" مضارع جواب الشرط مجزوم بـ"مَن"، وعلامة جزمه السكون؛ لأنَّه صحيح الآخر، وهو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، ونائب فاعله ضمير مُستتر تقديره "هو" يعود إلى الله -عز وجل.

و"ما" لغير العالم، كقوله تعالى: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 106] بلى.

في هذه الآية جازمان: "من"، و"لم".

"لم" تجزم فعلًا واحدًا، وهي أم باب جوازم الفعل الواحد.

و"من" تجزم شيئين.

"ننسخ" فعل مضارع، وهو فعل الشرط مجزوم بـ"ما"، وعلامة جزمه السُّكون؛ لأنَّه صحيح الآخر.

﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا﴾ هذا معطوف على المجزوم.

"نأت" مجزوم؛ لأنَّه جواب الشرط لـ"ما"، وعلامة جزمه حذف حرف العلَّة نيابةً عن السكون كما أسلفنا، والكسرة دليلٌ على هذا الحرف المحذوف، والفاعل مُستتر وجوبًا تقديره "نأتِ نحن".

الجازم الثالث الذي يجزم شيئين هو: "مهما"، كقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 132].

فقوله "مهما" اسم شرط جازم لغير العالم مبنيٌّ على السُّكون.

"تأتِ" فعل مضارع، وهو فعل الشرط مجزوم بـ"مهما"، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والفاعل مُستتر تقديره: تأتِ أنت، و"نا" مفعول به مبني على السكون في محلِّ نصبٍ.

وأمَّا قوله: ﴿فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ هذه الجملة برمتها في محلِّ جزمٍ جواب الشرط.

من الجوازم كذلك: "أين": كقوله تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: 78].

" أينما" اسم شرط للمكان مبنيٌّ على السكون في محلِّ نصبٍ ظرف مكان.

"تكونوا" فعل الشرط مجزوم بـ"أينما"، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنَّه من الأمثلة الخمسة، وواو الجماعة فاعل "تكون"؛ لأنَّها هنا تامَّة "أينما توجد".

"يدرككم"، يدرك من "يدرككم" مضارع، وهو جواب الشرط مجزوم به -أي بـ"أينما"- وعلامة جزمه السُّكون، وقد أُدغمت الكاف في الكاف للتَّماثل.

"كم" هي المفعول، والفاعل هو "الموت".

إذن هذه بعض أسماء الشرط الجازمة، وهي: "من"، و"ما"، و"مهما"، و"أينما"، و"متى"، مثل: متى يأتِ الصيفُ تُعطَّل المدارس والجامعات.

و"متى" للزمان.

"يأتِ" مضارع مجزوم بـ"متى"، وعلامة جزمه حذف حرف العلَّة نيابة عن السُّكون.

و"الصيف" فاعل.

"تعطل": جواب "متى" مجزوم بها، وعلامة جزمه السُّكون، وحُرِّك بالكسر لالتقاء السَّاكنين.

و"المدارس": نائب فاعل مرفوع.

كذلك "حيثما"، مثل: حيثما تستقم يُقدِّر الله لك نجاحًا في غابر الأزمان.

"حيثما" أيضًا للمكان كـ"أينما".

"تستقم": فعل مضارع، وهو فعل الشرط مجزوم بـ"حيثما"، وعلامة جزمه السُّكون؛ لأنَّه صحيح الآخر، والفاعل "أنت".

"يُقدِّر": مضارع مبني لما لم يُسمَّ فاعله، وهو جواب الشرط مجزوم بـ"حيثما"، وعلامة جزمه السُّكون؛ لأنَّه صحيح الآخر.

كذلك من أسماء الشرط الجازمة "أنَّى"، مثل: أنَّى تأتني تجدني.

و"أنَّى" تُفيد الزمان، وتُفيد المكان، وتُفيد الكيفية، فهي صالحة لهذه المعاني الثلاثة، والسِّياق هو الذي يُوضِّح ذلك.

من أسماء الشرط كذلك: "أي"، وهي بحسب ما تُضاف إليه من عالم أو غير عالم، أو مكان أو زمان، أو نحو ذلك.

نقول مثلًا: أيَّ كتابٍ تقرأ تستفد.

فهنا "أي" لغير العالم، وهي مفعول "تقرأ".

و"تقرأ": فعل الشرط مجزوم بـ"أي"، وعلامة جزمه السكون؛ لأنَّه صحيح الآخر. والفاعل: "أنت".

"تستفد" مضارع جواب الشرط، إلى آخره.

مثلًا قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180]، ويقول في آيةٍ أخرى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: 110].

فقوله "تدعوا" فعل الشرط مضارع مجزوم بـ"أي"، وعلامة جزمه حذف النون نيابةً عن السكون؛ لأنَّه من الأمثلة الخمسة، وواو الجماعة فاعل.

وقوله "فله الأسماء الحسنى" الجملة كلها في محلِّ جزمٍ جواب الشَّرط.

كذلك من جوازم المضارع -وهي من الأسماء- "كيفما"، وقد أضافها الكوفيُّون، وليست عند البصريين، مثل: كيفما تكن أكن، يعني في أيِّ حالةٍ أو أي وضعٍ تكون عليه أكون لك عليه.

