الحقوق محفوظة لأصحابها

عمرو خالد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نستكمل معا حلقة جديدة. هناك مسئولية علينا جميعا، كبارا وصغارا، رجالا ونساءً؛ أمر قرآني ورباني يُسأل عنه كل فرد يوم القيامة، وهو ماذا فعلت لجمع شمل العائلة؟ هل بذلت مجهودا وحاولت؟ هل جمعتِ بنات العائلة؟ هل فكرتِ في دعوتهن للإفطار أو للغداء لجمع العائلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟

ما هي أهمية العائلة؟

لم يوجه الله عنايتنا إليها سُدى، إن لم تكن مهمة، فما هي أهمية العائلة؟ إن لكل إنسان احتياجات، جزء من هذه الاحتياجات نفسي معنوي واحتياجات مادية. تحقق العائلة على الأقل سبعة احتياجات، منهم أربعة احتياجات نفسية (من أهم الاحتياجات النفسية)، وأيضا احتياجات مادية.

ما هي هذه الاحتياجات؟

· أولاً: إن العائلة توفر لك الانتماء. ماذا نعني بالانتماء؟ يقول العلماء إن الشباب خلال مرحلة المراهقة، وخاصة في سن الثالثة عشر والرابعة عشر فأكثر، يحتاج إلى أن يشعر بالانتماء، ومكان الانتماء الطبيعي الذي بداخل الشباب هو العائلة، ولذلك يقول الله تعالى: "...وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..." (الحجرات: 13)، أي أن الله تعالى زكى وجود شعوب وقبائل، وأن يكون الفرد مرتبطا بعائلة ما. فالأنبياء لهم شجرة عائلة، يفتخر النبي صلى الله عليه وسلم بعائلته، ولكن ماذا لو لم يكن هذا الانتماء موجودا فعلا؟ يجب أن يكون الشباب في سن الثالثة عشر والرابعة عشر والخامسة عشر منتميا. إن كنت قد أبعدته عن العائلة فسيبحث عن انتماء غير طبيعي، فقد تتلقفه جماعات التطرف، وسوف يستجيب لهم، وسيضمونه في هذه الفترة لأنه مستعد أن يرتمي بأحضان من يعرض عليه الانتماء، وحتى وإن كان هذا الانتماء خطأً، وعندما يضغط عليه الأب لتركهم لن ينصاع لوالده؛ لأن والده لا يوفر له انتماءً بديلا. وقد ينتمي أيضا إلى جماعات المخدرات والفساد، لأنه لابد وأن ينتمي، وبالتالي لو كنت تخاف على أولادك من التطرف، أو المخدرات، أو الفساد فأعطهم الانتماء الطبيعي، فهو احتياج فطري.

· ثانيا: حماية الدين والأخلاق؛ وذلك عن طريق العائلة، فشبكة العائلة شبكة أخلاقية. تجمع العائلة مفتاح لانتشار الخير وليس الشر، فطالما هناك تجمع للعائلة يشعر الفرد بالخجل من أن يُرى وهو يعصي. كثير من الشباب يقول إنه لا يستطيع أن يعصي في المكان الفلاني لأنه قريب من سكنه، بل وقد تصل مع الشباب المستهتر أن يترك بلده ويسافر إلى بلد آخر إذا أراد أن يقوم بارتكاب خطأ أو فساد أو معصية؛ فيقول إنه لا يستطيع ارتكاب الخطأ في هذا المكان لأن به أرحامه، فالعائلة تصنع سياجا يمنعه من ارتكاب المعصية في هذه الحدود، فإذا أردت المعصية فأخرج خارج هذه الحدود. يقول سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) أي أن هناك أشياء تتغير بوجود كيان قوي أكثر من تغيرها بآية تأمر بأمر ما أو تنهى عن فعل ما، فإذا وجد رئيس للعائلة وسياج للعائلة، وتجمع للعائلة، فسيخجل من نفسه ويخشى على سمعته وسط العائلة، فيضطر إذا أراد ارتكاب الخطأ أن يبعد عن هذا الكيان، وبالتالي تحمي العائلة أخلاق أولادك، ولذلك هناك آية خطيرة في القرآن تقول: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" (محمد:22)، ما علاقة الإفساد في الأرض بتقطيع الأرحام؟ قيل إن أول الفساد تفكك العائلة، فحضن العائلة يعطيك حماية للأخلاق وانتماء طبيعي تحتاج إليه، ويعطي شيئا آخر: إن المصائب كثيرة في بلادنا، فهناك مثلا من يموت ويترك أولاده، ولكن لو كانت العائلة موجودة، كالخالة والجد والعم، فيكون لديك أحضان كثيرة تقلل الألم الناتج عن المصائب الكثيرة، فقديما كان هناك من تموت أمه لتربيه خالته، ومن تربيه عمته كوالدته تماما، أما الآن يموت من يموت، فالجميع يهرب - لا يريد تربية اليتيم- وقد تكون المتوفاة أختها فتستعطف زوجها ليعيش ابن أختها معهم في البيت، فيقول لها كيف تفكرين وأين عقلك؟

