الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد عبد المعطي
شرح متن الآجُرُّوميَّة

لفضيلة الشيخ محمد عبد المُعطي

الدرس (2)

بسم الله الرحمن الرحيم،

الحمد لله مُسَخِّر البحار، ومُفَجِّر الأنهار، نحمده سبحانه وتعالى بالليل والنَّهار، وبالآصائل والأسحار، حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه.

وأشهد أن لا إلهَ إلا الله الواحد القهَّار، العزيز الغفَّار، الذي كلُّ شيءٍ عنده بمقدار، وأشهد أنَّ سيدنا وحبيبنا ومُعلمنا ومُربينا سيدنا محمد المختار، الذي بعثه الله بالهدى والرَّشاد إلى جميع العباد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأبرار، ومَن تلاهم بإحسانٍ ما تعاقب الليلُ والنَّهار.

وبعد، فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله تعالى، وخيرَ الهدي هدي سيدنا محمدٍ -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71].

اللَّهمَّ اجعلنا وإيَّاكم وسائر المؤمنين من الفائزين.

وبعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

هذا لقاؤنا الثاني في متن الآجُرُّوميَّة لابن آجُرُّوم المتوفى -كما سبق- سنة 723هـ عن إحدى وخمسين سنة.

وقد وصلنا إلى قول المصنف رحمه الله: (وَلِلنَّصْبِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ).

لكن قبل أن نبدأ نُذَكِّر بأنَّ للرفع أربعَ علاماتٍ:

- الضَّمة.

- والألف.

- والواو.

- والنون.

الضَّمة: للمُفرد، وجمع التَّكسير، والمُضارع الذي ليس من الأمثلة الخمسة، والجمع المَزِيد بالألف والتاء -كما قلنا بدل جمع المؤنث السَّالم.

والألف: علامة رفع المُثنَّى فقط، مثل: المحمدان مجتهدان.

والواو:

- علامة رفعٍ لجمع المذكر السَّالم والمُلحَق به، مثل: المعلمون والأهلون مُتعاونون.

- وفي الأسماء السِّتة، ليست الخمسة -كما يذكر ابنُ آجُرُّوم- وإنَّما هُنَّ ستة أسماء، أضاف إليهنَّ سيبويه "هَنًا، وهَنُوك، وهَنَاك، وهَنِيك" للأسماء الستة.

إذن الأسماء الستة تُرفَع بالواو، وجمع المذكر السَّالم والمُلحَق به يُرفَع بالواو أيضًا.

عندنا ثُبوت النون: وذلك في الأمثلة الخمسة التي سمَّاها ابنُ آجُرُّوم: الأفعال الخمسة.

وليس قوله "الأفعال الخمسة" خطأً، لكنَّه خلافُ الأولى، نقول: "الأمثلة الخمسة"؛ حتى تشمل المضارعَ الذي اتَّصلت به ألفُ الاثنين مبدوءًا بياء أو بتاء، وواو الجماعة مبدوءًا أيضًا بياء أو بتاء، وياء المُخاطبة ولا تكون إلا مبدوءةً بتاء.

وها نحن أولاء مع علامات النَّصب.

للنَّصب خمس علاماتٍ:

العلامة الأولى: الفتحة: وهي العلامة الأصلية للنَّصب، وتكون في:

المفرد، مثل:

رَأَيْتُ اللهَ أَكْبَرَ كُلِّ شَيْءٍ

مُحَاوَلَةً وَأَكْثَرَهُمْ جُنُودًا

والمفرد يعنون به ما ليس مُثنًّى ولا جمعًا، وليس من الأسماء الستة.

يعنون بالمفرد في هذا المكان: ما ليس مُثنًّى ولا مجموعًا، وليس من الأسماء الستة.

فالمفرد يُنصَب بالفتحة الظَّاهرة، مثل ما مثَّلنا، أو مُقدَّرة مثل: أكرمتُ ليلى. فـ"ليلى" مفعولٌ به منصوبٌ وعلامة نصبه الفتحة المُقدَّرة على الألف للتَّعذُّر.

يكون في المفرد مُذكَّرًا ومُؤنثًا، وتكون العلامة ظاهرةً ومُقدَّرةً.

المفرد المُذكَّر علامته ظاهرة، مثل: رأيتُ محمدًا.

وعلامته مُقدَّرة: أكرمتُ موسى.

في المفرد المُؤنَّث: أكرمتُ زينبَ.

وفي المفرد المؤنث المُعتل الآخر: أكرمتُ ليلى.

أمَّا الثاني: فهو جمع التَّكسير.

مثل: إنَّ الرجالَ مجتهدون، وإنَّ السفنَ راسيةٌ في الميناء.

الأول: جمع تكسيرٍ للمُذكَّر العاقل.

والثاني: جمع تكسيرٍ للمُؤنَّث غير العاقل.

ونقول: أكرمتُ الزَّيانبَ.

فهذا جمع تكسيرٍ لمُؤنَّثٍ منصوبٍ بعلامة الفتحة الظَّاهرة.

ونقول: احترمتُ المرضى، وقدَّرتُ الجرحى، وعاملنا الأسارى بالمعروف.

فهذا كله جمع تكسيرٍ للعاقل منصوب بفتحةٍ مُقدَّرةٍ على الألف للتَّعذُّر.

يلي المفرد في هذا وجمعَ التَّكسير المضارع الذي لم تتصل بآخره ضمائر رفع، فلم تتصل به لا ألف اثنين، ولا واو جماعة، ولا ياء مُؤنثةٍ مخاطبةٍ، وسُبِق بأداة نصبٍ: "أن"، أو "لن"، أو "كي"، أو "إذن" كما سنذكر ذلك بعد -إن شاء الله تعالى.