"كيفما" اسم شرط عند الكوفيين مبنيٌّ على الفتح في محلِّ نصبٍ حال.

"تكن" فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بـ"كيف"، وعلامة جزمه السكون؛ لأنَّه صحيح الآخر، وفاعلها مُستتر تقديره "أنت"، و"أكن" جواب الشَّرط، والفاعل "أنا".

هذه هي أسماء الشَّرط التي تجزم فعلين، أو تجزم جملتين، أو تجزم فعلًا وجملةً، أو تجزم جملةً وفعلًا.

ولذلك نقول: تجزم شيئين، ولا نقول: تجزم فعلين.

فالشَّيئان أعم من أن يكونا جملتين، مثل: مَن لم يجتهد فهو راسبٌ.

أو فعلان: مثل: ﴿وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ﴾ [الأنفال: 19].

أو جملة وفعل: مَن لم يجتهد يرسُب.

أو فعل وجملة: مَن يجتهد فهو ناجح.

والفعلان اللَّذان تجزمهما هذه الأدوات قد يكونان مُضارعين، كقوله تعالى: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7، 8].

وقد يكونان ماضيين: ﴿وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ﴾ [الأنفال: 19]، فـ"عاد" من قوله تعالى "عدتم" ماضٍ مبني في محلِّ جزمٍ فعل الشرط لـ"إن"، وعدنا كذلك.

إذن قد يكونان مضارعين وماضيين ومختلفين.

في الماضي والمضارع مثل قوله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ﴾ [هود: 15].

"من كان" فعل ماضٍ فعل الشَّرط مبنيٌّ على الفتح في محلِّ جزمٍ بـ"من".

"نوف" مضارع جواب الشرط مجزوم بـ"من"، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وهو الياء، والكسرة نيابة عن السكون.

إذن ماضيان، مضارعان، ماضٍ ومضارع، أو مضارع وماضٍ، مثل قوله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، اللَّهم بلِّغنا ليلة القدر.

"من يقم" مضارع مجزوم بـ"من" فعل الشرط، وعلامة جزمه السُّكون.

"غُفر" ماضٍ مبني لما لم يُسمَّ فاعله، مبنيٌّ على الفتح في محلِّ جزمٍ، وجواب الشرط.

إذن نقول: أدوات الشَّرط تجزم شيئين، الشَّيئان جملتان، فعل وجملة، جملة وفعل، وفعلان.

الفعلان تحتهم: ماضيان، مضارعان، ماضٍ ومضارع، مضارع وماضٍ.

إذن هذه نقول عليها: تجزم شيئين.

إذن هذه الأدوات التي تجزم شيئين، منها الحرف، ومنها الاسم، وكلها مبنية إلا "أيًّا" الشَّرطيَّة فإنَّها مُعربة.

هذا بعض من كلٍّ مما يتعلَّق بجوازم المضارع.

(وَالْجَوَازِمُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهِيَ:

لَمْ، وَلَمَّا، وَأَلَمْ، وَأَلَمَّا، وَلَامُ الْأَمْرِ وَالدُّعَاءِ، وَلَا فِي النَّهْيِ وَالدُّعَاءِ، وَإِنْ، وَمَا، وَمَنْ، وَمَهْمَا، وَإِذْمَا، وأيّ، وَمَتَى، وَأَيْنَ، وَأَيَّانَ، وَأَنَّى، وَحَيْثُمَا، وَكَيْفَمَا، وَإِذًا فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً).

يعني "إذا" في سعة الكلام اسم شرط غير جازم، كقوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ﴾ [النصر: 1-3].

"إذا" ظرف فيه معنى الشَّرط للمُستقبل غير جازم، مبنيٌّ على السكون في محل نصب.

"جاء" فعل ماضٍ، فعل الشرط.

"فسبح" جملة لا محلَّ لها من الإعراب، جواب شرط "إذا".

ولكنَّها قد تجزم في الشعر -أي للضَّرورة- كقوله: "وإذا تُصبْكَ خَصَاصَةٌ فتحمَّل".

كان المفروض يقول: "وإذا تصيبُكَ"، لكن الضَّرورة أملت عليه أن يقول: "وإذا تُصِبْكَ"، ومن ثَم قال: "وَإِذًا فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً".

"تُصِب": من "تُصبْك" مضارع مجزوم بـ"إذا" للضَّرورة، وعلامة جزمه السكون؛ لأنَّه صحيح الآخر، والفاعل "أنت"، والكاف مفعول.

وجملة "فتحمَّل"، والتي هي من فعل الأمر وفاعلها مُستتر، في محل جزمٍ جواب الشرط.

هذا خاصٌّ بالشعر.

"إذما" مثل:

أَغَرَّكِ مِنِّي أَنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي

وَأَنَّكِ إِذْمَا تَأْمُرِي الْقَلْبَ يَفْعَلِ؟

"إذما" حرف شرط جازم يجزم شيئين، وبعضهم قال: اسم شرط جازم، ونحن قلنا على الأرجح.

"إذما تأمُري" مضارع فعل الشرط مجزوم بـ"إذما"، وعلامة جزمه حذف النون نيابةً عن السُّكون؛ لأنَّه من الأمثلة الخمسة، وياء المؤنثة المُخاطبة فاعل مبنيٌّ على السُّكون في محل نصبٍ.