عندما مات زوج "آمنة بنت وهب" أم النبي صلى الله عليه وسلم، والتي كانت امرأة عاقلة فجعلت تقرب النبي من جده ومن أعمامه، وخرجت به إلى المدينة لكي يتعرف على أخواله الذين يعيشون في بلد آخر. خرجت وحدها هي والخادمة، أربعمائة أو خمسمائة كيلومتر ليتعرف على أخواله، ليمر الزمن ويعود الرسول - الذي خرج وعمره ست سنوات- إلى المدينة مرة أخرى إليها، ويقف أخواله بنو النجار إلى جانبه، ويكونوا هم أول بيت ينزل به. يقول النبي عن ناقته القصواء (دعوها فإنها مأمورة)، فتقف عند بيت أخواله الذين أخذته أمه لزيارتهم وعمره ست سنوات، لذا عندما ماتت أمه لم يكن من الغريب أن يعود إلى بيت جده، لأن حضن جده كان موجودا ليهون عليه، وعندما مات جده لم يكن غريبا أن يذهب إلى عمه، وربته زوجة عمه "فاطمة بنت أسد" وكان عمره ثماني سنوات، ونزل قبرها وخلع عباءته وكفنها بها، إكراما لها لأنها ربته صغيرا.

· ثالثا: إن العائلة توفر الاحتضان عندما تحدث المصيبة، الكل يهتم بمصلحته ومصلحة أولاده، أليس مصيرك هو الموت؟ ألم يكن من الأفضل أن تعرفهم بالعائلة؟ ليت حضن العائلة كان قويا ليجمعهم ويمسح دموعهم، فحتى لو أخذه عمه فهو غريب عنه، لقد تربى النبي في بيت "فاطمة بنت أسد"، وتنقل بين أربعة بيوت وعمره ثماني سنوات، فهم عائلة واحدة، وقد هون ذلك عليه قليلا، فقد تربى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عمه، وتربى ابن عمه "علي بن أبي طالب" في بيته. تربى الرسول في بيت عمه وكان لديه ثمانية أعوام، وتربى ابن عمه في بيته وكان لديه أيضا ثمانية أعوام.

أحيانا، يكون هناك خالات وعمات لم يرزقن بأطفال، فيكون حضن هذا الطفل حضن لها أيضا، من يفكر بهذا الشكل؟ من تفكر أن أختها لم ترزق بأطفال، بالتالي بدلا من أن يسكن كلٌّ على حدة، فلتجتمع العائلتان في بيت واحد لتشعر الأخت التي لم ترزق بطفل بأن لديها أطفال؟ من تفكر بأنها ستموت يوما ما، وأن ابنها سيكون له عمة تعطف عليه؟ من يرى أن هذه العائلة هي أداة ضد المصائب؟