مثاله: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ﴾ [النساء: 28]، جمعت هذه الآية الكريمة بين المضارع المرفوع، وعلامة رفعه الضَّمة الظَّاهرة، والمضارع المنصوب بـ"أن"، وعلامة نصبه الفتحة الظَّاهرة.

ومثال الفتحة المُقدَّرة: قول الله -تبارك وتعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: 120].

فقوله: ﴿تَرْضَى﴾ فعل مضارع منصوب بـ"لن"، وعلامة نصبه الفتحة المُقدَّرة على الألف للتَّعذُّر.

وقوله: ﴿حَتَّى تَتَّبِعَ﴾ فعل مضارع منصوب بـ"أن" المُضمرة وجوبًا بعد "حتى" الغائيَّة. أي بمعنى: "إلى أن"، وعلامة نصبه الفتحة الظَّاهرة.

إذن هذه الجملة القرآنيَّة جمعت بين الفتحة الظَّاهرة والفتحة المُقدَّرة في نصب المضارع الذي ليس من الأمثلة الخمسة وسُبِق بحرف نصبٍ.

إذن الفتحة علامة نصبٍ لثلاثة أشياء:

- المفرد: وحددنا معنى المفرد.

- وجمع التَّكسير: ونحن نعرف جمع التَّكسير، فهو ما دلَّ على ما فوق اثنين أو اثنتين مع تغيير في صورة المفرد.

إذن جمع التَّكسير: ما دلَّ على أكثر من اثنين أو اثنتين مع تغيير في صورة المفرد، سواء أكان هذا التَّغيير ملموسًا كـ"رجل، ورجال"، و"سفينة، وسُفن"، أم لم يكن ملمُوسًا؛ بل كان مُقدَّرًا ككلمة "إمام"، فإنَّ الله تعالى استخدم كلمة "إمام" في المفرد، وكلمة "إمام" في الجمع.

قال الله -تبارك وتعالى- في سورة البقرة: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ [البقرة: 124]، فـ "إمامًا" هنا مفرد.

وقال الله تعالى على لسان عباد الرحمن -جعلنا الله وإيَّاكم منهم: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74]، ﴿وَاجْعَلْنَا﴾ جمع، ﴿لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.

إذن "إمام" وردت عن العرب مفردةً كـ"كتاب"، ووردت عنهم أيضًا جمعًا كـ"صِحَاب، ورِغَاب".

إذن جمع التكسير: هو ما دلَّ على أكثر من اثنين أو اثنتين مع تغيير ظاهر أو مُقدَّر في صورة المفرد، ويكون للعاقل -كما مثَّلنا- ولغير العاقل كـ"كتب" في جمع "كتاب"، و"سُفن" في جمع "سفينة"، وهكذا.

إذن الفتحة تكون علامةَ نصبٍ في المفرد.

ما المفرد؟

هو: ما ليس مُثنًّى ولا مجموعًا، وليس من الأسماء السِّتة، إذا اجتمع فيها تُسمَّى مفرد، سواء أكان مفردًا حقيقةً كـ"محمد، وزينب"، أو مُفردًا اعتبارًا كـ"القوم، والجيش، والشَّعب.." ونحو ذلك.

إذن هذه الفتحة تكون علامةَ نصبٍ لهذه الثلاثة، والمضارع كذلك.

يلي الفتحة في علامات النصب: علامات فرعيَّة تنوب عن الفتحة بالنَّصب.

وقد قلنا إنَّ علامات النصب خمسة: واحدة أصليَّة، وأربعة فرعيَّة، وهذه الأربعة هي: "الألف، والياء، والكسرة، وحذف النون".

اقرأ يا بُني.

(وَلِلنَّصْبِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ: الْفَتْحَةُ، وَالْأَلِفُ، وَالْكَسْرَةُ، وَالْيَاءُ، وَحَذْفُ النُّونِ.

فَأَمَّا الْفَتْحَةُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي الِاسْمِ الْمُفْرَدِ، وَجَمْعِ التَّكْسِيرِ، وَالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ نَاصِبٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِآخِرِهِ شَيْءٌ).

النَّاصِب هو: النَّاصِب للمضارع "أن"، و"لن"، و"كي"، و"إذن"، وما عدا ذلك منصوبٌ بـ"أن" مُضمرة وجوبًا أو جوازًا، كما سنأخذ -إن شاء الله تعالى- في أداة نصب الفعل المضارع.

ابن آجُرُّوم في هذه النُّقطة تابع الكوفيين، فجعل نواصبَ المضارع عشرة، لكن البصريين -وهو المذهب الأرجح- جعلوا أحرفَ نصب المضارع أربعة، هن: "أن"، و"لن"، و"كي"، و"إذن"، ثلاثة مُنتهية بالنون: "أن، لن، إذن"، وواحدة مُنتهية بحرف علَّة "كي".

أمثلة:

﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ﴾ [النساء: 28].

﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: 120].

ذهبتُ إلى المسجد لكي أُصليَ.

﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ﴾ [الأحزاب: 37].

ومثله في قول الشاعر:

إِذَنْ وَاللهِ نَرْمِيَهُمْ بِحَرْبٍ

يَشِيبُ الطِّفْلُ مِنْ قَبْلِ الْمَشِيبِ

ومثالها في القرآن: القراءة المشهورة: ﴿فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾ [النساء: 53]، أمَّا القراءة الأخرى: "فَإِذًا لَا يُؤْتُوا النَّاسَ نَقِيرًا"، وهنا منصوبة بحذف النون.

الفتحة مثل: "إذن والله نرميَهم بحرب...".

هذه نواصب المضارع كما قال.

تفضَّل يا ابني.

(وَأَمَّا الْأَلِفُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي الْأَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ).

سبق أن ذكرنا أنَّهنَّ ستةٌ، ولسن خمسةً؛ لأننا قلنا: ثلاثة من العائلة: "أب، وأخ، وحم". وعضوان: "فم، وهَن". وسادس وهو: "ذو".