"يفعل" جواب الشرط مجزوم بـ"إذما" وعلامة جزمه السكون؛ لأنَّه صحيح الآخر، وحُرِّك بالكسرِ للرَّويَّة.

والفاعل: يفعل هو، يقصد نفسه.

من ضمن أسماء الشرط أيضًا "أيَّان"، مثل: أيَّان تأتِ تجدني.

هذه الجوازم وما يتعلَّق بها.

وقبل ما ننتقل إلى باب المرفوعات نقول يا إخواننا ونُذكِّر بعلامات النَّصب وعلامات الجزم وعلامات الرفع.

المضارع يُرفَع بالضَّمة إذا لم يتصل به ضمير، سواء كانت ضمةً ظاهرةً كـ"يحب"، أو مُقدَّرةً للتَّعذُّر كـ"يخشى"، أو مُقدَّرةً للثِّقل كـ"يدعو ويرمي".

يخلف الضَّمة وينوب عنها: ثبوت النون في الأمثلة الخمسة.

مثل: الولدن يُؤدِّيان الصلاة في أوقاتها، الأولاد يُؤدُّون، أنتِ تُؤدِّين، إلى آخره.

إذن الرفع إمَّا بالضَّمة، والضَّمة هذه إمَّا ظاهرة أو مُقدَّرة، وينوب عنها ثبوت النون في الأمثلة الخمسة، وهي: كل فعل مضارع اتَّصل به ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المُخاطبة.

النصب:

النصب له أيضًا علامات:

الفتحة الظَّاهرة: إذا كان الفعلُ صحيحَ الآخر، مثل: لن أحبَّ الظَّلمةَ.

كذلك إذا كان مُعتلَّ الآخر بالواو أو بالياء لخفة الفتحة عليهما، مثل: ﴿لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا﴾ [الكهف: 14].

مثل: لن نرميَ بريئًا بتهمَةٍ.

إذن الفعل المضارع يُنصَب بالفتحة الظَّاهرة إذا كان صحيحَ الآخر أو مُعتلَّ الآخر بالواو أو بالياء لخفة الفتحة عليهما.

ويُنصَب بالفتحة المُقدَّرة على الألف للتَّعذُّر، كقوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: 120].

"ترضى" مضارع منصوب بـ"لن" وعلامة نصبه الفتحة المُقدَّرة على الألف للتَّعذُّر.

لكن "تتبع" مضارع منصوب بـ"أن" المُضمرة وجوبًا بعد "حتى" وعلامة نصبه الفتحة الظَّاهرة.

إذن اجتمع في هذه الآية الفتحة الظَّاهرة والمُقدَّرة.

طيب، ينوب عن الفتح في النَّصب ماذا؟

حذف النون بالنسبة للأمثلة الخمسة، كقوله تعالى: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 92].

إذن الفتحة ونائبها حذف النون.

الجزم:

الجزم له ثلاث علامات:

السكون: إذا كان صحيحَ الآخر، مثل: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ [الإخلاص: 3].

حذف حرف العلة: إذا كان معتلَّ الآخر بالواو أو بالياء أو بالألف، والضَّمة والكسرة والفتحة دلائل على هذه الأحرف: ﴿وَلَا تَقْفُ﴾ [الإسراء: 36]، ﴿ولَا تَبْغِ﴾ [القصص: 77]، ﴿ولَا تَنسَ﴾ [القصص: 77].

وحذف النون نيابة أيضًا عن السُّكون إذا كان من الأمثلة الخمسة: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ [البقرة: 197].

هذا الرفع، وهذا النَّصب، وهذا الجزم، طبعًا ما في جرٍّ؛ لأنَّ الجرَّ خاصٌّ بالأسماء.

بعد أن انتهينا من الإعراب: أنواعه، وعلاماته، وما يتعلَّق به، نتكلم كلمةً مُوجزةً عن المبني؛ لأنَّ الشيخ أغفله، فالمُعْرَب يُقابله المبني؛ لأنَّ النحو يهتم بالإعراب والبناء.

عرفنا الإعرابَ بأنَّه: تغيير يلحق آخر الكلمِ لاختلاف العوامل الدَّاخلة عليه، ووضَّحنا هذا الكلام.

البناء هو: لزوم آخر الكلمة، وهنا يقول: الكلمة تشمل الاسمَ والفعلَ والحرفَ، أمَّا الإعراب فيشمل الاسم والفعل المضارع فقط.

إذن البناء أعمُّ من الإعراب.

فالبناء هو: لزوم آخر الكَلِم اسمًا وفعلًا وحرفًا حالةً واحدةً مع اختلاف العوامل الدَّاخلة عليه.

مثل: جاء مَن أُحبُّ.

"مَن" هنا اسم موصول مبنيٌّ على السكون في محلِّ رفع فاعل.

مثال: أكرمتُ مَن يتَّقي الله.

"مَن" اسم موصول مبني على السُّكون في محل نصب مفعول به.

قوله: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: 46]، كما قال الرحمن في سورة الرحمن، اللَّهمَّ اجعلنا من الخائفين منك يا رب، الخاشين لك.

"وَلِمَنْ"، "مَن" اسم موصول بمعنى الذي، مبني على السكون في محل جر بـ"مَن".