· رابعا: ماذا يعطينا حضن العائلة؟ يعطينا الانتماء وحماية الأخلاق وحماية ضد المصائب. حضن العائلة يعطينا شيئا رابعا وهو العزوة، وبالتالي لا نخاف من الزمن؛ لأننا عائلة قوية. لا يجد الشباب في الدنيا الآن من يقف إلى جانبه، لا يجد من يكلمه، أو يعطيه الخبرة، أو يسانده، فقد يكون الشباب لديه فكرة مشروع جيدة، ويتعب في سؤال مساعدة الناس، لو كانت عائلته قوية لوقفت إلى جانبه. قد يكون لدى الشباب أمل في عمل نهضة لبلده، أو تغيير للخير، فلا يجد من يقف إلى جانبه، ثم تتهمون الشباب بالاستهتار! لا، إن الشباب ليس مستهترا ولكن لا يجد من يقف إلى جانبه.

من أول من وقف إلى جانب رسول الله؟ ألم يكن "أبو طالب"؟ أين "أبو طالب" اليوم؟ لقد وصى جد النبي "عبد المطلب" "أبو طالب"؛ قال له إن ابني هذا له شأن، أوصيك به يا أبو طالب - وكان النبي لا يزال عمره ست سنوات-. كم من جدّ وصى أولاده، لتذهب وصيته هباءً! إن "أبو طالب" الذي لم يسلم كان لديه صلة رحم أكثر منا، وقف بجانب ابن أخيه على الرغم من أنه لم يؤمن بعقيدته، لكن تنفيذا لوصية جده، وقال له: يا ابن أخي، افعل ما تؤمر وأنا معك، وعندما عرف أبو طالب أن قريشا تريد أن تقتل النبي، جمع العائلة وقال لهم: إن قريشا تريد أن تقتل محمد، فماذا سنفعل؟ فترك كل واحد منهم بيته وتجمعوا في مكان يسمى الشِّعب، ليسكن محمد بينهم حتى لا يستطيع أحد قتله، فحاصرتهم قريش لمدة ثلاث سنوات، فلم يتذمر أحد من العائلة - مع كونه غير مسلم- ومع ذلك محاصر! كان "أبو طالب" يأتي إلى النبي ليلا ويقول له: قم يا محمد، فيغير مكان نومه إلى بيت قريب آخر له، لأن قريشا لو علمت بمكانه الذي يداوم عليه من الممكن أن تقتله فكان ينقّله بين البيوت.

أرأيتم ماذا تعطينا العائلة؟ تعطي (العزوة) والقوة، وتعطي الأمان حتى تموت من غير خشية على أولادك، وتعطي الاطمئنان، وتساندك لو كان لديك مشروع ما أو فكرة ما لتنطلق. يموت "أبو طالب" ويوصي "العباس" بالنبي صلى الله عليه وسلم. أين أبو طالب هذا الزمن؟ أين رؤساء العائلة التي تجمع الشباب لتسألهم عن احتياجاتهم؟ عندما حوصروا في شعب بني طالب ومنعت عنهم قريش الطعام، كان هناك شخص يدعى "عمرو بن هشام" - وهو قريب للسيدة "خديجة"- كان يحمّل البعير بالطعام، ويذهب إلى الشّعب ليلا، ويضرب البعير، ويدفعه ليصل الطعام للمسلمين، والكفار من بني طالب المحاصرين؛ لأن قريبته "خديجة" محاصرة معهم، فعلمت قريش بذلك وأمسكت به، وضربوه وأخذوا عليه عهدا ألا يعيد الكرة ووافق. في اليوم التالي أدخل البعير الشعب ودفعه إلى الداخل، فأمسكوه ثانية وأوسعوه ضربا، وقالوا له: أتبعت محمدا؟ قال لهم: لا، قالوا: فلما تفعل ذلك؟ قال: صلة لرحمي، فقال لهم "أبو سفيان": دعوه، رجل يصل رحمه، وقال لهم جملة خطيرة، قال: لا تفسدوا ما بقي من أخلاقنا، يا جماعة، لم يكن "أبو سفيان" و"أبو طالب" قد سمعا آيات القرآن، وأحاديث النبي عن صلة الرحم، وتصرفا هكذا من تلقاء نفسهما، فكيف بك أنت؟