إذن هم ستة.

أَبٌ، أَخٌ، حَمٌ، كَذَاكَ وَهَنُ

وَالنَّقْصُ فِي هَذَا الْأَخِيرِ أَحْسَنُ

وَفِي أَبٍ وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ

وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ

إذن هنَّ ستة: "أب، أخ، حم، فم، هَن، ذو".

لكن لكي تُعرَب هذا الإعراب: بالواو رفعًا، وبالألف نصبًا، وبالياء جرًّا؛ لابُدَّ لها من شروط، هذه الشُّروط هي:

أن تكون مفردةً: خرج بها المُثنَّى والجمع.

وأن تكون مُكبَّرةً: خرج بها المُصَغَّر.

وأن تكون مُضافةً: خرج بها غير المُضافة.

وأن تكون إضافتها إلى غير ياء المتكلم: خرج بها إضافتها إلى ياء المتكلم.

مثال ما استكمل الشُّروط الأربعة جامعًا بينهنَّ في حالة الرفع والنَّصب والجر في آيةٍ محكمةٍ، قول الله -تبارك وتعالى- في سورة يوسف -على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكى التَّسليم: ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [يوسف: 8].

ويريدون بالضَّلال هنا: الضَّلال الحسيُّ، لا الضَّلال العقدي، وإلا كفروا؛ لأنَّهم يعرفون قدر أبيهم، وأنَّه نبيٌّ مُرسَلٌ ابن نبيٍّ مُرسَلٍ ابن نبيٍّ مُرسَلٍ -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

إذن ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ﴾ "أخوه": معطوف على المبتدأ وعلامة رفعه الواو نيابةً عن الضَّمة؛ لأنَّها من الأسماء الستة.

"أخ" مضاف، والهاء مُضاف إليه.

﴿أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا﴾، "أبي" مجرور بـ"إلى" وعلامة جره الياء نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّها من الأسماء الستة.

"أبي" مُضاف، و"نا" مُضاف إليه.

﴿إِنَّ أَبَانَا﴾، "أبا" من "أبانا" اسم إنَّ منصوب بها، وعلامة نصبه الألف نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّها من الأسماء الستة.

"أبا" مضاف، و"نا" مضاف إليه.

إذن هذه الأسماء التي في الآية الكريمة جمعت بين:

أولًا: مفردة، نعم.

ثانيًا: مُكبَّرة، نعم.

ثالثًا: مُضافة، نعم.

رابعًا: مُضافة إلى غير ياء المتكلم، نعم.

استكملت الشُّروط، إذن تُرفَع بالواو نيابةً عن الضَّمة، وتُنصَب بالألف نيابةً عن الفتحة، وتُجرُّ بالياء نيابةً عن الكسرة.

مثل: رأيتُ أباك وأخاك وحماك، واحترم ذا العلم، ونظِّف فاك، ولم ينظر زيد هناه، إلى آخره.

هذه الأسماء الستة وما يتعلَّق بها.

تفضَّل يا بُني.

(وَأَمَّا الْأَلِفُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي الْأَسْمَاءِ الْسِّتَّةِ، نَحْو: "رَأَيْتُ أَبَاكَ وَأَخَاكَ"، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ).

"ما أشبه ذلك" هو: "حماك"، و"هناك"، و"فاك"، و"ذا مالٍ"، أو "ذا علم"، أو"ذا جاهٍ"، أو ما شاكل ذلك.

طبعًا شرط "الفم" ليكون من الأسماء الستة أن يتجرد من الميم.

وشرط "ذو" أن تكون بمعنى صاحب.

وهذا -إن شاء الله- له تفصيلٌ يليق به -إن شاء الله تعالى.

نعم.

(وَأَمَّا الْكَسْرَةُ: فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ).

سبق أن قلنا عنه أنَّه الجمع المزيد بالألف والتاء، فهذا أفضل من جمع المؤنث السَّالم.

يعني كلمة "جمع مؤنث سالم" ليست خطأً، وإنَّما "جمع المؤنث السَّالم" فردٌ من أفراد الجمع المزيد بالألف والتاء، ونبهنا إلى ذلك العلامةُ ابنُ مالك حين قال:

وَمَا بِـ"تَا" وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا

يُكْسَرُ فِي الْجَرِّ وَفِي النَّصْبِ مَعَا

كَذَا أُولَاتُ وَالَّذِي اسْمًا قَدْ جُعِلْ

كَأَذْرَعَاتٍ فِيهِ ذَا أَيْضًا قُبِلْ

قلنا بالأمس: لماذا آثرنا التَّعبير بـ "الجمع المزيد بالألف والتاء"؟

لأنَّ مفرده قد يكون مُذكَّرًا غير عاقلٍ، كـ "حمامات، اسطبلات، وجنيهات، وسُرادقات"، فكيف يُسمَّى مُؤنثًا وبعض مُفرداته مذكرة؟!

وقلنا إنَّه ليس سالمًا، لماذا؟

لأنَّ مفرده يتغير عند الجمع، في مثل: "تمرات، جمرات" جمعي "تمرة، جمرة"، و"حُبليات" في جمع "حُبْلَى"، و"مُستشفيات" في جمع "مُستشفى"، و"صحراوات" في جمع "صحراء"؛ كل هذه تغيرت عند الجمع، ولذلك يُؤثِر المُحققون أن يُسمُّوا هذا النوع "الجمع المزيد بالألف والتاء".

من ذلك قول الله تعالى: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ [الصافات: 153]، وقول الله تعالى: ﴿خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [العنكبوت: 44]، وقوله: ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [الجاثية: 22].

إذن "السماوات": مفعول به منصوبٌ بالفعل "خلق"، وعلامة نصبه الكسرة نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه جمعٌ مزيدٌ بالألف والتاء.