لحظنا أنَّ "مَن" هل تغيرت؟

لم تتغير.

قِس عليه "أُولاء": أولاء رجال صالحون.

"أولاء" اسم إشارة للجمع مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ.

و"رجال" خبر.

و"صالحون" نعت.

مثال: إنَّ أُولاء رجالٌ صالحون.

"أولاء" اسم "إن" مبني على الكسر في محل نصب.

مثال: سررتُ بأُولاء الرجال.

"أولاء" مبني على الكسر في محل جرٍّ بالباء.

القرآن جاء بـ"أولاء" في الأحوال الثلاثة:

﴿قَالَ يَا قَوْم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ [هود: 78]، "هؤلاء" مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، و"بناتي" خبر.

و"ها" حرف تنبيه.

وقوله: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فلَا تَفْضَحُونِ﴾ [الحجر: 68]، "هؤلاء" اسم إشارة للجمع مبني على الكسر في محل نصب اسم "إن".

وقوله: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ﴾ [الحجر: 66]، "هؤلاء" مبني على الكسر في محل جرٍّ مضاف إليه.

إذن لاحظنا أنَّ "أولاء" ظلَّت على وضعها من انكسار آخر الكلمة، سواء كانت في محل رفعٍ أو نصبٍ أو جرٍّ.

الفعل كما اتَّفقنا في المضارع: ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: 228]، ﴿إِلَّا أَن يَعْفُونَ﴾ [البقرة: 237]، ﴿ولَا تَبَرَّجْنَ﴾ [الأحزاب: 33]، لاحظنا أنَّ الحروف الأخيرة سكنت مع تغير العوامل.

والحروف طبعًا كلها مبنية كما علمنا من قول ابن مالك: "وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا".

والبناء يأخذ ألقابًا أربعة:

- بناء على السُّكون: وهو الأصل.

- بناء على الفتح.

- بناء على الكسر.

- بناء على الضَّم.

يقول ابنُ مالك:

وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا

وَالْأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا

مثل: "مَن" في الأسماء، و"اقرأ" في الأفعال، و"هل" في الحروف.

"وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ": أيضًا الفتح يشمل الحرف كـ"إنَّ"، والفعل كـ"لأضربنَّ"، والاسم كـ"أين، وكيف".

"وذو كسر": الكسر يشمل الحروف كـ"جير"، وهو حرفٌ بمعنى نعم، يعني لو قلت لواحدٍ: هل تريد كذا؟

يقول لك: جيرِ.

ما معنى "جيرِ"؟

نعم.

حرف جواب مبني على الكسر لا محلَّ له من الإعراب.

"ويكون في الأسماء" كـ"هؤلاء".

ولا يكون الكسرُ في الأفعال.

النوع الرابع: "وَضَم":

يكون أيضًا في الحروف كـ"منذ".

ويكون أيضًا في الأسماء كـ"منذ، وحيث".

إذن "منذ" تارةً تكون ظرفًا، وتارةً تكون حرفًا، وهي مبنيةٌ على الضَّم في الحالتين، إلا أنَّها إذا كانت حرفًا فليس لها محلٌّ من الإعراب، وإذا كانت اسمًا فهي في محلِّ نصب ظرف.

ما الفرق بين الاثنين؟

أنَّها إذا جُرَّ ما بعدها فهي حرفٌ، وإذا لم يُجَرَّ ما بعدها فهي ظرف -اسم.

تقول: لم أرَ فلانًا منذ أسبوعين.

"منذ" هنا حرف.

أم لو قلنا: منذ أسبوعٌ.

تكون "منذ" اسمٌ ظرفٌ.

هذا بإيجازٍ بعض ما يتعلَّق بالبناء: أنواعه، وتعريفه، وما يدخله، يدخل الحرف والفعل والاسم.

بدأنا بالحرف لماذا؟

لأنَّ الحروف كلها مبنية.

ثنَّينا بالفعل لماذا؟

لأنَّ معظم الأفعال مبنية.

ثلَّثنا بالأسماء لماذا؟

لأنَّ الأصل في الأسماء الإعراب.

ألقابه:

_ سكون في مقابل الجزم: إذن الجزم لقبٌ إعرابي، والسُّكون لقبٌ بنائي.

- الفتح في مقابلة النَّصب.

- والكسر في مُقابلة الجر.

- والضَّم في مُقابلة الرفع.

إذن عندنا أواخر الكلم ثمانية: سكون وجزم، فتح ونصب، كسر وجرّ، ضم ورفع.

نبدأ بعد هذا في المرفوعات:

(بَابُ مَرْفُوعَاتِ الْأَسْمَاءِ:

الْمَرْفُوعَاتُ سَبْعَةٌ، وَهِيَ).

اجعلها "وهُنَّ"؛ لأنَّ الضَّمير -يا إخوة- إذا عاد على عشرة فأقل من غير العقلاء فالأكثر فيه الجمع، الضَّمير إذا عاد على عشرة فأقل من غير العقلاء يكون جمعَ مؤنثٍ.

مثل قوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت: 12]، وكقوله تعالى: ﴿فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 260].

هل يجوز أن يكون مُفردًا؟

نعم يجوز، لكن الأكثر أن يكون جمعًا مؤنثًا.