· خامسا: تعطي العائلة أشياءَ كثيرة أخرى؛ فالبنات التي وصلن إلى الثلاثين، والخامسة والثلاثين، ولم يتزوجن، ونغضب منهن إذا صادقن شبابا في الجامعة؛ لأنهن يردن الزواج - لا أبرر صداقتهن للشباب فأنا لا أوافق على ذلك- وكذلك البنت التي تدخل على الإنترنت للبحث عن عريس، لو كان هناك احتضان من العائلة ما كانت فعلت ذلك، فمثلا قد يكون ابن خالة والدتها شابا جيدا، ولكنها لم تره ولا تعرفه، وقد يكون في الوقت نفسه يبحث عن عروس وقريبته جيدة ولكنه لا يعرفها، أين حضن العائلة حيث نتقابل تحت مظلة العائلة لنتعرف على الفروع البعيدة بشكل محترم يليق بشبابنا وبناتنا ونقترب من بعضنا البعض؟

· سادسا: إن العائلة مجتمع صغير؛ فالعائلة أمان، فمن ينفق على العائلة يا جماعة؟ هذه هي سادس الاحتياجات، وهي من الاحتياجات المادية، من قام منكم بعمل صندوق يسمى بصندوق العائلة؟ هل منكم من قام بذلك؟ هل منكم من يضع النقود في هذا الصندوق لمن يريد الزواج ومن لا يجد النقود لشراء شقة أو أثاث؟ يا جماعة، إننا نقوم بجمع نقود للغرباء لمن لا يجد النقود للزواج، فلما لا تبدأ بعائلتك؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذوي القربة صدقة وصلة)، وبلغة الحسابات لماذا نأخذ ثوابا أقل طالما بإمكاننا أن نأخذ ثوابا أكثر؟ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعم القوم الأشاعرة – قوم بالمدينة- كانوا إذا خرجوا إلى غزو أو جاع عيالهم، جمعوا كل ما معهم من طعام فوضعوه في إناء واحد ثم قسموه بينهم، فأنا منهم وهم مني) يقولون فظل يرددها. يا أغنياء، يا من معكم النقود، هل تريد أن تكون من النبي وهو منك؟ اسأل فقراء العائلة عن احتياجاتهم. من سيقوم بعمل هذا الصندوق بنية (فأنا منهم وهم مني)؟ مَن مِن الشباب سيبدأ إن لم يجد من يتحرك في هذا الموضوع فيذهب إلى كبار العائلة ويخبرهم أنه سوف يساعدهم في جمع الأموال ونقوم بعمل مجلس للعائلة ونتفق، ونساعد أقاربنا الذين سنسأل عنهم يوم القيامة قبل أن نسأل عن المساكين والفقراء؟ "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ..." (الإسراء: 26) لقد أسماه "حقًّا" فنقودك بها حق له، وذكر ذا القربى أولا، ثم المسكين، وابن السبيل بعد ذلك، "وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى..." (النور: 22) أليس هذا قرآننا؟ من سيستحق جملة (فهو مني وأنا منه)؟ من سيصنع مثل هذا الصندوق؟

كيف ننفذ ذلك عمليا:

ما المطلوب الآن لكي يكون هذا الكلام كلاما عمليا؟ أريد أن يدخل معنا عشرة آلاف عائلة فقط، من سيتحرك في العالم العربي؟ كم عدد العائلات في العالم العربي؟ ملايين؟ لا أطلب أكثر من عشرة آلاف فقط ليرضوا الله ويكونوا نواة لنهضة الأمة، إن لها أكثر من مستوى، ما هي الأشياء العملية التي نقوم بها لنفعل ذلك؟

المستوى الأول:

أن نجتمع في حضن واحد ونتراحم، ليس في المآتم أو الأفراح والمناسبات والأعياد فقط، سنتجمع شهريا. كنت أعرف امرأة تسمى الحاجة "محاسن" كتبت قبل موتها توصي أولادها وأحفادها بأن يجتمعوا في بيتها في كل يوم جمعة بعد أن تموت، هذه العائلة تسمى عائلة "عبيد" بمكة، وهم لا يزالون يجتمعون إلى اليوم. ولعظم هذه الوصية، فقد كتبها كل ابن في وصيته وربى عليها أبناءه، هذا هو المستوى الأول، أتستطيعون يا شباب إدراكه؟