ومثل ذلك: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ [الصافات: 153].

ورب العزة جمع بين جمعي المذكر والمؤنث في قوله: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].

سبحان الله!

إذن هذه أمثلة للجمع المؤنث السالم أو للجمع المزيد بالألف والتاء.

إذن جمع المؤنث السالم من أسرة الجمع المزيد بالألف والتاء.

إذن الكسرة علامة نصب الجمع المزيد بالألف والتاء، والمُلحَق به.

ما معنى المُلحَق به؟

مثلًا كلمة مثل: "أُولات" ليس لها مفرد من لفظها، وإنَّما مفرها "صاحبة".

قال الله تعالى: ﴿وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ﴾ [الطلاق: 6].

"أولات": خبر كان منصوب بها وعلامة نصبه الكسرة نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه مُلحَقٌ بالجمع المزيد بالألف والتاء.

ونقول: أكرمتُ عطياتٍ، وجمالاتٍ، وفتكاتٍ، وما إلى ذلك مما نعهده.

فهذه الأسماء من المُلحَق بالجمع المزيد بالألف والتاء. لماذا؟

لأنَّ مدلول هذه الكلمات مفرد أو جمع: "عطيات، وجمالات"؟

مفرد، لكنَّه على صيغة الجمع، فيُسمَّى حينئذٍ مُلحَق بالجمع المزيد بالألف والتاء.

نعم.

(وَأَمَّا الْيَاءُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ).

الياء علامةٌ للنصب في بابين:

- باب المُثنى والمُلحَق به.

- وجمع المذكر السَّالم والمُلحَق به.

مثل ماذا؟

رأيت رجلين اثنين، وطالبتين اثنتين.

إذن "رجلين" مفعول به منصوب بالفعل وعلامة نصبه الياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه مثنى.

"اثنين": نعت منصوب بنفس العلامة التي سبق ذكرها. هذا مُلحَق بالمثنى.

لماذا مُلحَق بالمثنى يا إخواننا؟

لأنَّه ليس له مفردٌ من لفظه.

ومثل "رجلين" "طالبتين". ومثل "اثنين"؛ "اثنتين".

إذن المثنى والملحق به يُنصبان بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها.

وياء المثنى والمُلحَق به ياء لينٍ، أي أنَّها ساكنةٌ بعد فتحٍ.

أمَّا جمع المذكر السالم فنصبه بالياء أيضًا، لكنَّها ياء مدٍّ؛ لأنَّها ساكنة بعد كسرٍ والنون مفتوحة.

ابن مالك يقول عن النون:

وَنُون مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ

فَافْتَحْ وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ

وَنُون مَا ثُنِّيَ وَالْمُلْحَـق بِه

بِعَكْسِ ذَاكَ اسْتَعْمَلُوهُ فَانْتَبِه

مثل: إنَّ المؤمنين أولي البأس يرهبهم الأعداء.

"المؤمنين": اسم "إنَّ" منصوب بها، وعلامة النصب الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه جمع مذكر سالم.

أمَّا "أُولي": فنعت منصوب؛ لأنَّ المنعوت منصوبٌ، وعلامة النَّصب الياء المكسور ما قبلها.

لا نقول: المفتوح ما بعدها. لماذا؟

لأنَّ النون حُذِفت للإضافة.

"أولي" مضاف، و"البأس" مضاف إليه.

"يرهبهم الأعداء" جملة في محل رفع خبر "إنَّ".

في القرآن الكريم أمثلة لنصب المثنى، يعني مثلًا: ﴿وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ [القصص: 23].

إذن "امرأتين": مفعول به منصوبٌ بما قلناه.

طيب، مثال النَّصب لجمع المذكر السالم الآية: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ...﴾ [الأحزاب: 35]، التي ذكرناها.

والمُلحَق مثل قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النور: 22].

"أولو": فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابةً عن الضَّمة؛ لأنَّه مُلحَقٌ بجمع المذكر السالم.

"أولوا" مضاف، و"الفضل" مضاف إليه.

﴿أَن يُؤْتُوا أُولِي﴾، "أولي": مفعول به منصوب بالفعل وعلامة نصبه الياء المكسور ما قبلها نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه مُلحَقٌ بجمع المذكر السالم.

لماذا مُلحَق؟

لأنَّ مفرده ليس من لفظه "صاحب".

﴿أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ﴾، "المساكين" منصوب، وهو أيضًا معطوف، ولكنَّه منصوبٌ بالفتحة.

كيف منصوب بالفتحة والياء موجودة؟

هذا جمع تكسيرٍ؛ لأنَّ مفرد "المساكين - المسكين"، تغير عند الجمع أو لا؟

"مسكين - مساكين" التَّغيير واضح.

"مسكين" ليس فيها ألف.

"مساكين" فيها ألف.

"مسكين": الميم مكسورة.

"مساكين": الميم مفتوحة. وهكذا.

إذن "المساكين" لماذا لم يُنصَب بالياء؟

لأنَّه ليس جمعًا مذكرًا سالمًا، وإنَّما هو جمع تكسير، فيتشابه مع "المهاجرين".

﴿أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾، ما الذي جعل "المهاجرين" جمع مذكر سالم، و"المساكين" جمع تكسير؟

"المهاجرين" مفردها: "المهاجر"، لم يتغير بناء المفرد عند الجمع، في حين أنَّ "المساكين" تغير فيها بناء المفرد عند الجمع.

فكان نصب "المساكين" بالفتحة، وكان نصب "المهاجرين" بالياء.

رب العزة يقول: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ [التوبة: 60].

إذن "المساكين" جمع تكسير، و"العاملين" جمع مذكر سالم.

فنقول: "المساكين" مكسورة، ونقول: "العاملين" مفتوحة.

فهمنا الفرق بين الاثنين؟

بارك الله فيكم.