طيب، إذا كان أكثر من عشرة؛ يكون مفردًا مُؤنثًا.

مثل: الآية الكريمة في سورة التوبة التي جمعت بين الاستعمالين، يقول الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا﴾ أي من الاثنا عشر، وهي أكثر من عشرة.

قال: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ﴾ [التوبة: 36]، أي الأربعة.

هذه ملحوظة سريعة.

(الْفَاعِلُ، وَالْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ).

الفاعل واحد.

(وَالْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ).

هذا ما نُسميه نائب فاعلٍ، أحيانًا يقولون له: المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله، وأحيانًا يقولون عليه: نائب فاعل.

وفعله أحيانًا يقولون عنه: مبني للمجهول، أو مبني للمفعول، أو مبني لما لم يُسمَّ فاعله.

ثلاث تسميات: فعل مبني للمجهول، ومبني للمفعول، ومبني لما لم يُسمَّ فاعله.

أحسن المُصطلحات الثالث هو: مبني لما لم يُسمَّ فاعله.

لماذا؟

قال: لأنَّه قد يكون الفاعلُ معلومًا، مثل: ﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]. مَن الخالق؟ إنـَّه الله.

وأحيانًا لا يكون مفعولًا به، مثل: جُلِسَ على الكرسي.

"على الكرسي" نائب الفاعل، وليس مفعولًا في الأصل.

إذن لماذا لا نقول مبني للمجهول؟

لأنَّه قد يُعلَم.

ولا نقول مبني للمفعول؛ لأنَّه قد يكون غيرَ مفعولٍ به.

فالتَّسمية التي تشمل الكل: الفعل الذي لم يُسمَّ فاعله.

زوج الفعل الذي لم يُسمَّ فاعله نُسميه: المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله.

زوج الفعل المبني للمجهول يكون نائب فاعلٍ.

إذن سواء قلنا: نائب الفاعل، أو المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله، مثل: أحمد، وأبو حُميد.

(وَالْمُبْتَدَأُ، وَخَبَرُهُ).

ثالثًا: المبتدأ خبره.

هل هناك مبتدأ وليس له خبر؟

نعم، هناك مبتدأ له مرفوع سدَّ مسدَّ الخبر.

إذن المبتدأ كم نوع؟

نوعان:

- مبتدأ له خبر: وهذا هو الأكثر والأغلب.

قال ابنُ مالك:

مُبْتَدَأٌ زَيْدٌ وَعَاذِرٌ خَبَرْ

إِنْ قُلْتَ زَيْدٌ عَاذِرٌ مَنِ اعْتَذَرْ

أمَّا الثاني فمثل: أقائم الزَّيدان؟

"قائم" مبتدأ.

"الزَّيدان": فاعل سدَّ مسدَّ الخبر.

لماذا لا نقول: خبر؟

قال: لأنَّه لا تطابق.

فالمفروض أن يكون هناك تطابق بين المبتدأ والخبر، هنا "قائم" مفرد، و"الزيدان" غير مفرد.

مثل: أمضروب العمرون. كذلك أيضًا.

إذن هناك مبتدأ له خبر، وهناك مبتدأ له مرفوع سدَّ مسدَّ الخبر.

(وَاسْمُ "كَانَ" وَأَخَوَاتِهَا).

اسم كان وأخواتها.

قال ابنُ مالك:

تَرْفَعُ كَانَ الْمُبْتَدَا اسْمًا وَالْخَبَرْ

تَنْصِبُهُ كَـ"كَانَ سَيِّدًا عُمَر"

الأبعدون يقولون:

تَرْفَعُ كَانَ الْمُبْتَدَا اسْمًا وَلِيَلِي

تَنْصِبُهُ كَـ"كَانَ سَيِّدًا عَلِي"

طبعًا هم يريدون التَّفرقة بين علي وعمر -رضي الله عنهما- والاثنان كانا صحابيين جليلين، ويُحبُّ كلٌّ منهما الآخر حبًّا جمًّا، بدليل أنَّ عمر كان يستبقي عليًّا؛ ليكون ناصحًا ووزيرًا له، وهو القائل: "قضية ولا أبا حسنٍ لها".

وكانت هناك مُصاهرة بين الصَّحابيين الجليلين.

لكنَّهم يريدون أن يُوجدوا تفرقةً بين هذين العَلَمين الكبيرين الضَّخمين -رضي الله عن الصَّحابة أجمعين- رغم أنفهم.

إذن اسم "كان" من ضمن المرفوعات.

(وَخَبَرُ "إِنَّ" وَأَخَوَاتِهَا).

هنا نسي الشيخُ أو تناسى أنَّ اسم "ما"، و"لا"، و"لات"، و"إن" المُشَبَّهات بـ"ليس" يكون من المرفوعات.

مثل: ما زيدٌ مُهملًا.

"زيد" اسم "ما" عند الحجازيين مرفوعٌ، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

كذلك:

تَعَزَّ فَلَا شَيْءٌ عَلَى الْأَرْضِ بَاقِيَا

وَلَا وَزَرٌ مِمَّا قَضَى اللهُ وَاقِيَا

بيت جميل جدًّا.

"تَعَزَّ فَلَا شَيْءٌ" اسم "لا" النافية للوحدة، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

"باقيًا" خبر "لا" منصوب.