المستوى الثاني:

صندوق العائلة، سنجمع ثلاثة أو أربعة أشخاص من كبار العائلة، وشخصين، أو ثلاثة من الشباب -بنات وأولاد- ونتفق على حصر أسماء العائلة، وأوضاعهم المالية والاقتصادية، وكم من المحتاجين منهم؟ ومن منهم سيدفع مبلغا من المال؟ وكم سيكون هذا المبلغ؟ هناك عائلة في لبنان تسمى عائلة "شبارو" حضرت معهم احتفالهم السنوي حيث يحتفلون بأن الميزانية وصلت إلى كذا، ليؤمنوا للمحتاجين من العائلة احتياجاتهم، وجميع الشباب حاضرا، ولم يتخلف أحد حيث يشعر الجميع بأنه مستفيد من تجمع العائلة.

المستوى الثالث:

المستوى الأخير - وهو مستوى عال جدا- هناك عائلة تسمى عائلة "حافظ" في السعودية في جدة، هذه العائلة لم تقتنع بالتجمع فقط، بل قاموا بعمل ملف للعائلة، وكتبوا في أول اجتماع لهم أنه تم تشكيل مجلس العائلة، وكتبوا أسماء الناس التي تجمعت في هذا اليوم، وبعد ذلك حدد المجلس هدف العائلة، وهي عائلة مترابطة متكافلة، فهذه العائلة لن تترك واحدا فيهم فقيرا، وسيداومون على الاجتماع ببعضهم البعض، وقاموا بعمل كتيب للشباب، أول صفحة بهذا الكتيب هو ماضي العائلة، فعرضوا صورا للعائلة، الجد والجدة الخ، والقصص الخاصة بالعائلة، كما حددوا في الكتيب نظام التكافل في العائلة، وأيضا طبعوا بطاقات للعائلة مكتوب عليها الهدف في الخلف، وهي عائلة متدينة مترابطة. على فكرة، إن هؤلاء الأشخاص ليس لديهم أوقات فراغ، بالعكس إن لديهم الكثير من العمل الشاق، فهم رجال أعمال على أعلى مستوى. وقامت هذه العائلة بتكوين مجموعات عمل بينهم، منها مجموعة شبابية، ومجموعة البراعم، مجموعة إصلاح ذات البين، مجموعة مالية للتكافل، مجموعة ترفيهية، مجموعة ثقافية، ثم كتب رب العائلة ورقة جميلة جدا يقول فيها: أبنائي الأحباء، أذكركم كيف اجتمع مجلس العائلة، كان يقول والدي...، وبدأ يحكي لهم كيف أمره والده أن يتجمع هو وأخوه، وكتب صفحتين وُزعت على العائلة، وعُلقت في بيوت العائلة (كيف اجتمعنا؟) كما بدأوا بتدريب الشباب ثم إيجاد أعمال لهم.

نريد أن نجمع عشرة آلاف فقط حتى لو كانوا في المستوى الأول فقط: وهو المداومة على اللقاء والاجتماع، أو حتى في مستوى الصندوق، أو في المستوى الثالث العظيم. يا أمة محمد، إن الله قد وضع لنا نظام يحمينا جميعا ولكننا بدلناه، فلا تلم إلا نفسك، إياك أن تسأل لم نشعر بهذا الضياع؟ نحن من قطع صلة الرحم، "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" (محمد: 22). صِلوا أرحامكم يا جماعة، فلا يكفي أن يعود الاتصال بين المتخاصمين من العائلة فهذا هو المستوى البعيد، بل نريد أن نرقى إلى مستويات أعلى، وليكن العيد هو البداية، أسأل الله تبارك وتعالى أن يتحول ما قلته في حلقة اليوم إلى مبادرات حقيقية.

المصدر: http://www.amrkhaled.net/articles/articles2772.html