إذن الياء علامة نصبٍ في كلٍّ من المثنى والمُلحَق به، وجمع المذكر السَّالم والمُلحَق به، إلا أنَّ الياء في المثنى والمُلحَق به ياء لينٍ، والياء في جمع المذكر السَّالم والمُلحَق به ياء مدٍّ، والنون تُحذَف فيهما للإضافة؛ لأنَّ الإضافة والنون لا يجتمعان، كما أنَّ الإضافة والتنوين لا يجتمعان.

قال الشاعر:

كَأَنِّيَ تَنْوِينٌ وَأَنْتَ إِضَافَةٌ

فَإِمَّا تَرَانِي لَا تَحُلُّ مَكَانِيَ

هذه الياء علامة نصب.

أخذنا الفتحة، وأخذنا الألف، وأخذنا الكسرة، وأخذنا الياء.

الأربعة هؤلاء في الأسماء.

طيب، ما علامة نصب المضارع؟

حذف النون، كما في الأمثلة الخمسة.

(وَأَمَّا حَذْفُ النُّونِ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي الْأَمْثِلَةِ الْخَمْسَةِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَاتِ النُّونِ).

الصَّحيح: "الَّتِي رَفْعُهَا بِثُبُوتِ النُّونِ"، وليس " بِثَبَاتِ النُّونِ". ما الفرق؟

"ثبوت" مصدر "ثَبَتَ - ثُبُوتًا" كـ"قعد - قُعودًا"، و"دخل - دُخولًا".

أمَّا "الثَّبات" فمصدر"ثَبُتَ الرجل عند اللِّقاء ثباتًا".

إذن "الثَّبات" مصدر "ثَبُتَ".

أمَّا "الثُّبوت" فمصدر "ثَبَتَ"، "ثَبُتَ -ثَبَاتًا"، "ثَبَتَ - ثُبُوتًا".

ما أعظم اللُّغة العربية!

أيضًا نُنبه على شيءٍ مُشاكِلٍ أو مُقارِبٍ: "بَطَل - بُطْلانًا - فهو باطل"، و" بَطُلَ - بُطُولةً - فهو بَطَلٌ".

إذن عندنا "بَطَلَ"، و"بَطُلَ".

ولذلك الناس يقولون: إذا عُرِف السبب بَطُلَ العجبُ.

نقول له: هذا كلامٌ باطلٌ، لا، "بَطَل العجبُ"، لا "بَطُلَ"، ﴿فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 118].

أمَّا "بَطُلَ" فمن البطولة، وصاحبه بطل.

و"بَطَلَ" من البُطلان، وصاحبه باطل.

إذن نقول: "ثبات" أم "ثبوت"؟

ثبوت.

والأمثلة الخمسة قلنا أفضل من الأفعال الخمسة.

وانتبه هنا إلى لفتةٍ طيبةٍ!

هم ليسوا خمسةً، إنَّما سبعة، بل ثلاثة وستين. كيف؟

صلوا وسلِّموا على سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

انظروا: "يفعلان" هذا للغائِبَين.

"أنتما تُكرِمان الضَّيفَ يا زيدان". للمُخاطَبَين.

"أنتما تُكرِمان الضَّيفَ يا هندان". للمُخاطَبَتين.

ونقول: "البنتان تُمَشِّطان شعرهما". "البنتان" للغائِبَتين.

إذن "التاء" جاءت للمُخاطَبَين وللمُخاطَبَتين وللغائِبَتين.

و"الياء" جاءت للغائِبَين.

وعندنا "واو الجماعة": أنتم تُكرِمون الضِّيفان. هذه للمُخاطَبِين.

وهم يُكرِمون الضِّيفان. للغائِبِين.

وأنتِ تُكرِمين الضَّيف. للمُخاطبة.

إذن عندنا "الياء" لها واحد، و"التاء" لها ثلاثة، هكذا أربعة.

"وواو الجماعة" لها اثنين. هكذا ستة.

"وياء المخاطبة" لها واحد.

إذن يكونون سبعةً.

إذن هي أمثلة سبعة أو خمسة؟

ومع الفاعل، ونائب الفاعل، والاسم الناسخ؛ لأنَّ ألف الاثنين من الممكن أن تأتي فاعلًا، ونائب فاعلٍ واسمًا ناسخًا: أنتما تُكرِمان، أنتما تُكرَمان، أنتما تكادان.

إذن ثلاثة في سبعةٍ فيكون واحدًا وعشرين.

طيب، وعندنا رفعٌ ونصبٌ وجزمٌ، فتكون ثلاثةً وستين صورةً.

إذن الأمثلة الخمسة طوَّرناها فصارت ثلاثًا وستين مثلًا، وهكذا.

تفضل يا بني.

(وَلِلْخَفْضِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ).

بعد أن أنهينا الحديثَ عن النَّصب وعلاماته، ننتقل إلى الجرِّ وعلاماته.

الجر هذا له ثلاث علاماتٍ:

- علامة أصليَّة.

- وعلامتان فرعيَّتان.

النَّصب كان علامةً أصليَّةً، وأربعة فرعية.

والرفع كان علامةً أصلية وثلاثة فرعيَّة.

فالرفع كان:

علامة أصليَّة وهي الضَّمة، وينوب عنها ثلاثة: الألف، والواو، والنون.

والنصب:

العلامة الأصليَّة: الفتحة، وناب عنها كم؟ أربعة.

والجر:

علامة أصليَّة وهي...

لو سألتَ طفلًا في الصف الأول الابتدائي يقول لك: الجر بالكسرة.

نحن قلنا أمس:

فَارْفَعْ بضَمٍّ وَانْصِبَنْ فَتْحًا وَجُرْ

كَسْرًا كَذِكْر اللهِ عَبْدَهُ يَسُرْ

الكسـرة: علامة جر المفرد.