ومثل: ﴿فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ [ص: 3]، قُرِئ "ولاتَ حينُ"، و"ولاتَ حينَ".

"حينُ" بالرفع اسم "لات" تعمل عمل "ليس"، مرفوع وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

و"مناص" مضافٌ إليه، والخبر محذوف.

أو "ولات حينَ"، "حينَ" خبر "لات" واسمها محذوفٌ وجوبًا تقديره "الحين"، أي: وليس الحينُ حينَ فرار.

إذن "لات" تعمل عمل "ليس"، ولكن لابد إمَّا أن تأتي باسمها وتحذف خبرها، وإمَّا أن تأتي بخبرها وتحذف اسمها، وتعمل في الحين وما رادفه.

"إن" مثل: كقراءة سعيد بن جُبير -رضي الله عنه: ﴿إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادًا أَمْثَالَكُمْ﴾ [الأعراف: 194].

"إن" أي "ليس".

"الذين" اسم "إِن" مبني على الفتح في محلِّ رفع.

"عبادًا" خبر "إن" منصوبًا.

و"أمثالكم" نعت.

هل هناك تعارض بين القراءتين؟

لا؛ لأنَّ معبوداتهم الباطلة كانت إمَّا مماثلةً لهم كمَن يعبد البشر، كالنُّمروذ، أو كانت أدنى منهم كمَن يعبد الشجر والحجر.

في آية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ [الأعراف: 194]، تكون مُوجَّهةً لعبادة البشر.

﴿إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادًا أَمْثَالَكُمْ﴾، تكون مُوجَّهةً للحجر والشَّجر.

ومن غباء الكفرة أنَّهم رضوا بأن يكون الإلهُ حجرًا، ورفضوا أن يكون الرسولُ بشرًا، فرضوا بأن يكون الإلهُ حجرًا؛ لأنَّه لن يُكلفهم شيئًا، وأبوا أن يكون الرسولُ بشرًا، يُريدونه مَلَكٌ حتى لا يكون صالحًا للقُدوة.

إذن من ضمن المرفوعات: اسم "ما"، و"لا"، و"لات"، و"إن" المُشَبَّهات بـ"ليس".

كذلك: اسم "كاد" وأخواتها، وهي ابنة عم "كان"، فـ"كان" وأخواتها لهنَّ بنات عم وهن "كاد" وأخواتها، والتي تُسمَّى أفعال المُقاربة.

مثل قول الله تعالى: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ [النور: 35].

"زيت" اسم "يكاد" مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

"زيت" مضاف، والهاء مُضاف إليه.

"يُضيء" جملة فعليَّة مضارعة في محل نصبٍ خبر "كان".

طيب، لماذا فصلوا "كان" عن "كاد" ما دامت أنَّها تُرفَع وتُنصَب؟

قال: لأنَّ لخبر "كاد" شروطًا: أن يكون جملةً، وأن تكون الجملة فعليَّةً، وأن يكون الفعلُ مضارعًا.

فمن هنا فصلوا بين "كان"، و"كاد".

قال: "وخبر "إن" وأخواتها.

إذن أتينا باثنين لم يذكرهما ابنُ آجُرُّوم -رحمه الله تعالى.

خبر "إنَّ": ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا﴾ [الحج: 7]، ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ [طه: 15].

إذن "آتية" خبر "إن" مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

و"إن" تعمل عكس عمل "كان"، فـ"كان" ترفع وتنصب، و"إن" تنصب وترفع.

ونسي الشيخُ أيضًا: خبر "لا" النافية للجنس.

مثال: لا طبيبَ قاسٍ، أو: لا طبيبَ جزَّارٌ، ولا ممرضةَ قاسيةٌ.

إذن "جزَّارٌ" خبر "لا" النافية للجنس، وهذا يُسمُّونه نفي الانبغاء، أي لا ينبغي أن يكون قاسيًا.

ولا ممرضةَ قاسيةٌ، "قاسية"، "جزارٌ" خبر "لا" النافية للجنس مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

توابع المرفوعات:

ما التَّوابع؟

هي: النعت، التوكيد، العطف، البدل.

قال ابن مالك:

يَتْبَعُ فِي الْإِعْرَابِ الَاسْمَاء الْأُوَل

نَعْتٌ وَتَوْكِيدٌ وَعَطْفٌ وَبَدَل

نعت المرفوع مثل: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [غافر: 28].

"رجل" فاعل مرفوع.

و"مؤمن" نعت مرفوع.

والتوكيد مثل: جاء القومُ كلهم.

"القوم" فاعل.

و"كل" توكيد مرفوع.

ومن هذا قوله تعالى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ [الحجر: 30، 31] لعنه الله.

"الملائكة" -عليهم السلام- نُعربها: فاعل.

"كلُّ" توكيد معنوي مرفوع، "كل" مضاف، و"هم" مضاف إليه.

"أجمعون" توكيد ثانٍ.

العطف، ويشمل:

- عطف البيان، مثل:

أَقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَر

مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ

"أبو": عطف بيان مرفوع؛ لأنَّ المعطوف عليه مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنَّه من الأسماء الستة.

"أبو" مُضاف، و"حفص" مُضاف إليه مجرور.