مثل: مررتُ بمحمَّدٍ، وجلستُ مع زيدٍ.

والكسرة أيضًا تكون:

- ظاهرة: كما مثَّلنا.

- وتكون مُقدَّرةً، مثل: التقيتُ بالفتى. مجرور وعلامة جره الكسرة المُقدَّرة على الألف للتَّعذُّر، فهو اسمٌ مقصور.

إذن الجر علامته الأصليَّة: الكسرة، وتكون ظاهرةً، وتكون مُقدَّرةً.

في المفرد: كما مثَّلنا.

وفي جمع التَّكسير: عطفت على المساكين: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: 60]، مجرور بالكسرة، جمع تكسير، الكسرة ظاهرة.

لما نقول مثلًا قول الله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]، كذلك الكسرة ظاهرة.

طيب نريد أن نأتي بها كسرة مُقدَّرة، مثل: عطفتُ على الجرحى.

"الجرحى" تُعرَب: اسم مجرور بـ"على" وعلامة جره الكسرة المُقدَّرة على الألف للتَّعذُّر؛ لأنَّه اسمٌ مقصورٌ.

وهذا جمع تكسير أم لا؟

مثل: وأمرنا الإسلامُ أن نُحسِن إلى الأسارى، أو إلى الأسرى.

نفس الكلام في "الجرحى".

إذن الكسرة علامة جرِّ المفرد وجمع التَّكسير، والكسرة ظاهرة ومُقدَّرة.

ثالثًا: الجمع المزيد بالألف والتاء:

للأمَّهات حقوقٌ في الإسلام مرعيَّة.

"للأُمَّهات" اسم مجرور باللام، وعلامة جرِّه الكسرة الظَّاهرة؛ لأنَّه جمعٌ مزيد بالألف والتاء.

وهل يمكن أن تكون مُقدَّرة هنا؟

بلى.

لما نقول: عطفتُ على بناتي.

"بناتي" : اسم مجرور بـ"على"، وعلامة الجر الكسرة المُقدَّرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها انشغال المحل بحركة المناسبة.

"بنات" مضاف، و"ياء المتكلم" مضاف إليه؛ لأنَّ أيَّ ضميرٍ يتَّصل بالأسماء يُعرَب مُضافًا إليه.

إذن الكسرة علامة جرِّ كم شيء؟

ثلاثة:

- المفرد.

- وجمع التَّكسير.

- والجمع المزيد بالألف والتاء.

لكن نُضيف أنَّ المفرد وجمع التَّكسير مُنصرفان؛ لأنَّ غير المنصرف سيكون له وضعٌ آخر.

ما الذي ينوب عن الكسرة في الجر؟

ينوب عن الكسرة في الجر شيئان:

- الفتحة.

- والياء.

أمَّا الفتحة فتكون علامة جرٍّ للمفرد الممنوع من الصَّرف، ولجمع التَّكسير الممنوع من الصَّرف، لكن بشرط ألا يُضافا وألا يُحلَّا بـ"ال".

قال ابنُ مالك:

وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ مَا لَا يَنْصَرِفْ

مَا لَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ أَلْ رَدِفْ

ما الذي جُرَّ بالفتحة؟

ما لا ينصرف.

" مَا لَمْ يُضَفْ" هذا هو الشرط.

ثم قال: " أَو يَكُ بَعْدَ أَلْ رَدِفْ".

مثل: قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، هذا مثالٌ للمفرد الممنوع من الصرف، مجرور بالباء، وعلامة جره الفتحة نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصرف للوصفيَّة ووزن الفعل، أو وزن "أفعل" الذي ليس في مؤنثه تاء، والفتحة ظاهرة.

طيب، لما أقول: التقيتُ بليلى.

ماذا تُعرَب "ليلى"؟

اسم مجرور بالباء، وعلامة الجر الفتحة المُقدَّرة على الألف؛ للتَّعذُّر نيابةً عن الكسرة المُقدَّرة؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصرف.

لماذا ممنوع من الصرف؟

لألف التأنيث المقصورة.

فهذان الاثنان جُرَّ أحدُهما بالفتحة الظَّاهرة، وجُرَّ الآخر بالفتحة المُقدَّرة.

هل هما مضافان -أحسن، وليلى؟

أبدًا.

هل هما مُحَلَّيان بـ"ال"؟

أبدًا.

طيب، جمع التكسير مثل قول الله تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ﴾ [سبأ: 13].

﴿مِن مَّحَارِيبَ﴾ مجرور بـ"من"، وعلامة الجر الفتحة الظَّاهرة نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرف؛ لصيغة مُنتهى الجُموع. ومثله "تماثيل".

طبعًا هذا شرع مَن قبلنا، وقد أتى شرعنا بنسخ صناعة التَّماثيل.

﴿وَجِفَانٍ﴾ لماذا مجرورة بالكسرة؟

لأنَّها ليست ممنوعة من الصرف، فيرجع إلى الجر بالحركة الأصليَّة.

﴿وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾، لكن ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ﴾، "داود" مضاف إليه مجرور بالمضاف وعلامة جره الفتحة نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصرف للعلميَّة والعُجْمة.

ألا ما أعظم كتاب الله! فمن أين أتى النُّحاة بعلمهم؟!

من كتاب ربِّنا ومن سُنَّة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وكلام العرب نظمًا ونثرًا.

إذن جئنا بمثالٍ لجمع التَّكسير المجرور بالفتحة الظَّاهرة.

والفتحة المُقدَّرة مثل: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر: 1، 2]، "ليالٍ" هذا مجرور؛ لأنَّه معطوفٌ على "الفجر"، وعلامة الجر الفتحة المُقدَّرة على الياء المحذوفة نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصرف؛ لصيغة منتهى الجموع.

ما صيغة منتهى الجموع؟

قالوا: كل جمع تكسير -هذا واحد- بعد ألفه -اثنان- حرفان أو ثلاثة أوسطهن ياء.

فهو: كل جمع تكسير بعد ألفه...

إذن أولًا: يكون جمعَ تكسيرٍ.

ثانيًا: تكون فيه ألف.

ثالثًا: يكون بعد الألف حرفان أو ثلاثة أوسطهنَّ ياء.

مثل: "مساكين"، ومثل: "ليالٍ"، ومثل: "غواشٍ"، و"معابد"، و"مساجد"، وما شاكل ذلك.

مثال الفتحة المُقدَّرة: عطفنا على أسارى.

وهذه عظمة الإسلام: ﴿وَيطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: 8].

وانتبهوا! الأسير في الإسلام كافر وليس مسلمًا؛ لأنَّه لا يجوز أن يأسر مسلمٌ مسلمًا.

إذن الأسارى لهم حقٌّ عندنا بالإكرام وما إلى ذلك.

مثل: عطفتُ على أسارى، أو على مرضى، أو على جرحى.

إذن مجرور بالفتحة المُقدَّرة إلى آخره.

إذن الفتحة جاءت علامة جرٍّ ظاهرةً ومُقدَّرةً في المفرد وفي جمع التَّكسير، وليس مُضافًا، ولا مُحلَّى بـ"ال".

إذا أُضيف يرجع للكسرة، وإذا حُلِّيَ بـ"ال" يرجع للكسرة.

عندك شواهد؟

بلى، عندي شواهد.

قال الله تعالى: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 1- 4]، كانت هناك "بأحسنَ"؛ لأنَّها غير مضافةٍ، وإنَّما هنا أُضِيفت: ﴿فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾.

﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]؛ لأنَّه مُحلَّى بـ"ال".

إذن المُضاف والمُحلَّى بـ"ال" يرجع للجر بالكسرة.

﴿وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ﴾ [إبراهيم: 45].

انظر! مع أنَّهم أغبياء، سكنوا في مساكن الظَّلمة، ومع ذلك لم يتَّعظوا، ولم يعتبروا.

﴿فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ﴾ هنا جمع تكسير ومُضاف؛ فجُرَّ بالكسر.

طيب: ﴿فِي الْمَسَاجِدِ﴾ جمع تكسير ومُحلَّى بـ"ال" وجُرَّ بالكسرة.

وقوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، هذا مفرد ومجرور بالكسرة ومُضاف.

مثال المُحلَّى بـ"ال" في المفرد:

الشاعر يقول:

رَأَيْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكًا

شَدِيدًا بِأَعْبَاءِ الْخِلَافَةِ كَاهِلُه

إذن "اليزيد" أصلًا هذا ممنوعٌ من الصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، فلمَّا حُلِّيَ بـ"ال" جُرَّ بالكسرة.

هذه قصة الفتحة، وقصة الكسرة.

نأتي للياء، وهي علامة جرٍّ لثلاثة أشياء:

- الأسماء الستة: ﴿ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا﴾ [يوسف: 81].

"أبي" من "أبيكم": مجرور بـ"إلى"، وعلامة جره الياء؛ لأنَّه من الأسماء الستة.

"أبي": مضاف، و"كم" مضاف إليه.

﴿فَقُولُوا يَا أَبَانَا﴾: هذا مُنادى منصوب؛ لأنَّه مضافٌ، وعلامة نصبه الألف نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه من الأسماء الستة.

و"أبا" مضاف، و"نا" مضاف إليه.

﴿وَيسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ [الكهف: 83].

"ذي": اسم مجرور بـ"عن"، وعلامة جره الياء نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه من الأسماء الستة.

"ذي" مضاف، و"القرنين" مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء؛ لأنَّه مثنى.

إذن أنا عندي ياء "ذي" وياء "القرنين".

"ذي" الجر فيها بالياء؛ لأنَّها من الأسماء الستة.

وكذلك يجر بالياء المثنى والمُلحَق به.

المثنى وهو: "ذي القرنين".

ومثل: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: 31].

أنا أقف بنية الوصل حتى نعرف الجر: ﴿عَظِيمٍ﴾، لكن الوقف الصَّحيح "عظيم".

﴿عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾، "رجل": الأول مجرور بـ"على" وعلامة جره الكسرة الظَّاهرة.

"عظيم" نعت مجرور؛ لأنَّ ما قبله مجرور بالكسرة الظَّاهرة.

"القريتين": مجرور بـ"من" وعلامة جره الياء المفتوحة ما قبلها المكسور ما بعدها نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه مُثنى.

ومثل المثنى في ذلك المُلحَق بالمثنى، مثل: التقيتُ باثنين من الطلبة، وتلقيتُ أسئلةً من اثنتين من الطَّالبات، التقيتُ باثنين، وأحجبتُ على اثنتين.

إذن هذين الاثنين مجرورين بحرف الجر وعلامة الجر الياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه مُثنى أو مُلحَق بالمثنى.

"طالبين، وطالبتين" مثنى، و"اثنين واثنتين" مُلحَقان بالمثنى، والياء ياء لينٍ -كما أسلفت.

طيب، جمع المذكر السَّالم مثل: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ﴾ [الأحزاب: 23]، اللهم اجعلنا منهم يا رب.

"المؤمنين" تُعرَب اسم مجرور بـ"من" وعلامة جره الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه جمع مذكر سالم.

الملحق به مثل: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 190].

"لأولي": اسم مجرور بـ"اللام"، وعلامة جره الياء نيابةً عن الكسرة؛ لأنَّه مُلحَق بجمع مذكر سالم.

"أولي" مضاف، و"الألباب" مضاف إليه مجرور بالمضاف، وعلامة جره الكسرة الظَّاهرة.