- عطف النَّسق، مثل: جاء محمد وعليٌّ.

"محمد": فاعل مرفوع.

"علي": معطوف على "محمد" عطف نسق بالواو، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

كيف يُرفَع بالضَّمة الظَّاهرة وآخره ياء؟

قال: هذا اسمه الشَّبيه بالصَّحيح، وهو الاسم المُعرَب الذي آخره واو أو ياء لازمتان ساكنٌ ما قبلهما.

الرابع: البـدل:

إمَّا أن يكون:

- مُطابق من مُطابق.

- أو بعض من كلّ.

- أو اشتِمَال.

- أو مُبَاين.

مثل ماذا؟

نأتي بأمثلةٍ خفيفةٍ: جاء الطالبُ سعدٌ.

"الطالب" فاعل مرفوع.

"سعد" بدل مُوافِق من مُوافِق مرفوع؛ لأنَّ المُبْدَل منه مرفوع. وهكذا.

هذه قصة التَّوابع الأربعة:

(وَالتَّابِعُ لِلْمَرْفُوعِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: النَّعْتُ، وَالْعَطْفُ، وَالتَّوْكِيدُ، وَالْبَدَلُ).

قلنا البيت:

يَتْبَعُ فِي الْإِعْرَابِ الَاسْمَاء الْأُوَل

نَعْتٌ وَتَوْكِيدٌ وَعَطْفٌ وَبَدَل

"بَابُ الْفَاعِلِ".

بدأ بالفاعل لأنَّه العُمدة –الأصلي- له.

وانتبهوا!

هناك فاعل نحوي، وفاعل لُغوي.

الفاعل اللُّغوي: كلُّ مَن فعل الفعلَ، سواء أكان مُتأخِّرًا أو مُتقدِّمًا.

مثلًا: زيدٌ ضرب خالدًا.

إذن "زيد" فاعل لغوي.

ضربَ زيدٌ خالدًا.

"زيد" فاعل نحوي ولغوي.

إذن الفاعل اللُّغوي: مَن أحدث الفعلَ، تقدَّم أم تأخَّر.

أمَّا الفاعل النَّحوي وهو ما سيقوله الشيخ:

(الْفَاعِلُ هُوَ الِاسْمُ الْمَرْفُوعُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فِعْلُهُ).

إذن هو اسمٌ مرفوع، مثلًا: إنَّ زيدًا ضرب عمرًا.

"زيدًا" فاعل لغوي مع أنَّه منصوبٌ.

ولكن الفاعلَ حتى يكون نحويًّا لابُدَّ أن يكون مرفوعًا.

(الْمَرْفُوعُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فِعْلُهُ).

إذن لابد أن يكون متأخِّرًا عن عامله، إنَّما الفاعل اللُّغوي أتي هكذا وهكذا.

(وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ).

انتظر.

إذن عندنا: ضرب زيدٌ عمرًا.

"زيد" فاعل لُغوي ونحوي.

زيدٌ ضرب عمرًا.

"زيد" فاعل لغوي لا نحوي.

طيب، مات فلانٌ.

"فلان" فاعل نحوي فقط.

فلانٌ مات.

"فلانٌ" لا فاعل لغوي ولا نحوي.

(وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ).

"هو" تعود على ماذا؟

على الفاعل النَّحوي.

قال: (وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ).

الأسماء ثلاثة أنواع:

- ظاهر.

-ومُضْمَر.

- ومُبْهَم.

المُبهم: هو اسم الإشارة والاسم الموصول.

والمُضمر: أنا، وأنت، ونحن، إلى آخره.

والمُظهر ما عدا ذلك.

أحيانًا يقسمون الأسماء إلى ثلاثة، وأحيانًا يُدمجون المبهم في المُظهر.

فأحيانًا يقولون: الأسماء ثلاثة: ظاهر، ومضمر، ومُبهم، وأحيانًا يدخلون المبهم في المظهر.

في هذه الحالة يكون كم نوع؟

اثنان.

الشيخ مشى على الطريقة الثانية، وهي أنَّ الفاعل ونائب الفاعل والاسم النَّاسخ، والكلام الذي قلنا عليه كله؛ إمَّا مظهر، وإمَّا مُضمر.

يدخل في المُظهر المُبهم، مثل: هذا، الذي، ونحو ذلك.

إمَّا ظاهر أو مُظهر، سمِّه مُظهر، سمِّه ظاهر، سمِّه مُضمر، سمِّه ضمير، إلى آخره.

(فَالظَّاهِرُ نَحْوَ قَوْلِكَ: قَامَ زَيْدٌ).

"زيد" فاعل مُظهر مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة.

(وَيَقُومُ زَيْدٌ، وَقَامَ الزَّيْدَانِ).

إذن قام زيد ويقوم زيد، و"زيد" فاعل في الاثنين.

(وَقَامَ الزَّيْدَانِ، وَيَقُومُ الزَّيْدَانِ).

هذا مثنى، الأول مرفوع بالضَّمة، والثاني مرفوع بالألف نيابةً عن الضَّمة.

(وَقَامَ الزَّيْدُونَ، وَيَقُومُ الزَّيْدُونَ).

بالواو نيابةً عن الضَّمة؛ لأنَّه جمع مذكر سالم.