"خلقِ": مجرور ومفرد.

"السَّماوات": مجرور بالكسرة، وهذا جمع مزيد بالألف والتاء.

و"الأرض": مفرد.

و"اختلاف": مفرد، وهو مجرور أيضًا.

"الليل": مفرد مجرور بالكسرة.

و"النهار": مفرد مجرور بالكسرة.

"لآياتٍ": تعرب ماذا؟

انتبهوا! كيف نُعرِب "لآيات".

إيَّاك أن تظن أنَّ اللام هذه حرف جرٍّ، فلام الجر مكسورة، وهذه مفتوحة، اسمها "اللام المُزَحْلَقَة"، أو"لام الابتداء"، يعني كان أصلها أن تأتي في الأول والعرب زحلقتها، أصبحت هنا "لآياتٍ".

إذن اللام هذه اسمها اللام المزحلقة أو لام الابتداء.

و"آيات" اسم "إنَّ" مُؤخَّر منصوب بها وعلامة نصبه الكسرة نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه جمع مزيد بالألف والتاء -الذي قلناه في علامات النَّصب.

هذه -يا إخواننا- قصة الياء.

إذن الياء علامة جرٍّ لماذا؟

- للمُثنى، والمُلحَق به.

- ولجمع المذكر السالم، والمُلحَق به.

- وللأسماء الستة.

والفتحة علامة جرِّ الممنوع من الصرف بشرط عدم الإضافة، وعدم "ال" في المفرد وجمع التكسير. فإن أُضيف أو حُلِّيَ؛ فتأتي عليه الكسرة.

والكسرة علامة جرٍّ للمفرد -كما قلنا من قبل- ولجمع التكسير، وللجمع المزيد بالألف والتاء.

هل ذكرنا الفعل يا إخوة؟

لا، لماذا؟

لأنَّ الجرَّ من خواصِّ الأسماء، كما أنَّ الجزم من خواصِّ الأفعال.

وَالِاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالجَرِّ كَمَا

قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا

وهذا الذي سنقف عنده.

اقرأ يا بني.

(وَلِلْجَزْمِ عَلَامَتَانِ: السُّكُونُ، وَالْحَذْفُ.

فَأَمَّا السُّكُونُ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلْجَزْمِ فِي الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ الصَّحِيحِ الْآخِرِ.

وَأَمَّا الْحَذْفُ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلْجَزْمِ فِي الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ الْمُعْتَلِّ الْآخِرِ، وَفِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثُبُوتِ النُّونِ).

انتبهوا! قلنا أنَّ الجزم خاصٌّ بالفعل المضارع الذي سُبِقَ بأداة جزمٍ، سواءً أكانت الأداةُ تجزم فعلًا واحدًا، ولا تكون إلا حرفًا: "لم"، و"لما"، و"لا"، و"اللام". تجزم فعلًا واحدًا.

و"إن"، و"مَن"، و"ما" تجزم فعلين.

الجزم علامته الأصليَّة ماذا؟

"وَاجْزِمْ بِتَسْكِينٍ...".

﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 3، 4]، "يلد"، و"يُولد"، و"يكن" مجزومات بـ"لم" وعلامة جزمهنَّ السُّكون؛ لأنَّهنَّ صحيحات الآخر.

إذن الجزم علامته الأصليَّة السُّكون.

ينوب عنها شيئان:

- الحذف لحرف العِلَّة.

-والحذف للنُّون.

والشيخ أدمجهما في الحذف، يعني الحذف هذا تحته صورتان:

- حذف حرف العلة إذا كان مُعتَلَّ الآخر.

مثل: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: 36]، "تقف" مضارع مجزوم بـ"لا" وعلامة جزمه حذف حرف العلَّة وهو الواو، والضَّمة دليلٌ عليه.

طيب، ﴿ولَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص: 77]، "تنس" مضارع مجزوم بـ"لا" وعلامة جزمه حذف حرف العلَّة وهو الألف، والفتحة دليلٌ عليه.

طيب، ﴿ولَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: 77]، "تبغِ" مضارع مجزوم بـ"لا"، وعلامة جزمه حذف حرف العلَّة وهو الياء، والكسرة دليلٌ عليه.

طيب، حذف النون في الأمثلة الخمسة التي قلنا عليها، وهي: كلُّ فعلٍ مضارعٍ اتَّصلت به ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، والتي أوصلناها إلى ثلاثة وستين.

مثل: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا﴾ [البقرة: 24].

"تفعلوا": الأولى مجزوم بـ"لم".

"تفعلوا": الثانية منصوب بـ"لن".

علامة الجزم: حذف النون نيابةً عن السكون.

علامة النصب: حذف النون أيضًا نيابةً عن الفتحة.

جمع الله للأمثلة الخمسة بين الرفع والنَّصب والجزم في آيةٍ واحدةٍ: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 92].

"لن تنالوا": مضارع منصوب بـ"لن" وعلامة نصبه حذف النون نيابةً عن الفتحة؛ لأنَّه من الأمثلة الخمسة، وواو الجماعة فاعل.

"حتى تنفقوا": مضارع منصوب بـ"أن" المضمرة وجوبًا، وعلامة النَّصب حذف النون.

"مما تحبون": مضارع مرفوع، تجرَّد من النَّاصب والجازم، وعلامة رفعه ثُبوت النون نيابةً عن الضَّمة.

طيب، "وما تنفقوا": مجزوم بـ"ما"، وعلامة جزمه حذف حرف النون نيابةً عن السُّكون في الأمثلة الخمسة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين أجمعين، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

أشكر الله، ثم أشكركم على حُسن الاستماع، وجزاكم الله خيرَ الجزاء.

سبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إلهَ إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [سورة العصر].

جزاكم الله كلَّ خيرٍ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

http://islamacademy.net/media_as_home.php?parentid=62