(وَقَامَ الرِّجَالُ، وَيَقُومُ الرِّجَالُ).

مرفوع بالضَّمة أيضًا؛ لأنَّه جمع تكسير.

(وَقَامَتْ هِنْدٌ، وَتَقُومُ هِنْدُ).

ما مضى كان للرِّجال، وهذا للنِّساء.

قامت هندٌ وهندُ، يجوز فيه الصَّرف والمنع من الصَّرف؛ لأنَّه علم مُؤنَّث ثلاثي ساكن الوسط.

قال الشاعر:

لَمْ تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا دَعْدٌ

وَلَمْ تُسْقَ دَعْدُ بِالْعُلَبِ

"دعدٌ، ودعدُ" مثل: "هندٌ وهندُ".

"وَقَامَتِ الْهِنْدَانِ، وَتَقُومُ الْهِنْدَانِ".

مُثنَّى.

"وَقَامَتِ الْهِنْدَاتُ، وَتَقُومُ الْهِنْدَاتُ".

جمع مزيد بالألف والتاء، وهو ما يُسمَّى بجمع المؤنث السالم.

"وَقَامَتِ الْهُنُودُ، وَتَقُومُ الْهُنُودُ".

هذا جمع تكسير، يجوز فيه أن أقول: "قامت الهنود، وقام الهنود، وتقوم الهنود، ويقوم الهنود".

إذن جمع التَّكسير يجوز تذكير الفعل له وتأنيثه، قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا﴾ [الحجرات: 14]، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ [التوبة: 5].

"وَقَامَ أَخُوكَ، وَيَقُومُ أَخُوكَ". وهذا من الأسماء الستة، وهو مرفوعٌ وعلامة رفعه الواو؛ لأنَّه من الأسماء الستة، و"أخ" مضاف، والكاف مُضاف إليه.

"قام" ماضٍ، و"يقوم" مضارع.

"وَقَامَ غُلَامِي، وَيَقُومُ غُلَامِي".

هذه الضَّمة المُقدَّرة، ما مضى كان الضَّمة الظَّاهرة.

قام غلامي: "قام" فاعل مرفوع بالفعل وعلامة رفعه الضَّمة المُقدَّرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، "غلام" مضاف، وياء المتكلم مُضاف إليه.

وكذلك "غُلامي" في المضارع.

(وَالْمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ).

قلنا المُظهر وصور المُظهر، وطبعًا الشيخ هنا لم يأتِ بفعل الأمر. لماذا؟

لأنَّ فاعل فعل الأمر لابُدَّ أن يكون مُضمرًا، إذن هذا يدخل في المُضمر ولا يدخل في المُظهر.

أمَّا الماضي والمضارع ففاعلهما قد يكون مُظهرًا، وقد يكون مُضمرًا، وقد يكون مُبهمًا.

إذن هذا اسمه ما وراء الحروف، والشيخ جاء بماضٍ ومضارع.

طيب لماذا لم يأت بالأمر؟

لأنَّ فاعل فعل الأمر لابُدَّ فيه أن يكون مُضمرًا.

اقرأ، أي: أنتَ.

اقرئي: ياء المُخاطبة.

اقرءا: ألف الاثنين.

اقرؤوا: واو جماعة.

اقرأن: نون نسوة.

(وَالْمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ، نَحْوَ قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ).

ضربتُ، وضربتَ، وضربتِ. يحوز تثليث التاء.

ضربتُ: للمُتكلم.

وضربتَ: للمُخاطب.

وضربتِ: للمُخاطبة.

مبني على الضَّم في محل رفعٍ، ومبني على الفتح في محل رفعٍ، ومبني على الكسر في محل رفع فاعل.

(وَضَرَبْنَا، وَضَرَبْتَ، وَضَرَبْتِ، وَضَرَبْتُمَا، وَضَرَبْتُمْ، وَضَرَبْتُنَّ، وَضَرَبَ، وَضَرَبَتْ، وَضَرَبَا، وَضَرَبُوا، وَضَرَبْنَ).

ضربا: ألف الاثنين مبني على السُّكون في محل رفع.

وما يُقال في "ضَرَبَ" يُقال في "يَضْرِب": "يضربان، تضربان، يضربون، تضربون، تضربين"، إلى آخره.

لا أدري لماذا كله ضرب!

يقول الشاعرُ عن جيوش الدول العربية والإسلامية:

جُيُوشٌ مَا لَهَا فِي الْبَرِّ نَفْعٌ

حَكَتْ صُوَرًا تُصَوَّرُ فِي كِتَابِ

رَأَيْتُ قِتَالَهُمْ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ

كَمِثْلِ الضَّرْبِ فِي كُتُبِ الْحِسَابِ

جزاكم الله خيرًا.

أسأل الله تعالى أن يُمتعنا جميعًا بطول العمر مع حُسن العمل، وأن يُوفِّق القائمين على قناة الرحمة، وأن يجعل عملَهم في سجل أعمالهم، وأن يُوفِّقنا جميعًا إلى خير العمل وعمل الخير، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله على سيِّدنا ومولانا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: 180- 182].

سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إلهَ إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [سورة العصر].

جزاكم الله خيرًا على حُسن الاستماع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

http://islamacademy.net/media_as_home.php?parentid=62